عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-08-2020, 04:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الشجاعة الأدبية في الاحتراز من الوقوع في أعراض المسلمين

والعقوبة الأولى: جسدية.


والثانية: أدبية في وسط الجماعة، ويكفي أن يُهْدَر قول القاذف، فلا يؤخذ له بشهادة، وأن يسقط اعتباره بين الناس، ويمشي بينهم متهمًا لا يوثق له بكلام!

والثالثة: دينية؛ فهو منحرِف عن الإيمان، خارج عن طريقه المستقيم؛ ذلك إلا أن يأتي القاذف بأربعةٍ يشهدون برؤية الفعل، أو بثلاثةٍ معه إن كان قد رآه، فيكون قوله إذًا صحيحًا، ويوقع حد القذف على صاحب الفِعْلة والجماعة المسلمة لا تخسر بالسكوت عن تهمة غير محقَّقة، كما تخسر بشيوع الاتهام والترخص فيه، وعدم التحرج من الإذاعة به، وتحريض الكثيرين من المتحرِّجين على ارتكاب الفعلة التي كانوا يستقذرونها، ويظنُّونها ممنوعةً في الجماعة أو نادرة.

وذلك فوق الآلام التي تُصِيب الحرائر الشريفات والأحرار الشرفاء، وفوق الآثار التي تترتب عليها في حياة الناس وطمأنينة البيوت، وتظل العقوبات التي تُوقع على القاذف، بعد الحد مُصلتة فوق رأسه إلا أن يتوب ويعمل صالحًا.

ومن السياق القرآني الكريم يتضح ما يلي:
سببُ نزول الآيات حادثة الإفك التي اتُّهِمت فيها أم المؤمنين العفيفة البريئة الطاهرة الصديقة بنت الصديق عائشة بنت أبي بكر - رضي الله عنها - وزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - والتي نزلت براءتُها من السماء، فكان ذلك درسًا بليغًا للأمة، وعبرة للأجيال في جميع العصور والأزمان.

براءةُ عِرْض وشرف أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - من الإفك بقرآن يتلى إلى يوم الدين، براءة قطعية نافية للجهالة، مؤكدين بذلك قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ﴾ [النور: 11]، فلو لم تكن بريئةً، ما كان القرآن ليسمِّي حديث الناس إفكًا، لَكِ الله يا أم المؤمنين!

إن حكمة الله اقتضت أن يبزغ الخير من بين ثنايا الشر، فقد كان ابتلاء أسرة الصديق بالخوض في العِرْض الشريف خيرًا لهم؛ حيث كتب لهم الأجر العظيم على صبرهم وقوة إيمانهم، قال تعالى: ﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [النور: 11].

إقرارٌ ضمنيٌّ غير صريح تضمَّنته الآيات الكريمة بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخرج بنبوَّته ورسالته عن كونه بشرًا من الناس، فلا ينبغي لمن آمَن به أن يتصوَّر أن النبوة قد تجاوزت به حدود البشرية، فيَنْسب إليه من الأمور أو التأثير في الأشياء ما لا يجوز نسبته إلا لله وحده.

وقد كان القرآن كثيرًا ما يشير إلى ذلك، كقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الكهف: 110] [فصلت: 6] [4]؛ لذا تألَّم، مثله مثل أي فرد من الناس يتألم من الخوض في عِرْضه الطاهر الشريف الكريم.

إقرارٌ ضمنيٌّ من غير صريح العبارة أيضًا بأن الوحي الإلهي هو بأمر الله، وليس شعورًا نفسيًّا ينبثق من كيانه - صلى الله عليه وسلم - كما أنه ليس خاضعًا لإرادته أو تطلُّعه وأمنياته، إذ لو كان ذلك كذلك، لكان من السهل عليه أن يُنْهِي هذه المشكلة من يوم ميلادها، ويُرِيح نفسَه من ذُيُولِها ونتائجها، ويجعل مما يعتقد من الخير والاستقامة في أهله قرآنًا يُطمْئنُ به أصحابه المؤمنين، ويُسكت الآخرين من أصحاب الفُضُول، ولكنه لم يفعل؛ لأنه لا يملك أن يفعل.

وكان يقول بكل تحفُّظ واحتراز: إني لا أعلم عنها إلا خيرًا.

