عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-05-2019, 09:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: صيغ التمويل الإسلامي

صيغ التمويل الإسلامي


سيف هشام صباح الفخري





خامسًا: الاستصناع[18]:
الاستصناع في اللغة طلب الصنعة، وهو عمل الصانع في حرفته، وهو مصدر "استصنع الشيء"؛ أي: دعا إلى صنعه، أمَّا في الاصطلاح فهو عقدٌ يُشتَري به في الحال شيء ممَّا يُصنَع صنعًا يلتزم البائع بتقديمه مصنوعًا بموادَّ من عنده بأوصاف مخصوصة وثمن محدَّد، وللمؤسسة المالية أن تقوم بتوسيط نفسها لدفع قيمة السلعة المصنَّعة للصانع بدلاً من العميل، وبعد الانتهاء من التصنيع يقوم البنك ببيعها لعَمِيله مُقابِل ما دفعه في تصنيعها زائد ربح.

شروط الاستصناع[19]:
1- يلتزم المصرف بتزويد العميل بالسلعة التي تَمَّ الاتِّفاق عليها عبر عقد الاستصناع.
2- يجب أن يكون المبلغ الكلي للاستصناع معلومًا لدى المستصنع والمصرف.
3- يمكن تنفيذ تمويل الاستصناع لشراء أيِّ سلعة مصنَّعة ومُباحة وتحمل أوصافًا معيَّنة ومحدَّدة، وهذا لا يلزم العميل بأيَّة التزامات للصانع، حيث إنَّ اتِّفاقه يكون مع جهة التمويل (المصرف).
4- يلتزم المصرف بتسليم السلعة المصنَّعة لعميله، ويمكن أن يُوكِّل طرفًا ثالثًا للقيام بالتصنيع، ولا يجوز للعميل (المستصنع) المشاركة في صنع السلعة المصنعة، حيث إنَّ ذلك من مسؤولية الصانع بشكل كامل، إلا في حالة المساهمة بالأرض للبناء عليها.
5- يمكن الاتِّفاق بين العميل والمصرف بأن يقوم الأوَّل إمَّا بدفع المبلغ الكلي للاستصناع للطرف الثاني عند توقيع العقد، أو على أقساط في مدَّة محدَّدة يتمُّ الاتِّفاق عليها بين الطرفين.
6- لا يتمُّ تغيير قيمة عقد الاستصناع إلا إذا طلب العميل تغيير المواصفات ووافَقَ المصرف على ذلك؛ حيث يلزم توقيع عقد جديد يتمُّ فيه تحديد القيمة الجديدة زيادة أو نقصانًا.
7- يمكن أن يقوم المستصنع بالإشراف على عمليَّة صناعة السلعة بنفسه، أو يوكل مَن يَنُوب عنه - كجهة استشارية - للتأكُّد من مطابقة السلعة المصنَّعة أثناء عملية تصنيعها للمواصفات التي اتَّفق عليها المصرف، على ألاَّ ينشأ عن ذلك أيُّ التزامٍ بينهما (بين المستصنع والصانع).
8- يمكن أن يقوم المصرف نيابةً عن عميله (المستصنع)، في حال حصوله على توكيلٍ منه ببيع السلعة المصنعة إلى طرفٍ آخر، كما يمكن أن يوكل الصانع من قبل المصرف للقيام بهذه المهمَّة أيضًا.
9- يمكن أن يتضمَّن عقد الاستصناع خدمات ما بعد البيع التي تقدم عادَةً مع السلعة المصنَّعة، كالصيانة والضمان.

سادسًا: التورُّق وشروطه[20]:
التورُّق لغةً هو طلب الوَرِق؛ أي: الدراهم، حيث تعني كلمة "وَرِق" دراهم الفضة، والتورُّق هو شراء سلعة معيَّنة وإعادة بيعها لطرف ثالث بغَرَض الحصول على نقد، وظهر هذا النوع من التمويل لتمكين عُمَلاء البنوك من الحصول على النقد بطريقة إسلامية بدلاً من اللجوء للقروض التقليدية، حيث يمكن أن يقوم المصرف بشراء أو تمويل السلعة المطلوبة، ومن ثَمَّ بيعها للعميل زائدًا ربحًا محدَّدًا، ثم يقوم ببيعها لصالح عميله وإضافة المبلغ لحسابه، وفيما بعدُ يمكن أن يقوم العميل بدفع مبلغ الشراء نقدًا أو بالتقسيط.

