عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 07-07-2009, 07:07 PM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
افتراضي رد: لا تأذيه فله حق عليك.؟؟؟؟؟؟؟؟

ولمكانة حق الجار، وفضل التواصل معه، فإن علماء المسلمين اهتموا بتفسير الآيات الكريمات التي أوصت به، والأحاديث النبوية التي أبانت منزلته، وتوضيح الجار الذي يلزم المسلم الاهتمام به، ورعاية حقه، كما يرى حق أسرته وأولاده,, ونرى ابن الجوزي رحمه الله يقول في تفسيره، ممّيزاً بين الجار ذي القربى، والجار الجنب، بأن الجار ذا القربى: فيه قولان: الجار الذي بينك وبينه قرابة، أو الجار المسلم، فيكون المعنى: ذي القربى منكم المسلم.
والجار الجنب، قال أبو عليّ: المعني والجار ذي الجنب, فحذف المضاف، وفي الجار ذي الجنب: ثلاثة أقوال: أنه القريب، الذي بينك وبينه قرابة، القول الثاني: أنه جارك عن يمينك وشمالك، وبين يديك وخلفك, والثالث أنه اليهودي والنصراني.
ويرى ابن جرير الطبري في تفسيره: أنه الغريب البعيد، مسلماً كان أو مشركاً، يهودياً كان أو نصرانيا، وقال: إن الجنب في كلام العرب البعيد (زاد المسير 2: 79 80), أما البغويّ فيرى في (الجار ذي الجنب): أنه ذو القرابة، وفي (الجار الجنب) أنه البعيد، الذي ليس بينك وبينه قرابة، واستدل على هذا بحديث أخرجه البخاري في الأدب: باب حق الجوار، في قرب الأبواب، عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيها أهدي؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إلى أقربهما منك باباً).
وبحديث أخرجه مسلم في البرّ والصلة: باب استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء، عن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرنّ من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وإذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، واغرف لجيرانك منها (تفسير البغوي 2: 211), والمعنى إذا طبخت لحماً من باب إطلاق السبب على المسبب,, وما ذلك إلا أن للجار حقاً على جاره، في المشاركة بالسراء والضراء، وفي إطعامه مما يأتي عندك، ولو بمرقة مما تطبخ، لكي تشعره بمكانته واهتمامك به وعدم إيذائه، أو الإساءة اليه، والمحافظة على أهله وأولاده، في حال غيابه,, وتقديم الخدمات لهم، ورعاية شئونهم إذا احتاجوا لذلك، وكف الأذى عنهم من أطفالك أو بهائمك أو سيارته وغير ذلك,, وعدم تعدي الكبير على صغيرهم، أو غمطهم حقاً لهم، حيث قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامة الإيمان، بإبعاد الأذى عن الجار، حيث قال صلى الله عليه وسلم ضمن حديث صحيح: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره),, وقد أوصى أحدهم أولاده وأهل بيته بجيرانه فقال: جارك القريب، منزله من منزل أبيك، هو أقرب الناس إليك بعد أقاربك، فواجب عليك محبّته واحترامه وحسن معاملته، والتودد إليه، كلما سنحت لك الفرصة، وزيارة مريضه، ومواساته في سرائه وضرائه، والقيام بخدمته ما استطعت، ومعاونته عند الضرورة، وحبّ الخير له، وغضّ البصر عن محارمه، ولا تحدّق النظر في نوافذ منزله، ولا تسيئه في ماله، وعرضه، فبذلك تكون عفيفاً شريفاً حسن الخلق، مستقيم الأدب.
وفي أدب المعاملة مع الجار حيث تجلب المودة، وتزداد الصلة والمحبة بين الجيران، يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجال والنساء على حدّ سواء، بنماذج من أعمال بسيطة، ولكنها ذات نفع مع الجار، وتعطي مدلول الألفة، وصفاء النفوس، لأن مثل هذا علامة الإحسان، الذي يحبه الله سبحانه، يقول صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ رضي الله عنه: (يا أبا ذرّ، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك), رواه مسلم, ويقول أبو ذرّ: إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني: (إذا طبخت مرقها، فأكثر ماءها، ثم انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف)، إنها أمور صغيرة ذات أثر كبير وما أحوج الناس الى عملها لتزداد الرابطة والمحبة.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (يا نساء المسلمات لا تحقرّن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة) متفق عليه، وما ذلك إلاّ أن للهدية وقعاً في النفوس، مهما صغرت، بين الجيران خاصة، لأنها تفتح باب المحبة، وتزيل آثار الشرور، فقد روي: (تهادوا تحابّوا), فالهدية تزيل السّخيمة من القلوب، وتؤصّل المحبة والألفة.
ويقول صلى الله عليه وسلم: في إثباتٍ لحق الجار على جاره، وعدم مضايقته أو إغضابه: (لا يمنع جار جاره، أن يغرز خشبة في جداره) وذلك عندما يكون الجدار مشتركاً بينهما، لأن ذلك مما يريحه، ويخفف عنه عبء بناء جدار آخر ملاصق لجدار جاره,, قال أبوهريرة رضي الله عنه، وهو راوي الحديث: مالي أراكم عن هذا معرضين؟ والله لأرمينّ بها بين أكتافكم, متفق عليه، ومراده رضي الله عنه معرضين عن هذه السنّة، والحرص على تطبيقها، وهو حريص على تطبيق سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإحيائها بين الناس.
قال كثير من العلماء: المراد بالجار الذي أمر الله بالاهتمام به وصلته، وحثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رعاية حقه، من يصدق عليه حق الجوار، مع كون داره بعيدة.
