عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28-08-2023, 05:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: هل يثبت القياس في الأسماء؟



هل تثبت الأسماء بالقياس؟
تحرير محل النزاع:
ليس الخلاف في أسماء الأعلام، كزيد وعمرو، ولا في أسماء الصفات، كعالم وقادر، إذ هذا متفق على امتناع القياس فيه، لأن الأعلام ثابتة بوضع الواضع لها باختياره، فليس لها ضابط، وأسماء الصفات لأجل المعاني الصادرة منها، والقائمة بها، فليس لأحد أن يقول: زيد إنسان، فأنا أحكم على كل إنسان بأن اسمه زيد، ولا أن يقول: عمرو عالم، وهو رجل، فأنا أحكم بأن كل رجل عالم، وإنما النزاع في الأسماء الكلية، أعني أسماء الأجناس والأنواع التي وضعت لمعان في مسمياتها تدور معها وجودًا وعدمًا، كالخمر الذي دار اسمه مع التخمير هل يجوز إطلاقه على النبيذ قياسًا بعلة التخمير والإسكار؟ [11]، اختلفوا على مذهبين:
سبب الخلاف:
ويرجع سبب الخلاف إلى خلاف لغوي هل الخمر إنما سُميت خمراً لأنها تخمر العقل بمعنى تغطيه للعلة التي فيه وهي الإسكار النبيذ قد يكون مُكسراً ويغطي العقل إذاً يخمر العقل إذاً سُمي الخمر خمراً لأنه يسكر العقل بمعنى يغطيه لوجود الإسكار فيه قد وُجدت هذه العلة على النبيذ ولم يُطلق العرب على النبيذ أنه خمر هل يجوز أن نسمي النبيذ خمراً أو لا؟ [12].

مذاهب العلماء:
المذهب الأول: ذهب فريق من الأصوليين إلى أنه يجوز أن تثبت الأسماء قياسًا، كتسمية النبيذ خمرًا، والنباش سارقاً، واللائط زانياً، وهو مذهب بعض المالكية، وبعض الشافعية، وجمهور الحنابلة، وجماعة من النحاة والأدباء، وكثير من الفقهاء [13].

أدلة المذهب:
إن وجود المعنى الجامع بين المقاس والمقاس عليه هو الذي جعلنا نلحق الفرع بالأصل، وهذه قاعدة عامة في القياس الشرعي، والقياس اللغوي، إذ لا فرق بينهما.

فمثلاً: علمنا أن مسكر العنب خمرٌ؛ لأنه يخمر العقل ويغطيه عن إدراك الواقع الذي يدور حوله، وهذه هي علة التحريم، وهذا المعنى موجود في كثير من المشروبات الروحية كالنبيذ وغيره، فيُسمى خمراً قياساً على مسكر العنب؛ لأنهما اشتركا في العلة فدخل شارب النبيذ في عموم الأدلة على تحريم المسكر، كقوله صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس: حرمت الخمر لعينها، قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب ". فمن هذا وما أشبهه وقعت شبهة من أباح القليل من سائر الأشربة، وأما نحن فلا نبيح شيئًا منه إذا أسكر كثيره، لما روينا، عن سعد بن أبي وقاص، وابن عمر وغيرهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره "، وقال: " ما أسكر كثيره فقليله حرام "، وقال: " كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام " وروينا في حديث ابن عباس هذا أنه قال: " والمسكر من كل شراب " [14].

وكذلك سُمي الزاني زانياً؛ لأنه ولج فرجه في فرج محرم، فيقاس عليه اللائط في إثبات اسم الزاني عليه؛ لاشتراكهما في العلة والجامع وهو: إيلاج فرج محرم في فرج محرم شرعاً، فدخل اللائط في عموم قوله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [15].

المذهب الثاني: وذهب فريق آخر إلى أنه لا تثبت الأسماء قياسًا، وإنما محل القياس الأحكام، وهو مذهب الحنفية، وبعض المالكية وأكثر الشافعية، وبعض الحنابلة [16].

أدلة المذهب:
إن العرب إمَّا أن تكون وضعت الاسم لهما معاً فلا قياس، وإنَّما هو وضع منهم لا مِنّا، وإمَّا أنها وضعته لواحد منهما فليس لنا أن نتعدى ونزعم أنهم وضعوه للثاني، أو يحتمل أنه وضع لهذا أو ذاك فليس لنا أن نتحكم [17].

وقد رأيناهم يضعون الاسم لمعانٍ ويخصصونها بالمحل، كما يسمون الفرس: أدهم؛ لسواده، وكميتًا؛ لحمرته، والقارورة من الزجاج، لأنه يقر فيها المائعات، ولا يتجاوزون بهذه الأسماء محلها، وإن كان المعنى عامًّا في غيره [18].

ووضع الاسم لشيئين: الجنس والصفة، ومتى كانت العلة ذات وصفين: لم يثبت الحكم بدونهما[19]، معنى ذلك: أن ما معنا شبيه بالاشتقاق، حيث يوجد في المشتق خصوص المحل مع المعنى المشتق منه، كما سمي الأسد "ضيغمًا" مشتقًا من "الضغم" وهو العض الشديد، ولم يسم الجمل "ضيغمًا" وإن كان العض الشديد موجودًا فيه، لأن خصوصية الأسدية مرادة في "الضغم" والبعير ليس بأسد، فكذلك خصوصية الفرسية موجودة في الأدهم مع السواد، فالعلة ذات وصفين، فلا يثبت الحكم بأحدهما دون الآخر [20].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.96 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.79%)]