عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 26-11-2022, 04:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التنبيهات في التصحيفات والتحريفات

التنبيهات في التصحيفات والتحريفات (21)
الشيخ فكري الجزار




(كراس 21)


تصحيفات مجلة "جذور"
1 - جاء في مجلة "جذور"[1] (17[2]/ 81):
"فإذا رجع الباحث إلى تواريخهم المظلمة، وجدها تنطق بالغدر والحقد والكيد"[3].
قلتُ: لا تستقيم العبارةُ هكذا؛ إذ لو كنَّا نعرفُ أنَّ تواريخَهم مظلمةٌ فكيف نطمع أنْ نجِدَ فيها وفاءً أو تسامحًا، أو إيثارًا؟! التواريخُ المظلمةُ ليست مظِنَّةً لهذه القيم والمعاني الجميلة.
فالصواب: "فإذا رجع الباحثُ إلى تواريخهم وجدَها مظلمةً، تنطق بالغدر والحقد، والكيد".
تنبيهٌ أول:
وضع (الفصلة) بعد قولِه "المظلمة" لا يصحُّ؛ لأنَّ ما بعدَها شديدُ التعلُّقِ بما قبلها.
فالصواب:
"تنطق بالغدر، والحقد، والكيد"؛ لأنها مفرداتٌ معطوفةٌ[4].
تنبيهٌ ثانٍ:
كُتب على غلاف المجلة: "فصلية تعني بالتراث وقضاياة" أمَّا "تعني" فتحريفٌ.
والصواب: "تُعْنَى".
وأمَّا "قضاياة" فخطأ.
والصواب: "قضاياه"، آخره هاء، لا تاء مربوطة[5].
2 - قال نفسُ الكاتب في نفس الموضع[6]:
"وناهيك بمن يبذل نفسَه تضحيةً رخيصَةً في سبيل صديقه".
قوله: "تضحيةً رخيصةً" لا يصح؛ فالتضحيةُ غاليةٌ مطلقًا، لا تكونُ رخيصةً أبدًا، إنما (الرخيص) ما يُضَحِّي به الإنسانُ - نفسُه، أو مالُه، أو غيرهما.
وقد لا يكونُ المُضحَّى به رخيصًا في ذاته (كالمال)، وقد لا يكون رخيصًا عند صاحبه (كالنفس)، لكنه يكون رخيصًا بالنظرِ إلى المُضَحَّى من أجلِه، كمن يطلب الشهادة في سبيلِ اللهِ.
فالصواب:
"وناهيك بمن يبذلُ نفسَه رخيصةً فِداءً لصديقِه".
وقلت: "فِداءً لصديقِه" لبيان المرادِ؛ إذ إنَّ قوله: "في سبيل صديقِه" غيرُ كاشفٍ عنِ المرادِ - فيما أرى.
ولا يُقال بأنَّ "تضحيةً" حالٌ منَ (البَذْلِ)؛ لأنَّ البَذْلَ في ذاتِه فيه دلالةٌ على الجودِ بما غَلَا، ففيه معنى التضحيةِ، فلا حاجةَ لذكرها. واللهُ أعلمُ[7].
♦ ♦ ♦
3 - وقال نفس الكاتب[8] في نفس الموضع[9]:
"ولقد تألقت في عصر ابن المقفع كواكبُ لامعةٌ في سماء الأدب، وكانت صلته بها صلةُ مودةٍ وحبٍّ، فهو صديقُ الجميع".
قولُه: "بها"، قد يصح على إرادة الكواكب، لكنه لا يصح مع قوله: "فهو صديقُ الجميع"؛ فإنَّ الكواكب لا تُصادَق، إنَّما يُصادَقُ مَن شُبِّهوا بالكواكبِ.
فالصواب: "بهم"، وبها يتَّسق الكلامُ.
4 - وقال[10]: "ألَا يكون الجمعُ بين صداقة الأضداد مما يُحدث لديهم الريبة في نفسِ عبدالله؟".
قوله: "نفس" أراها زائدة؛ إذ إنَّ (الريبة) قد تحدُثُ في نفوسِ (الأضداد) من صنيع ابن المقفع لما جمَعَ بين صداقاتهم.
