عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 03-05-2020, 11:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,014
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

هل ستغلبه أم سيغلبك؟




د. خالد بن سعود الحليبي







لا تزال نداوة رمضان ترطِّب القلوبَ المؤمنة, ولا يزال أريج العبادة فيه ينعش الأرواح الصائمة, ولا تزال نفحاته العطِرة تبعث الهمم العالية لمواصلة المسيرة الخيِّرة في اغتنام أوقاته؛ لاجتناء الطيبات من الأعمال والأقوال.



رمضان شهر يعود فيه الإنسانُ إلى أطيب عناصره وأرقاها، وهو الروح, فيزكِّيها ويلبي رغباتها، حتَّى يشفَّ عن إيمان رفيعٍ يستجيب معه لأوامر الله طائعًا مُختارًا، راغبًا في المزيد، مُستمْتعًا بالعبادة ولذائذها، ويعيش الجسد فيه حالةً من التَّراجُع في البحث عن مُشتهياته؛ فالهمُّ الأوَّل لِلمُسلم في هذا الشهر هو الحصول على هدفِ التَّشريع الإلهي للصوم في مثل قول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، والتقوى شرط القبول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].



وهل يَحصل الإنسان على شيء قيِّم إلا بثمنٍ مماثِل, ولذلك كان على استعداد تام للتضحية بكل ثمين يمكن أن يقدَّم لله تعالى؛ من أجل القبول، هذا الذي ركب في الصالحين الهمَّ بعد العمل {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60]، هذا الشعور يجعل النفس تتحرَّر من كثير من قيودها التي ترهقها، وهي مشدودة إلى الدنيا أكثر من الآخرة خلال ممارسات الحياة المعاصرة وتعقيداتها؛ ولذلك فإنَّها تستريح في رمضان، وتستجيب إلى كثيرٍ من نِداءات الخير - التي كانتْ مشغولةً عنها في غيره - ملبِّيةً مُشتاقة، وهنا فرصة أخذها بما كانت تأباه من السلوكيَّات الحسنة، والأخذ بزمامها عن الممارسات الخاطئة.



ولعلَّ من أبرز الأمراض العصيَّة التي انهار أمام سُلْطانِها كثيرون، هي عادة التَّدخين، فعلى الرغم من أن المدخن أعلم الناس بمضارِّ التدخين؛ لما يراه من أثره على نفسه وصحته، وماله وعياله ومجتمعه، حتَّى إنَّك لو طلبت منه أن يسردها عليك لسدَّ عليك الأفق، ولكنه لا يملك الإرادة الكافية للإقلاع عنه، يمنعه من ذلك وهمٌ غرير بأنه أصبح يَجري في دمه، ولا يمكن أن يستغني عنه، وأنَّه أصبح جزءًا من شخصيته، وأنَّه...



والواقع يقول غير ذلك، الواقع يقول: إن آلاف المدخنين قد أقلعوا عن هذه العادة السيئة بكل المقاييس، والبداية دائمًا تنبع من الذات، حين يقتنع المدخن بهذا القرار الصائب، ويعمل على تحقيقه، والفرصة في شهر رمضان مواتية أكثر من غيره؛ فالنفس تكون قريبة من الخير، حريصةً على ما يرضي الله، ولا شك أن ترك التدخين هو إقلاعٌ عن ذنبٍ تَجب التوبةُ منه، وفي رمضان يمضي الصائم أكثر من نصف اليوم ممتنعًا عن ممارسة هذه العادة، مما يضع المدخنَ أمام اختبار يومي، يرى أنه ينجح فيه بامتياز، فما الذي يجعله يتردد عن إكمال بقية اليوم، وإن وجود عيادة خاصة لمساعدة المدخنين على ترك الدخان - فرصةٌ ثمينة يجب استغلالها، وقد قمتُ بزيارة ميدانية لها فوجدتها عيادة هادئة، قد هيِّئت للنجاح في أداء مهمتها، ولكن أيضًا مع أهل الإرادة القوية، والعزيمة التي تكتسح التردد منذ أن يطرأ.



أخي الصائم:


كن عونًا لأخيك على نفسه، ولا تكن عونًا للشيطان عليه، فانصحه برفق، وقوِّ عزيمتَه بدلاً من تخجيله، واحمل لواءَ مكافحة التدخين في هذا الشهر الكريم.


وأنت، يا أخي العزيز، يا من ابتُلِيتَ بهذه العادة، أرجوك - من أجل الله تعالى - أن تُقلِع عن شيء يضرك اليوم، ويضر أولادَك في المستقبل، ويضر بمجتمعك ما دامت سيجارتك تنفُث سمَّها في أجوائه.



فهيَّا انتزع نفسك من قائمة المدخنين، واندرج في قائمة الأصحَّاء المعافين!

أخي الصائم:

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.63%)]