عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-02-2020, 04:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سل الهندي على تعسف من ضعف أحاديث المهدي

سل الهندي على تعسف من ضعف أحاديث المهدي
الشيخ أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين





نظرة إلى بعض الأحاديث التي ناقشها عداب







الحديث الأول: حديث أبي سعيد[13]:



قال الحاكِم - رحمه الله - (4/557-558): أخبرني أبو العبَّاس محمَّد بن أحمد المحبوبي بمرْو، وثَنا سعيد بن مسعود، ثَنا النَّضرُ بن شُميل، ثنا سليمان بن عُبيد، ثنا أبو الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يخرُج في آخِر أمتي المهدي، يَسقيه الله الغيث، وتُخرِج الأرض نباتَها، ويُعطى المال صحاحًا، وتَكثُر الماشية، وتعظُم الأمَّة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا؛ يعني: حججًا)).







هذا الحديثُ أوْرَده الشيخ عبدالعليم البستوي[14]مِن رواية الحاكم، وقال: "قال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرِّجاه"، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: "هذا سند صحيح، رجاله ثِقات".







فاعترض عداب عليه بما حاصلُه أنَّ الإسناد مدارُه علي أبى الصديق الناجي، وهو ممَّن لا يَعدو كونه يصلُح في المتابعات والشواهد[15]، مع أنَّه ذكَر توثيقَ ابنِ معين، وأبي زُرعة الرازي، وقول ابن حبَّان: "مِن حفَّاظ البصرة"، وترَك توثيق النسائي، ثم قال: "قال الحافظ في "مقدمة الفتح": تكلَّم فيه ابنُ سعْد بلا حجَّة"، ثم قال: "كل هذا الكلام صحيح، قاله أصحابُه، لكن ابن سعد قال: يتكلَّمون في أحاديثه ويستنكرونها، وأخرج العقيلي من طريق أبي الوليد بن أبي الجارود عنِ ابن مَعين قوله: "زيد العَمِّي وأبو الصديق الناجي يُكتب حديثهما، وهما ضعيفان".







فإذا وجد مِثل هذا الكلام في راوٍ مهما كان حافظًا وجَب اختبار حديثه.







والخُطوة الأولى في عَمليةِ الاختبار هي النظر في كيفية تخريجِ أصحاب الصحاح له.







وبالرُّجوع إلى الإمام البخاري وجدْناه خرَّج لأبي الصديق الناجي حديث توبة القاتل من بني إسرائيل (رقم: 3282).







قال الحافظ في "الفتح": "ليس له عند البخاري إلا هذا الحديث".







وأخْرَج له مسلم هذا الحديث نفْسه (رقم: 2766)، وحديثًا آخَر في مقدار قِراءة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في صلاةِ الظُّهر، ولم يصحِّح له الترمذيُّ حديثًا واحدًا، وإنَّما حسَّن له أربعةَ أحاديث لجميعها متابعات أو شواهِد، فتنظر: (1046، 1442، 2232، 2563)، وفي الثلاثة الأُول منها يقول الترمذي: "رُوي مِن غير وجه عن الصحابي"، وفى الأخير قال: "ورُوي مثله عن أبي رزين العقيلي".







وقول ابن حبان: "مِن حفَّاظ أهل البصرة" عجيب، وهو لم يروِ له في صحيحه إلاَّ بضعة أحاديث!







فمِن وراء عملية التطبيق العملي الواقعي رأَيْنا البخاري ومسلمًا خرَّجا له حديثًا في الترغيب في التوبة، وخرَّج له مسلم حديثًا آخَر في قدْر قراءة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في صلاةِ الظهر، وعدَّه الترمذي ممَّن يحسن له في المتابعات والشواهد، فهل هذا التطبيقُ العملي إلا صدًى لقول ابن معين: "يُكتب حديثُه وهو ضعيف







إنَّ الذي يُخرِّج أحاديث في عقيدة تَبني عليها الأمَّة آمالها لا يجوز أن يتعامَل مع رُواة تلك الأحاديث كما يتعامل مع رُواة الرغائب والمناقِب والفضائل، بل يجب عليه أن يعي ذلك بعيدًا عن الترقيع، فأبو الصديق الناجي حديثه حسَن في المتابعات، إذا خلا مِن المغامز، ولم ينفردْ، وها هنا قد انفرد[16]" انتهى كلامه.







