عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-09-2009, 04:08 AM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,415
الدولة : Morocco
افتراضي كل ما تريد معرفته عن الردة في الإسلام.

حدُّ الردَّةهو:
السِّياج المنيع والحصن الحصين لحماية هذا الدِّين والحفاظ على المسلمين.

تمهيد

الحمد لله الذي جعل الدَِّين قواماً، ومحمد بن عبد الله للمتقين إماماً صلى الله عليه وآله وسلم، والحدود الشرعية حافظاً وسياجاً، والعلماء العاملين ردءاً لدين الله عز وجل، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل المبطلين، وشبه وتشكيك الشاكين، ودعاوى المارقين، فجزى الله الإسلام وجزاهم عنه خير الجزاء، وأمدَّهم بعونه وتوفيقه، وحفظهم وكلأهم بعين رعايته، إنه ولي ذلك والقادر عليه، ولا حول ولا قوة إلا به.


لقد رفع المنافقون ـ نفاق الاعتقاد ـ في الآونة الأخيرة عقيرتهم، وأبانوا عن سوأتهم، وكشفوا عن قبيح معتقداتهم، وناصبوا الأمة الإسلامة بعداوتهم، وحاربوها بالتشكيك والطعن في الثوابت والمسلمات، بل بلغت بهم الجرأة والوقاحة أن أباحوا الردة وأنكروا حدها، وساووا بين دين الحق والأديان الباطلة، فازدادوا كفراً ونفاقاً إلى كفرهم ونفاقهم، لردهم لآي القرآن، وصحيح السنة، ودفعهم لما هو معلوم من الدين ضرورة، وذلك كلهلسكوت العلماء، ولإحجام الحكام عن حماية شرع الله، فمن لم يردعه القرآن أخافه السلطان، فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن: "من أمن العقوبة أساء الأدب"، ورحم الله الإمام أبا بكر بن العربي المالكي عندما وصف كفر غلاة الشيعة بأنه "كفر بارد لا تسخنه إلا حرارة السيف، أما دفء المناظرة فلا يؤثر فيه".


فما الذي يردع هؤلاء؟ وهم يرون من سبقهم من الزنادقة أمثال سلمان رشدي، ونصر أبي زيد، ….، وغيرهم كثير لا كثر الله من أمثالهم، يسرحون ويمرحون ويُحمون، وينادي بعض المنهزمين من العلماء بعدم إقامة الحد على بعضهم بدعوى أنهم تابوا !!

ترى ما الذي منع بشر المريسي من إظهار بدعة الاعتزال وكان يعتقدها ويخفيها منذ عهد الرشيد؟ سوى خوفه من الرشيد، ولما أمن العقوبة في عهد المأمون أساء الأدب وأظهر ما كان يخفيه.


وبعد..


فهذا بحث عن تعريف الردة، وحدها، وأقسامها، وأدلة ذلك، والأسباب الداعية لها، وهل للمرتد من توبة؟ وعن أحكام المرتد، وعمن قتله ولاة أمر المسلمين من المرتدين قديماً وحديثاً، كتبت ذلك نصحاً للأمة ولرواد المنتدى، ومعذرة إلى ربي، ولعلهم يرجعون، ورداً على ما سطر ويسطر في الصحف ;ويكتب في المنتديات هذه الأيام من المتطفلين الجرآء الجاهلين، وتهجمهم على الدين، وتشكيكهم في هذا الحد الذي جعله الله حماية للدين، وزجراً للزنادقة المارقين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فإنه لو لم يقتل ذلك المرتد لكان الداخل في الدين يخرج منه، فقتله حفظ لأهل الدين وللدين، فإن ذلك يمنع من النقص، ويمنعهم من الخروج عنه).


