عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-07-2019, 04:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي صَلاةُ الكُسوفِ والخُسُوفِ

صَلاةُ الكُسوفِ والخُسُوفِ


منقول من موقع الدرر السنية


الفَصلُ الأوَّل: تعريفُ الكُسوفِ والخُسوفِ، وحُكْمُ صلاتِهما والصَّلاة عند الحوادِثِ الكونيَّة الأُخرى

المَبحثُ الأوَّل: تعريفُ صَلاةِ الكُسوفِ والخُسوفِ


الكُسوف لُغةً: التغيُّر؛ يقال: كَسَفت الشَّمس تَكسِفُ كُسوفًا: إذا ذَهَب ضوؤها واسودَّت، وكَسَف القَمر: إذا ذهَب نورُه وتغيَّر إلى السَّواد (1) .
وقيل: الكُسوف في أوَّله، والخُسوف في آخِرِه، وقيل: الكسوف ذَهابُ النُّور بالكليَّة، والخسوفُ إذا ذَهَب بعضُها. وقيل: الكُسوف للشَّمس، والخسوفُ للقَمَر. وقيل: هما بمعنًى واحد (2) .
وصَلاةُ الكُسوفِ شرعًا: هي صلاةٌ تُؤدَّى بكيفيَّة مخصوصةٍ، عند ظُلمةِ أحدِ النيِّرين (الشَّمس، والقَمر)، أو بعضهما (3) .

المَبحثُ الثَّاني: حُكم صلاةِ الكُسوفِ والخُسوف والجماعَة لهما وتَكْرارهما وقَضائهما


المَطلَب الأَوَّل: حُكمُ صلاةِ كُسوفِ الشَّمسِ


صلاةُ كسوفِ الشَّمسِ (1) سُنَّةٌ مُؤكَّدة، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة (2) ، والمالِكيَّة (3) ، والشافعيَّة (4) ، والحَنابِلَة (5) ، وحُكي الإجماعُ على ذلك (6) .
أدِلَّة السُّنيَّة:
أولًا: من الكِتاب
قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت: 37].
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ قوله: اسْجُدُوا للهِ... أَمْرٌ بالسُّجودِ عندَ كُسوفِهما للهِ الذي خَلقهنَّ- في أحدِ الأقوالِ في تفسيرِ الآية (7) .
ثانيًا: من السُّنَّة
1- عن أبي مَسعودٍ عُقْبةَ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشَّمسَ والقَمرَ لا يَنكسِفانِ لِمَوتِ أحدٍ من النَّاسِ، ولكنَّهما آيتانِ من آياتِ اللهِ؛ فإذا رَأيتُموهما فقُوموا فصَلُّوا)) (8) .
2- عَنِ الـمُغيرةِ بن شُعبةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((انْكسَفتِ الشَّمسُ يومَ ماتَ إبراهيمُ، فقال الناسُ: انكسَفتْ لِموتِ إبراهيمَ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ الشَّمسَ والقَمرَ آيتانِ من آياتِ الله، لا يَنكسِفانِ لِموتِ أحدٍ ولا لِحَياتِه؛ فإذا رأيتُموهما فادْعُوا اللهَ وصَلُّوا، حتَّى يَنجليَ)) (9) .
أدِلَّة عدمِ الوُجوبِ:
أولًا: من السُّنَّة
عن طَلحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا هو يَسألُه عن الإسلامِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ. فقال: هل عليَّ غيرُها؟ قال: لا، إلَّا أنْ تَطوَّعَ)) (10) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ هذا الحديثَ هو الصَّارفُ للأوامرِ الواردةِ في صَلاة الكُسوفِ مِن الوجوبِ إلى الاستحبابِ (11) .
ثانيًا: عدَم ورودِ ما يُفيد الوجوبَ، ومجرَّد الفِعل لا يُفيد زيادةً على كونِ المفعولِ مسنونًا (12) .
ثالثًا: أنَّها صلاةٌ ذاتُ ركوعٍ وسجودٍ، لا أذانَ لها؛ فأشبهتْ صلاةَ الاستسقاءِ في السُّنيَّةِ وعدمِ الوجوب (13) .