وقد سقتُه مع طولِه لخطورته، وليقفَ إخواننا القرَّاء على طريقة هؤلاء المجتهدين المعاصِرين في هدْم ما قرَّره علماؤنا، فهم منقطِعو النَّسَب والأصل، أصحاب القواعِد والأصول الجديدة، وليقف أهلُ العلم وطلاَّبه على مدَى عِلمهم وأمانتهم.







إنَّ عدابًا بنَى تضعيفه لأبي الصديق الناجي على أمرين:



الأول: ما أخَذه مِن أحكام الترمذي على أحاديث لأبي الصديق؛ فخلص بحُكم للترمذي على الراوي، وهذه الخُلاصة مِن كيسه، وليستْ مِن تقرير الترمذي - رحمه الله - وليتَه حين استخلص ذلك مِن صنيع الترمذي كان أمينًا، وللتحقُّق مِن ذلك سأعرِض الأحاديث التي ذكرَها من عند الترمذي لأبي الصديق:



الحديث الأوَّل رقم (1046): قال الترمذي - رحمه الله -: حدَّثَنا أبو سعيد الأشج، حدَّثَنا أبو خالد الأحمر، حدَّثَنا الحجَّاج عن نافِع عن ابنِ عمرَ، فذكَر حديثًا مرفوعًا، ثم قال: "هذا حديثٌ حسنٌ غريب مِن هذا الوجه".







فليتأمَّل القارئ قول الترمذي - رحمه الله -: "مِن هذا الوجه" يعني حُكمه على هذا الإسناد السابِق الذي ليس لأبي الصديق الناجي فيه ذِكْر، فأين الحُكم على إسناد حديث أبي الصديق بالحسن؟[17]!







ثم قال الترمذي: "وقد رُوي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابنِ عُمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ورواه أبو الصديق الناجي عنِ ابن عمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -"، فتبيَّن بذلك أنَّ أبا الصديق لا صِلةَ له بهذا الحُكم، فهل خفي ذلك على عداب؟!







الحديث الثاني: رقم (1442)، قال الترمذي - رحمه الله -: حدَّثَنا سفيان بن وكيع، قال: حدَّثَنا أبي عن مِسعر عن زيدٍ العَمِّي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخُدري أنَّ رَسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ضرَب الحدَّ بنعلين أربعين، قال مِسعر: أظنُّه في الخمر.







قال الترمذي: "وفي الباب عن عليٍّ، وعبدالرحمن بن أزهر، وأبي هريرة، والسائب، وابن عباس، وعقبة بن الحارث".







وقال: "حديث أبي سعيدٍ حديثٌ حسن" اهـ.







قلت: فليس فيه رُوي من غير وجه عن أبي سعيد كما ادَّعَى عداب، فهل وَهِم أم كذَب؟ حسابه على الله.







وأمَّا تحسينُ الترمذي، فإنَّ لمتن الحديث الشواهدَ التي ذكرها، فبعض هذه الشواهِد في الصحيحين، فلمَ لَمْ يصحِّحه بها؟!








وأمَّا الإسناد المذكور؛ فإنَّ الترمذي لم يضعِّفْه كما زعَم عداب، وكذلك ما أظنُّه يجهل أنَّ التضعيفَ بزَيْد العمِّى أوْلى مِن التضعيف بأبي الصديق، فإنَّ هذا ممَّا لا يشكُّ فيه مَن له أدْنَى معرفةٍ بعِلم الحديث؛ ولذلك فقَدْ ضعَّفه الحافظان الذهبي وابن حجر، حتى قال ابن عديٍّ: "لعلَّ شُعبة لم يروِ عن أضعف منه"؛ ولذا فتضعيف عداب الإسناد بأبي الصديق، وترْكه لزيد مِن الخيانة العلميَّة، والله المستعان.







والحديث الثالث: رقم (2232)، من طريق: زيد العمِّي عن أبي الصديق، فيُقال فيه ما قيل في الذي قبله.







والحديث الرابع: (2563)، قال الترمذي - رحمه الله -: حدَّثَنا بُندار، حَدَّثَنا معاذ بن هشام، حدَّثَنا أبي، عن عامر الأحول، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمِن إذا اشتهَى الولَد في الجنَّة كان حملُه ووضعُه وسنه في ساعةٍ كما يَشتهي)).







قال الترمذي: "هذا حديثٌ حسنٌ غريب".







