عرض مشاركة واحدة
  #125  
قديم 18-01-2008, 06:55 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

أثر بحوث الإعجاز العلمي في بعض القضايا الفقهية





أطوار خلق الإنسان


بقلم الدكتور عبد الجواد الصاوي
الباحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
شاع فهم بين كثير من علماء المسلمين السابقين والمعاصرين على أن زمن أطوار الجنين الأولى : النطفة والعلقة، والمضغ، مدته مائة وعشرون يوما ؛ بناء على فهم منطوق حديث جمع الخلق الذي رواه الإمام البخاري وغيره ؛ عن عبد الله بن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وهو الصادق المصدوق ) قال : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا يؤمر بأربع كلمات ويقال له : اكتب عمله ورزقه، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح ( 1 ) وبما أن الحديث قد أشار إلى أن نفخ الروح في الجنين يحدث بعد انتهاء زمن طور المضغة الذي ينتهي بنهاية الأربعين الثالثة حسب هذا الفهم، فعليه أفتى بعض علمائنا الأجلاء بجواز إجهاض الجنين وإسقاطه خلال الشهور الأربعة الأولى من عمره، بلا ضرورة ملجئة، لأن حياته في هذه الفترة حسب فهمهم حياة نباتية، لم تنفخ فيها الروح الإنسانية بعد، وقد ترسخ هذا الفهم عند البعض حتى أصبح كأنه حقيقة شرعية مسلمة. لكن هذا المفهوم لزمن أطوار الجنين الأولى وأنها تقع في ثلاثة أربعينات ؛ قد ثبت يقينا اليوم أنه يتعارض مع الحقائق العليمة المعتمدة في علم الأجنة الحديث مما جعل غير الراسخين في العلم من المسلمين يرددون مثل هذه الأحاديث ويشككون في صحتها، كما توهم بعض المحاربين للإسلام أن هذا الموضوع يعد خنجرا بأيديهم يمكن أن يطعنوا به سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
ولذلك أعد هذا البحث لبيان الحقيقة في هذه القضية، واعتمد في منهجه على ثلاثة أسس :
1- الدراسة الموضوعية لجميع نصوص القرآن والسنة الواردة في هذا الموضوع .
2- وصف أطوار الجنين من خلال فهم الدلالات اللغوية وأقوال المفسرين للألفاظ والآيات القرآنية، ثم للحقائق العلمية في علم الأجنة البشرية .
3- نفخ الروح في الأجنة يجب أن يخضع فهمه أساسا للنصوص الشرعية حيث تمثل الدليل القطعي فيها، أما الجوانب العلمية المتعلقة بها - إن وجدت - فهي أمر ثانوي ودليل ظني لا تقوم به حجة قاطعة في هذه القضية .
وقد أثبت البحث أن الوصف القرآني لأطوار الجنين الأولى وشرح المفسرين لهذه الأطوار، والتحديد الزمني الدقيق لها في السنة النبوية، تتوافق والحقائق العلمية في علم الأجنة الحديث . وأن أطوار النطفة، والعلقة، والمضغة، تقع كلها في أربعين يوما واحدة فقط . كما أجاب البحث على سؤال : متى تنفخ الروح في الجنين ؟ أبعد أربعين واحدة أم بعد ثلاثة أربعينات ؟.
ولذلك تمت معالجة البحث ضمن النقاط التالية :
أولا : الوصف الدقيق لأطوار الجنين المطابق للواقع في القرآن الكريم :
وصف القرآن الكريم أطوار الجنين، وصفا دقيقا من خلال إطلاق مسمى على كل طور له بداية ونهاية محددة، حيث يصف المظهر الخارجي للجنين، ويعكس عمليات التخلق الداخلية له في فترات زمنية متعاقبة.
قال الله تعالى :" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ " ( المؤمنون : 12، 14 ).
وسأذكر ملخصا للدلالات اللغوية وأقوال بعض المفسرين في كل طور ومطابقة ذلك للحقائق المستقرة في علم الأجنة الحديث .
أ- طور النطفة :