المَطلَب الثَّاني: حُكمُ صَلاةِ خُسوفِ القَمرِ


صَلاةُ خُسوفِ القَمرِ سُنَّةٌ مُؤكَّدة، وهذا مذهبُ الشافعيَّة (1) ، والحَنابِلَة (2) ، وقولٌ للمالكيَّة (3) ، وهو قولُ ابنِ باز (4) ، وحُكي الإجماعُ على ذلك (5) .
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن أبي مَسعودٍ عُقْبةَ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشَّمسَ والقَمرَ لا يَنكسِفانِ لِمَوتِ أحدٍ من النَّاسِ، ولكنَّهما آيتانِ من آياتِ اللهِ؛ فإذا رَأيتُموهما فقُوموا فصَلُّوا)) (6) .
2- عَنِ الـمُغيرةِ بن شُعبةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((انْكسَفتِ الشَّمسُ يومَ ماتَ إبراهيمُ، فقال الناسُ: انكسَفتْ لِموتِ إبراهيمَ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ الشَّمسَ والقَمرَ آيتانِ من آياتِ الله، لا يَنكسِفانِ لِموتِ أحدٍ ولا لِحَياتِه؛ فإذا رأيتُموهما فادْعُوا اللهَ وصَلُّوا، حتَّى يَنجليَ)) (7) .
وجْهُ الدَّلالةِ من الحَديثينِ:
أنَّ الأمْرَ بالصَّلاةِ عندَ كُسوفِ الشَّمْس أو القَمر، جاءَ من غير فَرْق بينهما (8) .
ثانيًا: أنَّ خُسوفَ القَمرِ أحدُ الكُسوفينِ؛ فأشبَهَ كُسوفَ الشَّمس (9) .

المَطلَب الثالث: صَلاةُ كُسوفِ الشَّمسِ جَماعةً


تُسنُّ صلاةُ كسوفِ الشَّمس جماعةً، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الأربعة: الحَنَفيَّة (1) ، والمالِكيَّة (2) ، والشافعيَّة (3) ، والحَنابِلَة (4) ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك (5) .
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ الشَّمسَ خَسَفتْ على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبَعَث مناديًا يُنادِي: الصَّلاةُ جَامِعةٌ، فاجتمعوا، وتَقدَّم فكبَّر، وصلَّى أربعَ ركَعاتٍ في رَكعتينِ، وأرْبعَ سَجَداتٍ)) (6) .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّها قالت: ((خَسَفتِ الشَّمسُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَصلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالنَّاسِ...)) (7) .

المَطلبُ الرابع: صلاةُ كُسوفِ الشَّمسِ فُرادَى


تجوزُ صلاةُ كُسوفِ الشَّمسِ فُرادَى، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الأربعة: الحَنَفيَّة (1) ، والمالِكيَّة (2) ، والشَّافعيَّة (3) ، والحَنابِلَة (4) .
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((خَسَفتِ الشَّمسُ في حياةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فخرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المسجِدِ، فقامَ وكَبَّر، وصفَّ الناسُ وراءَه... وانجلتِ الشَّمسُ قبلَ أن يَنصرِفَ، ثم قام فخَطَب النَّاسَ، فأَثْنَى على اللهِ بما هو أهلُه، ثم قال: إنَّ الشَّمسَ والقَمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ، لا يُخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه؛ فإذا رأيتُموها فافْزَعُوا للصَّلاةِ)) (5) .
2- قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشَّمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ الله، وإنَّهما لا يُخسفانِ لموتِ أحدٍ، وإذا كان ذاك، فصَلُّوا وادْعُوا، حتى يُكشَفَ ما بكم)) (6) .
وجْهُ الدَّلالةِ من الحَديثينِ:
عمومُ قولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((فافْزَعوا للصَّلاة))، وقولِه: ((فصَلُّوا))؛ فدلَّ ذلك على أنَّه يُؤمَر بها حتى الفردُ من غيرِ اشتراطِ أن تكونَ الصلاةُ جماعةً، ولو كانتْ شرطًا لبَيَّنها (7) .
ثانيًا: أنَّ صلاةَ الكُسوفِ نافلةٌ، ليس مِن شرطِها الاستيطانُ؛ فلم تُشترَطْ لها الجماعةُ كالنَّوافِل (8) .