شروط التورُّق:
1- لا يمكن للمصرف أن يقوم ببيع السِّلَع - نقدًا أو أجلاً - للعميل قبل شرائها.
2- يمكن أن يتمَّ الشراء نقدًا أو مؤجَّلاً أو على أقساط، وهذا لا يؤثِّر في صحة العقد، شريطةَ أن يكون الثمن محدَّدًا ومعلومًا للطرفين كليهما عند توقيع عقد البيع.
3- يجب أن تكون السلعة التي سيشتريها العميل موجودة في مخازن البائع في لحظة إتمام عملية البيع، ويُفَضَّل أن يقوم المشتري بمعاينتها بنفسه للتأكُّد من وجودها.
4- يمكن للعميل توكيل المصرف لبيع السلعة التي اشتراها بدلاً منه، إلا أنَّ التوكيل يجب أن يحصل عند توقيع العقد أو بعده، ولا يجوز أن يشترط المصرف توكيله ببيع السلعة في العقد؛ حيث إنَّ العقد والوكالة مختلفان عن بعضهما.
5- يجب أن يتمَّ دفع قيمة السلعة كاملة، ولا يمكن للمصرف أن يقوم بإتمام عملية البيع للعميل قبل قبض ثمنها كاملاً.
6- في حالة وجود العديد من السِّلَع في المخازن التابعة للمصرف، فإنه يلزم أن يتمَّ تحديد السلعة التي سيتمُّ بيعها للعميل في كلِّ مرَّة، وعند بيعها لطرف آخر فإنه يجب أن يتمَّ تحديدها أيضًا تحديدًا واضحًا لا لبس فيه.
7- يجب أن يمكِّن المصرف عَمِيله من قبض السِّلَع إن طلب ذلك، وأن ينقلها إلى أيِّ مكان يشاء، أو بيعها لِمَن شاء مباشرة أو توكيلاً، كما أنه يمكن أن يوكل المصرف عنه في ذلك إذا شاء.

سابعًا: الإجارة[21]:
الإجارة من الناحية الشرعية: هي عقد لازم على منفعة مقصودة قابلة للبذل والإباحة لمدَّة معلومة بعِوَضٍ معلوم، والإجازة المذكورة صورة مُستَحدثة من صُوَرِ التمويل في ضوء عقد الإجارة، وفي إطار صِيغَة تمويلية شائعة تسمح بالتيسير على الراغب في تملُّك الأصول المعمِّرة؛ مثل: السيارات والعقارات والأصول ذات القِيَم المرتفعة، ويمكن أن يستفيد منها العُمَلاء بمختلف شرائحهم.

أنواع الإجارة[22]:
تُصَنَّف الإجارة أو التأجير إلى ثلاثة أنواع، هي:
1- الإجارة المنتهية بالتمليك:
إنَّ صِيغَة التأجير المنتهي بالتملُّك هي الصِّيغَة السائدة في المصارف الإسلامية، ويتضمَّن عقد الإيجار المنتهِي بالتمليك التزام المستأجِر أثناء فترة التأجير أو لدى انتهائها بشراء الأصل الرأسمالي، ويجب أن ينصَّ في العقد بشكل واضح على إمكانية اقتناء المستأجِر لهذا الأصل في أيِّ وقتٍ أثناء مدَّة التأجير أو حين انتهائها، كما ينبغي أن يكون هناك تفاهم واضح بين طرفي العقد بشأن ثمن الشراء، مع الأخذ بعين الاعتبار مجموع قِيَم الدفعات الإيجارية، وتنزيلها من الثمن المتَّفَقِ عليه ليصبح المستأجر مالكًا للأصل.

