عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-08-2020, 03:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,947
الدولة : Egypt
افتراضي الرقية وأخواتها

الرقية وأخواتها


أحمد الجوهري عبد الجواد





إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد فيا أيها الإخوة!
إن السبيل الوحيد إلى حرية الإنسان حرية صحيحة وكاملة هو الانضمام إلى قافلة التوحيد والانضواء تحت لواء عبادة العزيز الحميد، فعبودية الله - عز وجل - شرف وتكريم من الرحمن، أما عبودية غير الله فرق وذل وهوان، ونهاية تحقيق التوحيد - أحبتي في الله - هو التوكل على الله - تعالى - في كل شأن كبير وصغير وقطع الأمل مما عداه، فإنه من توكل على الله كفاه، ومن توكل على غيره عراه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تعلق شيئاً وكل إليه".[1]

فمن تعلق بقلبه وفعله بأي شيء يظن أنه ينفع ويضر من خيط أو حلقة أو خرز أو ولي من الأولياء أو قبر من القبور أو ضريح من الأضرحة وكله الله إلى ما تعلق به.

وهذه عقوبة من الله عز وجل أي عقوبة، وإهانة منه سبحانه أي إهانة! لأن الله تعالى إذا تخلى عن إنسان ووكله إلى غيره هلك، أما من توكل على الله عز وجل وحده فإن الله سبحانه وتعالى يتولى أمره، لأنه لا ينفع في الحقيقة إلا الله، ولا يضر إلا الله، ولا يشفي إلا الله، ولا يرزق إلا الله، ولا يعطي إلا الله، ولا يمنع إلا الله، نعم فما لنا ألا نتوكل على الله؟.

روى الإمام أحمد عن عطاء الخراساني قال: "لَقِيْتُ وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالبَيْتِ، فَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنِي حَدِيْثًا أَحْفَظُهُ عَنْكَ في مقَامِي هَذَا وَأَوْجِزْ، قَالَ: نَعَمْ، أَوْحَى اللهُ - تبارك وتعالى - إلَى دَاوُدَ: "يَا دَاوُدُ، أمَا وَعِزِّتي وَعَظَمَتِي لا يَعْتَصمْ بِي عَبْدٌ مِنْ عَبِيْدِي دُونَ خَلْقِي أَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ فتَكِيْدُهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَمَنْ فِيْهِنَّ وَالأَرْضُونَ الَّسبْعُ وَمَنْ فْيِهنَّ إلاَّ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِهنَّ مَخْرجًا، أَمَا وَعِزَّتِي وَعَظَمَتِي لا يَعْتَصِمُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيْدِي بِمَخْلُوقِ دُونِي أَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ، إلاَّ قَطَعْتُ أَسْبَابَ السَّمَاءِ مِنْ يَدِهِ، وَأَسَخْتُ الأَرْضَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ لا أُبالِي بِأَيِّ وَادٍ هَلَكَ".[2]

لذا فالحزم كل الحزم والنجاة كل النجاة لا تحصل إلا لمن اعتمد وتوكل على سيده ومولاه فهذا هو السبب النافع والناجح مع الأخذ بالأسباب، وهو طريق النجاة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله"[3].

والأسباب هنا هي الأسباب الشرعية المباحة من قبل الله - تعالى - ومن قبل رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولذا كان الوقوف على هذه الأسباب واجباً شرعيّاً على كل مسلم حريص على نقاء توحيده وصفاء عقيدته، وليس اتخاذ ما لم يجعله الله سبباً كما يفعل كثير من الناس يوقع نفسه في الشرك بذلك وفي الكذب على القدر كما بينا في اللقاء السابق ونحن نتحدث عن سبب من هذه الأسباب المتخذة لدفع البلاء ورفعه وهي الحلقة والخيوط والخرز وبينا قيمتها في الشرع وأنها ليست بشيء وليس لها قيمة إذ تعرفنا على حرمتها بل شركيتها، وقدمنا البديل الشرعي لها.

وفي هذا اللقاء نتحدث عن نوع آخر من أنواع الشفاء والوقاء التي يتخذها البعض لدفع البلاء ورفعه ألا وهي: الرقى والتمائم والتولة، وهي أمور وهمية تنافي التوكل على الله ولا تأثير لها في حقيقة الأمر، وهي من الصنائع التي يصنعها السحرة والمشعوذون بإشراف وتوجيه من الشيطان الأكبر ليضلوا بها العباد عن سواء السبيل.

