عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-07-2009, 06:51 PM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
59 59 شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 83 في متابعة الإمام في التأمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 83 في متابعة الإمام في التأمين




حديث 83
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا , فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ : غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .

في الحديث مسائل :

1= قوله : " إذا أمّـن " معنى التأمين :
أي قول : آمين . ولا يجوز تشديد الميم ، فإن المعنى يختلف ، وهو القصد ، ومنه قوله تعالى : (وَلا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) أي قاصدين .
والمعنى : اللهم استجب لما تضمنته الفاتحة من دعاء ، ويدل عليه ما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل – وفيه – : فإذا قال : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل .
فناسب بعد هذا السؤال أن يقول المأموم : اللهم استجِب ، يعني هذا الدعاء .
وفي قول : آمين معنى آخر ، وهو أن الذي يُؤمِّن على الدعاء كالداعي ، ومنه دعاء موسى عليه الصلاة والسلام وتأمين هارون ، فقال الله : ( قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا ) مع قوله قبل ذلك : ( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ) فالدّاعي هنا موسى عليه الصلاة والسلام وهارون عليه الصلاة والسلام أمّن على دعائه ، ونُسِبت الدعوة لهما .
وفي شرعنا أن الإمام يدعو والمأموم يُؤمِّن ، كما في القنوت من الوتر ، وكما في الاستسقاء ونحو ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فالمستمع للفاتحة هو كالقارئ ، ولهذا يؤمِّن على دعائها . اهـ . يعني الفاتحة .

2 =حُكم التأمين ، أي قول آمين .
الجمهور على أنه سُـنّـة ، وحَملوا قوله ألأمر في هذا الحديث على الاستحباب بدليل ما جاء في بعض روايات الحديث :
إذا قال أحدكم آمين ، وقالت الملائكة في السماء : آمين ، فوافقت إحداهما الأخرى غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه . رواه البخاري ومسلم .

3 =هل يُؤمِّن الإمـام ؟
السنة أن الإمام يُؤمِّن ، كما دل عليه حديث الباب .
وروى أبو داود بإسناده إلى عن وائل بن حجر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ (وَلا الضَّالِّينَ) قال : آمين ، ورفع بها صوته . وصححه الألباني .
وقال الإمام البخاري : باب جهر الإمام بالتأمين . وقال عطاء : آمين دعاء . أمَّنَ ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد لَلَجَّـة . وكان أبو هريرة يُنادي الإمام : لا تَفُتْنِي بـ " آمين " . وقال نافع : كان بن عمر لا يَدَعَـه ، ويحضهم ، وسمعت منه في ذلك خيراً . اهـ .
قال ابن دقيق العيد :
الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الإِمَامَ يُؤَمِّنُ . وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ . وَاخْتِيَارُ مَالِكٍ : أَنَّ التَّأْمِينَ لِلْمَأْمُومِينَ . وَلَعَلَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَهْرُ الإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ . فَإِنَّهُ عَلَّقَ تَأْمِينَهُمْ بِتَأْمِينِهِ . فَلا بُدَّ أَنْ يَكُونُوا عَالِمِينَ بِهِ . وَذَلِكَ بِالسَّمَاعِ . اهـ .

4 =هل يَجهر المأموم بالتأمين ؟
السنة أن يَجهر الإمام والمأموم والمنفرد بالتأمين .
وعقد الإمام البخاري باباً فقال : باب جهر المأموم بالتأمين .
ثم ساق بإسناده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال الإمام : ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) فقولوا : آمين . فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه .
قال ابن المنيِّر : مناسبة الحديث للترجمة من جهة أن في الحديث الأمر بقول آمين ، والقول إذا وقع به الخطاب مُطلقاً حُمِلَ على الجهر ، ومتى أريد به الإسرار أو حديث النفس قُيـِّدَ بذلك . وقال ابن رشيد : تؤخذ المناسبة من جهة أنه قال إذا قال الإمام فقولوا ، فقابَلَ القول بالقول ، والإمام إنما قال ذلك جهرا ، فكان الظاهر الاتفاق في الصِّفَـة .

5 = هل يُوافق المأموم الإمام في قول : آمين .
استدل بعض العلماء بقوله عليه الصلاة والسلام : إذا قال الإمام : ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) فقولوا : آمين . رواه البخاري ومسلم .
على أن المأموم يُوافِق الإمام في قول : آمين .
قال ابن الملقِّن : فظاهره الأمر بوقوع الجميع في حالة واحدة . اهـ .
إلا أن الذي يظهر أن قوله عليه الصلاة والسلام في حديث الباب : " إذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا " يقتضي عدم الموافقة في التأمين ، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه " إذا قال الإمام : ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) فقولوا : آمين " ليس فيه ما يدل صراحة على الموافقة ، وإنما فيه الحث على قول آمين ، وغاية ما فيه أنه يدل على أن قول آمين عقب الانتهاء من الفاتحة .
كما إن الفاء تأتي بمعنى ( ثم ) .

6 = فضل قول آمين ، لما تضمّنته من مغفرة الذنب .
ويُحمل على مغفرة الصغائر دون الكبائر .

7 = المقصود بـ تَأْمِين الْمَلائِكَةِ .
على قولين :
الأول : على ظاهره في عموم الملائكة .
الثاني : أنهم الْحَفَظـة .
قال ابن الملقِّن : واحتُجّ للثاني بالرواية السالفة : وقالت الملائكة في السماء آمين .

ولا إشكال في ذلك ، فالملائكة تُصلي وتصف صفوفاً ، ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ قال جابر بن سمرة : فقلنا يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال : يُتِمُّون الصفوف الأوَل ، ويتراصّون في الصف . رواه مسلم .

والله تعالى أعلم .


عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.19 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]