2- التأجير التمويلي:
تُستَخدم صِيغَة التأجير التمويلي أو "إجارة الاسترداد الكامل للأصل الرأسمالي" في الدُّوَل الصناعية والنامية، وتعتمد هذه الصيغة على عقد يُبرَم بين شركة التأجير التمويلي والمستأجر الذي يطلب من الشركة استئجار أجهزة وآلات حديثة لمصنعٍ ما أو مشروع ما يقوم بإدارته بنفسه، ويحتفظ المؤجر بملكيَّة الأصل المؤجَّر طوال فترة الإيجار، بينما يقوم المستأجر باقتناء الأصل واستخدامه في العمليات الإنتاجية مقابل دفعات إيجارية خلال فترة العقد طبقًا لشروط معيَّنة، وتتراوَح فترة الإيجار عادة بين خمس سنوات إلى عشر سنوات حسب العمر الإنتاجي الافتراضي للأصول المؤجرة، وفي معظم العقود التأجير التمويلي يُعطِي المستأجر حقَّ تملُّك الأصل بعد انتهاء الفترة المحدَّدة.

3- التأجير التشغيلي:
تتميَّز صيغة التأجير التشغيلي بأن إجراءاتها شبيهة بصفقات الشراء التأجيري قصير الأجل؛ مثلاً يقوم المؤجر ذو الخبرة في تشغيل وصيانة وتسويق الآلات أو غيرها من الأصول الرأسمالية بشرائها لغاية تأجيرها إلى مُستأجِرين لفترات محدَّدة بدفعات إيجارية وشروط مغرية، ويتحمَّل المؤجر تبعات ملكية الأصل من حيث التأمين والتسجيل والصيانة مُقابِل قيام المستأجِر بدفع الأقساط وتشغيل الأصل، وتتفاوَت فترة الإيجار بين ساعة واحدة وعدَّة شهور.

شروط الإجارة[23]:
1- يجب أن تكون السلعة المؤجَّرة من السِّلَع المباح استعمالها.
2- يجب أن تكون السلعة من الأصول ذات المنفعة، ويبقى أصل السلعة ثابتًا بعد تحصيل المنفعة، ويندرج تحت هذا أدواتُ المباني والآلات الصناعية - كآلات الغزل والتعبئة - والأجهزة الميكانيكية والسيارات وما شابهها من الأصول الثابتة.
3- يمكن أن ينتهي عقد الإجارة بإرجاع السلعة إلى المؤجر، أو أن يتملَّكها المستأجِر في نهاية العقد، على أن ينصَّ العقد صراحةً على ذلك، أو أن يتَّفق كِلاَ الطرفين بالتراضي على ذلك.
4- يجب تحديد المدَّة التي سيتمُّ إيجار السلعة فيها، وتحديد المبلغ الذي سيستحقُّ للمؤجر والطريقة التي سيتمُّ دفعه بها؛ كأن تكون دفعة واحدة بعد زمن محدَّد أو دفعات محدَّدة في أوقات متفرِّقة.
5- يجوز للطرفين أن يقوما بمراجعة عقد الإجارة كل فترة زمنية أو حسب ما يستجدُّ، واستحداث تعديلات بالعقد أو إنشاء عقد جديد بموافقة الطرفين إذا لم ينصَّ العقد على غير ذلك.
6- للمؤجر الحقُّ في تحديد قيمة السلعة المراد تأجيرها، والطريقة التي يتمُّ بها دفع القيمة، كأن يتمَّ الاتِّفاق على قيمة متناقصة أو متزايدة أو بمبالغ مختلفة، على أن يكون كلُّ ذلك معلومًا تمامًا للمستأجر حين إبرام عقد الإجارة.
7- يحق لمالك السلعة إذا رغب أن يبيعها لطرف ثالث قبل انتهاء عقد الإجارة، إلاَّ أن العقد يبقى ساريًا كما هو، وبدون أيِّ ضرر على المستأجر.
8- يحقُّ للمؤجرمطالبة المستأجر بالتعويض عن الأضرار التي قد تَلْحَقُ بالسلعة المؤجَّرة، إذا استُخدِمت بطريقة خاطئة أو جائرة لا تتناسب مع ما صُنِعت له.
9- في حالة رغبة المؤجر في تغطِيَة السلعة تأمينيًّا - كعقود الصيانة السنوية - فإنه يتحمَّل تكلفة التأمين.
10- تستحقُّ الأجرة المتَّفق عليها فَوْرَ تأجير السلعة، بالطريقة التي ينصُّ عليها العقد.
11- يجوز للمستأجر تأجير السلعة لطرف ثالث - تأجير من الباطن - بعد موافقة المؤجِّر، وهنا يتحمَّل المستأجر الأوَّل المسؤولية كاملةً عمَّا قد يحدث للسلعة من ضررٍ من المستأجِر الجديد.
12- يجوز إعادة تأجير كلِّ سلعة أو عين ذات منفعة ما بقي أصلها.
13- يجوز للمؤجِّر أن يحصل على عربون لضمان إتمام عقد الإجارة، وفي حال عدم إتمام العقد بسبب رغبة العميل، فإن العربون يُستَحقُّ كاملاً للمصرف.
14- تستحقُّ الأجرة للمؤجِّر طوال فترة الانتفاع بالعين المؤجَّرة، وفي حال ما إذا توقَّفت الاستفادة منها - كتَلَفِها أو خرابها - فللمستأجر الحقُّ في إنهاء العقد.
15- يجب أن يحدِّد العقد واجبات كلٍّ من المؤجِّر والمستأجر تجاه العين المؤجَّرة؛ كالصيانة الدورية أو إصلاح الأعطال.
16- إذا نصَّ عقد الإجارة على تملُّك المستأجر للعين المؤجَّرة، ورَغِب المستأجِر في تملُّكها في فترةٍ أقلَّ، فيمكن إبرام عقد جديد يتمُّ فيه تحديد المبالغ المستَحَقَّة، والمُدَد التي سيتمُّ الدفع خلالها لقيمة المتبقِّي من الأقساط.
17- يمكن أن يقوم المصرف بتملُّك سلعة معيَّنة بناءً على رغبة عميله، ومن ثَمَّ تأجيره إيَّاها، كما يحقُّ له بيعها أو تأجيرها بعد انتهاء العقد لطرف آخر.
18- إذا اشترى المصرف الأصل المؤجَّر للعميل المستأجر، فيجوز للمصرف أن يسمي الثمن دون أن يكون على المستأجر الالتزام بذلك العقد، ولا يجوز أن ينصَّ عقد الإجارة أو عقد البيع على أيِّ إلزام بإعادة شراء العميل للأصل بثمن معين.

