عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-10-2019, 09:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي السنة ينسخ بعضها بعضًا

السنة ينسخ بعضها بعضًا



د. زكريا شعبان الكبيسي


عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ، فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا))[1].



عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا))[2].



بيان غريب الحديث:

((النَّبِيذِ)): معروف، وهو ما يعمل من الأشربة من التمر، والزبيب، والعسل، والحنطة، والشعير وغير ذلك.

((الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ)): أي نكاح المتعة.



أهم ما يستفاد من الحديثين:

فيها دلالة على أنَّ الحديث ينسخ بعضه بعضًا، قال التابعي الجليل أبو العلاء بن الشِّخير (108هـ): (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ حديثه بعضه بعضًا، كما ينسخ القرآن بعضه بعضًا)[3]؛ قال الإمام النووي (ت 676هـ) رحمه الله: (وقول أبي العلاء: (أنَّ السنة تنسخ السنة) هذا صحيح؛ قال العلماء: نسخ السنة بالسنة يقع على أربعة أوجه: أحدها نسخ السنة المتواترة بالمتواترة، والثاني نسخ خبر الواحد بمثله، والثالث نسخ الآحاد بالمتواترة، والرابع نسخ المتواتر بالآحاد، فأمَّا الثلاثة الأول، فهي جائزة بلا خلاف، وأما الرابع فلا يجوز عند الجماهير، وقال بعض أهل الظاهر: يجوز، والله أعلم)[4].



أنَّ النسخ يثبت بتصريح النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بذلك، وكذلك من قرائن النسخ معرفة التأريخ في الأخبار المتعارضة؛ لأنَّ سنة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وحي من الله لا يضرب بعضها بعضًا، وكذلك من قرائن النسخ تصريح الصحابي بأن الحديث منسوخ، وليس هذا مجال بسط المسألة.



في الحديث دلالة على حجية السنة واستقلالها في التشريع في كثير من الأحكام؛ وذلك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هو الذي نهى عن زيارة القبور أولًا، ثم ندب إليها آخرًا، وليس شيء من ذلك في كتاب الله جل وعلا بخصوص هذه المسألة، ولكن الله أمر بطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم، فكان حكمه عين حكم الله، وقد تقدم معنا تأصيل ذلك، وفيما تقدم ذكره حجة كافية لمن كان له عقل، وأما من أسكر عقله بالشبهات، وغرق فيها، فكيف يفهم الكلام؟! والله تعالى المستعان.



وقوله: ((وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)): فيه نسبة حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله جل وعلا؛ لأنَّ النَّبيَّ نسب تحريمه إلى حكم الله جل وعلا، ولو تأملنا القرآن لما وجدنا فيه تحريم نكاح المتعة، وإنما التحريم جاء في السنة فقط، فدل ذلك على أنَّ حكم رسول الله هو عين حكم الله جل وعلا، وأنَّ السنة وحيٌ من الله سبحانه وتعالى.






[1] أخرجه مسلم (977).





[2] أخرج قوله مسلم (82).




[3] شرح النووي 4 /37.




[4] شرح النووي على مسلم 4 /37.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.50%)]