عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-12-2021, 06:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,424
الدولة : Egypt
افتراضي التعليم المبرمج

التعليم المبرمج


محمد خالد عزيز






مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن سار على نهجهم ودربهم إلى يوم الدين.

وبعد:
يعتبر العصر الذي نعيش فيه بحق عصر العلم والتكنولوجيا وهو عصر يتميز بالتغيرات السريعة والتطورات المذهلة في المعرفة العلمية والتطبيقات التكنولوجية ويزيد هذا العصر العبء والمسؤولية على أكتاف العاملين في ميدان التربية والتعليم فيطلب منهم المشاركة في حل مشكلات هذا العصر عن طريق التعليم وعن طريق تدريس المناهج الدراسية المختلفة بطرق متميزة لتحقيق أهداف التربية.

إنَّ هذا العصر تطور تطورًا كبيرًا ومتسارعًا في المعرفة والتقدم العلمي في مختلف مجالات الحياة، وقد أدى ذلك إلى تحديات واجهت التربية، واستدعت إحداث التغيرات التي شملت بنية التربية، ووسائطها، وطرق تقويمها، والتحول من التعليم للتعلم، ومن المعلم للطالب، ومن التخطيط غير النظامي إلى التخطيط بأسلوب النظم، ومن الكتاب المدرسي المقرر إلى مصادر التعّلم المتعددة، ومن التعليم الجمعي إلى التعليم المفرد تتعدد مسميات التعليم المفرد، فمنها التعليم المبرمج، التعليم بمساعدة الحاسوب، خطة كيلر، التعليم الموصوف للفرد، الحقائب والرزم التعليمية.

وإقدامًا لمعرفة هذا النوع من التعليم جاء هذا البحث في بيان هذا النوع من حيثُ نشأتهُ وأنواعه وخصائصه ومميزاته وغيرها من الأمور الأخرى التي لها صلة بهذا الموضوع وسيكون المنهج كالآتي:
المطلب الأول:نَشأة التعليم المبرمج، وتعريفه، وأنواعه، ومميزاته، وأهميته.
المطلب الثاني:البرمجية التعليمية: مفهومها، وخصائصها، ومعاييرها العامة والخاصة، وعناصرها، وخطوات تصميم البرمجية، وشروطها.
المطلب الثالث:أنواع برامج الحاسوب التعليمية، وأسباب ازدهار استخدام البرمجيات التعليمية.
الخاتمة: التي تحتوي على استنتاجات هذا البحث.
المصادر والمراجع: التي وُثِّقَ منها هذا البحث.

المطلب الأول
نشأة التعليم المبرمج، وتعريفه، وأنواعه، ومميزاته، وأهميته
أولًا: نَشأةُ التعليمِ المبرمجِ
يَعتبرُ البعضُ أنَّ التعليمَ المبرمجَ طريقةُ تكنولوجية حديثة المنشأ، في حين يرى آخرون أنَّ جذوره تمتد إلى عهد الفلاسفة اليونان القدماء، فمنهج المحاورة وطرح الأسئلة على المتعلم وإشراكه في الرأي، وتلقي الاستجابة منه بصورة فورية تعود إلى أفلاطون. أمَّا سقراط: فقد استخدم طريقة الحوار في تعليمه، والتي تعتمد على إعطاء المتعلم أسئلة جديدة بعد الاستفادة من إجابته، وهي طريقة توليد الأفكار كما يراها سقراط للوصول بالمتعلم إلى الأهداف المرجوة منه، حيث كان يستخدم أسلوب التدرج المنطقي، مستفيدًا من أجوبة المتعلم. وفي بداية العشرينيات تقريبًا في العام 1925 م قام عالم النفس الأمريكي "سيدني برسي Sidney Pressey" باختراع أول آلة تعليمية وهي آلة صغيرة لتصحيح الاختبارات ذاتياً وتحتوي على إجابات متعددة وتمكن المتعلم من خلالها أن يكتشف أخطاءه ويعمل على تصحيحها وتقويمها. أمَّا في الخمسينيات فقد ظهرت فلسفة التعليم المبرمج بصورته الحقيقية التي نراها الآن، نتيجة لتجارب وأبحاث عالم النفس الأمريكي "سكنر B. F. Skinner"، والتي أعلن عنها في مؤتمر علم النفس بجامعة "هارفرد" سنة 1954، والتي كانت بعنوان " علم التعلم وفن التعليم"، وعرض ما توصل إليه من نتائج بعد أنْ أجرى تجاربه على الفئران والحمام، وربط نتائج هذا التعلم وتعلم الإنسان، حيث طبَّق نتائج تجاربه على ابنته ومدى تحصيلها في تعلم مادة الرياضيات نتج عنه تفوقها في تحصيل الدراسي. وفي نهاية محاضراته بين أهم الأسس التي يقوم عليها مبادئ التعلم المبرمج، وأنَّ البشر يتعلمون حينما يعزز نجاحهم، وبأنهم عرفوا الإجابة الصحيحة. ومن هذا يمكن القول أنَّ التعليم المبرمج ذو فائدة خاصة في المدارس التي لا يتوافر فيها تعليم جيد. (مرعي والحيلة، 2009؛ فرج، 2005؛ عليان والدبس، 2003).