إذ لا يحل تأخير البيان عن وقت الحاجة، وقد تأخر، مما حدى بهؤلاء الورَّاقين السفهاء أن ينادوا بإسقاط حد الردة، ويعتبروا إقامة حدها جريمة لا تغتفر: "كبُرت كلمة تخرج منأفواههم إن يقولون إلا كذباً"،الآية- ونبشر هؤلاء أن حد الردة قائم ما قامت السموات والأرض، ولو اجتمع من في الأرض جميعاً لما استطاعوا أن يسقطوا حداً من حدود الله، دعك عن مجموعة الوراقين، ونذكرهم بأن دين الله منصور، وعليهم أن لا يغتروا بغلبة إخوانهم أهل الكفر والفجور، فالأيام دول، والحرب سجال، والله غالب على أمره، ونذكرهم كذلك بأن إقامة الحد عليهم في الدنيا أفضل لهم من إقامته عليهم يوم يقوم الأشهاد.


على المسؤولين أن يتقوا الله في دينه، ويعملوا على إيقاف هذه الحملات الكفرية التي يقودها الشيوعيون والمنافقون في الصحف، و النت وفي بعض الجامعات؛ في الصحف الحائطية، وأركان النقاش، وليعلموا أن ذلك من أوجب واجباتهم، فليس هناك شيء أوجب على الحاكم من حماية الدين وردع الزنادقة المارقين بعد أن خرجوا من أجحارهم، ويمّموا نحو "الإمبريالية العالمية"، بعد سقوط روسيا الشيوعية، عجباً لهؤلاء الذين لم يرضوا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً، واستعاضوا عن ذلك بالعبودية لغير الله، والعمالة لكل من يحادّ الله ورسوله والمؤمنين: "ومن يهن الله فما له من مكرم"، لا غرو في ذلك فقد أصبحت روسيا نفسها عميلة لأمريكا، فالعقوق سمة من سمات هؤلاء القوم، ومن قبل عقوا لدين آبائهم وأجدادهم.

والله أسأل أن يوفق ولاة الأمر من الحكام والعلماء للقيام بدورهم، وتحمل مسؤولياتهم، وأداء واجباتهم على الوجه الذي يرضيه، وأن ينتقم من الكفار والمنافقين، وأن يخالف بين قلوبهم، ويجعل كيدهم في نحورهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على حامي حمى الدين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

تعريف الردة:

الرِّدَّة هي الرجوع عن الإسلام كلياً أوجزئياً بإنكار ما هو معلوم من الدين ضرورة، بنفي ما أثبته الله ورسوله، أوإثبات ما نفاه الله ورسوله، وتكون بالفعل، والترك، والنطق، والاعتقاد، والشك، جاداً كان المرتد أم هازلاً.

وبلفظ آخر أن يرتكب الإنسان ناقضاً من نواقض الإسلام.
قال الكاساني الحنفي المتوفي 587هـ في بدائع الصنائع: (أما ركن الردة فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإيمان، إذ الردة عبارة عن الرجوع عن الإيمان).
وقال الصاوي المالكي المتوفى 1241هـ في "الشرح الصغير": (الردة كفر مسلم بصريح من القول، أوقول يقتضي الكفر، أوفعل يتضمن الكفر).


وقال الشربيني الشافعي المتوفى 977هـ في "مغني المحتاج": (الردة هي قطع الإسلام بنية أوفعل، سواء قاله استهزاءً أوعناداً أواعتقاداً).

وقال البهوتي الحنبلي المتوفى 1050هـ في "كشَّاف القناع": (المرتد شرعاً الذي يكفربعد إسلامه نطقاً، أواعتقاداً، أوشكاً، أوفعلاً).

أدلة كفر المرتد:

كثيرة جداً، منها:

قوله تعالى: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون". الآية.
قوله تعالى: "ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم". الآية.
وقوله: "إن الله لا يغفر أن يُشرَك بهويغفر ما دون ذلك لمن يشاء". الآية.
وقوله: "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً". الآية.
وقوله: "ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين". الآية.
وقوله: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمانولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين"،الآية.. فلم يستثن إلا المكره من الكفر.
وقال عن كفر المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام ويبطنون الكفر: "ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون".الآية
وقال مميزاً المنافقين على إخوانهم الكافرين لعظيم ضررهم على الإسلام والمسلمين: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً". الآية.
وقوله تعالى: "كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق.. أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". الآية.
وقال عن كفر تاركي الصلاة: "ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين. ولم نك نطعم المسكين. وكنا نخوض مع الخائضين. وكنا نكذب بيوم الدين".
وقال عن المنافقين: "ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون". الآية.
حكم المرتد
(أ‌) في الدنيا