قلت: عامر الأحول، وهو ابن عبدالواحد ضعَّفه أحمدُ بن حنبل، وقال النسائي: "ليس بالقوي"، ووهَّاه حُمَيد بن الأسود، ووثَّقه أبو حاتم، وقال ابنُ معين: "ليس به بأس"، وقال ابن عدي: "لا أرَى برواياته بأسًا"، وقال الساجي: "يُحتمل لصدقه، وهو صدوق"، وذَكَره العقيلي في الضعفاء، وخلص الحافظُ ابن حجر مِن ذلك بقوله: "صَدوق يُخطِئ" فلا يشكُّ حديثيٌّ في ترجيح أبي الصديق عليه بمراحل، فكان الأَولى بعداب ذِكْر سبب تحسين الترمذي للإسناد، وأنَّه مِن أجل عامر، وليس مِن أجل أبي الصديق، وبذلك يظهر بطلانُ اعتماده في حُكمه على صنيع الترمذي، ثم هبْ أنَّ الترمذي يرَى ما نسبه إليه عداب، وهو أنَّ حديث أبي الصديق يصلح في الشواهِد والمتابعات، فهو معارَض بتصحيح البخاري ومسلم حديثَه وإخراجهما له في الصحيح، والبصير يُميِّز أي القولين يُقدّم؟








هذا مع كون الترمذي بريئًا ممَّا ألْصقه به عداب.







الأمر الثاني الذي ضعَّف عداب أبا الصديق بسببه، هو ما ذَكَره مِن كون العقيلي أخْرج من طريق أبي الوليد بن أبي الجارود عن ابنِ معين قوله: "زيد العمِّي وأبو الصديق الناجي يُكتَب حديثهما، وهما ضعيفان".







قلت: قال العقيلي - رحمه الله - (2/74): حدَّثَني جعفرُ بن أحمد قال: حدَّثَنا محمَّد بن إدريس، عن كتاب أبي الوليد بن أبي الجارود... فذكره.







فهذه وجادةٌ لأبي حاتم - رحمه الله - مِن كتاب أبي الوليد هذا، وأبو الوليد لمْ أقِفْ له على ترجمة.







وعلى أي حال؛ فالوجادة مِن أضعفِ طُرق التحمُّل، فأين هذا مما أورده ابنُ أبي حاتم حيث قال في "الجرح والتعديل" (2/390): "أخبرَنا ابنُ أبي خيثمة فيما كتب إليَّ قال: سألتُ يحيى بن معين عن أبي الصديق الناجي فقال: "بصري ثقة".







فلو كان الإسناد الأوَّل عندَ أبي حاتم لكان أوْلى الناس بروايتِه ابنه، فإنَّه لم يوردْ في ترجمة أبي الصديق عن ابنِ معين غيرَ التوثيق، ثم لو كان هذا الإسناد مقبولاً عندَ العقيلي فلِمَ لمْ يوردْ أبا الصديق في "الضعفاء" مع تشدُّده وجرْحه بما دون هذا، بل قد ذَكَر في كتابه بعضَ الكِبار، مِثل علي بن المديني.







ثم هبْ أنَّ الرِّواية صحَّتْ عن ابن معين، فيكون عنه رِوايتان إحداهما بالتوثيق، والأُخْرى بالتضعيف، فأقول: أليستِ التي بالتوثيق هي الأَوْلى بالقَبول؛ لأنَّها الموافِقة لغيره مِن الأئمَّة، فقد وثَّقه أبو زُرعة والنسائي وابن حبان، وأخْرَج له البخاري ومسلم، وارتضَى ذلك إمامَا المحدِّثين في عصرهما الذهبي وابن حجر، وأمَّا كلام ابن سعْد فهو جرحٌ غيرُ مُفسَّر، وقدْ أحسن عداب حيث لم يعتمدْه.







وأقول: الرجل قدْ جاز القنطرة، فاتَّقِ الله يا عداب، ولا تسلُكْ مسلكَ الكوثري في طعْنه في الرُّواة الثِّقات لحاجة في نفْسه، والله المستعان.







الراوي الثاني في الإسناد: سليمان بن عبيد السُّلمي البصري:



قال عداب: "قال البخاري: يروي عن أبي الصديق، سمِع منه يحيى القطَّان، وخالد بن الحارث، وزاد له ابنُ أبي حاتم راويًا ثالثًا، وهو النضْر بن شُميل، ونقل عن ابن معين قوله فيه: ثِقة، وعن أبي حاتم: صدوق، وقال ابن شاهين: ثقة".