صورتان تبينان بداية انقسام البيضة الملقحة



تطلق النطفة على الماء القليل ولو قطرة وفي الحديث ( وقد اغتسل ينطف رأسه ماء ) رواه مسلم وقد أطلقها الشارع على مني الرجل ومني المرأة و في الحديث :(من كل يخلق من نطفة الرجل ونطفة المرأة ).
أ) رواه مسلم : قال الألوسي: والحق أن النطفة كما يعبر بها عن مني الرجل يعبر بها عن المني مطلقا.( 2 )
وقال ابن كثير : ثم صيرنا النطفة وهي الماء الدافق الذي يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة .(3) كما أطلقها الشارع أيضا على امتزاج نطفتي الرجل والمرأة وسماها النطفة الأمشاج في قوله تعالى :" إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ " ( الإنسان : 2 ). وقد عرف المفسرون النطفة الأمشاج بأنها : النطفة المختلطة التي اختلط وامتزج فيها ماء الرجل بماء المرأة .(4) وهذه هي البيضة الملقحة بتطوراتها العديدة والتي لا تزال تأخذ شكل قطرة الماء ولها خاصية الحركة الانسيابية كقطرات الماء تماما . وينتهي هذا الطور بتعلق الكيسة الأريمية ببطانة الرحم في نهاية الأسبوع الأول من التلقيح ؛ وهي الصورة الأخيرة للنطفة الأمشاج والتي ما زالت تحافظ على شكل قطرة الماء بالرغم من تضاعف خلاياها أضعافا مضاعفة . وحينما يفقد هذا الطور حركته الانسيابية ويتعلق ببطانة الرحم يتحول إلى طور جديد هو طور العلقة .

الشكل يبين مراحل تطور البيضة الملقحة إلى أن تصل إلى أن تعلق بالرحم عند ذلك تسمى بالعلقة


ب- طور العلقة :
لهذا الطور عدة أشكال من بدئه وحتى نهايته . وكلمة علقة كما يقول المفسرون : مشتقة من علق وهو الالتصاق والتعلق بشيء ما(5). وهذا يتوافق مع تعلق الجنين ببطانة الرحم خلال الأسبوع الثاني. كما يطلق العلق على الدم عامة وعلى شديد الحمرة وعلى الدم الجامد ( 4).

مرحلة الإنغراس أو العلقة


وهذا يتوافق مع شكل الجنين في هذا الطور حينما تتكون لديه الأوعية الدموية المقفلة والممتلئة بالدماء خلال الأسبوع الثالث (شكل: 3) حيث يظهر نطفة دم حمراء جامدة .
والعلقة : دودة في الماء تمتص الدم، وتعيش في البرك، وتتغذى على دماء الحيوانات التي تلتصق بها والجمع علق. وقد وصف ابن كثير هذا الطور فقال : أي صيرنا النطفة علقة حمراء على شكل العلقة مستطيلة . (3/251)
فالجنين في نهاية هذا الطور كما يقول المفسرون : يكون على شكل علقة مستطيلة لونها شديد الحمرة لما فيها من دم متجمد . وهذا يتوافق مع الشكل الأخير لهذا الطور حيث يأخذ الجنين شكل الدودة التي تمتص الدماء
وتعيش في الماء ويشترك الجنين معها في قوة تعلقه بعائله والحصول على غذائه من امتصاص دمائه، والمدة الزمنية لهذا الطور هي من بداية الأسبوع الثاني وحتى نهاية الأسبوع الثالث من التلقيح .