1. يُفرَّق بينه وبين زوجته، فإن تاب قبل انقضاء عدتها رجعت إليه، وإن انقضت عدتها قبل أن يتوب تبيَّن فسخ النكاح منذ ارتداده، سواء كانت ردته قبل الدخول بها أوبعد الدخول.


2. يُمنع من التصرف في ماله، وينفق منه على عياله، وتقضى ديونه.


3. لا يرث، ولا يورث، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المسلمُ الكافرَ ولا الكافرُالمسلمَ"، ويكون ما تركه فيئاً لبيت مال المسلمين، ومن أهل العلم من قال لورثته.


قال القرطبي عن ميراث المرتد: (قال علي بن أبي طالب، والحسن، والشعبي، والحَكَم، والليث، وأبوحنيفة، وإسحاق بن رَاهَوَيْه: ميراث المرتد لورثته من المسلمين، وقال مالك، وربيعة، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبو ثور: ميراثه في بيت المال).


والراجح ما ذهب إليه مالك والشافعي ومن وافقهما أن ميراثه لبيت مال المسلمين، للحديث: "لا يرث المسلمُ الكافرَ.."، وينفق على عياله من بيت مال المسلمين.


4.يُقتل المرتد من غير استتابة إن قُدِر عليه، إذا كانت ردته مغلظة، لأن الردة تنقسم إلى قسمين:

مغلظة، وهي ما تكون مصحوبة بمحاربة الله، ورسوله، وأوليائه من العلماء العاملين، وعداوتهم، والمبالغة في الطعن في الدين، والتشكيك في الثوابت.
ومجردة، وهي التي لم تصحب بمحاربة ولا عداوة ولا طعن وتشكيك في الدين، وكل الآثار التي وردت في استتابة المرتد متعلقة بالردة المجردة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن الردة على قسمين: ردة مجردة، وردة مغلظة شرع القتل على خصوصها، وكلاهما قد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها، والأدلة الدالة على سقوط القتل بالتوبة لا تعمُّ القسمين، بل إنما تدل على القسم الأول ـ الردة المجردة ـ كما يظهر ذلك لمن تأمل الأدلة على قبول توبة المرتد، فيبقى القسم الثاني ـ الردة المغلظة ـ وقد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها، ولم يأت نص ولا إجماع على سقوط القتل عنه، والقياس متعذر مع وجود الفرق الجلي، فانقطع الإلحاق، والذي يحقق هذه الطريقة أنه لم يأت في كتاب ولا سنة ولا إجماع أن كل من ارتد بأي قول أوبأي فعل كان فإنه يسقط عنه القتل إذا تاب بعد القدرة عليه، بل الكتاب والسنة والإجماع قد فرَّق بين أنواع المرتدين).


قال في "نيل المآرب في تهذيب عمدة الطالب": (ولا تقبل في الدنيا توبة من سبَّ الله تعالى، أورسوله، سباً صريحاً، أوتنقصه، ولا توبة من تكررت ردته، بل يقتل بكل حال، لأن هذه الأشياء تدل على فساد عقيدته).


5. يتولى قتله الإمامُ أومن ينوب عنه.


6. لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين.


7. يبطل عمله، نحو حجة الإسلام، وهذا مذهب مالك ومن وافقه، لقوله تعالى: "لئنأشركتَ ليحبطنَّ عملك ولتكونن من الخاسرين"، وذهب الشافعي وأحمد إلى أن: (من ارتد ثم عاد إلى الإسلام لم يحبط عمله ولا حجه الذي فرغ منه، بل إن مات على الردة فحينئذ تحبط أعماله، وقال مالك: تحبط بنفس الردة، ويظهر الخلاف في المسلم إذا حجَّ ثم ارتد ثم أسلم، فقال مالك: يلزمه الحج لأن الأول قد حبط بالردة).