ولا يُعقلُ أنْ تحدثَ (الريبة) في نفسِه هو؛ لأنه هو الذي جمَعَ بين صداقاتِهم. فهل يرتابُ في فعلِه، أو في نفسِه؟!
ولا يقالُ: أراد "في شخص عبدالله"؛ لأنَّ هذا القيدَ لا يقيدُ شيئًا في هذا المقام.
إنما قد يُقال: أراد "في عبدالله نفسِه"، تأكيدًا؛ لأنَّ التركيب المذكورَ لا يدل على هذا الاحتمال.
والصواب:
إمَّا: "...الريبة فيه"، وإمَّا: "في عبدالله"، وإمَّا: "في عبدالله نفسِه"[11].
♦ ♦ ♦
تصحيفات مجلة "الأحمدية" (1)
قال[12]: "وقد ينتج عن إخفاق الشعب الجزائري في المقاومة المسلحة... حالة من الركون والارتباك... لكنها لم تصل إلى حالة اليأس، والتراجع، والاستسلام، والقبول بالأمر الواقع، إلَّا لالتقاط الأنفاس...[13]"[14].
قوله: "لكنها لم تصل إلى حالة اليأس... إلَّا لالتقاط الأنفاسِ، والبحث عن أسلوب أكثر نجاعةٍ"، لا يصح؛ لأنَّ مَن يئس فقد توقف فكرُه، وانقطع أملُه.
ولذلك، تجدُه قد وقع في "الاستسلام، والقبول بالأمر الواقع"، فلا تراه يفكِّر في تغيير هذا الواقعِ الذي قهَرَه.
وكذلك من وصَل إلى "حالة التراجع"، قد تراجَع عن الطريق التي كان يراها حلًّا لمشكلته.
لكنَّ هذا الذي تراجَعَ عمَّا كان يراه حلًّا لمشكلته لا يخلو من أحد رجلينِ:
الأول: رجلٌ لم يجد فهمَه أو تَصورَه للحلِّ نافعًا، فرأى أنه لا بد من الاستسلام والخضوع.
الثاني: رجلٌ اقتنع بعدمِ جدوى ما كان يراه حلًّا، لكنه لم يَرَ ذلك نهايةً، بل لا بد أن يبحث عن حلٍّ آخر.
وهذا الثاني لا يستسلم، ولا يرضَ بالأمرِ الواقع. بل هو الذي يترك ما كان عليه بحثًا عن غيره مما قد يكون حلًّا.

لذا، لا يصحُّ هذا التعبيرُ بحالٍ.
وقال[15]: "وقد أسفرت عملية فرز وتصنيف اتجاهات الحركة الوطنية.... إلى الاتجاهات الرئيسية الكبرى الآتية:..."[16].
قولُه: "أسفرت إلى" لا يصح.
والصواب: "أسفرت عن".
أو: "أدَّت إلى".
وقال: "...فقد شَغَلَت مشكلةُ التخلفِ... جُلَّ كتاباتِه، فعكف يَدْرُسها دراسة علمية مركزة..."[17].
قولُه: "شغَلَتْ كتاباتِه فعكف يَدْرُسُها"، لا يصح بحالٍ؛ فإنَّ البَدَهيَّ أنَّ الإنسانَ يعكُفُ على الدراسة، والتحليل، أولًا. فإذا انتهى منَ الدراسة، كتبَ ما يراه نتيجةً صحيحةً لدراسته.
وقال: "لأنهم[18] تنسَّموا عبيرَ نمطٍ ثقافيٍّ وروحيٍّ متشابهٍ..."[19].
قوله: "نمطٍ متشابهٍ"، لا يصحُّ؛ لأنَّ التشابُهَ إنما يكون بين "أنماط"، أو عدةِ أشياء.
أما الشيء الواحدُ، أو "النمط الواحد" فإنما يُقال له: "متجانس، ومتناسق"، كما قال الباحث في نفس السطر.
وقال[20]: "... يعني أن يكون المجتمع فاعليًّا"[21].
قولُه: "فاعليًّا"، غريبٌ.
والصواب: "فاعلًا".