الجنين في على علقة مستطيلة تعتمد في غذائها على مص الدم من غشاء الرحم






مرحلة المضغة



جـ . طور المضغة :

جنين عمره 35يوماً


وفي بداية الأسبوع الرابع وبالتحديد في اليوم الثاني والعشرين يبدأ القلب في النبض وينتقل الجنين إلى طور جديد هو طور المضغة . وقد وصف المفسرون هذا الطور وصفا دقيقاً: فقال ابن كثير: مضغة : قطعة كالبضعة من اللحم لا شكل فيها ولا تخطيط قدر ما يمضغ الماضغ
تتكون العلقة (3/251). وقال الألوسي : قطعة لحم بقدر ما يمضغ لا استبانة ولا تمايز فيها (10/21). وهذا ما يتوافق مع الجنين في أول هذا الطور حيث يتراوح حجمه من حبة القمح إلى حجم حبة الفول ( 5.3 مم ) وهو القدر الذي يمكن مضغه، ويبدو سطحه من الخارج وقد ظهرت عليه النتوءات أو الكتل البدنية والرأس والصدر والبطن كما تتكون معظم براعم أعضائه الداخلية، ومع احتفاظه

جنين عمره من 38ـ 40يوماً


بالشكل الخارجي المشابه لمادة ممضوغة يصدق عليه أنه مخلق وغير مخلق. وها هو الوصف القرآني يقرر هذه الحقيقة قال تعالى :" ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ " (الحج : 5) . قال ابن كثير : مضغة قطعة كالبضعة من اللحم لا شكل فيها ولا تخطيط، ثم يشرع في التشكيل والتخطيط فيصور منها رأس ويدان وصدر وبطن وفخذان ورجلان وسائر الأعضاء . ولهذا قال تعالى :" ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ " أي كما تشاهدونها .(3/216) وقال الألوسي : والمراد تفصيل حال المضغة وكونها أولا قطعة لم يظهر فيها شيء من الأعضاء ثم ظهرت

جنين عمره 13 أسبوع وتظهر عليه عضلات الفخذ والساق بوضوح


بعد ذلك شيئا فشيئا (10/173). لذلك فالوصفان (مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) لا بد أن يكونا لازمين للمضغة. قال ابن عاشور : قوله تعالى :" مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ " صفة " مُّضْغَةٍ " وأن هذا تطور من
تطورات المضغة، وإذ قد جعلت المضغة من مباديء الخلق تعني أن كلا الوصفين لازم للمضغة (6). ويؤكد ذلك الرازي بقوله : يجب أن تحمل " مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ " على من سيصير إنسانا لقوله تعالى في أول الآية ( فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم ) (7). وفي هذا النص دلالة على أن التخليق يبدأ في هذا الطور وهو ما أكدته حقائق علم الأجنة في أن التخليق يبدأ من أول الأسبوع الرابع . وينتهي هذا الطور قبيل نهاية الأسبوع السادس حيث يبدأ الطور التالي في التخليق .

د. طور العظام :

الهيكل العظمى الغضروفى لجنين عمره ثمانية أسابيع


وذلك بتشكيل الجنين في هذا الطور على هيئة مخصوصة وإزالة صورة المضغة عنه واكتسابه صورة جديدة ؛ حيث يتخلق الهيكل العظمي الغضروفي، وتظهر أولى مراكز التعظم في الهيكل الغضروفي في بداية الأسبوع السابع، فيتصلب البدن وتتميز الرأس من الجذع وتظهر الأطراف.
قال ابن كثير في قوله تعالى " فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا " : يعني شكلناها ذات رأس ويدين ورجلين بعظامها وعصبها وعروقها (3/251). وقال الشوكاني : أي جعلها الله سبحانه وتعالى متصلبة لتكون عمودا للبدن على أشكال مخصوصة (3/483). وقال الألوسي : وذلك التصيير بالتصليب بما يراد جعله عظاما من المضغة وهذا تصيير بحسب الوصف ؛ وحقيقته إزالة الصورة الأولى عن المادة وإفاضة صورة أخرى عليها (10/21) ثم يبدأ الجنين الطور الأخير من التخليق وهو كساء العظم باللحم وفي هذا الطور يزداد تشكل الجنين على هيئة أخص . قال ابن كثير في قوله تعالى : " فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا " : أي جعلنا على ذلك ما يستره ويشده ويقويه . وقال الشوكاني : أي أنبت الله سبحانه على كل عظم لحما على المقدار الذي يليق به ويناسبه وكذا قال غيرهم(8).