ثم إنه بَذَل جهده في التحري والسؤال، واستشارة الأصحاب، ومضى شهر بأكمله، والكل يقولون: ما عَلِمنا عليها من سوء.

حادثةُ الإفكِ دليلٌ قاطعٌ وأكيدٌ على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان يدافع عن زوجه، ولم يَزِد على أن قال لها آخرَ الأمر: ((يا عائشة، أَمَا إنَّه بلغني كذا وكذا، فإن كنتِ بريئةً فسيبرئك الله، وإن كنتِ أَلْمَمْت بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه؛ فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله، تاب الله عليه)).

وهذا كلامه بوحي ضميره، وهو كما ترى كلام البشر الذي لا يعلم الغيب، فماذا كان يمنعه - صلى الله عليه وسلم - لو أن أمْر القرآن كان إليه - أن يتقوَّل ما يَحْمِي به عِرْضه، ويَذُبُّ به عن عَرِينه في حينه، ويَنْسبه إلى وحي السماء؛ لتنقطع ألسنة المتخرِّصين؟ ولكنه ما كان لِيَذَرَ الكذب على الناس، ثم هو يكذب على الله، وقد قال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ [الحاقة: 44 - 47] [5] ، لَكَ الله يا رسول الله!

الإسلام يستهدف حماية أعراض الناس، والمحافظة على سُمْعَتهم، وصيانة كرامتهم، وهو لهذا يَقْطَع ألسنة السوء، ويَسُدُّ الباب على الذين يلتمسون للبرآء العيبَ، فيمنع ضِعَاف النفوس من أن يَجْرَحوا مشاعر الناس، ويَلَغوا في أعراضهم، ويَحْظُر أشد الحظر إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا؛ حتى تتطهَّر الحياة من سريان هذا الشر فيها.

مَعِين السماء لا يَنْضَب، والمؤمنون دائمًا مَعِينهم واحدٌ لا يَنْضَب أيضًا، متمثِّلة عائشة - رضي الله عنها - وآخذة من مَعِين نبي الله يعقوب - عليه السلام - مُدَافِعة عن نفسها قائلة: إني والله لقد علمتُ: لقد سمعتم هذا الحديث، حتى استقرَّ في أنفسكم وصدَّقتم به، فلئن قلتُ: لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدِّقوني بذلك، ولئن اعترفتُ لكم بأمرٍ - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدِّقُني، فو الله ما أجد لي ولكم مثلاً، إلا كما قال أبو يوسف: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18].

إقرارٌ ضمنيٌّ غيرُ صريحٍ بين ثنايا السياق الكريم بمشروعية حد القذف ثمانين جلدة، وذلك قول الله تعالى: ﴿ لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ [النور: 13] [6]، حيث قالت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: "لما نزل عذري، قام النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فذكر الله وتلا القرآن، فلما نزل، أَمَرَ بالرجلين والمرأة فضُرِبوا حدَّهم"، وهو حسان بن ثابت شاعر الرسول، ومِسْطَح بن أُثَاثة ابن خالة أبي بكر الصديق، وحَمْنَة بنت جحش ابنة عمته - صلى الله عليه وسلم - وأخت زوجته زينب بنت جحش.

بيان عدم ظن المؤمنين بأنفسهم إلا خيرًا مهما كانت الادعاءات، بل والدفاع عن المؤمن الحق ودَرْء الشبهة عنه، وذلك قوله تعالى: ﴿ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴾ [النور: 12].

بيان فضل الله - سبحانه وتعالى - على عباده المؤمنين ورأفته بهم، وكرر ذلك تأكيدًا له، قال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 14].

اعتراف ضمني صريح بين ثنايا العرض الكريم بأنه كان ينبغي تملُّك الشجاعة الأدبية والاحتراز من الوقوع في أعراض المسلمين، فضلاً عن الوقوع في العِرض الكريم، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا ﴾ [النور: 16].

روى أبو الحسن الصقلي أن القاضي أبا بكر الطيب قال: إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون، سبَّح نفسه لنفسه، كقوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ﴾ [البقرة: 116] [7]، وذكر تعالى ما نسبه المنافقون إلى أم المؤمنين عائشة، فقال: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ ﴾ [النور: 16]، فسبَّح نفسه في تبرئتها من السوء، كما سبَّح نفسه في تبرئته من السوء، وله المثل الأعلى سبحانه.