وقال: "... والدليلُ الأكيدُ على ذلك[22] انتصار[23] الفكرة الإسلامية القرآنية في الجزيرة العربية، التي أعقبها انتصارٌ حضاريٌّ شاملٌ لتلك الأمةِ المتخلفة"[24].
قولُه: "الأمة المتخلفة" لا يصحُّ؛ لأنه يجعلُ التخلُّف صفةً ثابتةً، وأنها قد بقيت مع "تلك الأمة".
والصواب: "التي كانت متخلفةً".
أو: "بعد تخلُّفها"، مثلًا.
قلت: ولا أراه يصح الاعتذار بقوله: "لتلك" على إرادةِ "التي كانت"؛ لأنَّ "تلك" في هذه المقامِ تُفيدُ مطلقَ البُعدِ في الزمانِ، فتحتملُ الأمرين:
1 - المسلمون في زمان ازدهارهم، قبلَ ألفِ عامٍ.
2 - العربُ قبلَ الإسلامِ.
فلا بد من التحديد.
تنبيهٌ:
هذه العبارةُ نقلها الباحث عن كتاب "مالك بن نبي مفكرًا إصلاحيًّا" - أسعد السحمراني - دار النفائس - بيروت - ط أولى (1986م)[25].
♦ ♦ ♦
قال[26]:[27] "أمَّا الحمام[28] فما معنى الحديث عنه وقد أصبح شيئًا من الماضي، وتحوَّل إلى حجرةٍ في كلِّ منزل، ولم يعد هناك منشأة متكاملة، ذات بيوت، وطقوس، وغايات"[29].
قولُه: "هناك"، لا يصحُّ؛ لأمرين:
الأول: ظهورُ عَوْدِ، أو تعلُّق "ولم يعد" بالحمام.
الثاني: أنه لا معنى لها في السؤالِ، إذ إنه ليس سؤالًا عن تطورِ الحمام.
فالصواب: حذف "هناك".
وقال: "فإنَّ ابن فارس يرى... لأنه متشعِّب الأبواب جدًّا، وقد نصَّ من هذه الأبواب على خمسة:..."[30].
قوله: "وقد نص من هذه الأبواب على خمسة". لا يصحُّ.
والصواب: "وقد نصَّ على خمسةٍ منها".
أو: "وقد نصَّ على خمسة من هذه الأبواب".
لكنَّ هذا الثاني ضعيف؛ لقُرب ذِكر "الأبواب"، فالأولى هنا الضمير.
وقال: "فثمة حمامات مثلًا لا تدور لا تتحرك بها الماء..."[31].
قوله: "لا تتحرك"، لا يصح؛ لأنَّ الماء مذكَّرٌ.
والصواب: "يتحرك".
وقال[32]: "... وهي مكتوبة بقلم يميل إلى النسخ، خالٍ من الضبط، به تجاوزات إملائية، خالٍ من الضبط"[33].
قولُه: "خالٍ من الضبط"، مكررٌ[34].
قال[35][36]: "وقد تبدَّت المقارنة[37] في اقتران تجاهل العارف بأسلوب التعطُّف، واندماجهما في سياقٍ واحدٍ؛ لأنَّ معنى المقارنة - عند القوم - أنْ يقترن بديعان في كلمة من الكلام".
وقال في التعليق: "يثيرُ مصطلح (المقارنة) إشكالات منهجيةً. ولعل من أطلقه يقصد الاقتران..."[38].
انظر إلى قول الباحث - في الأصل: "اقتران"، "اندماجهما"، مع ما نقله من قول ابن أبي الأصبع: "أن يقترن بديعان...".

ثم انظر إلى قوله في التعليق: "لعل مَن أطلقه يقصد الاقتران".
هل ينسجمُ القولان؟! أم قد غَفَلَ الباحثُ؟!!
وقال[39]: "كما أشار السَّكَّاكي إلى أسلوب التعريض... وأما النظر إلى الآية من جهة عِلم المعاني، فقد أفاض السكاكي...
♦ ♦ ♦
وبخصوص الفصاحة المعنويَّة واللفظية، تحدَّث عن... وفي ثنايا حديثه المطوَّل، يقف الدارسُ على إشارات تخُص فنون البديع، مثل...