(ب‌) في الآخرة

إن تاب وصدق في توبته قبلت منه إن شاء الله، وإن لم يتب ولو قتل في الدنيا فهو من أهل النار خالداً مخلداً فيها.

كيفية توبة المرتد ردة مجردة

1. أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.


2. أن يعلن رجوعه عما كان يعتقده، أويقوله، أويفعله بالتفصيل على العامة، قال تعالى: "إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا" الآية، بأن يقول: كنتُ أعتقدُ كذا وكذا، أوكنتُ أقولُ كذا وكذا، أوكنتُ أفعلُ كذا وكذا، وأنا راجع عن كل ذلك؛ ويُكتب ويُختم ويشهد على ذلك، وإلا لا تقبل توبته.

أدلة قتل المرتد

حد المرتد ثبت بالسنة القولية، والفعلية، والتقريرية، وبما صحَّ عن الخلفاء الراشدين وحكام المسلمين، وإليك الأدلة:

(أ) من السنة القولية، والفعلية، والتقريرية

1. خرَّج البخاري في صحيحه بسنده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابنأخطل متعلق بأستار الكعبة؛ فقال: اقتله".


وفي رواية للدارقطني كما قال الحافظ في الفتح: "من رأى منكم ابن أخطل فليقتله"، ومن رواية زيد بن الحباب عن مالك بهذا الإسناد: "وكان ابن أخطل يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر".


وقال الحافظ ابن حجر: (وأخرج عمر بن شبة في "كتاب مكة" من حديث السائب بن يزيد قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استخرج من تحت أستار الكعبة عبد الله بن أخطل فضربت عنقه صبراً بين زمزم ومقام إبراهيم، وقال: "لا يقتلن قرشي بعد هذا صبراً"، ورجاله ثقات، إلا أن في أبي معشر مقالاً، والله أعلم.


وقال: وروى الطبراني من حديث ابن عباس ..وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أمراءه أن لا يقتلوا إلا من قاتلهم، غير أنه أهدر دم نفر سمَّاهم، وقد جمعت أسماءهم من مفرقات الأخبار، وهم: عبدالعزى بن أخطل، وعبد الله بن أبي السرح، وعكرمة بن أبي جهل، والحويرث بن نُقَيد بنون وقاف مصغَّر، ومقيس بن صَبَابة بمهملة مضمومة وموحدتين الأولى خفيفة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن أخطل كانتا تغنيان بهجو النبي صلى الله عليه وسلم، وسارة مولاة بني عبد المطلب وهي التي وُجِدَ معها كتاب حاطب، فأما ابن أبي السرح فكان أسلم ثم ارتد فشفع فيه عثمان يوم الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وقبل إسلامه.. وأما مقيس بن صَبَابة فكان أسلم ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله، وكان الأنصاري قتل أخاه هشاماً خطأ، فجاء مقيس فأخذ الدية ثم قتل الأنصاري ثم ارتد، فقتله نميلة بن عبد الله يوم الفتح).


وشاهدنا من هؤلاء في إهدار دم وقتل من أسلم ثم ارتد وهم: عبد الله بن أبي السرح، ومقيس بن صبابة، وسارة.


2. ما صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قال: "من بدَّل دينه فاقتلوه".


3. وما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحلُّ دمُ امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث"، وذكر منهم: "التارك لدينه المفارق للجماعة".

(ب) قتل الخلفاء الراشدين والصحابة المهديين للمرتدين
قتل أبي موسى ومعاذ رضي الله عنهما ليهودي أسلم ثم تهوَّد

خرَّج البخاري في صحيحه بسنده إلى أبي موسى عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ثم أتبعه بمعاذ، فلما قدم معاذ على أبي موسى ألقى له وسادة، قال: انزل، فإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهودياً فأسلم ثم تهود؛ قال: اجلس؛ قال: لا أجلس حتى يُقتل قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات؛ فأمر به فقتل".

