عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 29-09-2020, 05:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المعاني التي تطلق عليها السنة

صــ 1إلى صــ9
الحلقة (6)

شرح سنن أبي داود [003]
جمع أبو داود رحمه الله تعالى في سننه أحاديث مشتهرة عند أهل الحديث، وجانب الغريب منها، ولم يلجأ إلى المراسيل إلا إذا لم يجد في الصحاح ما يغني عنها.
تابع رسالة أبي داود إلى أهل مكة لبيان منهجه في السنن
[شهرة أحاديث سنن أبي داود]
قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [والأحاديث التي وضعتها في كتابي السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث، إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس، والفخر بها أنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم].تقدم ذكر جملة مما اشتملت عليه رسالة أبي داود رحمه الله التي فيها وصفه لكتابه السنن،
ثم قال:
[إن الأحاديث التي في سننه مشاهير عند الناس، والمشهور في اصطلاح المحدثين أنه ما روي من أكثر من طريقين ولم يصل إلى حد التواتر، والعزيز: ما روي من طريقين، والغريب: ما جاء من طريق واحد].
والإمام أبو داود رحمه الله يقول: إن الأحاديث أكثرها مشاهير، وإنها عند الناس الذين ألفوا في الحديث، وكون الحديث تتعدد موارده ويوجد عند المحدثين بطرق مختلفة؛ فإن يدل على شهرته، وعلى تعدد المخارج له، وإذا كانت تلك الطرق فيها ضعف يسير يمكن أن يجبر بعضها ببعض، وأن يعضد بعضها بعضا.
[قبول الحديث الغريب إذا كان الراوي ممن يحتمل تفرده]
الحديث الغريب: هو الذي جاء من طريق واحد، ولكن الغريب منه ما هو مقبول، وذلك فيما إذا كان تفرد صاحبه يحتمل، وبعض الأحاديث في الصحيحين وفي غير الصحيحين جاءت من طريق واحد وهي معتبرة عند العلماء ولا يتكلم في ردها أحد، ومنها أول حديث في صحيح البخاري،
وهو حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(إنما الأعمال بالنيات).فإنه ما رواه عمر رضي الله عنه،
ورواه عن عمر:
علقمة بن وقاص الليثي،
ورواه عن علقمة:
محمد بن إبراهيم التيمي،
ورواه عن محمد بن إبراهيم التيمي:
يحيى بن سعيد الأنصاري، ثم كثر رواته عن يحيى بن سعيد، واتسع.وقد اعتبره العلماء.كذلك الحديث الذي ختم به البخاري صحيحه،
وهو حديث أبي هريرة: (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).فإنه ما جاء إلا من طريق أبي هريرة، ثم يرويه عن أبي هريرة أبو زرعة ابن جرير ويرويه عنه واحد بعد واحد، ثم بعد ذلك تتعدد رواته وطرقه، وهو حديث غريب.فأول وآخر حديث في صحيح البخاري حديث غريب ولكن رجالها ثقات، ويحتج بتفرد الواحد منهم، فهي حجة عند العلماء.
رد الحديث الغريب إذا كان في رواته من لا يحتمل تفرده أو كان شاذا
إذا كان الحديث الغريب في رجاله من لا يحتمل تفرده فإنه لا يفيد شيئا، وكذلك إذا جاء شاذا، وذلك بأن يأتي من طريق واحدة مخالفة للطرق الأخرى الصحيحة، فهو صحيح لولم يخالف، لكن الإشكال جاءه من المخالفة للثقات حيث لا يمكن الجمع، ولا يمكن النسخ، ولا يمكن الترجيح.أما إذا أمكن أن يجمع بين الأحاديث، وأن يحمل هذا على شيء وهذا على شيء، فإعمال النصوص أولى من إهمال شيء منها، ولكن إذا لم يمكن إلا أن يرجح بعضها على بعض؛ لأن الراوي روى شيئا خالف فيه الثقات فيصار إلى الترجيح،
وذلك مثل الحديث الذي في صحيح مسلم في قصة صلاة الكسوف:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلاها بثلاث ركوعات.
جاء عن الثقات عند البخاري وغيره:
أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجودان وليس فيها أكثر من سجودين؛ لكن جاء في بعض الروايات في مسلم ثلاثة ركوعات، والقصة واحدة كلها تتحدث عن موت إبراهيم وصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم صلاة الكسوف، فلا يمكن أن يجمع بينها ولا يقال بالنسخ لأن القصة واحدة، ولم يبق إلا الترجيح، وهو أن ترجح رواية الثقات على رواية الثقة الذي خالف الثقات.ولهذا عندما يعرفون الحديث الصحيح،
يقولون:
ما روي بنقل عدد تام الضبط، متصل السند، غير معلل شاذ.فليس مجرد ثقة الرجال واتصال الإسناد كافيا، بل لابد مع ذلك أن يسلم من الشذوذ والعلة، والشذوذ هو مخالفة الثقة للثقات.
بعض العلماء قال: من شرط الصحيح: أن يكون له طريقان فأكثر.ولكن هذا رده أكثر العلماء وأنكروه على من قاله؛ لوجود أحاديث معتبرة وصحيحة جاءت من طريق واحد.
يقول أبو داود رحمه الله:
[الأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس].
أي: أن معرفة الحديث المشهور والحديث الغريب لا يتأتى إلا بجمع الطرق، وأما مجرد أن يقف الإنسان على حديث ولا يفتش عن الشواهد والمتابعات؛ فإن هذا لا يميزه كل أحد ولا يقدر عليه كل أحد، ولا يستطيع أن يحكم على غرابته إلا من عنده اطلاع واستيعاب.