فتعالوا بنا نتعرف إليها وإلى أحكامها في هذه الدقائق سائلين الله - تعالى - أن يعلمنا ويرشدنا ويهدينا، وكما تعودنا فسوف ننظم سلك موضوعنا في نقاط حتى لا ينسحب بساط الوقت من بين أيدينا.
أولاً: تعريف الرقى وأحكامها.
ثانياً: تعريف التمائم وأحكامها.
ثالثاً: تعريف التولة وحكمها.
رابعاً وأخيراً: وقفة صادقة.

فأعيروني القلوب والأسماع - أيها الإخوة - أسأل الله أن يحشرنا موحدين تحت لواء سيد النبيين.

أولاً: تعريف الرقى وأحكامها:
أيها الإخوة! الرُّقَى جمع رُقْيَة والرقية هي ما يقرأ على المريض من الآيات القرآنية أو الأدعية المشروعة أو المباحة، هذه هي الرقية الشرعية، ولكن الناس ابتدعوا من عند أنفسهم فيها فحرفوها عن المعنى الشرعي إلى نوع آخر بدعي ولذا فالرقى نوعان:
رقى شرعية وهي ما كان من آيات الله وأدعية رسوله أو أدعية مباحة مجربة خالية من المخالفات الشرعية
ورقى بدعية وربما صارت شركية وهي ما كانت بخلاف ذلك.

فالرقية قد تكون شرعية وقد تكون بدعية والسؤال: متى تكون الرقية شرعية صحيحة موافقة للكتاب والسنة؟
والجواب: لقد أرشدنا الشرع إلى أن كل رقية ليست بالضرورة أن تكون صحيحة بل من الرقى ما هو غير ذلك ومن ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اعرضوا على رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك". [4]

قال هذا لما قال له أصحابه: إنا كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، والحديث أخرجه مسلم من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه.

فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن تعرض عليه الرقى، وكذلك ينبغي علينا أن نعرض رقانا على الشرع الحنيف من بعده صلى الله عليه وسلم فالشرع قائم مقامه، فنعود إلى القرءان وإلى سنة النبي العدنان عليه الصلاة والسلام، وقد استقرأ العلماء الشريعة المطهرة فاستخرجوا منها الشروط التي إن اجتمعت صارت الرقية صحيحة شرعاً.

فالرقية الشرعية لابد أن تكون:
أولاً: بشيء من كلام الله، أو توسلاً بأسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، أو بأدعية مشروعة مباحة.

ثانياً: أن تكون باللسان العربي، أو بما يُعرَف معناه من أية لغة أخرى، لأن ما لا يعرف معناه يحتمل أن يكون شركاً كما نسمع من كثير من الناس فيقول هذه عبرانية وهذه سريانية أو هذه عفريتية أو جنية لا شأن لكم المهم أن يشفى مريضكم، لا - أيها الإخوة -، بل سلامة الدين أولى، فماذا يفعل من شفي بدنه ومرض دينه؟!.

ثالثاً: أن يكون فعلها صادرًا عن عقيدة صحيحة بأن الشافي هو الله وأنه هو الضار النافع سبحانه وتعالى فلا يعتقد أن الرقية تشفي بذاتها فإذا اعتقد ذلك كان شركاً أكبر، لأنه نسب إلى شيء ما هو من خصائص الله تعالى، فمن خصائص الربوبية تدبير حالة الخلق كلهم، وإن اعتقد مقارنتها للشفاء وأنها لابد أن تكون موجودة ليحصل الشفاء كان ذلك شركاً أصغر. [5]

هذه - أيها الإخوة - الشروط التي بها تصح الرقية وتكون شرعية كما دلت عليها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية عن خير البرية، ليست المسألة بالرأي ولا بالعقل، لأن العقل لا يستقل بمعرفة الخير من الشر بل لابد أن نور الوحي يضيء للعقل الطريق فيبصر وصدق من قال:
لا يستقل العقل دون هداية
بالوحي تأصيلاً ولا تفصيلا

