عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-08-2020, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي لماذا علي أن أفعل ذلك؟

لماذا علي أن أفعل ذلك؟


أمل عبدالله







ذكر المسيري في كتابه الذي تحدث فيه عن رحلته الفكرية: "رحلتي الفكرية: في البذور، والجذور، والثمار" عن المجتمع الأمريكي الذي خالطه أثناء رحلته الدراسية، وتحدَّث عن المجتمع التعاقدي، كما أسماه؛ أي: النفعي البرجماتي، الذي لا يفعل شيئًا إلا ما يعود عليه بمصلحة، بخلاف مجتمعاتنا التراحمية، التي تقدِّم الخير والعطاء دون انتظار مقابل مادي.

من جملة المواقف التي ذكرها، عندما شعرت أخته بالعطش، وطلبت الماء من إحدى الجارات؛ كانت إجابتها الغربية -التي لم تستطع فهمَه المرأة الريفية-: لماذا عليَّ أن أفعل ذلك؟ أي: هل أنا مُلْزَمة بإحضار الماء؟ وما المقابل الذي سأحصل عليه إن فعلتُ ذلك؟

أقول: للأسف الشديد تأثَّر بعض المسلمين بالبرجماتية الغربية، وأصيبوا بالعَدْوَى، ومن المؤسف أن يكونوا من أصحاب الوجاهة العلمية، والأقلام الفكرية؛ حيث أصبحوا لا يهتمون إلا بمصالحهم الشخصية وما يعود عليهم بالنفع فقط، دون اهتمام بقضايا أمتهم - وهم قلة والحمد لله - ولا أريد أن أكون متشائمة، لكن مَرَرتُ بتجاربَ مؤلِمةٍ في هذا الجانب؛ أذكر موقفًا حصل معي أيام الدراسة، صدمني كثيرًا، غيَّر عَلاقاتي، ومازلت أجاهد للتخلص من آثاره الجانبية: ففي أحد الامتحانات، واصلت الليل والنهار بالمذاكرة، وانقطعت عن الحياة، ولم أتناول في ليلة الامتحان طعامًا، ولا هنئت بنوم؛ فكنت قلقة كثيرًا، فذهبت في الصباح للجامعة، ودخلت القاعة أَرتَجِف من شدَّة القلق، أمسكت الورقة ونظرت للأسئلة نظرة سريعة، وجدت الأسئلة سهلة والحمد لله، وبدأت أدوِّن الإجابات على ورقة الإجابة، وعندما انتهى الوقت المحدَّد كنت قد انتهيت؛ فهَمَمت بتسليم الورقة، ولكن تفاجأت عندما نظرت في ورقة الأسئلة، فاكتشفت أني نسيت سؤالاً، حاولت أن أُجِيب بسرعة، لكن المراقِبة لم تُمهِلنِي ولو عشرَ دقائق، شرحتُ لها الأمر، قالت: وما الذي يلزمني أن أمنحك الوقت الإضافي؟ أنا غير مسؤولة عن عدم انتباهك، صدمني الموقف خصوصًا أننا نعيش في مجتمع تراحمي متمسِّك بدينه، تجمعنا أُخُوَّة، يرحم بعضنا بعضًا، ويعذر بعضنا بعضًا، لكن للأسف انتقلت إلينا العَدْوَى من الغرب، فأصبحت نظرتنا للأمور نظرة مادية، لن أقدِّم شيئًا ما لم أضمن العودة عليَّ بفائدة مادية.

للأسف حتى في العَلاقة بين الأرحام، حتى الهدايا التي تقدَّم في الأفراح والمناسبات، فإذا قدِّمت لي هدية لابد أن أقدِّر ثمنها؛ حتى أردَّ لهم ذلك في المناسبات، حتى إني سَمِعت إحدى النساء تقول: إذا استلمت أي هدية من قريباتي أو زميلاتي، لابد أن أذهب بها إلى إحدى المحلات التجارية، وأقدِّر ثمنها.


وهذا - كما ذكرتُ - يتَّضح كثيرًا في المجتمع النِّسائي، للأسف الشديد أن تتحوَّل الهدية من تعبير للحب والتقدير، إلى التفكير في الثمن والمغالاة التي تُثقِل الظهور، خصوصًا في عصر الغلاء.

أرجو وأتمنَّى أن يتخلَّص المجتمع من الإغراق في المادِّيَّات إلى التفكير في الأمور المعنوية، وألاَّ يؤثِّر فينا بريق الحضارة الغربية، وأن نتمسَّك بتعاليم ديننا الحنيف.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.61 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.64%)]