[مذهب أبي داود في الحديث الغريب]
قال: [والفخر بها أنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم].
يعني: أن الإنسان يفتخر بهذا، ويطمئن إلى سلامتها وإلى تعدد طرقها ومصادرها وكونها مشهورة.
أما قوله: (فإنه لا يحتج بالغريب ولو كان من طريق مالك أو يحيى بن سعيد) فلا أدري ما يقصده بقوله بهذا، وهل يرى أن التفرد لا يعتبر ولو كان رجاله ثقات، أو أنه إذا كان من طريقهم ولكن روى عنهم من لا يحتمل تفرده؟ فإذا كان الأمر كذلك فوجود بعض الثقات في الإسناد لا ينفع إذا وجد فيه شخص ضعيف ولم تأت طرق أخرى تقويه وتؤيده، أما إذا كانوا كلهم ثقات وليس فيهم من لا يحتمل تفرده، فإن حديثهم معتبر ومعول عليه، والصحيحان قد اشتملا على ذلك، والعلماء اعتبروا تلك الأحاديث التي جاءت من مثل هذه الطرق صحيحة وثابتة.
قال: [ولو احتج رجل بحديث غريب ودس من يطعن فيه].
أي: بكونه ما جاء إلا من طريق واحد، وليس معروفا عند الناس كلهم،
يعني: أن هناك مجالا للطعن؛ لكن ليس كل حديث غريب يكون فيه مجال كما أسلفت.قال رحمه الله: [ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريبا شاذا].هنا إضافة الشذوذ إلى الغرابة، لكن الشذوذ إذا كان سببه الغرابة فلا إشكال في الحديث؛ لأن مخالفة الثقة للثقات إنما ترد بها رواية الثقة حيث لا يمكن الجمع بين رواية الثقات ولا معرفة الناسخ والمنسوخ.فإذا كانت القضية ليس فيها إلا الترجيح؛ فإن الحديث يكون شاذا ولو كان إسناده صحيحا، ولا يعول على ذلك الشاذ بل يعول على المحفوظ الذي هو في مقابلة الشاذ.
قال: [فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أن يرده عليك أحد].الحديث المشهور التي تعددت مخارجه، وهو متصل لا انقطاع فيه، ليس يقدر أحد على أن يرده.
ولعل هذا يوضح أن مراد أبي داود فيما تقدم من ذكر يحيى بن سعيد ومالك وروايتهم الحديث الغريب: أنه إذا كان في الإسناد من يقدح فيه من أجله، أما حيث يوجد الإسناد المتصل المشهور الذي تعددت مصادره ومخارجه فليس يقدر أحد أن يرده.
[كراهة بعض العلماء للحديث الغريب]
قال رحمه الله: [وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون الغريب من الحديث].(كانوا) أي: العلماء (يكرهون الغريب من الحديث)،
يعني:
الذي لا يعرف إلا من طريق واحد، ويفضلون الذي جاء من طرق متعددة؛ لأن الحديث إذا تعددت طرقه كان ذلك أقرب إلى سلامته من أن يكون فيه وهن أو خطأ.
الملقي: [وقال يزيد بن أبي حبيب: إذا سمعت الحديث فانشده كما تنشد الضالة؛ فإن عرف وإلا فدعه].
معناه:
أن الإنسان يبحث عنه ويذكره، ويبحث عن شيء يساعده ويؤيده.
[الإرسال والتدليس في سنن أبي داود]
قال رحمه الله:
[وإن من الأحاديث في كتابي السنن ما ليس بمتصل وهو مرسل ومدلس، وهو إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل، وهو مثل الحسن عن جابر، والحسن عن أبي هريرة، والحسن عن مقسم، وسماع الحكم من مقسم أربعة أحاديث].
[الفرق بين المرسل والمدلس]
ذكر أبو داود رحمه الله بأن كتابه مشتمل على المرسل والمدلس،
وقد سبق ذكر أن المرسل عند العلماء يطلق إطلاقين:
إطلاقا خاصا وإطلاقا عاما.
والإطلاق الخاص: هو قول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وهذا هو المشهور عند المحدثين.
ويطلق إطلاقا أعم منه:
وهو رواية الراوي عن شخص لم يدرك عصره، أو أدرك عصره ولم يسمع منه.وروايته عمن لم يدرك عصره يسمونه المرسل الجلي لأنه واضح، فإن كان عاصر ذلك الشخص الذي أضاف إليه الحديث ولكنه لم يلقه؛ فإن هذا يسمونه المرسل الخفي؛ لأنه لا يتفطن له، إذ مع المعاصرة يظن اللقاء.
والمدلس: هو رواية التلميذ عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم للسماع كعن أو قال، والرواية بهذه الطريقة تسمى تدليسا؛ لأن فيها إيهاما بالاتصال، والواقع أنه لا اتصال.
ولهذا يقولون في الحديث إذا جاء من طريق فيها صيغة تحتمل التدليس كـ: (عن أو قال): يرتفع التدليس إذا صرح التلميذ عن شيخه بالتحديث في موضع آخر بأن قال: حدثني،
أو قال:
أخبرني،
أو قال:
سمعت فلانا.والمدلس يذكره بعض المحدثين في أسانيدهم حيث لا يوجد غيره، وقد يصل إلى شخص بإسناد فيه تدليس، ثم يصل إلى شخص آخر بإسناد عند محدث آخر فيه التصريح بالسماع أو التحديث، وعند ذلك لا يضر التدليس في بعض الطرق؛ لأنه لزوال الاحتمال بوجوده من طريق آخر.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.69%)]