المَطْلَبُ الخامِسُ: صلاةُ الكُسُوفِ للنِّساءِ


يستحبُّ للنِّساء أن يصلينَ صلاةَ الكُسوفِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعَةِ: الحَنَفيَّة (1) ، والمالِكيَّة (2) ، والشَّافعيَّةِ (3) ، والحَنابِلَة (4) .
الدَّليلُ مِنَ الآثار:
عن أسماءَ بِنْتِ أبي بكرٍ أنَّها قالت: ((أتيتُ عائشةَ زَوْجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين خَسَفَتِ الشَّمسُ، فإذا النَّاسُ قيامٌ يُصَلُّونَ، وإذا هي قائمةٌ تصلِّي، فقلتُ: ما للنَّاسِ؟ فأشارتْ بِيَدِها نحوَ السَّماءِ، وقالت: سبحانَ اللهِ، فقلْتُ: آيةٌ؟ فأشارتْ: أيْ نعم...)) (5) .

المطلَبُ السَّادِسُ: الجَماعةُ لصَلاةِ خُسوفِ القَمرِ


تُسنُّ الجماعةُ لصلاةِ خُسوفِ القَمر، وهذا مذهبُ الشافعيَّة (1) ، والحَنابِلَة (2) ، وبذلك قال جُمهورُ أهلِ العِلمِ (3) ، واختارَه ابنُ حزم (4) . وابنُ باز (5) ، وابنُ عُثَيمين (6) .
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال- بعدَ فَراغِه من الصَّلاةِ لخُسوفِ الشَّمسِ جماعةً-: ((إنَّ الشَّمسَ والقَمر آيتانِ من آياتِ اللهِ، لا يُخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه؛ فإذا رأيتموها، فافْزَعوا للصَّلاةِ)) (7) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ قولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ: ((فإذا رأيتُموها، فافْزَعوا للصَّلاةِ)) فيه معرفةُ كيفيَّةِ الصَّلاةِ في أحدِهما؛ فكان ذلك دَليلًا على صِفةِ الصَّلاةِ في الأخرى (8) .
ثانيًا: أنَّه خُسوفٌ سُنَّ له الصَّلاةُ؛ فوجَب أن يكونَ مِن سُنَّتِها الجماعةُ كخُسوفِ الشَّمسِ (9) .
ثالثًا: أنَّ صلاتَيِ الكُسوفِ والخُسوفِ صَلاتانِ يَتجانسانِ؛ فإذا سُنَّ الاجتماعُ لأحدهما، سُنَّ للأُخرى كالعِيدَينِ (10) .

المطلب السابع: تَكرارُ صَلاةِ الكُسوفِ


إذا انقضَتْ صلاةُ الكسوفِ ولم تَنجَلِ الشَّمسُ، فلا يُشرَعُ تَكرارُها، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة (1) ، والمالِكيَّة (2) ، والشافعيَّة (3) ، والحَنابِلَة (4) .
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَزِدْ على رَكعتينِ (5) .
ثانيًا: أنَّه سببٌ واحدٌ؛ فلا يَتعدَّدُ مُسَبَّبُه (6) .

المطلب الثامن: قضاءُ صَلاةِ الكُسوفِ والخُسوفِ


صَلاةُ الكُسوفِ مِن الصَّلواتِ ذواتِ السَّبب التي لا تُقضَى إذا فاتتْ.
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن أبي بَكْرَة قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ، وإنَّهما لا يُخسفانِ لموتِ أحدٍ، وإذا كان ذلِكَ فصلُّوا وادْعوا، حتى يُكشفَ ما بكم)) (1) .
2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا أيُّها الناسُ، إنَّما الشَّمسُ والقمرُ آيتانِ من آياتِ اللهِ. وإنَّهما لا يَنكسِفانِ لموت ِأحدٍ من الناسِ (وقال أبو بكرٍ: لموتِ بَشرٍ )؛ فإذا رأيتُم شيئًا من ذلك فصلُّوا، حتى تَنجليَ)) (2) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه أمَرَ بالصَّلاةِ عند الانخسافِ، وجعَلَ الكشفَ والانجلاءَ غايةً للصَّلاةِ (3) .
ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ (4) ، وابنُ حجر (5) ، والشَّوكانيُّ (6) .
ثالثًا: أنَّه لم يُنقَلْ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه فعَلَها بعد التجلِّي، ولا أمَرَ بها (7) .
رابعًا: أنَّ الصلاةَ إنُما سُنَّتْ رغبةً إلى اللهِ في ردِّ ما ذَهب من النُّورِ، فإذا حصَلَ ذلك حصَلَ مقصودُ الصَّلاة (8) .
خامسًا: أنَّها سُنَّةٌ غير راتبةٍ ولا تابعةٍ لفرض؛ فلا تُقضَى (9) .

