عرض مشاركة واحدة
  #1735  
قديم 12-01-2014, 09:07 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

المعارضون للإعجاز العلمي في القرآن والسنة

مناقشة الآراء ودحض الحجج
أ.د/كارم السيد غنيم
أستاذ في جامعة الأزهر حاصل على دكتوراه في علم الحشرات
ورئيس جمعية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في الأزهر
الحمد لله الذي أنزل القرآن ختاماً لكتبه ورسالاته إلى البشر أجمعين، وأودع فيه من الأسرار مالا ينقضي وما لا ينتهي إلى يوم القيامة، الحمد لله الذي جعل القرآن معجزة خالدة لخاتم الأنبياء والرسل، معجزة عقلية ذهنية علمية، معجزة اكتملت فيها كافة جوانب الإعجاز: في اللغة، في البيان، في الإخبار بما فات، وما يجري وما هو آت، معجزة أحتوت من الأمور العلمية والمسائل الكونية والقواعد السياسية والأسس والكليات الاقتصادية والتفصيلات الاجتماعية والحقوق الإنسانية والنظم البشرية .. ما لا يستطيع أي مخلوق أن يأتي بمثله على مر الزمان، وسيظل القرآن الكريم معجزة الإسلام الخالدة، وبرهانه الباقي، منذ نزل بين أناس فصحاء وعلى قوم بلغاء، ولطالما يتلى بين باحثين وعلماء.
ونحن في زمن الكشوف العلمية، والاختراعات التكنولوجية، في زمن ثورة المعلومات والهندسة الوراثية، وارتياد الفضاء والاتصال بالكواكب الأخرى وزيارتها، في زمن " القرية الواحدة " يعرف فيه القاصي والداني، ويتصل فيه أهل القطب بأهل اللب، بل نحن في زمن " الحجرة الواحدة " بفضل ثورة الاتصالات العارمة، نحن في هذا الزمن الحاضر علينا أن نوظف هذه العلوم والمعارف في تفسير آيات كتابنا المجيد، وإن لم نفعل فقد قصرنا تقصيراً يحاسبنا الله عليه، وإن لم نفعل فكيف بمن سيأتون بعدنا من أجيال يحترموننا أو يجلوننا، كيف يحترمون أو يجلون جيلاً لم يعط في خدمة القرآن ـ والدعوة الإسلامية عموماًـ عطاء غيره ممن سبقه من أجيال.
وبالرغم من أن نتائج دراسات وبحوث الإشارات العلمية للآيات القرآنية أضحت ضرورة في الدعوة الإسلامية، وخصوصاً في المجتمعات غير المسلمة، المجتمعات المتقدمة علمياً وتكنولوجيا، فإن البعض لا يزال يعارض هذا المنحى في الدراسات والبحوث، سواء عن جهل به أو عن خوف من تحديث أساليب الدعوة، وقد درجوا على أساليب معروفة قديمة كانت صالحة لعصور سابقة.[1].
وعلى أية حال، فالمعارضون لهذا الاتجاه البحثي ـ قداماهم ومحدثوهم ـ ليس لهم نصيب من المعارف الطبيعية أو العلوم المدنية، وإنما سوادهم ـ إن لم يكن جميعهم ـ أصحاب معارف وعلوم نظرية وحسب، ويستطيع الباحث أن يركز كلامهم في نقاط محددة، وهي نقاط ـ أو حجج ـ يمكن دحضها بعد الوقوف عليها جيداً، وهذا ما قمنا به في هذا المقال، بتوفيق من الله تعالى، ولا نبتغي في هذا سوى مرضاته بخدمته لكتابه العظيم، والسعي لنشر دينه الحنيف في أرجاء الأرض قاطبة.
ولا ندعي أننا أتينا على الموضوع بجميع تفاصيله، وإنما نقدم ما أفاء الله به علينا وما أسعفتنا به المراجع وما سمع به الوقت، (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)[2].
المنكرون لاتجاه استعمال نتائج الكشوف العلمية والبحوث التجريبية في تفسير أو تفهم الآيات الكونية بالقرآن ليسوا بالكثرة التي ينتشر بها علماء الفريق الثاني، ونحن هنا نورد آراء أهم رواد المنكرين كما يلي :
أبو إسحاق الشاطبي:
يمثل هذا التيار علماء قدامى وعلماء محدثون، ولعل الشاطبي صاحب (الموافقات) يعتبر من أقدم النكرين لهذا الاتجاه في تفسير آيات القرآن، وقد بسط القول في إنكاره، والرد على القائلين به.
ويقول أبو إسحاق الشاطبي (المتوفى سنة 790هـ ) في كتابه (الموافقات في أصول الشريعة): إن كثيراً من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحد، فأضفوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين: من علوم التطبيقات والتعاليم (أي الرياضيات والهندسة وغيرها)، والمنطق وعلم الحروف، وجميع ما نظر فيه الناظرون من أهل الفنون، وأشباهها، وهذا إذا عرضناه على ما تقدم( أي : تم ذكره في كتاب الموافقات) لم يصح.
ثم يضيف الشاطبي إلى هذا ما ينفي به حق القائلين بالتفسير العلمي، فيقول: وإضافة إلى هذا، فإن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم كانوا أعرف الناس بالقرآن، وبعلومه، وما أودع فيه. ولم يبلغنا أنه تكلم أحدهم في شيء من هذا المدعى.. سوى ما ثبت فيه من أحكام التكاليف وأحكام الآخرة، وما يلي ذلك. ولو كان لهم في ذلك خوض ونظر لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة، إلا أن ذلك لم يكن، فدل على أنه غير موجود عندهم، وذلك دليل أن القرآن لم يقصد فيه تقرير لشيء مما زعموا.
