عرض مشاركة واحدة
  #127  
قديم 16-03-2008, 03:55 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الإعجاز العلمي في السرابيل من منظور القرآن الكريم



حسن يوسف شهاب الدين أستـاذ فيزيـــاء
[email protected]
أولاً-مقدمة:
هذا البحث يعرض الإعجاز العلمي والبياني في قول الله تعالى:﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ﴾.
وذلك من خلال توضيح دور السرابيل في الوقاية من ظروف الجو( الحار والبارد )، والوقاية من الأمراض الجسمية والنفسية, والوقاية من أخطار السلاح القديم والحديث, والاستفادة من السرابيل في البحث العلمي عند الدراسة الجيدة للظروف الجديدة، وكيفية التعامل معها انطلاقًا من المبدأ القائل( الوقاية خير من العلاج ).
فسبحان الذي أنزل القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باللغة العربية في عصر البلاغة والفصاحة متحديًا الشعراء والبلغاء أن يأتوا بمثله، أو بسورة من مثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا. وأكد سبحانه وتعالى أنهم لن يستطيعوا, لضعفهم مهما بلغوا من علوم اللغة وغيرها. والقرآن الكريم كتاب فيه من كل شيء مثل موصوف بتعبير دقيق وإيجاز وإعجاز مبهر.
لذلك كان لزامًا علينا عند قراءة الآيات القرآنية الوقوف عندها وقفة المتأملين المتفكرين؛ لنفهم معانيها، ونتعلم منها ما غاب عن عقولنا، ونحصل على الحياة الهنيئة في الدنيا، والسعادة الأبدية في الآخرة.
ثانيًا-المعنى اللغوي للسرابيل والوقاية:
السرابيلمن ( سربل )جمع: سِرْيال. والسِّرْبالُ- كما في لسان العرب- القميص، والدِّرْع. وقيل: كُلُّ ما لُبِسَ فهو سِرْبالٌ. وقد تَسَرْبَلَ به، وسَرْبَلَه إِياه. وسَرْبَلْتُه فَتَسَرْبَل. أَي: أَلبسته السِّرْبالَ.. وتَسَرْبَلَ هو: لبس السِّرْبال. قال لبيد بن أبي ربيعة العامري:

الحمد لله إذ لم يأتني أجلي *** حتى اكتسيت من الإسلام سِرْبالا


وقال الراغب الأصفهاني: السربال: القميص من أي جنس كان. قال الله تعالى:


﴿سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ)(إبراهيم : 50 )

