عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 27-07-2009, 09:27 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أشكُو إليكَ زَوْجي

لا يهتم بزينة نفسه ولا رائحته

إن الطبائع السوية والفطر المستقيمة تحب الجمال في كل شيء، والله تعالى يحب الجمال كما ورد في الحديث: ((إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويبغض البؤس والتباؤس))([1]).
ولذلك فإن المرأة تحب أن ترى زوجها طيب الرائحة، جميل المنظر، مهتم بملبسه كما يحب هو أن يرى منها، ويعجبها منه ما يعجبه منها.
ويخطئ الكثير من الرجال عندما يتجاهل ذلك من زوجته، ويظن أن المرأة يعجبها الرجل في كل أحواله، سواء أكان ثوبه قذرًا، أو رائحته خبيثة، أو غير نظيف، ولكن المرأة كائن حي له ذوقه ونظرته ومتطلباته كما للرجل بل ربما أكثر من الرجل، فلا ينبغي له أن يهدر إحساسها وذوقها بهذا التجاهل السخيف.
إنها تحس كما يحس الرجل، وأكثر مما يحسه في هذه الناحية، ولكن الحياء قد يمنعها من مواجهة الرجل بهذه العيوب التي تباعد بين قلبها وبينه، وتحرمها من متعة الانسجام الجنسي معه.
ولذلك كان سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما يقول: "إني لأتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين لي" وهذا عملاً بقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228].
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو أشد الصحابة هديًا برسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ويقول: "أفلا تحبه من امرأتك؟".
إن اهتمام الزوج برائحته وحسن مظهره ونظافة بدنه من الأمور التي تحبب الزوجة في زوجها، وتجذبها إليه، وتجعلها تأنس بالجلوس معه، وتسر بالنظر إليه والقرب منه، مما يثمر تقوية وشائج الألفة والمحبة بينهما.
وأين اقتداؤنا برسولنا صلى الله عليه وسلم الذي كان أعطر الناس، وأطيبهم رائحة، وكان يحب الطيب ويأمر أصحابه، ولا يرده أبدًا، وكان ينهى عن رده كما جاء في الحديث: ((من عرض عليه ريحان فلا يرده أبدًا، فإنه طيب الريح، خفيف المحمل)) ([2]). وذلك يعني حرص النبي صلى الله عليه وسلم على التزين والتطيب والجمال بصفة عامة.
(إن تزيُّن كل من الزوجين للآخر من أهم الأمور في سعادتهما الزوجية إذ يجعل في علاقتهما حيوية ويغمرها بالبهجة والسرور؛ لأن كلاً منهما يرى صاحبه في صورة جديدة وشكل جديد، يطردان بذلك من حياتهما الملل والسآمة لتكون الحياة كلها حركة وعملاً ونشاطًا.
وقد رُوي أنه دخل على الخليفة ـ الفاروق ـ رجل أشعث أغبر ومعه امرأته وهي تقول: لا أنا ولا هذا يا أمير المؤمنين. فعرف عمر كراهية المرأة لزوجها، فأرسل الزوج ليستحم، ويأخذ من شعره، ويقلم أظافره. فلما حضر أمره أن يتقدم من زوجته، فاستغربت ونفرت منه، ثم عرفته فقبلت به ورجعت عن دعواها، فقال عمر: "...وهكذا، فاصنعوا لهن، فوالله إنهن ليحببن أن تتزينوا لهن كما تحبون أن يتزينَّ لكم".
هكذا ينهج الإسلام بأهله منهج تجديد العواطف والعلاقة الجنسية لاستبقاء الزوجة ريحانة البيت، تنشر في أرجائه البهجة والفرح والسرور، وتتجدد بذلك حيوية الرجل فلا يضعف طول الهجران، وذبول زهرة البيت، فهما من ثم يمد كل منهما الآخر بأسباب الحيوية والبهجة والقوة)([3]).
ومن وسائل النظافة والتجميل للزوجة الحرص على سنن الفطرة من تقليم الأظافر وحلق الإبط والعانة، وكثرة الاغتسال لاسيما في أيام الصيف حتى يزيل رائحة العرق الكريهة، ويقص شعره إلى غير ذلك مما يحبب الزوج إلى زوجته ما لم يخالف الشرع.
وفي حديث أم زرع المشهور قالت المرأة الثامنة مادحة زوجها: زوجي المسُّ مسُّ أرنب، والريح ريح زَرْنب. أي: أن زوجها إذا مسته وجدت بدنه ناعمًا كوبر الأرنب. وقيل: كَنَّت بذلك عن حسن خلقه ولين عريكته، بأنه طيب العرق لكثرة نظافته واستعماله الطِّيب.
فإذا كانت المرأة تصف زوجها بحسن التجمل والتطيب لها، دلَّ ذلك على أن هاتين الصفتين تلعبان دورًا كبيرًا عندها، بل عند كل امرأة؛ لأن الفطر السليمة تحب ذلك.
وهذه رسالة عتاب وحب من زوجة لزوجها تقول له فيها: (يا أبا عبد الله... إنك إنسان جانبت طريق النظافة في ملبسك وفي مظهرك، ولا أراك تستعمل فرشاة أسنان! أما السواك فإنه مفقود من جيبك منذ شهور وهو من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم! فأين النظافة التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ لا تغضب وراجع نفسك! ولو أصبح حالي مثل حالك، ماذا تفعل؟)([4]).

&&&


([1]) رواه البيهقي، وصححه الألباني "صحيح الجامع" برقم (1722)

([2]) رواه مسلم.

([3]) متعة الحياة الزوجية، إسماعيل عبد القادر ص65، 66.

([4]) رسائل متبادلة بين زوجين، عبد الملك القاسم ص22.


رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]