إقناع أبي بكر لعمر وغيره بقتال المترتدين، وإجماع الصحابة على قتلهم .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؛ قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها؛ قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفتُ أنه الحق".


الذين قاتلهم الصديقُ ثلاث طوائف كما قال ابن حزم رحمه الله في الملل والنحل:

طائفة أعلنت الكفر وارتدت، واتبعت المتنبئين مسيلمة، وطليحة، والأسود، وسجاح.
وطائفة بقيت على إسلامها ولكن منعوا الزكاة.
وطائفة تربصت حتى ترى لمن الغلبة.

فقُتل الأسود العنسي، ومسيلمة، وعاد طليحة إلى الإسلام وكذا سجاح، ورجع غالب من كان ارتد إلى الإسلام، ولم يحل الحول إلا والجميع قد راجعوا دين الإسلام ولله الحمد كما قال الحافظ ابن حجر، وذلك بفضل الله، ثم عزيمة وشجاعة أبي بكر وإقامة هذا الحد على المرتدين، الذي لولاه لضاع الدين ولتهدمت أركانه.

قتل عليّ وحرقه لجماعة من الرافضة ألَّهوه وعبدوه

خرَّج البخاري في صحيحه عن عكرمة قال: أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لو كنتُ أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعذبوا بعذاب الله"، ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدَّل دينه فاقتلوه".


خرج علي يوماً من المسجد بالكوفة بباب كندة فإذا جماعة من الرافضة المخذولين سجدوا له، فقال لهم: ما هذا؟ قالوا له: أنت خالقنا ورازقنا؛ فقال لهم: سبحان الله إنما أنا بشر مثلكم إن شاء رحمني، وإن شاء عذبني؛ فاستتابهم عليٌّ ثلاثة أيام، وتهددهم إن لم يتوبوا بالإحراق بالنار، فلم يفد، فأمر بحفر الأخاديد وملأها بالحطب وأشعلها ناراً، ثم ألقاهم فيها، وقال مرتجزاً:


لما رأيتُ الأمر أمراً منكراً أججت ناري ودعوتُ قنبرا


فهؤلاء الزنادقة لم يقاتلوا ولم يحاربوا علياً، بل عبدوه، ومع ذلك قتلهم ثم حرقهم بالنار بعد قتلهم تعزيراً، مما يدل على أنه لا فرق بين الردة الفكرية أوالمصحوبة بمحاربة في العقوبة، بل كانت عقوبة هؤلاء الزنادقة أشد، لاتخاذهم علياً رضي الله عنه إلهاً.

قتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لشيخ نصراني أسلم ثم ارتد عن الإسلام

فقال له علي: لعلك إنما ارتددت لأن تصيب ميراثاً ثم ترجع إلى الإسلام؟ قال: لا؛ قال: فلعلك خطبت امرأة فأبوا أن يزوجوكها، فأردت أن يزوجوكها ثم تعود إلى الإسلام؟ قال: لا؛ قال: فارجع إلى الإسلام؛ قال: لا، حتى ألقى المسيح؛ قال: فأمر به عليّ فضربت عنقه، ودفع ميراثه إلى ولده من المسلمين.

وعن أبي عمرو الشيباني أن المِسْوَر العجلي تنصَّر بعد إسلامه

فبعث به عتيبة بن أبي وقاص إلى علي فاستتابه، فلم يتب، فقتله، فسأله النصارى جيفته بثلاثين ألفاً، فأبى عليٌّ وأحرقه.

قتل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لستة نفر من بكر بن وائل كانوا قد ارتدوا عن الإسلام
أخذ ابن مسعود رضي الله عنه قوماً ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق

فكتب فيهم إلى عثمان رضي الله عنه، فردّ عليه عثمان: أن اعرض عليهم دين الحق، وشهادة أن لا إله إلا الله، فإن قبلـوها فخلِّ عنهم، فإن لم يقبلوها فاقتلهم، فقبلهـا بعضهم فتركهم، ولم يقبلها بعضهم فقتلهم.

