عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 01-03-2021, 04:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العقيدة والعبر من قصار السور

العقيدة والعبر من قصار السور
- الكافرون


د. أمير الحداد




















{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} (الكافرون).


- هل تعلم كم سورة من القرآن بدأت بـ(قل)؟

أخذ صاحبي يفكر، لم يحتج وقتا طويلا.

- أربع سور: (الكافرون) و(الإخلاص) و(المعوذتان).

- أحسنت ولكن بقيت واحدة.

سكت هنيهة.

- لا أدري.

- سورة الجن: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن}، فهي خمس سور فقط في القرآن بدأت بـ(قل).

والأمر فيها من الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ويثبت فيها (قل) لبيان أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمره الله أن يقول؛ فالمعنى قال لي ربي (قل...) ولا ينبغي حذف الفعل (قل)، وعندما تبدأ السورة بـ(قل)، فإنها تستوجب الانتباه لما سيأتي.

- دعنا نتحدث عما في هذه السورة من عقيدة.

- أولا هذه السورة هي إحدى سورتي الإخلاص.

والثانية هي: {قل هو الله أحد}، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بهما في ركعتي سنة الفجر، وركعتي الطواف؛ لما فيها من الإخلاص ونفي العبودية.

قاطعني:

- بل نفي العبادة لغير الله أولا ثم إثبات الإخلاص لله وحده مثل قولنا: {لا إله إلا الله}.

- أحسنت.

- لماذا نفى عن المخاطبين عبادة الله: {ؤلا أنتم عابدون ما أعبد}؟ مع أنهم قد يؤمنون ويعبدون الله.

- قد يكون مثل قوله -عز وجل- {تبت يدا أبي لهب وتب}؛ لأن الله قد علم أنه لن يؤمن، ومثل قوله -عز وجل- {ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم..} إلى آخر الآيات؛ لأنه -سبحانه- علم أنهم لن يقبلوا رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن دقة التعبير القرآن أنه خاطب (الكافرين): {قل يا أيها الكافرون}، فمن آمن بعد ذلك فقد خرج من الخطاب، ومن بقي كافرا شمله الخطاب، فالأمر متروك لهم، والقضية العقدية الأخرى هنا ألا مساومة في عبادة الله -سبحانه وتعالى-؛ وذلك أن سبب نزول هذه السورة ما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن قريشا وعدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة، ويزوجوه ما أراد من النساء، ويطؤوا عقبه، فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد، وكف عن شتم آلهتنا، فلا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة، فهي لك ولنا فيها صلاح. قال: ما هي؟ قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى، ونعبد إلهك سنة، قال: حتى أنظر ما يأتي من عند ربي. فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: {قل يا أيها الكافرون} السورة، وأنزل الله: {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون}... إلى قوله: {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين}.
فلا تنازل في توحيد الله، ولا تنازل في محاربة البدع والخرافات، ومن ظن أن المصلحة تقتضي السكوت عن أهل البدع، وإقرار أصحاب الضلال على ضلالهم، لا شك أنه واهم؛ فإن الرسالة لم تأت إلا للتوحيد والاتباع، وهكذا ينبغي على المؤمن دائما أن يكون شديدا في محاربة الشرك، والبدع الشركية، وإن أقرها أكثر الناس ورضي بها غالب المجتمع، فإن الله لا يرضى أن يعبد أحد معه، ولا يرضى أن يعبد بما لم يشرع سبحانه؛ ولذلك كانت هذه السورة إحدى سورتي الإخلاص.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.87 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.40%)]