وتطلق السَّرابيلُ على الدروع، ومنه قول كعب بن زهير:
شُمُّ العَرانِينِ أَبْطالٌ لبَوسُهُمُ ***من نَسْجِ دَاوُدَ، في الهَيْجا سَرابِيلُ
وقد جمع قوله تعالى:﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ المعنيين: القمصان والدروع {2}.
والوقاية من ( وقى )، ومعناها: حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره. يقال: وَقَيْتُ الشيءَ، أقيه، وِقايةً، ووِقاءً. أي: حفظته حفظًا. قال تعالى:
﴿فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً( الإنسان: 11 ).
﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾( الدخان: 56 ).
ثالثًا-قال الله تعالى في القرآن الكريم:﴿وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ*وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ( النحل: 80- 81 ).
من نعم الله سبحانه وتعالى أنه خلق الأنعام وسخرها لخدمة الإنسان لكي يستفيد منها وتؤمن له الراحة والأمان والطمأنينة والسكون, فمن جلودها يصنع بيوتًا خفيفة الوزن، تحمل على ظهورها يوم الرحيل، وتؤمن الراحة والظل، الذي يكون أقل حرارة مما حوله في تلك الأرض ذات المناخ الحار, ونستطيع التعرف على هذه الحالة بالتجربة والبرهان عليها بالمعاينة.
لنأخذ مقياسا للحرارة ولنسجل درجة الحرارة في الظل المتشكل, ونقيس أيضًا درجة الحرارة بدونه, فنلاحظ أن الحرارة في الظل تكون أقل ضمن شروط المادة، التي شكلت الظل. ولملاحظة الفرق بين هذه البيوت، والبيوت المصنوعة من المواد ذات الموصلية الجيدة، التي تمتص الأشعة, سنأخذ بيتًا مصنوعًا من الحديد مثلاً, فنلاحظ أن الحرارة في ظله المتشكل ستكون أعلى من سابقتها وكأنه فرن حراري.
والآية الكريمة تخبرنا عن البيوت المصنوعة من جلود الأنعام ووظيفتها, فهي تحمينا من الحر؛لأنها تحجب بدورها أشعة الشمس من الوصول إلى داخلها مكونة الظل. ولأن جلود الأنعام وأصوافها وأوبارها وأشعارها تتمتع بموصلية رديئة للحرارة، يكون البيت أقل حرارة من الوسط المحيط، وواقيًا من أشعة الشمس المحرقة، التي يقوم على تشتيتها، فيوفر لساكنيه الراحة والطمأنينة والسكون, وتحمينا من البرد أيضًا؛لأنها تحفظ الحرارة داخلها، وتحول دون تسربها وفقدانها.
ومن حكمة الله تعالى وتكرمه علينا أنه سخر لنا هذه الأنعام؛ لنستفيد منها بصنع الأثاث والبيوت واللباس، الذي يحمينا من أيام البرد وأيام القيظ.
الملابس التي تقي الإنسان من ظروف الجو:
كيف لهذه الملابس (السرابيل) أن تحمينا في أيام البرد وأيام الحر؟
قال الله تعالى:﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ
الملابس (السرابيل)هي موصل رديء للحرارة؛ حيث تعرقل وصول الحرارة من الجسم إلى الوسط الخارجي، وبالعكس.
ففي أيام البرد عندما يكون الجو باردًا، تكون درجة حرارة الجسم أعلى من درجة حرارة الجو؛ لذلك يشعر الإنسان بالبرد. ولكن عندما يرتدي معطفًا مصنوعًا من الصوف، أو الفرو مثلاً، فإن الأخير يعمل على فصل جسمه عن الوسط المحيط به، وبذلك يقوم المعطف بحفظ حرارة الجسم، ويحول دون نقلها وتسربها؛ لأنه لا يستطيع ذلك.
أما في حالة الحر فإن المعطف (السربال) يقوم بنفس العمل، الذي قام به عندما لبسناه في حالة البرد: لأنه موصل رديء يمنع وصول أشعة الشمس المحرقة من الوسط الخارجي إلى الجسم، الأمر الذي يحفظ للجسم حرارته.
ومن هنا نستطيع القول: إن السرابيل لا تدفئ الجسم، ولا تبرده؛ وإنما تعمل على حفظ حرارته.
ولكن التجربة خير دليل على ما سبق أسوة بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، رائد العلم النظري والتجريبي عندما قال:ليس الخبر كالمعاينة{4}.
التجربة الأولى:
لنأخذ مقياسًا حراريًا، ونقرأ درجة حرارة الوسط (الغرفة)، ثم نضعه بمعطف الفرو، ونعود إليه بعد ساعات، وعندما نقرأ درجة الحرارة بعد ذلك، سنتأكد من عدم ارتفاعها، ولو بمقدار ضئيل؛ إذستبقى درجة الحرارة على ما كانت عليه سابقًا دون تغيير. وهذا دليل أن المعطف (السربال) لا يدفئ.
التجربة الثانية:
لنأخذ كيسينفيهما جليد، نترك الأول مفتوحًا ومكشوفًا على الوسط الخارجي, ونضع الثاني بمعطف من الفرو (سربال)، وكلاهما ضمن نفس الشروط الفيزيائية في جو الغرفةً، وعندمايذوب الجليد الموجود في الكيس الأول، نرفع معطف الفرو عن الكيس الثاني، فنرى أن الجليد، الذي في داخله لم يبدأ بالذوبان بعد. وهذا يعني أن معطف الفرو (السربال) لم يدفئالجليد، بل عمل على حفظ حرارته، فجعله يتأخر في الذوبان.
إذا السرابيل هي مصدر وقاية للإنسان من ظروف الجو، وحاميًا له من الأمراض الناتجة عن البرد والحر{5}.
السرابيل الواقية من الأمراض:
- أثبتت الدراسات الحديثة أن الملابس تعكس وتشتت موجات الأشعة فوق البنفسجية الضارة؛ لتقي الإنسان من الإصابة بكل أنواع سرطانات الجلد، مثل السرطان القاعدي، والحرشفي، والقتامي. كما أثبتت الدراسات أن سرطان الجلد عادة يصيب الأجزاء الأكثر عرضة لأشعة الشمس؛ كالوجه والقدمين والصدر وغيرها, مما جعل العلماء في جميع أنحاء العالم المتقدم يحذرون من التعرض لأشعة الشمس، وينادون بارتداء الملابس الساترة للجسم{6}.
ومن هنا نجد الحكمة في التشريع الإلهي من اللباس الشرعي بالمعنى الحسي, والكل يعلم الأثر النفسيوالأضرار الناتجة عن عدم التقيد بهذا اللباس على مستوى الفرد والجماعة.
هل كل السرابيل تقي من الحر والبرد؟
قال الله تعالى في القرآن الكريم:﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ *سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىوُجُوهَهُمْ النَّارُ *لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾( الأنبياء: 49- 51 )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جَرَب. رواه مسلم.{7}.
والقطران مادة قابلة للاشتعال، وموصلة جيدة للحرارة، لا تستطيع رد الأشعة، ولا تقي من الحر.
السرابيل الواقية من السلاح بنوعيه( القديم والجديد ):
قال الله سبحانه وتعالى:﴿وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ
فهي الملابس الواقية، التي يرتديها المحارب وقت البأس (الحرب)؛ لتحصنه من سلاح عدوه، سواء كان هذا السلاح قديمًا كان، أم حديثا.
ملابس الحرب القديمة:
وهي الملابس التقليدية، ال
ملابس الحرب القديمة التي كان تقي الإنسان من السهام وضروب السيوف والنبال
تي يلبسها الفارس وقت الحرب؛ فمنها الدروع، التي تقي الصدر والظهر. ومنها ما يوضع على الساعدين والقدمين. ومنها القلنسوة، التي توضع على الرأس لحمايته. ومن فضل الله تعالى أنه علم نبيه داود- عليه السلام- التعامل مع الحديد، وصناعة الدروع، فهو أول من صنعها, بعد أن كانت قبله صفائح، وهو أول من سردها وحلقها؛ لتكون لصاحبها حصنًا، ووقاية من سلاح الأعداء. قال الله سبحانه وتعالى:
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ*أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾( سبأ: 10- 11 )
وقال الله تعالى:
﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ( الأنبياء: 80 )
فامتن عليه سبحانه داود بأن آتاه منه فضلاً ( حكمًا وعلمًا )، وسخر له الجبال، والطير يسبحن معه، وعلمه صنعة اللبوس. وفي ذلك دليل على فضل هذه الصنعة؛ إذ أسند تعليمها إياه إليه تعالى﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ. والمعنى: علمناه صنع الدروع لأجلكم. أو علمناه ذلك كائنًا لكم.
فالتعليم في الظاهر لداود عليه السلام، ولكنه في الحقيقة لأجلنا، أو كائن لنا؛ ولذلك امتن سبحانه علينا بها بقوله:﴿ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ.أي: لتكون وقايةلكم في حربكم، وسببًا للنجاة من عدوكم.﴿فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ ﴾.وهو استفهام يتضمن الأمر. أي: اشكروا الله على ما أنعم به عليكم.
واللبوس في أصل اللغة هو اللباس. وصيغ على وزن: فعول بمعنى مفعول للمبالغة. ويطلق ويراد به أحد معنيين:
أولهما: ما يلبس من ثوب، أو غيره.
والثاني: ما يتحصَّن به من درع، أو غيرها من السلاح.
والمراد من الآية الكريمة: علمناه صنعة الدروع. قال قتادة: كانت الدروع قبل ذلك صفائح، فأول من سردها، وحلَّقها داود عليه السلام، فجمعت الخفة والتحصين. وقيل: داود أول من صنع الدروع، التي تسمَّى: الزرد. وقيل: إن الله تعالى ألان الحديد له، يعمل منه بغير نار؛ كأنه طين. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:
﴿ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ( سبأ: 11 )
وقال الشاعر :

عليها أسود ضاريات لبوسهم*** سوابغ بيض لا يخرّقها النبل

وقرأ الجمهور:﴿ لِيُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ، بياء الغيبة، فالضمير عائد إلى اللبوس؛ لأنه في اللفظ مذكر. وقرأ ابن عامر وحفص والحسن وسلام وأبو جعفر وشيبه وزيد بن علي:﴿ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ، بتاء الخطاب، فالضمير عائد إلى الصنعة، أو اللبوس على معنى الدرع. ودرع الحديد مؤنثة.[8].
ولكن هذه الملابس كانت في العصر القديم, فكيف لنا أن نستفيد منها اليوم في عصر التقدم والثورة التكنولوجية ووجود السلاح الناري؟
يتبع
..
.
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.76 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]