المبحث الثالث: هل يُصلَّى عند حدوثِ الآيات الكونيَّة الأخرى؟


لا يُصلَّى لأيِّ شيءٍ من الآياتِ الكونيَّةِ الأُخرى صلاةٌ كهيئةِ صلاةِ الكُسوف (1) ، وهذا مذهب المالِكيَّة (2) ، والشافعيَّة (3) ، واختاره ابنُ باز (4) .
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أبي مَسعودٍ عُقبةَ بن عمرٍو: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فإذا رأيتُموهما فصَلُّوا)) (5) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ قوله: ((رأيتُموهما)) يعنى الشَّمسَ والقَمرَ، وهما اللَّذانِ صَلَّى فيهما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ونُقِلَ ذلك مِن فِعْلِه (6) .
ثانيًا: أنَّ هذه عبادةٌ بهيئةٍ خاصَّة، والعباداتُ توقيفيَّة لا يُشرَع منها إلَّا ما دلَّ عليه الكتابُ والسُّنَّة الصَّحيحة، ولم يرِدْ دليلٌ يُعتمَدَ عليه في شرعيَّةِ الصلاةِ للزِّلازلِ، ولا غيرها (7) .
ثالثًا: أنَّ هذه الآياتِ قد كانتْ ولم يُنقَلْ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى لها جماعةً غيرَ الكُسوفِ (8) .



********************************

الفَصْلُ الثَّاني: وَقْتُ صلاةِ الكُسوفِ ومَوْضِعُ الصَّلاةِ والأَذانِ لها



المَبحثُ الأَوَّل: وقتُ صَلاةِ الكُسوفِ، وحُكْمُ صلاتِهما في أوقاتِ النَّهْيِ

المطلَبُ الأَوَّلُ: وقتُ صَلاةِ الكُسوفِ.
وقتُ صَلاةِ الكُسوفِ يَبدأُ من وقتِ ظُهورِ الكُسوفِ (1) ، ويَنتهي بزَوالِه، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة (2) ، والشافعيَّة (3) ، الحَنابِلَة (4) ، ورِواية عند المالِكيَّة (5) .
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عنِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فإذا رأيتُموهما فادْعُوا الله وصَلُّوا، حتى يَنجليَ)) (6) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعَلَ صلاةَ الكُسوفِ من رُؤيةِ الكسوفِ إلى انجلائِه (7) .
ثانيًا: أنَّ صلاةَ الكُسوفِ شُرِعتْ رغبةً إلى اللهِ في ردِّ نِعمةِ الضَّوءِ، وذلك إَّنما يكونُ في وقتِ الكُسوفِ (8) .
المطلب الثاني: صلاةُ الكُسوفِ في أوقاتِ النَّهي


اختَلفَ أهلُ العِلمِ في صلاةِ الكُسوفِ في أوقاتِ النَّهيِ عن الصَّلاة على قولينِ:
القول الأوّل: تُشرَعُ صلاةُ الكسوفِ في كلِّ وقتٍ، ولو في أوقاتِ النهي عن الصَّلاة، وهذا مذهب الشافعيَّة (1) ، وقول للمالكيَّة (2) ، ورواية عن أحمد (3) ، واختاره ابنُ تَيميَّة (4) ، وابن باز (5) ، وابن عثيمين (6) ، وذلك لأنَّ صلاةَ الكسوفِ تفوتُ (7) ، وللأدلَّة الواردة في جوازِ صلاةِ ذواتِ الأسبابِ في أوقاتِ النَّهي (8) .
القول الثاني: لا تُصلَّى صلاةُ الكُسوفِ في وقتِ النَّهي، وهذا مذهبُ الجمهورِ (9) : الحَنَفيَّة (10) ، والمالِكيَّة (11) ، والحَنابِلَة (12) .
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن صَلاتينِ: نَهَى عن الصَّلاةِ بَعدَ الفجرِ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ، وبعدَ العصرِ حتى تَغرُبَ الشَّمسُ)) (13) .
2- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا صَلاةَ بَعدَ صلاةِ العَصرِ حتَّى تَغرُبَ الشَّمسُ، ولا صلاةَ بَعدَ صلاةِ الفَجرِ حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ)) (14) .
3- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنهانَا أنْ نُصلِّيَ فيهنَّ، أو أنْ نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تطلُعُ الشَّمسُ بازغةً حتى تَرتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرة حتى تَميلَ الشمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تَغرُبَ)) (15) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ أحاديثَ النَّهي عامَّةٌ، تشمل حتَّى صلاةَ الكسوفِ (16) .