ثامنًا: البيع الآجِل (البيع بالتقسيط)[24]:
البيع الآجِل هو أن يتمَّ تسليم السلعة في الحال مُقابِل تأجيل سداد الثمن إلى وقت معلوم، سواء كان التأجيل للثمن كله أو لجزءٍ منه، وعادةً ما يُسدَّد الجزء المؤجَّل من الثمن على دفعات وأقساط، فإذا سُدِّدَت القيمة مرَّة واحدة في نهاية المدَّة المتَّفَق عليها مع انتقال الملكية في البداية فهو بيع آجِل، وإذا سُدِّد الثمن على دفعات من بداية تسلُّم الشيء المبيع مع انتقال الملكية في نهاية فترة السداد فهو بيع بالتقسيط.

وتسلك المصارف الإسلامية طريق البيع الآجِل أو البيع بالتقسيط بثمن أكبر من الثمن الحالي في حالتين:
الحالة الأولى:
في معاملاتها مع التجَّار الذين لا يرغبون في استخدام أسلوب التمويل بالمشارَكة، وهذه الطريقة هي البديل لعمليَّة الشراء بتسهيلاتٍ في الدفع التي تُمارِسها المصارف التجارية.

الحالة الثانية:
في المعاملات التي يكون فيها المبلغ المؤجَّل كبيرًا وطويل الأجل، ولقد تبيَّن من الواقع العملي استخدامُ هذه الصيغة في مصرف فيصل الإسلامي السوداني لتمليك وسائل الإنتاج الصغيرة للحرفيين مثل سيارات الأجرة، وهو ما يُمارِسه أيضًا مصرف ناصر الاجتماعي المصري، ومن أنسب المشروعات التي يمكن للمصارف الإسلامية تمويلها باستخدام هذا الأسلوب هو بيع الوحدات السكنيَّة، فالبيع الآجِل (التقسيط) في هذه الحالة هو البديل المناسِب لسلفيَّات المباني بالفائدة التي تُمارِسها المصارف التقليدية.