(ج) الإجماع

لهذا أجمعت الأمة من لدن الصحابة ومن بعدهم على قتل المرتد.

(د) قتل ولاة أمر المسلمين للزنادقة والمرتدين
قتل عبد الملك بن مروان رحمه الله لمعبد الجهني، لأنه أول من تكلم في القدر

قال ابن كثير: (وقد كانت لمعبد عبادة وفيه زهادة.. وقال الحسن البصري: إياكم ومعبداً فإنه ضال مضل.. صلبه عبد الملك بن مروان في سنة ثمانين بدمشق ثم قتله) ، جزاه الله خيراً.

قتل عبد الملك بن مروان للحارث الكذاب

وكانت له علاقة بالشياطين، فأضلته، فقتله عبد الملك بن مروان بدمشق.

قتل الأمير خالد بن عبد الله القسري للجعد بن درهم، لإنكاره لصفتين من صفات الله عز وجل

عن حبيب بن أبي حبيب قال: (خطبنا خالد بن عبد الله القسري بواسط يوم الأضحى فقال: أيها الناس ارجعوا فضحوا تقبل الله منا ومنكم، فإني مضحي بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله تبارك وتعالى لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، سبحانه وتعالى عما يقوله الجعد بن درهم علواً كبيراً؛ ثم نزل فذبحه، وكان ذلك في سنة 124ﻫ ).

قتل أسلم بن أحوز للجهم بن صفوان لإنكاره لصفات الله عز وجل متوهماً تنزيهه بذلك

قـال الذهبي رحمـه الله: (إن أسلم بن أحـوز قتل جهمَ بن صفـوان لإنكاره أن الله كلم موسى) ، وكان ذلك في سنة 128ﻫ .


قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله: (وكان الجعد يسأل وهباً عن صفات الله عز وجل، فقال له وهب يوماً: ويلك يا جعد، أقصر المسألة عن ذلك، إني لأظنك من الهالكين، لو لم يخبرنا الله في كتابه أن له يداً ما قلنا ذلك، وأن له عيناً ما قلنا ذلك، وأن له سمعاً ما قلنا ذلك).


هذه السلسلة الشيطانية الخبيثة: الجهم بن صفوان، عن الجعد بن درهم، عن معبد الجهني، ثمرة خبيثة من ثمار علم الكلام والجدل.

وروى الدارمي عثمان بن سعيد في كتابه "الرد على الجهمية"

(أتى خالد بن عبد الله القسري برجل قد عارض القرآن، فقال: قال الله في كتابه: "إنا أعطيناك الكوثر. فصلِّ لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر"، وقلت أنا: إنا أعطيناك الجماهر، فصل لربك وجاهر، ولا تطع كل سافه وكافر؛ فضرب خالد عنقه، وصلبه، فمرَّ به خلف بن خليفة وهو مصلوب، فضرب بيده على خشبته فقال: إنا أعطيناك العمود، فصل لربك على عود، فأنا ضامن لك ألا تعود).

روى الذهبي بسنده إلى أبي بكر بن عياش

قال: "رأيتُ خالداً القسري حين أتى بالمغيرة بن سعيد وأصحابه، وكان يريهم ـ أي المغيرة ـ أنه يحيي الموتى، فقتل خالد واحداً منهم، ثم قال للمغيرة: أحيه؛ فقال: والله ما أحيي الموتى؛ قال: لتحيينه أولأضربن عنقك؛ ثم أمر بطَنٍّ من قصب فأضرموه، فقال: اعتنقه فأبى؛ فعدا رجل من أتباعه فاعتنقه، قال أبو بكر: فرأيتُ النار تأكله وهو يشير بالسبابة، فقال خالد: هذا والله أحق بالرئاسة منك؛ ثم قتله وقتل أصحابه.