ولم يتجاوز هذا الحدود، لأنه حرَصَ على اكتناه أبعادها الدلالية ممَّا أفاض في بسطه في جانبي البيان والمعاني"[40].
قوله: "هذا"، لا يصح.
والصواب: "هذه"؛ لأنَّ الحديث عن المعاني التي تعرَّض لبيانها السَّكاكيُّ في تلك الآية.
ولا يُقال: قد أراد الباحث الإشارةَ إلى السَّكَّاكي. فإنَّ هذا لا يصح من وجهين:
الأول: أنَّ السياق لا يُساعدُه.
الثاني: أنَّ مثلَ السَّكَّاكي لا يُشار إليه بـ "هذا"، وبالأخصِّ أنَّه يُثنى عليه.
وقال: "...حرَص بعضُهم على الإكثار، والتنقيب على الشاهد المناسب، مما أفضى بهم إلى أنْ يصطنعوا فنونًا لا يعثرون لها على شاهدٍ من بيان القرآن"[41].
قولُه: "التنقيب على الشاهد"، لا يصح؛ لأنَّ "نَقَبَ على القومِ" أي: صار نقيبًا عليهم.
و"نَقَب في الأرض" ذهب فيها.
و"نقَبَ عن الشيءِ": بحث.
و"نقَّب" - بتشديد القافِ - في الكلِّ: مبالغة[42].
فالصواب: "التنقيب عنِ الشاهد".
وقولُه: "حَرَصَ بعضهم على الإكثار.... مما أفضى بهم على أن يصطنعوا فنونًا".
كيف بحثوا عنِ الشاهد ثم اصطنعوا فنونًا؟![43]
قال[44][45]: "... في كتاب "المباحث المشرقية في الإلهيات والطبيعيات"، للإمام فخر الدين الرازي، حيث يقول: "الحلقة التي يجذبُها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط، لا شك أنَّ كلَّ واحدٍ منهما فَعَل فيها فعلًا معوقًا بفعل الآخر..."[46].
قولُه: "فعلًا معوقًا بفعل الآخر"، لا بد أن يُضبط "معوَّقًا"، على اعتبارِ المفعولية في "فعل فعلًا".
قلت: وهذا لا يصح من وجهين:
الأول: أنَّ أصلَ الفعل في اللغة إنما يُراد به الفاعلية، لا المفعولية.
الثاني: أنَّ هذا هو نفسُ معنى قانون "لكل فعلٍ ردُّ فعلٍ..."، إنما يُراد به الفاعلية.
فالصواب: "معوِّقًا لفعلِ"، لا "بفعل".
قال[47]، [48]: "إليكم معشر الآتين[49] أسوق هذه المجموعة النفيسة، التي هي كمرآة تتجلى لكم منها الحالة الاجتماعية، والسياسية، والحربية، والعلمية و[50]الأخلاقية، والعائلية، التي كان في عصر النبوة"[51].
قولُه: "كان "، لا يصح.
والصواب: "كانت"، أي: التي وُجدت. أو التي كانت موجودة.
قال[52] [53]: "وفاتحة الحديث أنه ما كان لتراثيٍّ أو مَعنِيٍّ بالتراث أن يقع في يده كتاب يحمل عنوان (تاريخ خزائن الكتب في المغرب)[54] حتى يقرأه"[55].
قولُه: "ما كان لتراثيٍّ... أن يقع في يده كتاب... حتى يقرأه"، لا يصح؛ لأمرين:
الأول: "أنْ"، تجعَلُ العبارة نفيًا، أو كأنها تحذيرٌ من هذا الأمر.
الثاني: "حتى يقرأه"، لا تصح في هذا السياق، لأنهم يقولون: "ما كان لفلان أن يفعل كذا حتى يفعل كذا" أي: حتى يكون قد فعل قبله كذا.
وقد يأتون بالفعلين في الماضي فيقولون: ما فَعَل كذا حتى فَعَلَ كذا.
فالصواب: "ما كان لتراثيٍّ... يقع[56] في يده كتابٌ يحملُ... إلَّا ويقرؤه"،
أو: "... ولا يقرؤه".