تاسعًا: المزارعة وشروطها[25]:
هي عبارة عن دفع الأرض من مالكها إلى مَن يزرعها أو يعمل عليها، ويقومان باقتسام الزرع بينهما، وتُعتَبَر المزارعة "عقد شركة" بأن يقدِّم الشريك الآخَر العمل في الأرض، وتمويل المصرف الإسلامي للمزارعة هو نوعٌ من المشاركة بين طرفين:
الطرف الأول: يُمَثِّله المصرف الإسلامي باعتباره مقدم التمويل المطلوب للمزارعة.
الطرف الثاني: يُمَثِّله صاحب الأرض أو العامل (الزارع) الذي يحتاج إلى تمويل.

شروط المزارعة:
1- أهليَّة المتعاقِدَين (صاحب الأرض والعامل عليها) من النواحي القانونية والفنية والسُّلوكية.
2- أن تكون الأرض صالحة للزراعة، مع تحديدها وبيان ما يُزرَع فيها.
3- بيان مُدَّة الزراعة إن كانت مثلاً لسنة أو سنتين أو لمدَّة معلومة.
4- أن يكون الناتج بين الشريكَين مَشاعًا بين أطراف العَقْدِ، وبالنسبة المتَّفَق عليها؛ أي: يجب تحديد نصيب الطرفين كليهما.
5- بيان مَن يقدِّم البذر من الطرفين ومَن الذي لا يقدم؛ لأن المعقود عليه يختلف باختلاف البذر. فإذا كان من قِبَلِ صاحب الأرض كان المعقود عليه مَنْفَعة الأرض، وإذا كان من قِبَل العامل فالمعقود عليه مَنْفَعة العمل.
6- بيان نوعيَّة المزارعة؛ أي: نوع المحصول الذي سيُزرَع.

عاشرًا: المُساقَاة[26]:
لغة: مأخوذة من السقي؛ وذلك أن يقوم الشخص على سقي النخيل والكرم ومصلحتها، ويكون له من ريعها جزء معلوم.
اصطلاحًا: معاقدة على دفع الشجر والكروم إلى مَن يُصلِحها بجزء معلوم من ثمرها، أو هي نوع شركة على أن تكون الأشجار من طرف والتربية من طرف آخر، وأن يقسم الثمر الحاصل بينهما، والمُساقَاة مشروعة كالمزارَعة، وفيها سدٌّ لحاجة أصحاب الأشجار الذين لا درايةَ لهم بتعهُّد الأشجار فيحتاجون إلى معاملة مَن له خبرة في ذلك، فجُوِّزت المُساقَاة تحقيقًا لمصلحتهما.

تطبيق المساقاة في المصارف الإسلامية[27]:
تُعتَبر المُساقَاة نوعًا متخصِّصًا من "المشاركة" في القطاع الزراعي بين طرفين:
الطرف الأول: يُمَثِّله المصرف الإسلامي الذي يقوم بتمويل مشروعات مياه الشرب، أو مشروعات الري واستصلاح الأراضي؛ لزراعتها وتطويرها باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ومن ثَمَّ إدارة مشروعات المياه والري على مبدأ الربحية التجارية.

الطرف الثاني: يُمَثِّله صاحب البستان أو الشريك القائم عليه بالسقي والموالاة بخدمته حتى تنضج الثمار، وقد يكون الطرف الثاني طالب التمويل الذي يمتلك أرضًا ويرغب في تطويرها وزراعتها باستغلال مياهها الجوفية، أو نقل المياه إليها من موقع يتميَّز بغزارة مياهه، ولعلَّ مشروعات تمليك الأراضي الصحراوية للشباب، أو تمليك خِرِّيجي كليات الزراعة أراضي معيَّنة ذات مساحة محدَّدة للقيام بزراعتها وسقايتها، تُعَدُّ نوعًا من المشاركات التنموية التي يجدر أن تُولِيها المصارف الإسلامية ما تستحقُّها من العناية والأولوية.

