عرض مشاركة واحدة
  #687  
قديم 25-06-2008, 04:54 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع ... من أسرار الإعجاز اللغوي والبياني في سورة القيامة

5- والسر الخامس من أسرار هذه السورة الكريمة سرُّالتقديم والتأخير:
ومن ذلك سر تقديم الخبر على المبتدأ، أو على ما أصله المبتدأ. وتقديم شبه الجملة على ما يسمَّى: عاملها.
أ- أما تقديم الخبر على المبتدأ، أو على ما أصله المبتدأ فنلاحظه في الآيات الآتية:
﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ(القيامة: 12)
﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (القيامة: 30)
﴿ إِِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (القيامة: 17)
﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (القيامة: 19)
ففي الآية الأولى قُدِّم الخبر﴿إِلَى رَبِّكَعلى المبتدأ﴿الْمُسْتَقَرُّ، والسر في هذا التقديم هو إفادة معنى التخصيص، مع تحسين اللفظ. والمعنى: أن مستقر العباد يوم القيامة إلى ربهم خاصة، لا إلى غيره، فلا مفرَّ لهم منه سبحانه إلا إليه.
قال الزمخشري:أي: استقرارهم. يعني: أنهم لا يقدرون أن يستقروا إلى غيره، وينصِبوا إليه. أو: إلى حكمه ترجع أمور العباد، لا يحكم فيها غيره؛ كقوله:
﴿لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ﴾(غافر: 16).
أو: إلى ربك مستقرُّهم. أي: موضع قرارهم، من جنة، أو نار .
وما قيل في تقديم الخبر على المبتدأ يقال مثله في تقديمه على ما أصله المبتدأ في قوله تعالى:
﴿ إِِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (القيامة: 17- 19)
أي: إن على الله تعالى وحده جمع القرآن في صدر محمد صلى الله عليه وسلم، وإثبات قراءته في لسانه، ثم إن عليه وحده سبحانه بيانه. فالله سبحانه تكفل بجمعه، وقرآنه، وبيانه. وبيانه يكون على ألسنة العلماء المتدبرين على مر الدهور والعصور، الغائصين في مكنوناته، المتحيرين في أسرار إعجازه. وهذا يعني: أن بيان القرآن الكريم لم ينفرد به شخص دون آخر، ولم يقتصر على زمن دون زمن.
أما لفظ { قرآن }هنا فهو مصدر:{ قرأ }، جيء به بدلاً من { قراءة }؛ ليدل على المبالغة في القراءة. هذا أصله، ثم أطلق على الكتاب المنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم، فصار علمًا عليه. ومثله في دلالته على المبالغة:{ فرقان}، و{غفران }، و{شكران }، و{كفران }.
ب- وأما تقديم شبه الجملة على ما يسمَّى: عاملها، فنلاحظه في الآيات الآتية:
﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ(القيامة: 12)
﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (القيامة: 14)
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (القيامة: 22)
﴿ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (القيامة: 23)
﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (القيامة: 24)
﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (القيامة: 30)
ففي هذه الآيات تقدم الظرف، والجارُّ والمجرور على ما يطلق عليه في النحو العربي مصطلح{ العامل }. والغرض من هذا التقديم هو الاختصاص، وهو الغرض نفسه من تقديم الخبر على المبتدأ في الآيات، التي تقدَّم ذكرها قبل هذه الآيات. وفي قوله تعالى:
﴿ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (القيامة: 23)
قال الزمخشري:تنظر إلى ربها خاصَّة، لا تنظر إلى غيره، وهذا معنى تقديم المفعول .
واستطرد الزمخشري قائلاً:ألا ترى إلى قوله:
﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ(القيامة: 12)
﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (القيامة: 30)
﴿ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ(الشورى: 53)
َ﴿ إِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ ﴾(آل عمران: 28)
﴿َ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾(البقرة: 28)
﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾(هود: 88)
كيف دلَّ فيها التقديم على الاختصاص ! .
ومصطلح{ المفعول }يطلق- عند النحاة- ويراد به: شبه الجملة؛ كما يراد به: المفعول به.
وذكر الهاشمي في{ جواهر البلاغة } من فوائد التقديم: ما يفيد زيادة في المعنى، مع تحسين في اللفظ، ثم قال:وذلك هو الغاية القصوى، وإليه المرجع في فنون البلاغة، والكتاب الكريم هو العمدة في هذا.. انظر إلى قوله تعالى:
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (القيامة: 22- 23)
تجد أن تقديم الجارِّ في هذا قد أفاد التخصيص، وأن النظر لا يكون إلا لله، مع جَوْدَة الصياغة، وتناسق السجَع .
6- والسر السادس من أسرار هذه السورة الكريمة سرُّ دخول{ الواو }على { لو } الشرطية، في قوله تعالى:
﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (القيامة: 14- 15)
و﴿ بَلِللإضراب الانتقالي، وهو للترقي من مضمون الجملة السابقة:
﴿ يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (القيامة: 13)
إلى الإخبار بأن الإنسان يعلم ما فعله. فالمعنى: بل الإنسان حجَّة بيِّنة على نفسه يوم القيامة، وشاهد عليها وحده بما جنت، وارتكبت من الموبقات، ولو جاء بكل معذرة يعتذر بها عنها؛ وذلك لأن جوارحه تنطق يومئذ بذلك..
﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(النور: 24)
ولهذا لا يحتاج إلى غيره؛ لينبئه بأعماله. ألا ترى إلى قوله:
﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ ﴾ *﴿ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ(الحاقة: 25)
وهو كقوله تعالى:
﴿اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً(الإسراء: 14)
فالبصيرة على هذا هي الحجة البينة الظاهرة؛ مثلها في قوله تعالى:
﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ(يوسف: 108)
والتاء فيها للمبالغة؛ كما في{ راوية }، و{ علاَّمة }، و{ونسَّابة }.
وقيل: البصيرة اسم للإدراك التام الحاصل في القلب؛ كما أن البصر اسم للإدراك التام الكامل الحاصل بالعين. وقيل: البصيرة: العقل، الذي تظهر به المعاني والحقائق؛ كما أنّ البصر إدراك العين، الذي تتجلى به الأجسام. وتجمع على بصائر. قال تعالى:
﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ(104)
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــع
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.67 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.93%)]