أو: "... دون أنْ يقرأه".
قال[57] [58]: "فالعلم بلغات العرب وغيرها بيِّنٌ بنفسِه عند مَن أنصف التأمُّلَ"[59].
قوله: "فالعلم بلغات العرب... بيِّنٌ بنفسِه"، لا أراه صوابًا؛ لأنه كان يتكلم عن "إن مدار الاستقامة وإصابة الجادة في تحصيل العلم بالمعارف الشرعية إنما يكمن في علم[60] اللغةِ آلةِ هذا التحصيل المعرفي"[61].
والعبارة المذكورة لا تؤدي هذا المعنى.
فالصواب: "فأهمية" أو "فضرورة العلم... بيِّنٌ بنفسِه".
قوله: "وغيرِها"، موهِمٌ؛ قد يُفهَم منه "غير لغاتِ العرب"، ولا يتفق هذا المعنى مع السياقِ، فدلَّ على أنه غيرُ مرادٍ.
والصواب: "وغيرِها من علومِ اللغة"؛ على أن المراد بـ "لغات العرب" لهَجَاتُهم.
ومع ذلك، أرى الأولى حذفُها.
قولُه: "أنصف التأمل"، غريبٌ، أو غير صوابٍ.
والصوابُ: "أَمْعَنَ التأمُّلَ".
وقال: "ولا غرو من أن..."[62]، لا أعرفه، ولعله يجوز.
لكنَّ المشهور: "لا غرو أن..."، بغيرِ حرفِ الجرِّ.
وقال: "وإنَّ مطمَحَ نظر الفقيه، وقصارى مجهودِه أنْ يرفع الأستار عن الحجب القائمةِ بين العلوم الشرعية في مستوى ألفاظها، ودلالتها، و[63]المستوى الإدراكي في تجلياته الذهنية"[64].
قولُه: "أنْ يرفع الأستار عن الحجب القائمة" لا يصحُّ؛ لأن معناه أنَّ غاية مراد الفقيه إنما هو إظهارُ هذه الحجب.
ومنَ المؤكد أنْ ليس هذا مراد الباحثِ؛ لأنه غيرُ صحيح في العقولِ أنْ يكون ذلك غايةَ مرادِ الفقيه، وبعد تحقيقها يترك مهمةَ الاستنباط لغيرِه. ومَن يكون غيره؟!
ثم، إنَّه لا يصح - أيضًا - بدليل قولِه بعده: "... بحيث تنقشع معاناةُ الفقيه في الاستنباط الشرعي".
فهل "تنقشع" بفعلِ غيرِه؟
أو يكون معنى "الفقيه" في أولِ الكلام غيرَ معناه في هذه العبارة الأخيرةِ؟
ليس شيءٌ من هذين صحيحًا.
والصواب: "أن يزيلَ الحجبَ..." مثلًا.
وقال: "ومن هنا تأتي ضرورة التبحُّرِ في علوم اللغةِ العربية إلى درجة الواجب..."[65].
قوله: "تأتي إلى درجة الواجب"، له وجهٌ
بمعنى: "تصل إلى".
لكنَّ الصواب: "تَرْقَى إلى" أو "ترتفع إلى".
وقال[66]: "إذ يرى[67] أنَّ "أصول الفقه بوصفِه العلم الذي يؤسِّس منهجيةَ الفقهِ الاستنباطية؛ وأنَّ أقربَها إلى النهوضِ بمقتضياتِه العلمية هو علم الأخلاق"[68].
قوله: "أن..."، لا تجدُ فيه خبرَ (أنَّ)، إلَّا بقدرٍ منَ التأويل، والتكلُّفِ، بأنْ نقول أن: "بوصفه"، تعني: "بما هو عليه"، أو: "بما هو موصوف به"، أو "معروف به".
وعلى هذا يكون الخبرُ: "العلم". أي: "هو العلم الذي يؤسس...".
ويبقى معنى العبارةِ غيرَ واضحٍ، أو مبهمًا. بل غيرُ تامٍّ.
والصواب: "أنَّ (أصول الفقه هو العلم...)".
أو نقدِّر في العبارةِ سقطًا.