الحادي عشر: القرض الحسن[28]:
عرفنا أن المصارف الإسلامية لا تمنح المتعامِلين معها قرضًا بالمعنى الذي تقوم به المصارف التقليدية، كما أنها لا تقوم بخصم الكمبيالات كما هو الحال في المصارف التقليدية؛ وذلك لأنه لا يجوز للمصرف تقاضي أيَّة زيادة عن المبالغ الممنوحة في هذه الحالة؛ فأيما قرض جَرَّ منفعة فهو ربا، ولكن هناك حالات يكون فيها المتعامِل مع المصرف الإسلامي مضطرًّا للحصول على نقدٍ لأيِّ سببٍ من الأسباب، فقد يحتاج نقودًا للعلاج أو للتعليم أو للسفر وغيرها، وليس من المعقول ألاَّ يلبي المصرف الإسلامي حاجة هذا الزبون لسببين هما:
1- إن مصلحة هذا الزبون مرتبِطة بالمصرف الإسلامي، فهو يُودِع نقوده فيه ويشتري منه ويتعامَل معه في جميع أموره المجدِيَة؛ ممَّا يعني استفادة المصرف من الزبون.
2- أن هناك مسؤولية اجتماعية تقع على عاتق المصرف، وهو مدُّ يد العون والمساعدة للمجتمع الذي يعمل فيه، وأهمُّ ما يمكن أن يُقحِمه لأعضاء هذا المجتمع هنا هو إبعادهم عن الاقتراض بالفائدة؛ لذلك يتمُّ منح أيِّ فرد من أفراد المجتمع المسلم هذا القرض، سواء كان زبون المصرف أم لا.

مصادر تمويل صندوق القرض الحسن:
1- يتمُّ تمويل صندوق القرض الحسن من أموال المصرف الخاصة.
2- الأموال المُودَعة لدى المصرف على سبيل القرض (حسابات الائتمان).
3- الأموال المُودَعة من قِبَل الجمهور في صندوق القرض الحسن التي يُفَوِّضون المصرف بإقراضها للناس قرضًا حسنًا.

الثاني عشر: الاستثمار في الشركات الاستثمارية والأوراق المالية[29]:
الاستثمار في شركات الاستثمار:
تعرف تلك الشركات بأنها شركات متخصِّصة في بناء وإدارة المحافظ الاستثمارية؛ حيث تقوم هذه الشركات بتلقِّي الأموال من مستثمِرين من مختلف الفئات؛ لتقوم باستثمارها في مَحافِظ (صناديق) وكونه من استثمارات مختلفة، ثم توزيع أرباح وخسائر هذه الاستثمارات على المُشارِكين، مُقابِل حصول شركة الاستثمار على نسبةٍ من الأرباح، كما هو معروف فإن المصارف الإسلامية لديها فائض سيولة - في بعض الأحيان - لا تستطيع أن تستثمرها؛ لذلك تقوم هذه المصارف بدفع تلك الأموال إلى شركات استثمارية، وبشرط أن تكون المحفظة الاستثمارية التي تقوم هذه الشركات بتكوينها لا تحتوي على أصول محرَّمة شرعًا، مثل السندات التي تحمل الفائدة الثابتة.

الاستثمار في الأوراق المالية:
تقوم المصارف الإسلامية بالاستثمار في الأوراق المالية عن طريق شراء أسهم شركات يكون نشاطها الأساس غير مخالِف لأحكام الشريعة الإسلامية، وقد أجازَ الفقهاء ذلك، فعلى سبيل المثال: يجوز للمصرف الإسلامي شراء سَهْمٍ في مصنع الحديد والسيارات، ولكن لا يجوز له شراء أسهم في مصنع للخمور أو في بنوك ربوية.


المراجع:
1- إرشيد، محمود عبدالكريم، الشامل في عمليات المصارف الإسلامية، دار النفائس، عمان، 2007، الطبعة الثانية.
2- الحناوي، محمد صالح، المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية، الدار الجامعية، القاهرة، 2000.
3- سمحان، حسين محمد، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، مطابع الشمس، عمان، بدون سنة الطبع.
4- شلهوب، علي محمد، شؤون النقود وأعمال البنوك، شعاع للنشر والعلوم، حلب، 2007، الطبعة الأولى.
5- صوان، محمود حسن، أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، دار وائل للنشر، عمان، 2001، الطبعة الأولى.
6- الهيتي، قيصر عبدالكريم، أساليب الاستثمار الإسلامي وأثرها على البورصات، دار أرسلان، دمشق، 2006، الطبعة الأولى.
7- وحيد، أحمد زكريا، دليلك إلى العمل المصرفي، دار البراق، حلب، 2010، الطبعة الأولى.