ثم قال عداب: "مقتضى ظواهر القواعِد الحديثيَّة أنَّ الرجل معروف العين، روَى عنه ثلاثةٌ مِن الحفَّاظ، ولم يُجرحْ، ووثَّقه حافظان، وقال أبو حاتم المتشدِّد: صدوق، فأقل أحواله أنَّه محتج به في مرتبة صدوق، وحديثه حسن لذاته.







وهذا الذي مشَى الشيخُ الألباني عليه[18]، وتبعه أخونا البستوي، وظاهره قوَّة ما استند إليه" اهـ.







قال أبو عبدالله أحمد: فهل يتصوَّر أحدٌ له أدنى معرفة بالحديث وعلومه، أنَّ عدابًا يفلت مِن كلامه السابِق ويضعِّف سليمان؟!







أقول: الواقِع أنَّه انسلَّ منه، وخرَج علينا بالحُكم على سليمان بن عُبَيد بالجهالة، وحتى لا يتسرَّب الشك لأحدٍ في النتيجة التي ذكرتها عن عداب، سأذكُر كلامه بنصِّه حيث قال (ص: 333):



"وبناءً على فِقه الجرْح والتعديل، فالرجل مجهولُ الحال، بقطْع النظر عن كلِّ ما نقل في توثيقه؛ لأنَّ توثيقهم ليس له مستندٌ مِن سبر الرِّوايات"، انتهى كلامه.







أقول: قاتَل الله هذا الفِقهَ الذي هو الغباء بعينه، فقد أقرَّ عداب أنَّ ظواهر القواعِد الحديثيَّة تقضي بتوثيق الرجل، وأمَّا بواطن القواعد الحديثيَّة التي اختصَّ نفْسَه بها دون ابنِ معين وأبي حاتم وابن شاهين، فإنَّها تقضي بأنَّ الرجل مجهول[19].







فهل مِثل هذا الكلام يستحقُّ أن يناقش؟!








قاتَل الله الغرور، وحتى لا يبقَى عند أحدٍ شك في أنَّ الرجل أصابه الغرورُ بعمى في بصيرته، سأنقُل بعضَ كلامه في مناقشته لأهل العِلم:



قال عداب (ص: 330): "ابن معين تلميذُ يحيى القطَّان، ويبدو أنَّ يحيى القطان يعرف مِن دِينه ما جعَله يُثنى عليه عندَ ابن معين، ولم يُنقل فيه جرْح، وروايته هذه يعدُّها ابن معين وأبو حاتم وابن شاهين وكثيرون غيرهم ممَّا تشهد له أحاديثُ الباب، فهو إذًا قد وافق الثِّقات في روايته، وعلى هذا بنَوا توثيقَه وصدقه".اهـ.







هكذا يردُّ كلامَ أهلَ العلمِ بالحدسِ والتخمين بقوله (يبدو)، وإنَّ الظن لا يُغني من الحقِّ شيئًا، إنَّ هؤلاء لو تركوا وما يُريدون لهدَموا عِلم الحديث جملةً، بل والعلوم كلها، فلا بدَّ لهؤلاء مِن وقفة مِن الغيورين على دِين الله - عزَّ وجلَّ.







وأمَّا قوله: "فهذه حالُ أبي الصديق الناجي، وتلك حال كلٍّ مِن الراويين[20] عنه، ولا يقال: أحدهما تابع الآخَر ها هنا؛ لأنَّنا لا نَدري عن ثبوت لقائِهما أبا الصديق بسببِ جهالتنا بحاليهما، فربَّما أحدهما سرَق الحديث مِن الآخر توهمًا".







أقول: قاتَل الله الهوى والغرور، لقد وصلتْ بحال مَن وثَّقه ثلاثة من أئمة الجرْح والتعديل إلى حال مَن يسرق الحديث، فأيُّ شيء يبقَى لنا؟!







وأمَّا ما ذكره عن الشيخ الأرناؤوط مِن تضعيفه للحديث "المسند"رقم (11326)، فإنَّما ضعَّفه مِن قِبل معلَّى بن زياد، وليس مِن الطريق الأولى؛ مع أنَّ الأرناؤوط يرَى أنَّ العلاء مجهول الحال فقط - يعني: أنَّه يصلُح في الشواهد والمتابعات.







