عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 24-10-2023, 08:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

  • خواطر الكلمة الطيبة
  • – أهمية دراسة سـيـرة النبي صلى الله عليه وسلم

  • مشكلة الأمة اليوم أنها لم تدرس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم دراسة عميقة ومتأنية ولم تنتفع بها الانتفاع المطلوب ولم تأخذ منها العبرة كما ينبغي
  • ليس العالم هو الذي يعرف الخير من الشر ولكن العالم هو الذي يعرف خير الخيرين وشر الشرين ويستطيع التمييز بينهما
من القضايا المهمة التي يجب أن نوليها اهتمامنا من بداية الخلق إلى اليوم بالدراسة والبحث والتدقيق، وأن تدرس دراسة دقيقة عميقة، هي تلك الـ 23 عامًا التي قضاها النبي - صلى الله عليه وسلم- في مكة والمدينة، وهي مجمل دعوته ورسالته - صلى الله عليه وسلم-، ولو ركزنا على هذه المدة لاستخرجنا منها أشياءً عظيمة، تحقق منظومة الخير والمصالح والسعادة في الدنيا والآخرة.
وهذه المدة هي التي ابتدأ بها الوحي أول ما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم- بأول لقاء بين النبي - صلى الله عليه وسلم- وبين جبريل عليه السلام (سيد الملائكة مع سيد البشر)، وأنزل الله عليه {اقرأ بسم ربك الذي خلق}، فمن هذا اليوم إلى اليوم الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- «بل الرفيق الأعلى» يوم فاضت روحه - صلى الله عليه وسلم-، لو ركزنا في تلك الفترة، لحققنا مصالح وخيرات لا حصر لها على مستوى الفرد والجماعات، بل على مستوى العالم أجمع؛ لأن الله -تعالى- قال للنبي - صلى الله عليه وسلم-: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، فثلاثة وعشرون عامًا كانت رحمة.
القرآن الكريم وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم
لذلك من يقرأ القرآن يجد أن الله تكلم عن بداية الخلق لآدم -عليه السلام-، ومن بعده الأنبياء والمرسلون وأولو العزم منهم (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى) -عليهم الصلاة والسلام-، كل هذا يمثل ما بين الربع إلى الثلث في القرآن، إذًا وباقي الثلثين ماذا يحوي؟ إنه يحوي حياة النبي - صلى الله عليه وسلم-، كل المواقف التي مرت على النبي - صلى الله عليه وسلم- مذكورة في القرآن لماذا؟ أعني لماذا ذكر الله -عزوجل- الخلق كله إلى بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم- في ربع أو ثلث وثلاثة أرباع أو ثلثين في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم؟ لأن هذا هو الذي يحتاجه الخلق إلى قيام الساعة، نحن والعالم كله نحتاج في كل لحظه إلى حياة النبي - صلى الله عليه وسلم- كي تصحح المفاهيم، وتبنى المعاني والقيم، وتُصوب المواقف.
كتاب البداية والنهاية
هذا ابن كثير في كتاب البداية والنهاية تخيل أنه أفرد مجلدا واحدا في بداية الخلق، ومن سنة 13 هجرية إلى سنة 767 هجريا جعلها في ثمانية مجلدات، ويوم تكلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في حياته تكلم في أربعة مجلدات، تخيل العالم كله من بداية الخلق في مجلد. وأنا أتكلم عن ابن كثير؛ لأنه هو الذي فسر القرآن فأخذ الآيات التي جاءت من بداية الخلق إلى بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم- في مجلد واحد، وبالتقسيم في مجلدين، وما بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى عهده -رحمة الله تعالى عليه- في ثمانية مجلدات، والنبي -[- تكلم عنه في أربعة مجلدات؛ لأن هذه الثلاث والعشرين سنة التي عاشها النبي - صلى الله عليه وسلم- هي الحياة الحقيقية للأمم؛ لذا نحن نقول: إن ما نعيشه اليوم في واقعنا إنما هو جزء من التاريخ والتاريخ يعيد نفسه.
مشكلتنا اليوم
مشكلتنا اليوم أن الأمة لم تدرس هذه الحقبة المباركة دراسة عميقة ومتأنية، ولم تنتفع بها الانتفاع المطلوب، ولم تأخذ منها العبرة كما ينبغي، هذه الحقبة المليئة بالعبر والفوائد، والحكم؛ لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله عليه- يقول: «ليس العالم هو الذي يعرف الخير من الشر، ولكن العالم هو الذي يعرف خير الخيرين، وشر الشرين» فيبدأ يميز بينهم، نحن اليوم مشكلتنا ليست في طلبة علم ولا حفظة قرآن ولا حفظة سنة، ولكن عندنا مشكلة في كيف نقرر المصالح وندرأ المفاسد؟ من يقرر هذا غير عالم جليل راسخ في العلم؟