كالطرف دون النور ليس بمدرك
حتى يراه بكرة وأصيلا

نور النبوة مثلُ نور الشمس
للعين البصيرة فاتخذه دليلا

فإذا النبوة لم ينلك ضياؤها
فالعقل لا يهديك قطُّ سبيلا

طرق الهدى محدودة إلا على
من أمّ هذا الوحي والتنزيلا

فإذا عدلت عن الطريق تعمدا
فاعلم بأنك ما أردت وصولا

يا طالباً درك الهدى بالعقل
دونالنقل لن تلق لذاك دليلا


فلنلتزم بشريعة ربنا - أيها الإخوة -، والأسلم والأولى أن لا نرقى إلا بآية أو حديث فإن النفع فيهما محقق بخلاف غيرهما وإن كان مجرباً نافعاً لكنه قد يتخلف، ولذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرقى برقي كثيرة فلما نزلت المعوذتان أخذهما وترك ما سواهما، فعن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فلما نزلت أخذ بهما وترك سواهما[6] والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه بسند صحيح.

فاحذروا لدينكم رحمكم الله:
اجتنبوا الرقى المحرمة من رقى السحرة والمشعوذين فإن الذهاب إليهم ذهاب للدين والإيمان بل والعقل.

اجتنبوا الرقى بعبارات غامضة غير واضحة ولا مفهومة فإنها لا يؤمن أن تكون شركاً وما كان كذلك يحرم تعاطيه.

اجتنبوا الرقى التي فيها ما حرم الله من الذبح لغيره والسب واللعن والشتم والقذف والفحش والتفحش وتناول المحرمات وكشف السوءات والعورات واعلموا أن الشافي حقّاً هو العزيز الحكيم بارئ البريات فاضرعوا إليه أن يكشف كربكم ويزيل همكم ويشفى مريضكم وليكن رجاؤكم في الله عظيم.

مددت يد الرجاء والناس قد رقدوا
وبت أشكو إلى مولاي ما أجد

وقلت يا أملي في كل نائبة
يا من عليه لكشف الضر أعتمد

أشكو إليك أموراً أنت تعلمها
مالي على حملها صبر ولا جلد

لقد مددت يدي بالذل مفتقراً
إليك يا خير من مدت إليه يد

فلا تردنّها يارب خائبة
فبحر جودك يروي كل من يرد


والسؤال - أيها الإخوة - كيف نعالج أنفسنا بالرقى الشرعية؟
والجواب: أن يقرأ وينفث على المريض أو يقرأ في ماء ويسقاه المريض بآيات القرآن كالفاتحة والمعوذتين وغيرها من آيات القرآن العظيم، وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب المريض منه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله - تعالى - وإن دعت الحاجة إلى إعادة ذلك مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول المرض وقد جرب كثيرًا فنفع الله به.

وكذا تقرأ سورة الفاتحة، وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وسورة الإخلاص، والمعوذتين ثلاث مرات أو أكثر مع النفث ومسح الوجع باليد اليمنى.

ومنها التعوذات والرقى والدعوات الجامعة كدعاء أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك (سبع مرات)، ومنها أن يضع المريض يده على الذي يؤلمه من جسده ويقول: "بسم الله" ثلاث مرات، ويقول: "أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر (سبع مرات)، و« اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما »، و« أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة »،" أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق »، وهذه التعوذات، والدعوات، والرقى يعالج بها من السحر، والعين، ومس الجان، وجميع الأمراض؛ فإنها رقى جامعة نافعة بإذن الله - تعالى -. [7]

أيها الإخوة هذا عن الرقى تعريفها وحكمها فماذا عن التمائم وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء:
تعريف التمائم وأحكامها.
أيها الإخوة: التمائم جمع تميمة: وهي التي يسميها الناس اليوم "حجاب" يتخذونه من خَرَزَات أو ما أشبهها ويضعونها في جلد أو ورق أو قماش ويخيطونه ثم يعلقونه على صدر المريض أو الطفل الصغير بغرض الوقاية من العين والحسد أو الشفاء من مرض وقع.