الحديث الثاني[21]:



قال الحاكم - رحمه الله -: حدَّثَنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب، ثَنَا الحسن بن علي بن عفَّان العامري، ثَنَا عمرو بن محمد العنقزي، ثَنَا يونس ابن أبي إسحاق، أخبرني عمَّار الدهني عن أبي الطفيل[22] عن محمَّد بن الحنفيَّة قال: كنَّا عندَ علي - رضي الله عنه - فسأله رجلٌ عن المهدي، فقال علي - رضي الله عنه -: هيهاتَ! ثم عقَد بيده سبعًا، فقال: ذاك يَخرُج في آخِرَ الزمان إذا قال الرجلُ: الله الله قُتِل، فيجمع الله تعالى له قومًا قزعًا كقزع السَّحاب، يؤلِّف الله بيْن قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحَد، ولا يَفْرحون بأحد، يدخُل فيهم على عدَّة أصحاب بدر، لم يسبقْهم الأوَّلون، ولا يُدركهم الآخِرون، وعلى عددِ أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، قال أبو الطُّفَيل: قال ابنُ الحنفيَّة: أتريده؟ قلت: نعم، قال: إنَّه يخرُج مِن بين هذين الخشبتين، قلت: لا جرَمَ والله لا أريمهما حتى أموت، فمات بها؛ يعني: قلة - حرَسها الله تعالى.







قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح على شرْط الشيخين، ولم يخرجاه.







وأقول: تلخَّص طعْنُ عداب في هذا الأثر في رَاويين اثنين:



أحدهما: يُونس بن أبي إسحاق السَّبِيعي.



الثاني: عمَّار بن معاوية الدهني.







فأمَّا يونس؛ فقد انتهى عداب إلى قوله فيه: "إنَّ مفاريد يونس ابن أبي إسحاقَ يجب أن يتوقَّف فيها، وهذا منها؛ لأنَّني ما رأيت موضعَ خلاف رجَّح فيه الدارقطني رِواية يونس على غيره مِن أقرانه" اهـ.







وأقول: بالقريبِ كنتَ إمامًا نقَّادًا، فرددتَ توثيق ابن معين وأبي حاتم وابن شاهين بمحضِ قولك، والآن صِرتَ مقلدًا للدارقطني، وليتَك أحسنتَ تقليده، فإنَّ ترجيح الدارقطني لغيره عليه لا يَعني تضعيفَه له، وإنَّما يعني أنه محتجٌّ به، وغيره أوثق منه، والذي عبَّر عنه الذهبي في "الميزان"بقوله: حين نقَل عن ابن حزم قوله: "ضعَّفه يحيى القطان وأحمد بن حنبل جدًّا"، فقال الذهبي: "بل هو صدوق، ما به بأس، ما هو في قوَّة مِسْعر وشُعبة".







وأمَّا ما ذكَره من مخالفة يونس عند مسلِم فغلطٌ منه، فهو متابعٌ فيها لا مُخالِف[23]، فهل يلزم عداب وأمثاله حدودَهم؟!







نرجو لهم ذلك.







الثاني: عمار الدهني، قال عداب: "عمَّار الدهني، كما يلاحظ مِن كلام العلماء شيعي ثِقة، لكن جميع أصحاب الصِّحاح لم يخرجوا له في بابٍ انفرد به، وإنَّما خرَّجوا له ما كان له في حديثه متابع أو وُجِد له شاهد، وجملة رِواياته في الصحاح الأربعة، والسنن الثماني، ومسند أحمد، لا تصِل إلى خمسةَ عشرَ حديثًا، فتأمَّل" اهـ.







فأقول: فكان ماذا؟ هل مِن شرْط الثِّقة أن يخرج له أصحابُ الصحيح؟ هذا لا يقوله حديثي، هذا مع أنَّ مسلمًا أخرج له حديثًا في "الأصول" برقم (1358)، وكون حديثِه في الكتب المذكورة بلغَ خمسةَ عشرَ حديثًا لا يرد توثيقه كما هو معلوم عندَ أهل هذا الشأن، وليس بسببٍ لغمْزه كما يَرْمي إلى ذلك عداب، فتضعيفه الأثَرَ لا وجه له، بل هو مِن تعنُّته المردود، والله المستعان.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.59 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.24%)]