المطلب الثالث: انتهاءُ الكُسوفِ أو الخُسوفِ أثناءَ الصَّلاةِ


إذا انتَهى الكسوفُ أو الخسوفُ أثناءَ الصَّلاة، فإنَّه يُتمُّها خفيفةً على صِفتها، وهذا مذهبُ الشافعيَّة (1) ، والحَنابِلَة (2) ، وبه قال أصبغُ من المالِكيَّة (3) ، واختارَه ابنُ عثيمين (4) .
الأدلَّة:
أولًا: من الكِتاب
قال اللهُ تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33].
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ اللهَ تعالى نَهَى عن إبطالِ الأعمالِ، وقَطْع صلاة الكسوف يُبطِلُها؛ فدلَّ على أنَّ المشروعَ لهم هو إتمامُها (5) .
ثانيًا: من السُّنَّة
قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فصَلُّوا وادْعُوا، حتى ينكشفَ ما بكم)) (6) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ المقصودَ التجلِّي والانكِشاف، وقد حصَلَ (7) .
ثالثًا: أنَّه شُرِعَ تخفيفُها؛ لزوالِ السَّبب (8) .

المبحث الثاني: مكانُ صَلاةِ الكُسوفِ


الأفضلُ في صَلاةِ الكُسوفِ أنْ تُصلَّى في المسجدِ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة (1) والمالِكيَّة (2) ، والشافعيَّة (3) ، والحَنابِلَة (4) ، وحُكي الإجماعُ على ذلك (5)
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((خَسَفتِ الشَّمسُ في حياةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فخرَجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المسجدِ، فقام فكَبَّر، وصفَّ الناسُ وراءَه...)) (6) .
ثانيًا: أنَّ وقتَ الكُسوفِ يَضيقُ، فلو خرج إلى المصلَّى احتَمَل التجلِّي قَبلَ فِعلها، فتفوت؛ فكان الجامعُ أَوْلَى (7) .
ثالثًا: أنَّ وقتَها ضيِّق لا يَجتمع له أهلُ القُرى والمِصر؛ فلا يَضيق المسجدُ عليهم (8) .

المبحث الثالث: الأذانُ والإقامةُ لصَلاةِ الكُسوفِ

لا يُشرَعُ لصلاةِ الكُسوفِ أذانٌ ولا إقامةٌ.
الأَدِلَّة:
أولًا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على أنَّ صلاةَ الكُسوفِ لا أذانَ لها ولا إقامةَ: ابنُ بَطَّال (1) ، وابنُ عبد البَرِّ (2) ، وابنُ حزم (3) ، والنوويُّ (4) ، وابنُ دقيق العيد (5) .
ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّاها بغير أذانٍ ولا إقامةٍ (6) .
ثالثًا: أنَّ الأذانَ والإقامةَ من خصائصِ الفَرْض، وصلاة الكسوفِ ليستْ فرضًا (7) .
رابعًا: أنَّها من غيرِ الصَّلواتِ الخمس؛ فأشبهتْ سائرَ النَّوافِل (8) .
مطلب: كيفيَّة النِّداءِ لصَلاةِ الكُسوفِ
يُنادَى لصلاةِ الكُسوفِ بـ(الصَّلَاة جامِعة)، وهذا مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة (9) ، والشافعيَّة (10) ، والحَنابِلَة (11) ، واستحسنه بعضُ المالِكيَّة (12) ، وحُكي الإجماعُ على ذلك (13) .
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كَسَفتِ الشَّمسُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأمَرَ رجلًا أن يُنادي: الصَّلاة جامِعة)) (14) .
2- عن عبدِ اللهِ بن عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لَمَّا كَسَفتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُودِي بـ: الصَّلاة جامِعة)) (15) .

***********************************
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.91%)]