ثانيًا: تعريفُ التعليمِ المبرمجِ:
عرَّف الحيلة (2003) التعليم المبرمج بأنَّه: أحد الطرق التربوية المنهجية القائمة على أسس تجريبية، والتي تستهدف الوصول إلى نظام فعّال في تقديم المعلومات والمفاهيم للمتعلم، وضمان استيعابه، عن طريق ما يقوم به من نشاطات ايجابية بالتصحيح الفوري للاستجابات وتسلسل الخبرات خطوة تلو خطوة، والتي تهدف إلى تحقيق أهداف تعليمية محددة.

وعرَّفه المرعي وحيلة، (2009) بأنَّه: طريقة تفريد في التعليم، تقوم على تقسيم الموضوع الدراسي، أو المهمة المراد تعلّمها إلى مجموعة أفكار، أو الخطوات المرتبة ترتيبًا منطقيًا متسلسلًا، تهدف في جملها إلى تحقيق أهداف تعلُّمية محددة، وتُعرّض هذه المهمة على الطالب، إمَّا على شكل مادة مكتوبة، أو مسموعة، أو مرئية.
وقال يوسف، (2009): بأنَّه عِلمُ يُخَطط له مسبقًا، وتُنظم طرائقه بحيث تؤدي بالدارس إلى الغاية المرجوة منه، وذلك بوضع المادة التعليمية في شكل برنامج متكامل من حيث المحتوى والتنفيذ.

من خلال ما أوردنا من تعريفات للتعليم المبرمج، يمكن أنْ نستنتجَ تعريفًا له بأنَّه: الطريقة التي يمكن بموجبها أنْ نقومَ بالتحكم في الخبرات التعليمية التي يحصل عليها المتعلم بكل عناية وتحديدها وترتيب تتابعها بحيث تجعل الفرد يتعلم بنفسه ويكتشف أخطاءه ويصححها حتى يصل إلى الأداء المناسب.

ثالثًا: أنواعُ التعليمِ المبرمجِ:
ذكر عوض الله، (2003)؛ وفرج، (2005)؛ ومرعي والحيلة (2009)، والصلال، (2011)، والشرقاوي، (2012): بأنَّ التعليم المبرمج يُقسَّمُ إلى أربعة أنواعٍ رئيسية من البرمجة هي: البرمجة الماتيكية والآلية والخطية والبرمجة المتشعبة، حيث أنَّ النوع الأول يُستخدم في مجال التعليم المنهي الذي يعتمد على الآلات والتجهيزات المحاكية، أمّا النوع الثاني: فينحصر استعماله في مجال الصناعة، ويتم التعليم فيه بمساعدة الحاسوب الذي يقوم بدور المنفذ لعملية التعليم، بينما يعتبر النوع الثالث والرابع أهم الأساليب استعمالًا في التربية المدرسية وأكثرها انتشارًا. وسأُبين النوعين الأخيرين لِما لهما من أهمية في مجال التربية والتعليم.

البرمجة الخطية: يُنسب هذا النوع للفيلسوف " سكنر"، ويقوم على تحليل المادة الدراسية أو التحصيلية لأجزاء مستقلة يسمى كل منها إطارًا، حيث يسير التعلم وفقًا لهذا النمط بخط مستقيم لا يمكن أنْ ينتقل الطالبُ إلى مهمةٍ أخرى قبل أنْ ينتهيَ من المهمة التي يتعلم فيها، ووفقًا لهذا النوع فإنَّه يوجد نموذج ومستوى واحد للمحتوى التعليمي المبرمج.

البرمجية المتشعبة: ويعود هذا النوع إلى الفيلسوف التربوي كراودر "crawder"، ويقوم على تحليل المادة الدراسية أو التحصيلية إلى أجزاء، ويتمُّ إعدادها بأكثر من مستوى، ويمكن للطالب الذي يخفق في مستوى من مستويات المحتوى التعليمي أنْ ينتقلَ إلى مستوًى آخرَ مُعد بطريقة مختلفة عن المستوى الذي سبقه، ووفقاً لهذا النوع فإنَّه يوجد أكثر من مستوى للمحتوى التعليمي المُبرمج.