وقال: "ذلك أنَّ النصَّ الشرعي لا يقف في مواطنَ كثيرةٍ عند حدود الإبلاغ أو الإخبار، إنما يتجاوز أسوارَ الخطاب المباشر إلى مستوى الخطاب العميق، الذي يحتاج في فك مغاليقه إلى خبرة لغوية"[69].
قولُه: "فك مغاليقه"، فيه أمران:
الأول: أنه لا تصح "مغاليقه" مضافةً إلى "النص الشرعي".
الثاني: أنَّ "مغاليقه" تحتاج إلى "فتح"، لا إلى "فك".
إنما "الطلاسم" هي التي تحتاج إلى "فك". وليس في الشرع طلاسم، أيضًا. فلا مكان لشيءٍ من كلِّ ذلك.
إنما الصواب: "فهم أسراره"، أو: "فهم مضامينه"، أو: "فهم ما خفي منه"، مثلًا.
وقال[70]: "إنَّ هذه العراقيل المذكورة أيضًا كانت سببًا مباشرًا في قراءات تراثيةٍ متضاربةٍ أحيانًا، ومتناقضةٍ في أحايينَ أخرى؛ لذلك أن سيطرة أسلوب (الموافقات) وما تحلَّى به من سقط في عبارات عديدة دفع بكثيرٍ منَ المهتمين بالتراث الأصولي إلى إنجاز دراسات يحكمها الهوى"[71].
قوله: "قراءات تراثية"، لا أعرفه، وإنْ كان ظاهرًا أنه يعني: "قراءاتٍ للتراث".
قولُه: "أن سيطرة أسلوب.... دفع..."، لا يصح.
والصواب: "سيطرة... دفعت".
قوله: "سيطرة أسلوب... دراسات يحكمها الهوى"، لا أدري أي "هوى" مع "سيطرة"؛ فإنَّ سيطرة لا تترك مجالًا لأيِّ "هوى"، إلَّا "هوى" المتابعة.
فهل هذا ما يقصدُ؟ لستُ أرى ذلك في عبارتِه.
قولُه: "وما تحلى به من سقط في عبارات عديدة"، لا يصح؛ فإنَّ "تحلَّى" لا تكون إلَّا فيما هو نافعٌ، ومفيدٌ، وجميلٌ.
وليس السقط، ولو لم يتكرر، في شيءٍ من هذه المعاني.
والصواب: "تجلَّى فيه".
قوله: "إنجاز دراسات يحكمها الهوى" لا يصحُّ؛ لأنَّ "إنجاز" لا تكون إلَّا فيما هو محمودٌ، وليس من "الهوى" ما هو محمودٌ، إلَّا ما كان في موافقةِ الحقِّ[72].
وليس هذا مرادًا للباحث.
وقال[73]: "ورغبةً منا في تقديم دراسةٍ منصفةٍ للموافقات، من خلال قراءة هادئةٍ، بعيدةٍ عن المبالغة في الوصف، أو الإغراق في الحشد، قد نقع على حقيقةِ مضامين الكتاب، وعلى كنه آلياتِه"[74].
قولُه: "ورغبة منا في تقديم... من خلال قراءة هادئة... قد نقع..."، غيرُ تامٍّ؛ لأنَّ "رغبةً في تقديم" تحتاج إلى ما ترتب على هذه الرغبةَ من مثلِ "قمنا".
فالصواب: "ورغبة منا في تقديم... قمنا بقراءةٍ هادئةٍ... قد نقع بها...".
أو: "ورغبة.... حاولت قراءته قراءة هادئة... التي بها قد نقع".
وبهذا تستقيم العبارة.
وقال[75]: "... وبعبارةٍ أكثر أمنًا فإنَّ عربيةَ القرآنِ موجِبةٌ لكلِّ مُهمٍّ أو إدراكٍ"[76].
قولُه: "أكثَرُ أمنًا" غيرُ معروفٍ، في مثلِ هذا الموطنِ؛ الذي هو تعريفٌ، أو تحديدٌ للمعنى المراد.
والصواب: "أكثر دقةً"، أو: "أكثر تحديدًا"، أو: "أكثر وضوحًا"، وما أشبَهَ ذلك.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]