مراحل تطور شكل الجنين


وهذا يتوافق مع ما ثبت في علم الأجنة من أن العظام تخلق أولا ثم تكسى بالعضلات في نهاية الأسبوع السابع وخلال الأسبوع الثامن من تلقيح البيضة وبهذا تنتهي مرحلة التخليق والتي يسميها علماء الأجنة بالمرحلة الجنينية . هذا وقد أكد علم الفحص بأجهزة الموجات فوق الصوتية أن جميع التركيبات الخارجية والداخلية الموجودة في الشخص البالغ تتخلق من الأسبوع الرابع وحتى الأسبوع الثامن من عمر الجنين، كما يمكن أن ترى جميع أعضاء الجنين بهذه الأجهزة خلال الأشهر الثلاثة الأولى .
ثم يبدأ الجنين بعد الأسبوع الثامن مرحلة أخرى مختلفة يسميها علماء الأجنة بالمرحلة الحميلية، ويسميها القرآن الكريم : مرحلة النشأة خلقا آخر . ولذلك يعتبر طور كساء العظام باللحم الحد الفاصل بين المرحلة الجنينية والحميلية .
هـ . مرحلة النشأة خلقا آخر :
تبدأ مرحلة النشأة في الأسبوع التاسع حيث ينمو الجنين ببطء إلى الأسبوع الثاني عشر ثم ينمو بعد ذلك بسرعة كبيرة . وتستمر هذه المرحلة حتى نهاية الحمل.
خصائص مرحلة النشأة:
تختص هذه المرحلة بعدة خصائص أهمها : تطور ونمو أعضاء وأجهزة الجنين وذلك بتهيئتها للقيام بوظائفها . كما تختص بنفخ الروح فيها عند جمهور المفسرين . قال ابن كثير: ثم نفخنا فيه الروح فتحرك وصار خلقا آخر ذا سمع وبصر وإدراك وحركة واضطراب (3/251). وقال الألوسي : أي مباينا للخلق الأول مباينة ما أبعدها حيث جعل حيوانا ناطقا سميعا بصيراً ( 10/22). كما تحدث أثناء هذه المرحلة التغيرات في مقاييس الجسم ويكتسب الجنين صورته الشخصية. وهو ما أشارت إليه الآيات :" الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ " الانفطار 8.7 وكلمة " سَوَّاكَ " تعني جعل الشيء مستويا ومستقيما ومهيأ لأداء شيء محدد . والتعديل في اللغة تعني التقويم وتعني كلمة " فَعَدَلَكَ " تغير الشكل والهيئة لتكوين شيء محدد . وكلمة صورة تعني هيئة أو ( شكل:9) وما ذكره القرآن الكريم هو ما قررته حقائق علم الأجنة ؛ فالتسوية تبدأ عقب عملية الخلق في المرحلة الحميلية أي بعد الأسبوع الثامن، حيث يستقيم الجنين وتتهيأ الأعضاء لأداء وظائفها، ويتخذ الجنين المقاييس الطبيعية ( التعديل ) . كما تتغير مقاييس الجسم وتتخذ ملامح الوجه المقاييس البشرية المألوفة، ويكتسب الجنين الصورة الشخصية له " التصوير" (10).
تتغير مقاييس الجسم وتتخذ ملامح الوجه المقاييس البشرية المألوفة، ويكتسب الجنين الصورة الشخصية له " التصوير
ثانيا : نصوص السنة تحدد زمن أطوار الجنين الأولى :
1. روى الإمام مسلم بسنده عن عبد الله ابن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال : أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح . ويؤمر بأربع كلمات : يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ). رواه مسلم
2. روى الإمام مسلم بسنده عن أبي حذيفة بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مر بالنطفة اثنان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا، فصورها وخلق لها سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ). رواه مسلم
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول أن الجنين يجمع خلقه في أربعين يوما، فما هو هذا الجمع للخلق ؟ تعني كلمة ( جمع ) في اللغة جمع الشيء عن تفرقة (11)، قال ابن حجر : والمراد بالجمع ضم بعض الشيء إلى بعض بعد الانتشار(12) . فما هو الشيء المنتشر المفرق الذي يضم بعضه إلى بعض لتحقيق تكون الخلق ؟