فيه تعريف بمعنى البهتان، وهو ذكرك أخاك بما يكره مما ليس فيه، وذلك قوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 16]، مصداقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أتدرون ما الغِيبة؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرك أخاك بما يكره))، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه، فقد بَهَتَّه)) [8].

التأكيد من الله تعالى على عدم الخوض في أعراض الناس بالباطل، والنهي عن اقتراف مثل هذا الذنب العظيم والعودة إليه، وهذا من الإيمان، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 17].

رمي المرأة العفيفة بالزنا، يكون أشد ما يكون على نفسها من الألم، حتى يظن الناس من حولها أن البكاء فالقٌ كَبِدَها؛ لقول عائشة - رضي الله عنها -: فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددتُ مرضًا على مرضي.

وقولها: فبَكَيتُ تلك الليلة حتى أصبحتُ لا يَرْقَأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي.

وقولها: فمكثت يومي ذلك لا يَرْقَأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم.

وقولها: فأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويومًا لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع، يظنان أن البكاء فالق كبدي.

من لطائف الآيات في قوله تعالى: ﴿ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ﴾ [النور: 4].

أجمع العلماء أن المراد به الرمي بالزنا، واستدلوا على ذلك بعدة وجوه:
أحدها: ذكر الزنا - كما في الآيات.

وثانيها: أنه تعالى ذكر المحصنات، وهن العفائف، فدلَّ على أن المراد رميها بضد العفاف، وهو الزنا.

ثالثها: انعقاد الإجماع على أنه لا يجب الجلد بالرمي بغير الزنا.

رابعها: قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾ [النور: 4]، ومعلوم أن هذا العدد غير مشروط إلا في الزنا.

اللطيفة الثانية: تخصيص النساء في قوله تعالى: ﴿ الْمُحْصَنَاتِ ﴾ [النور: 4]؛ لخصوص الواقعة؛ ولأن قذفهن أغلب وأشنع وأبشع، وفيه إيذاء لهن ولأقربائهن، وإلا فلا فرق بين الذكر والأنثى في الحكم، وقيل: في الآية حذف، تقديره الأنفس المحصنات؛ فيكون اللفظ شاملاً للنساء والرجال، والراجح أنه من باب التغليب.

اللطيفة الثالثة: في التعبير بالإحصان إشارة دقيقة إلى أن مَن قذف غير العفيف من الرجال أو النساء لا يُحَدُّ حد القذف، وذلك فيما إذا كان الشخص معروفًا بفجوره، أو اشتهر بالعبث والمجون؛ فإن حد القذف إنما شُرِع لحفظ كرامة الإنسان الفاضل، ولا كرامة للفاسق الماجن، فتدبَّر السر الدقيق.

اللطيفة الرابعة: حكم الله - تعالى - على قاذف المحصنة العفيفة بثلاث عقوبات:
الأولى: الجلد ثمانين جلدة، عقوبةً له، وهي عقوبة جسدية.

الثانية: إهدار كرامته بإسقاط ورَدِّ شهادته، وهي عقوبة أدبية في وسط الجماعة، ويكفي أن يُهْدَر قول القاذف؛ فلا يؤخذ له بشهادة، وأن يسقط اعتباره بين الناس، ويمشي بينهم متهمًا لا يُوثَق له بكلام!

والثالثة: الوصم بالفسق، وهي عقوبة دينية؛ فهو منحرف عن الإيمان، خارج عن طريقه المستقيم، ولم يحكم في الزنا إلا بالجلد مائة جلدة للبكر، أو الرجم للثيِّب؛ وفي هذا دليل على خطورة التهمة، وعلى أن القذف من الكبائر، وأن جريمته عند الله عظيمة.

اللطيفة الخامسة: قوله تعالى: ﴿ وَأَصْلَحُوا ﴾ [النور: 5].

فيه دليل على أن التوبة وحدها لا تكفي، بل لا بد من ظهور أمارات الصلاح عليه؛ فإن هذا الذنب مما يتعلق بحقوق العباد؛ ولذلك شُدِّد فيه.