وهي من موروثات الجاهلية قال الحافظ ابن حجر: والتمائم: جمع تميمة، وهي خرز أو قلادة تعلق في الرأس كانوا في الجاهلية يعتقدون أن ذلك يدفع الآفات. [8]

وقال العلامة ابن الأثير: التمائم جمع تميمة وهي خَرَزات كانت العرب تُعلّقها على أولادهم يَتَّقُون بها العين في زعْمهم فأبْطلها الإسلام. [9]

فالعجب أن كثيراً من المسلمين يتعلق قلبه بهذه التمائم والأحجبة والحظاظات حتى ليظن أنها هي التي تنفعه وتدفع عنه الضر وتجلب له الشفاء، ونسى أولئك أن الشافي هو الله والشفاء بيده.

قال الله - تعالى -: ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ﴾ [سورة الأنعام: 17]. وقال سبحانه: ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [سورة يونس: 107].

وقال سبحانه: ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [سورة النحل: 53].

ففي هذه الآيات الكريمات دلالة واضحة على أنه لا يكشف الضر إلا الله، وأنه سبحانه هو الذي يجب أن يلجأ إليه العباد لجلب الخير ودفع الشر وإلى الأسباب التي شرعها وهو القادر على ذلك بسبب أو بغير سبب.

وكان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إذا رقى مريضاً قال:
"اللهم رب الناس أذهب الباس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً "[10]، فالشافي هو الله والشفاء كله بيد الله - عز وجل -.

وعن قيس بن السكن الأسدي قال: دخل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - على امرأة - أي من أهله- فرأى عليها خرزاً من الحمرة فقطعه قطعاً عنيفاً، ثم قال: إن آل عبد الله عن الشرك أغنياء وقال: كان مما حفظنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الرُّقى والتمائم والتِّولة شرك). [11]

وعن عيسى بن عبد الرحمن قال: دخلنا على عبد الله بن عكيم وهو مريض نعوده فقيل له: لو تعلقت شيئاً! فقال: أتعلق شيئاً وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلق شيئاً وكل إليه)[12]؟!

وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - مرفوعاً: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)[13]

وعنه - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من علق تميمة فقد أشرك). [14] ولهذا الحديث قصة كما في مسند الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط، فبايع تسعة، وأمسك عن واحد، فقالوا: يا رسول الله بايعت تسعة وتركت هذا؟ قال: إن عليه تميمة، فأدخل يده فقطعها، فبايعه وقال: "من علق تميمة فقد أشرك".

قال العلامة الألباني - رحمه الله -: ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاحين وبعض المدنيين، ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة!

وبعضهم يعلق نعلًا في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها! وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان! كل ذلك لدفع العين زعموا، و غير ذلك مما عم وطم بسبب الجهل بالتوحيد، وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بعثت الرسل وأنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها، فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم، وبعدهم عن الدين.

ولم يقف الأمر ببعضهم عند مجرد المخالفة، بل تعداه إلى التقرب بها إلى الله - تعالى -! فهذا الشيخ الجزولي صاحب "دلائل الخيرات" يقول في الحزب السابع في يوم الأحد (ص 111 طبع بولاق): "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، ما سجعت الحمائم، وحمت الحوائم، وسرحت البهائم، ونفعت التمائم"!

فالحذر الحذر أن تتعلق قلوبنا بهذه التماتم والأحجبة فإنها لا تضر ولا تنفع فانفضها جميعها من قلبك يا عبد الله.

وليس هذا بالطبع اعتقاد كل الناس كما عبرت عن ذلك أنفا فقلت بعض الناس، فهناك والحمد لله موحدون وموقنون بأن الشفاء من عند الله - تعالى -، ولذلك فإنهم إذا عمدوا إلى هذه التمائم يصنعونها لأولادهم فإنهم لا يصنعونها مثلاً من خرز ولا نعل ولا نحوه وإنما يجعلونها من شيء من القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة خالية من أي شرك أو طلاسم غير مفهومة وهم على عقيدة صافية مؤكدة بأنه لا يجلب الخير ولا يدفع الشر إلا الله.

فهل هذا العمل - أيها الإخوة - صحيح في دين الله؟
والجواب: الأولى تركه، لأنه قد يُعرَّض هذا الحجاب المكتوب فيه القرآن أو السنة إلى الامتهان من قبل الولد الصغير أو إهمال الرجل الكبير، خاصة إذا دخل به دورات المياه، أو كان جنباً.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.69 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]