رابعًا: مميزاتُ التعليمِ المبرمجِ
ذكر الفار، (2000)؛ وسلامة، (2002)؛ وفرج، (2005)؛ ومرعي والحيلة، (2009)؛ وعزازي، (2010)؛ ومبارز وإسماعيل، (2010)؛ والنعواشي، (2010)، مميزاتٍ ومبادئَ للتعليم المبرمج، منها:
1- الدقة في تحديد الأهداف، ووصف السلوك النهائي للمتعلم.
2- التفاعل المستمر بين المتعلم والبرنامج خلال فتره التعلم.
3- تشد الانتباه، وتثير وتساعد على تذكر المتطلبات السابقة للتعلم.
4- تمكين المدرس من معرفة الخبرات التعليمية التي يمكن أن يكتسبها الدارس نتيجة تعلمه للبرنامج مثل أساليب التفكير والاتجاهات والقيم.
5- تساعد على التذكر ونقل أثر التعلم.
6- التعزيز الفوري للاستجابات مما يزيد من دافعية المتعلم.
7- توفر تغذية راجعة عن الاستجابة.
8- يتوصل المتعلم إلى الإجابة الصحيحة بنفسه.

خامسًا: أهميةُ التعليمِ المبرمجِ
تتضح أهمية العليم المبرمج كما ذكرها عليان والدبس، (2003) من خلال الأمور التالية:
1- يحرر المتعلمين من المهمات الروتينية، ويتيح لهم فرص التفرغ لأعمال تربوية وتعليمية هامة.
2- يُشعِر الطلاب بالنجاح ويحثهم على التقدم؛ لأن كل مهمة تعليمية مقسمة إلى خطوات صغيرة ومتسلسلة.
3- يعمل على استثارة دافعية الطلاب للتعلم من خلال اتاحة حرية اختيار المواد التعليمية التي ينظمها لهم المعلم بما يتفق ومستواهم وقدراتهم.
4- يقلل من قلق الطالب وإحباطه من خلال توفيره فرصًا للتعلم دون رهبة أو خوف من المعلم.
5- يزود المتعلم بالتغذية الراجعة الفورية لاستجاباته الصحيحة والخاطئة، وهذا بدوره يؤدي إلى تحقيق التعلم وتأكيده.
6- يتيح لكل متعلم الفرصة ليسير في تعلمه بحسب سرعته وقدرته واهتماماته.
7- يختصر وقت التعلم اللازم بدرجة أكبر من التعلم التقليدي.
8- ينمي مهارات التفكير المنطقي من خلال تعلمه لبرامج معدة وفق خطوات منطقية متتابعة ومتسلسلة.
9- تسهم عملية إعداد البرنامج التعليمي وتجريبه وتعديله إلى إكساب المعلمين كفايات نوعية جديدة يمكن أن تسهم في نوعية التدريس وتحسين وتأهيل المعلمين الأكْفاء.


المطلب الثاني
البرمجية التعليمية: مفهومها، وخصائصها، ومعاييرها العامة والخاصة، وعناصرها، وخطوات تصميم البرمجية، وشروطها

أولًا: مفهوم البرمجية التعليمية:
هي تلك المواد التعليمية التي يتم إعدادها وبرمجتها بواسطة الحاسوب من أجل تعلمها، والتي تعتمد في إعدادها على نظرية "سكنر" المبنية على مبدأ الاستجابة والتعزيز. (مازن، 2009؛ الجبان والمطيعي، 2004).
هي تلك البرمجيات التي تم تصميمها وبرمجتها بواسطة دهاز الحاسوب بإحدى البرامج التطبيقية أو لغات البرمجة التي تحتوي على مواد تعليمية من مقررات دراسية مقسمة إلى أطر وأجزاء صغيرة متسلسلة بشكل منطقي. (عبد الحق، 2007).

ثانيًا: الخصائص العامة للبرمجيات التعليمية وفوائدها:
إنَّ للبرمجيات التعليمية خصائص عديدة كما ذكرها الفار(2002)؛ وفودة(2002)؛ والحيلة(2000) والتي تسهم في إنجاح هذا النوع من التعليم، وهذه الخصائص هي:
1- تشدُّ الانتباهَ، وتشوِّق الطالب بالمادة التعليمية المعروضة.
2- تثير وتساعد على تذكر المتطلبات السابقة للتعلم.
3- تقدِّم مواد تعليمية مثيرة بأسلوب لا يمكن تحقيقه في الكتاب المدرسي.
4- ترشد المتعلمَ، وتبلغه الهدفَ، وتعمل على زيادة تحصيل الطلبة، إثراء معلوماتهم.
5- توفر تغذية راجعة تتعلق بتصحيح الإجابة.
6- تمكِّن المتعلم من تكرار الدرس أكثر من مرة حسب الحاجة، أو اختيار الوقت المناسب لتعلمه.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.50%)]