وفي ذلك دليل على تعميم الجيران بالإحسان، سواء كانت الدور متقاربة، أو متباعدة، وعلى أن للجوار حرمة مرعيّة يجب الاهتمام بها، ورعايتها لأن المسلم مأمور بذلك, وفيه ردّ على من يظن أن الجار مختص بالملاصق دون من بينه وبينك حائل، أو مختص بالقريب دون البعيد، وقيل المراد بالجار الجنب هنا: هو القريب وقيل هو الأجنبيّ, وقد كان أجدادنا يهتمون بالجار، ويكرمون وفادته، بمجرد سكناه في بلدتهم مهما تباعدت الدور.
وقد اختلف أهل العلم في المقدار الذي يصدق عليه مسمى الجوار، ويثبت لصاحبه الحق الذي أوصى الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد روي عن الأوزاعي، والحسن أنه إلى حدّ أربعين داراً، من كل ناحية، وروي عن الزهري نحوه، وقيل من سمع إقامة الصلاة، وقيل إذا جمعتهما محلّة، وقيل من سمع النداء.
والأولى أن يرجع في معنى الجار، إلى الشرع، فإن وجد فيه ما يقتضي بيانه، وأنه يكون جار إلى حدّ كذا، من الدور أو من مسافة الأرض، كان العمل عليه متعيّناً، وإن لم يوجد رجع إلى معناه لغة أو عرفاً.
وجاء في القاموس: الجار المجاور الذي أجَرتَه من أن يُظلم وقصة أبي دلفٍ مع جاره مشهورة في كتب التراث ويعضدها ما أورده القرطبي في تفسيره من حديث شكّ فيه الشوكاني، مع أنه قد أخرجه الطبراني والسيوطي في الجامع الصغير، وذلك أنه روي بأن رجلاً جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نزلت محلة قوم وإن أقربهم إليّ جواراً أشدّهم لي أذى, فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبابكر وعمر وعلياً، يصيحون على أبواب المساجد ألا إن أربعين داراً جار، ولا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه).
وفي عصرنا الحاضر حيث خف ميزان الجار عند بعض الناس، حتى إنه لا يعرفه ولا يزوره، فما أحوجهم إلى أخذ دروس في معاملة الجار من السنة النبوية، وأعمال سلفنا الصالح، حفظاً ورعاية ومواساة ومشاركة في المطعم والملبس.
محاسن الدهاء
حدث ابن عياش قال: كان الحجاج حسوداً لا تتم له صنيعة، حتى يفسدها، فوجّه عمارة بن تميم اللخمي، الى عبدالرحمن بن الأشعث، فظفر به، وصنع به ما صنع، ورجع إلى الحجاج بالفتح، فلم يرضه ما أحبّ، وكره منافرته وكان عاقلاً رفيقاً، فجعل يترفّق به ويداريه، ويقول: أنت أيها الأمير أشرف العرب، فمن شرّفته شرف، ومن وضعته اتّضع، وما ينكر لك ذلك، مع رفقك ويمنك، ومشورتك، ورأيك، وما كان هذا كله، إلا بصنع الله عز وجل ثم بتدبيرك، وليس أحد أشكر لصنيعك منّي ومن ابن الأشعث,, وما خطره,.
حتى عزم الحجاج على المضيّ إلى عبدالله بن مروان، فأخرج عُمارة معه، فوفد عليه، وعُمارة يؤمئذ على أهل فلسطين أمير، فلم يزل يلطف بالحجاج في مسيره، ويعظّمه حتى قدموا على عبدالملك، فلما قامت الخطباء بين يديه، وأثنت على الحجاج، قام عُمارة فقال: يا أمير المؤمنين سل الحجاج عن طاعتي ومناصحتي، وبلائي، فقال الحجاج: يا أمير المؤمنين، صنع وصنع، ومن بأسه ونجدته وعفافه ومكيدته كذا وكذا هو أيمن الناس نقيّة، وأعلمهم بتدبير وسياسة، ولم يبق غاية في الثناء عليه إلا ذكرها.
فقال عُمارة: أرضيت يا أمير المؤمنين؟, قال: نعم فرضي الله عنك,, حتى قالها ثلاثاً,, في كلها يقول: قد رضيت,.
فقال عُمارة: فلا رضي الله عن الحجاج يا أمير المؤمنين، ولا حفظه ولا عافاه، فهو والله السيىء التدبير الذي قد أفسد عليك أهل العراق, وألّب الناس عليك، وما أُوتيت إلا من قلّة عقله، وضعف رأيه، وقلّة بصره بالسياسة، ولك والله أمثالها إن لم تعزله.
فقال الحجاج: قه يا عُمارة,, فقال: لا قه، ولا كرامة، يا أمير المؤمنين، كل امرأة له طالق، وكل مملوك له حرّ، إن سار تحت راية الحجاج أبداً، فقال عبدالملك: ما عندنا أوسع لك, فلما انصرف عمارة إلى منزله، بعث اليه الحجاج وقال: أنا أعلم أنه ما خرج هذا عنك، الاّ معتبة ولك عندي العتبى، ولك ولك، فأرسل اليه: ما كنت أظن أن عقلك على هذا، أرجع إليك بعد الذي كان من طعني فيك، وقولي لأمير المؤمنين، قلت, لا ولا كرامة لك (المحاسن والمساوىء 1: 213 215).
وكان سراقة البارقي من ظرفاء المدينة، فأسره رجل من أصحاب المختار، فأتى به المختار وقال: أسرتُ هذا فقال: كذبت، ما أسرني إلا رجل عليه ثياب بيض على فرس أبلق، فقال المختار: أما إن الرجل قد عاين الملائكة, خلوا سبيله فأفلت منهم بدهائه وحسن تخلصه (السابق 216).
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.60 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]