قال الذهبي عن المغيرة هذا: (كان رافضياً، خبيثاً، كذاباً، ساحراً، ادعى النبوة، وفضَّل علياً على الأنبياء، وكان مجسماً، سقت أخباره في "ميزان الاعتدال"


ثم ذكر الذهبي قتل خـالد للجعد بن درهم، ثم قال: (هذه من حسنـاته، هي وقتله مغيرة الكـذاب).


قلتُ: كان خالد القسري شجاعاً كريماً، ولكنه كان رقيق الدين مبيراً كالحجاج بن يوسف، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر"، لأن فجوره لنفسه، وقتله لهذين المرتدين من حسناته التي نسأل الله أن يكفر بها سيئاته.

قتل هشام بن عبد الملك لغيلان القدري لإنكاره القدر، بعد أن تهدده عمر بن عبد العزيز بالقتل من قبل، ولكنه تظاهر بالتوبة.
تتبع الخليفة المهدي العباسي للمرتدين والزنادقة وقتله لهم

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله وهو يؤرخ لعام ست وسبعين ومائة: (وفيها تتبع المهدي جماعة من الزنادقة في سائر الآفاق فاستحضرهم وقتلهم صبراً بين يديه، وكان المتولي أمر الزنادقة عمر الكلواذي).


وقال الذهبي في ترجمة المهدي: (كان جواداً، ممداحاً، معطاءً، محبباً إلى الرعية، قصاباً في الزنادقة، باحثاً عنهم).


وقال ابن الجوزي في كتابه "المنتَظَم في تاريخ الملوك والأمم" وهو يؤرخ لعام سبع وستين بعد المائة: (وفيها جدَّ المهدي في طلب الزنادقة والبحث عنهم في الآفاق وقتلهم، فولى أمرهم عمـر الكلواذيّ، فأخـذ يزيد بن الفيض كاتب المنصور، فأقر فحبس فهرب من الحبس.


ثم روى بسنده قائلاً: اتهم المهدي صالحَ بن عبد القدوس البصري بالزندقة، فأمر بحمله إليه فأحضر.


إلى أن قال: قال ابن ثابت: وقيل إنه بلغه عنه أبيات يعرِّض فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال: ويقال إنه كان مشهوراً بالزندقة، وله مع أبي الهذيل العلاف مناظرات).

قتل الخليفة موسى الهادي العباسي لبعض الزنادقة والمرتدين

روى ابن الجوزي بسنده إلى المطلب بن عكاشة المزني قال: (قدمنا على أمير المؤمنين الهادي شهوداً على رجل منا شتم قريشاً وتخطى إلى ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، فجلس لنا مجلساً أحضر فيه فقهاء أهل زمانه، ومن كان بالحضرة على بابه، وأحضر الرجل وأحضرنا، فشهدنا عليه بما سمعنا منه، فتغير وجه الهادي ثم نكس رأسه ثم رفعه فقال: إني سمعت أبي المهدي يحدث عن أبي المنصور، عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن عباس قال: من أراد هوان قريش أهانه الله، وأنت يا عدو الله لم ترض بأن أردت ذلك من قريش حتى تخطيتَ إلى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، اضربوا عنقه؛ فما برحنا حتى قتل).


وقال ابن الجوزي وهو يؤرخ لسنة تسع وستين ومائة: (وفيها اشتدّ طلب موسى للزنادقة، فقتل منهم جماعة، فكان فيمن قتل كاتب يقطين وابنه علي بن يقطين، وكان علي قد حج فنظر إلى الناس في الطواف يهرولون، فقال: ما أشبههم ببقر يدور في البيدر؛ فقال شاعر:


قـل لأمين الله في خـلقه ****وارث الكعبـة و المنبـر
ماذا ترى في رجل كافـر**** يشبِّه الكعبـة بالبيــدر؟
ويجعل الناس إذا ما سعوا**** حُمْراً يَدُوس البُرَّ والدَّوسر

فقتله موسى ثم صلبه.

يتبع إن شاء الله تعالى....

التعديل الأخير تم بواسطة أبو الشيماء ; 09-02-2012 الساعة 08:36 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.09 كيلو بايت... تم توفير 0.64 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]