وقد قال الفخر الرازي: إنه بعد التوبة لا بد من مُضِيِّ سنة عليه لظهور حسن الحال؛ حتى تقبل شهادته، وتعود ولايته.

اللطيفة السادسة: ذكر الله تعالى عدد الشهداء في قوله: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾ [النور: 4].

وأطلق صفتهم ولم يقيِّدهم بمن نرضى مثلاً، ولا من ذوي العدل.

ويُرَد على هذا بأنه لم يقيدهم بالعدالة، وقد أمرنا أن نحمل الشهادة المحتاج إليها لأهل العدل والرضا؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾ [الأنعام: 152].[9]

وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ﴾ [النساء: 135].[10]

وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ﴾ [المائدة: 8]. [11]

وقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ ﴾ [المعارج: 33]. [12]

فهم يقومون بها، بالقسط لله؛ فيشترط هنا ما اشترط هناك.

اللطيفة السابعة:
قال الزمخشري في تفسيره الكشاف: لو بحثت في القرآن كله، وفتشت عمَّا أوعد به العصاة، لم تر أن الله تعالى قد غلظ في شيء تغليظه في إفك عائشة - رضي الله عنها - ولا أنزل من الآيات القوارع المشحونة بالوعيد الشديد، والعتاب البليغ، والزجر العنيف مثلها.

ثم قال: لو لم ينزل إلا هذه الثلاث الآيات لكفى بها، حيث جعل القَذَفَة ملعونين في الدارين جميعًا، وتوعَّدهم بالعذاب العظيم في الآخرة، وبأن ألسنتَهم وأيديَهم وأرجلَهم تشهد عليهم بما أَفِكوا وبَهَتوا، وأنه يوفِّيهم جزاءهم الحق الواجب، الذين هم أهله؛ حتى يعلموا عند ذلك أن الله هو الحق المبين، لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 23 - 25].

فأوجز في ذلك وأشبع، وفصل وأجمل، وأكد وكرر، وجاء بما لم يقع في وعيد المشركين عبدة الأوثان إلا ما هو دونه؛ وما ذاك إلا لإظهار علو منزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشأن والنباهة، ولإبراز رتبة ومكانة وعلو شأن الصديقة أم المؤمنين - رضي الله عنها - في العفة الطهارة والنزاهة.


[1]سورة يوسف، مكية، ترتيب نزولها 53، عدد آياتها 111، عدد كلماتها 1795، عدد حروفها 7125.

[2] سورة النور، مدنية، ترتيب نزولها 102، عدد آياتها 64، عدد كلماتها 1317، عدد حروفها 5596.

[3] رواه عائشة رضي الله عنها، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، رقم: 4750، خلاصة حكم المحدث: صحيح.

[4] سورة الكهف، مكية، ترتيب نزولها69، عدد آياتها 110، عدد كلماتها 1583، عدد حروفها 6425.
سورة فصلت، مكية، ترتيب نزولها61، عدد آياتها 54، عدد كلماتها 796، عدد حروفها 3282.

[5] سورة الحاقة، مكية، ترتيب نزولها 78، عدد آياتها 52، عدد كلماتها 261، عدد حروفها 1107.

[6] سورة النور، مدنية، ترتيب نزولها 102، عدد آياتها 64، عدد كلماتها 1317، عدد حروفها 5596.

[7] سورة البقرة، مدنية، ترتيب نزولها 87، عدد آياتها 286، عدد كلماتها 6144، عدد حروفها 25613.

[8] رواه أبو هريرة رضي الله عنه، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، رقم: 2589، خلاصة حكم المحدث: صحيح

[9] سورة الأنعام، مكية، ترتيب نزولها 55، عدد آياتها 165، عدد كلماتها 3055، عدد حروفها 12418.


[10] سورة النساء، مدنية، ترتيب نزولها92، عدد آياتها 176، عدد كلماتها 3712، عدد حروفها 15937.

[11] سورة المائدة، مدنية، ترتيب نزولها 112، عدد آياتها 120، عدد كلماتها 2837، عدد حروفها 11892.

[12] سورة المعارج، مكية، ترتيب نزولها 79، عدد آياتها 44، عدد كلماتها 217، عدد حروفها 947.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.70%)]