غزوة الأحزاب
وفي غزوة الأحزاب ترى وصفا دقيق من حذيفة بن اليمان:»برد شديد، وظلمة شديدة، وأصوات الرياح المزعجة، وفيها صوت الرعد والبرق، مع جوع وخوف وشدة وتعب» فقد جاء عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب: «من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: إن لكل نبي حواريا، وإن حواريَّ الزبير». رواه البخاري.
كيف وفي القوم كبار الصحابة؟
وروى حذيفة - رضي الله عنه - ذلك فقال: قال رجل: «لو أدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قاتلت معه وأبليت، فقال حذيفة: أنت كنت تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليلة الأحزاب وأخذتنا ريح شديدة وقر؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم قال: ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم قال: ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد؛ فقال: قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم، فلم أجد بدا؛ إذ دعاني باسمي أن أقوم، قال: اذهب فأتني بخبر القوم، ولا تذعرهم علي، فلما وليت من عنده، جعلت كأنما أمشي في حمام، حتى أتيتهم فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهما في كبد القوس فأردت أن أرميه فذكرت قول رسول الله -[- ولا تذعرهم علي، ولو رميته لأصبته، فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام، فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم، وفرغت قررت، فألبسني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائما حتى أصبحت، فلما أصبحت، قال: قم يا نومان. فكل واحد فيكم يقول: يا ليتني كنت موجودا في ذلك اليوم، كي أقول: أنا يا رسول الله، وأنا أقول لك هذا كذب، تدري لماذا؟ كيف وفي القوم أبوبكر وعمر وعلي وعثمان وطلحة والزبير ومعاذ بن جبل وعبدالله بن عمر وعمرو بن العاص -رضي الله عنهم جميعًا- ما أحد منهم قال أنا يا رسول الله! هل تتخيل معي هذا الموقف؟! فلا تقل أنا لا لا لا، وحذيفة يرد على هذا الذي يقول: لو كان فينا رسول الله ما تركناه يمشي على الأرض. يكمل حذيفة فيقول: حتى سماني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: والله لو ما سماني رسول الله لما قمت، لكن مع أن الوضع صعب، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم- طلب الأخبار دون أن يذعرهم عليهم وهذه قمة الحكمة، حذيفة يومها يقول إنه بعدما أخذ الأخبار يقول: بيني وبين أبي سفيان رمية حجر، ويقول: أخرجت سهمي ووضعته في كبد القوس ثم تذكرت كلام النبي - صلى الله عليه وسلم- «لا تحدث أمرا، ولا تذعرهم علينا».
طاعة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم
فأنزل سهمه سمعا وطاعة لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- رغم تلك الفرصة لقتل قائد جيش العدو وقتها، وتحققت المصلحة بعدما تقيد بما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبو سفيان جعله الله ينظر إلى أحوالهم في هذه الليلة في تلك الأجواء الصعبة من البرد والرياح وشدة الظلمة وعدم استقرار؛ مكوثهم فأخذ قرار العودة إلى مكة.
نموذج جلي في الهدي النبوي
فيا أخي، احذر من أن تقوم بشيء يضر الجماعة! احذر ان تحدث شيئا يضر بلدكم! احذر أن تعمل شيئا يضر أمتك! وتذكر دوما توجيه النبي - صلى الله عليه وسلم-: «لا تذعرهم علينا» ذلك التوجيه نموذج جلي في الهدي النبوي الكريم في مراعاة قضية تحقيق المصالح ودرء المفاسد، والحفاظ على الكرامة الإنسانية والحفاظ على الدماء والأعراض والأموال والعقول والدين قبل ذلك، لذلك نحن بالفعل في حاجة إلى دراسة تلك الثلاث والعشرين سنة دراسة دقيقة حتى نحقق منظومة الأمن والسعادة في الدنيا والآخرة.

اعداد: د. خالد سلطان السلطان

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; يوم أمس الساعة 12:04 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.40 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]