جنين عمره 13 أسبوع


إن هذه العبارة النبوية غاية في الدقة العلمية ؛ حيث يمكن استنتاج أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بها إلى انقسام وتكاثر الخلايا الجنينية الهائل والسريع في اتجاهات متفرقة، وعلى تمايز هذه الخلايا في طور العلقة، ثم تجمع خلايا كل عضو من أعضاء الجنين ليتم تكوينه وتخلقه في طور المضغة في صورة براعم أولية، ولا تنتهي الأربعون يوما إلا وخلايا جميع أعضاء الجنين المختلفة قد تمايزت وهاجر ما هاجر منها وتجمعت في أماكنها المحددة لها بعد أن كانت متشابهة وغير متمايزة في مرحلة التكاثر الهائل والسريع للخلايا الجنينية الأولية في الأسابيع الأولى .
كما أخبر ( في نفس الحديث أن أطوار الجنين الأولى ؛ العلقة والمضغة تبدأ وتكتمل أوصافها وتنتهي خلال هذه الأربعين . فالحديث يتكلم عن التحديد الزمني لقضيتين : الأولى جمع الخلق لخلايا أعضاء الجسم في صورة براعم أولية، والثانية : زمن أطوار الجنين ؛ العلقة والمضغة نصا والنطفة لزوما ؛ لأنه لا وجود لكلمة النطفة في الروايات الصحيحة .
والحديث بهذا اللفظ للإمام مسلم يختلف عن حديث الإمام البخاري في زيادة عبارة ( في ذلك ) والتي صححت الفهم وأظهر التطابق التام مع حقائق علم الأجنة الحديث فأزالت شبه الزائغين وردت كيد أعداء السنة والإسلام إلى نحورهم .

جنين عمره 9 أسابيع


بناء على هذه الرواية للحديث فخلق الجنين يجمع خلال الأربعين يوما الأولى من عمره .
وأطوار النطفة والعلقة والمضغة تقع وتكتمل كلها في خلال هذه الأربعين ؛ لأن لفظ ( في ذلك ) يعود إلي الوقت، أي إلى الأربعين يوما، أما اسم الإشارة في قوله ( مثل ذلك )، فلا بد أنه يعود إلى شيء آخر غير الوقت، ,أقرب شيء إليه هنا هو جمع الخلق . والمعنى إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما . ثم يكون في ذلك ( أي في ذلك العدد من الأيام ) علقة ( مجتمعة في خلقها ) مثل ذلك ( أي مثلما اجتمع خلقكم في الأربعين )، ثم يكون في ذلك ( أي في نفس الأربعين يوما ) مضغة ( مجتمعة مكتملة الخلق المقدر لها ) مثل ذلك، ( أي مثلما اجتمع خلقكم في الأربعين يوما ) . وذلك من ترتيب الإخبار عن أطوار الجنين لا من ترتيب المخبر به .
كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني أن الجنين قبل اليوم الثاني والأربعين لا يمكن تمييز صورته الإنسانية ولا تخلق أجهزته بصورة تامة إلا بعد هذا التاريخ، فالحديث يشير بوضوح إلى أن تشكيل الجنين بتصويره وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظامه
جنين عمره 16 أسبوع
وتمايز أعضائه الجنسية لا يحدث إلا بعد اليوم الثاني والأربعين .

يتبع

 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.93 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.80%)]