ـــــــــــــــــ
[1] شلهوب، علي محمد، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، شعاع للنشر والعلوم، حلب، 2007، ط1، ص405.
[2] إرشيد، محمود عبدالكريم، "الشامل في عمليات المصارف الإسلامية"، دار النفائس، عمان، 2007، ط2، ص41، 40.

[3] شلهوب، محمد علي، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، مرجع سبق ذكره، ص432.

[4] إرشيد، محمود عبدالكريم، "الشامل في عمليات المصارف الإسلامية"، مرجع سابق، ص43- 50.

[5] يقصد بالتنضيض التقديري في اللغة: من نضَّ المال إذا ظهر وحصل، ويُقال لما تيسَّر وحصل من الدين: ناضًّا، ويُقال: نضَّ الثمن، إذا حصل وتعجَّل، وفي الاصطلاح الفقهي هو تحويل المتاع إلى عين (دراهم أو دنانير)، نزيه حماد، "معجم المصطلحات الاقتصادية".

[6] وحيد، أحمد زكريا، "دليلك إلى العمل المصرفي"، دار البراق، حلب، 2010، ط1، ص281.

[7] شلهوب، علي محمد، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، مرجع سبق ذكره، ص433، 434.

[8] شلهوب، علي محمد، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، مرجع سبق ذكره، ص435.

[9] وحيد، أحمد زكريا، "دليلك إلى العمل المصرفي"، مرجع سبق ذكره، ص276.

[10] الهيتي، قيصر عبدالكريم، "أساليب الاستثمار الإسلامي وأثرها على البورصات"، دار أرسلان، دمشق، 2006، ط1، ص98- 109.

[11] شلهوب، علي محمد، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، مرجع سبق ذكره، ص436، 437.

[12] إرشيد، محمود عبدالكريم، "الشامل في عمليات المصارف الإسلامية"، مرجع سبق ذكره، ص73.

[13] شلهوب، علي محمد، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، مرجع سابق الذكر، ص427.

[14] صوان، محمود حسن، "أساسيات العمل المصرفي الإسلامي"، دار وائل للنشر، عمان، 2001، ص152.

[15] وحيد، أحمد زكريا، "دليلك إلى العمل المصرفي"، مرجع سبق ذكره، ص273، 274.

[16] الحناوي، محمد صالج، "المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية"، الدار الجامعية، القاهرة، 2001، ص72.

[17] شلهوب، علي محمد، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، مرجع سبق ذكره، ص423.

[18] إرشيد، محمود عبدالكريم، "الشامل في عمليات المصارف الإسلامية"، مرجع سبق ذكره، ص117.

[19] شلهوب، علي محمد، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، مرجع سبق ذكره، ص421.

[20] شلهوب، علي محمد، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، مرجع سابق الذكر، ص426.

[21] وحيد، أحمد زكريا، "دليلك إلى العمل المصرفي"، مرجع سبق ذكره، ص286.

[22] صوان، محمود حسن، "أساسيات العمل المصرفي الإسلامي"، ص167- 169.

[23] شلهوب، علي محمد، "شؤون النقود وأعمال البنوك"، مرجع سبق ذكره، ص431.

[24] وحيد، أحمد زكريا، "دليلك إلى العمل المصرفي"، مرجع سابق الذكر، ص289، 290.

[25] صوان، محمود حسن، "أساسيات العمل المصرفي الإسلامي"، مرجع سبق ذكره، ص177، 178.

[26] إرشيد، محمود عبدالكريم، "الشامل في عمليات المصارف الإسلامية"، مرجع سبق ذكره، ص150.

[27] صوان، محمود حسن، "أساسيات العمل المصرفي الإسلامي"، مرجع سبق ذكره، ص180.

[28] سمحان، حسين محمد، "العمليات المصرفية الإسلامية"، مطابع الشمس، عمان، ص 98.

[29] سمحان، حسين محمد، "العمليات المصرفية الإسلامية"، مرجع سابق الذكر، ص92.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.24 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.50%)]