ثم عرض الشاطبي لأدلة الداعين إلى " التفسير العلمي " وأخذ يدحضها مركزاً على مستندهم ويتمثل في الآيتين : (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) [سورة النحل], وقوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء) [سورة الأنعام]. وقال بأن المقصود بالتبيان هنا هو إظهار أحكام التكاليف، والتعبيد، وأحكام الآخرة، وما يتعلق بأصول الهداية، وليس بصدد العلوم الكونية. وفي الآية قال بأن الكتاب المقصود هنا هو " اللوح المحفوظ " ولم يقل كما يقولون بأنه القرآن الكريم.
ومما يذكر أن الشاطبي هذا من علماء القرن الهجري الثامن، الذي ظهر فيه الزملكاني صاحب كتاب (التبيان في إعجاز القرآن)، وابن تيمية صاحب كتاب في الإعجاز هو (جواب أهل العلم والإيمان)، والخطيب القزويني صاحب كتاب ( التلخيص لمفتاح السكاكي)، ويحيى بن حمزة العلوي، والأصبهاني، وابن قيم الجوزية وابن كثير، والزركشي.
وهو إلى جانب ما أورده في كتابه(الموافقات) جعل الاستعانة على فهم القرآن الكريم، مقصور على العرب خاصة، وليس إلى غيرهم. وكان مما قاله ونقله عنه الدكتور أحمد العمري[3]: " إن هذه الشريعة أمية لأمة أمية ".
ويعقب العمري على هذه المقولة بقوله: جعل الشاطبي هذا القول قاعدة، دخل منها إلى أن الشريعة جارية على مذاهب العرب، وبنى على ذلك أن كثيراً من الناس قد تجاوزوا في الدعوى على القرآن، فأضافوا إليه كل علم من العلوم، على النحو الذي ذكرناه في نص قول الشاطبي في الفقرات السابقة.
ثم إن صاحب (القرآن يتحدى)[4]يرد على الشاطبي مقولته " إن هذه الشريعة أمية لأمة أمية " من وجوه :
1. إن إطلاق " الأمية " على الشريعة مجازفة لا تستند إلى أي دليل، خاصة وأن الكلام إنما يدور حول العلوم المندرجة في القرآن الكريم، ومن البداهة أن علوم القرآن لا تدخل تحت حصر، لأنه كلام الله تعالى، والحصر من صفاتنا لا من صفات القرآن.
2. إن أحداً لم يدع استنباط جزئيات العلوم الكونية من القرآن، مثل الرياضيات والفلك، وإلا لكن القرآن في مادته لا يخرج عن مادة أي كتاب من تأليف البشر. بل إن المناقشة تدور حول موضوع آخر غير هذا، وهو أن التبحر في العلوم الكونية يكشف لنا عن وجوه الإعجاز ما لم نكن نعلمه في عصرنا.
3. إن كان بعض الذين طبقوا هذا المنهج قد جانبهم الصواب، فإن هذا يحدث لكل من يعالج قضية من القضايا، أو مسألة من المسائل العلمية التي تقبل النقاش، فالعيب ليس في المنهج، وإنما العيب فيمن تصدوا لتطبيقه، ولا أهمية عندهم لذلك.
4. الاعتراض على من قال: إنه يستنبط العلوم من القرآن الكريم ليس بحجة، ولا تحجير على فضل الله تعالى، ولا يوجد اثنان من العلماء يتساويان في فهم كتاب الله عز وجل.
ومن قبل هذا فلقد انبرى محمد الطاهر بن عاشور [5]( وهو من المفسرين التونسيين المعاصرين) في تفسيره " التحرير والتنوير " إلى تفنيد مقولة الشاطبي بأن الشريعة أمية لأمة أمية، فقال: إن هذه المقولة واهية لوجوه ستة:
1. إن ما بناه عليه، يقتضي أن القرآن لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال، وهذا باطل. بقول الله سبحانه: ( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا.. ) [سورة هود/49]، فهذا تصريح بأن القرآن يحتوي كثيراً من الحقائق التي يجهلها قومه، والتي هي من قبيل أنباء الغيب والمعجزات.
2. إن مقاصد القرآن راجعة إلى عموم الدعوة، وهو معجزة باقية، فلابد أن يكون فيه ما يصلح لأن تتناوله أفهام من يأتي من الناس في عصور انتشار العلوم في الأمة.
3. إن السلف قالوا: إن القرآن لا تنقضي عجائبه، يعنون معانيه، ولو كان كما قال الشاطبي لانقضت عجائبه، بانحصار أنواع معانيه.
4. إن من تمام إعجازه أن يتضمن من المعاني ـ مع إيجاز لفظه ـ ما لم تف به الأسفار المتكاثرة.
5. إن مقدار أفهام المخاطبين به ابتداء لا تقتضي إلا أن يكون المعنى الأصلي مفهوماً لديهم، فأما ما زاد عن المعاني الأساسية فقد يتهيأ لفهمه أقوام، وتحجب عنه أقوام.
ولنطالع الآن رأي الداعية الشيخ محمد الغزالي بخصوص مقولة الإمام الشاطبي (إن هذه الشريعة أمية لأمة أمية)، يقول الشيخ محمد الغزالي[6] :
هناك قضية هامة وردت فيما سبق،وهي : قضية أمية الأمة، وأمية الشريعة، التي أتى الشاطبي على ذكرها.. وهي قضية خطيرة، إذا أخذناها على إطلاقها فإنها تؤدي إلى محاصرة العقل.. فهل يُعقل أن تكون هذه " الأمية " خالدة ؟ أم أنها مرحلة مؤقتة، كان العرب عليها، ومن ثم انتهت وأصبحت الأمة تكتب وتحسب ؟ وأرى أن الأمة، في مرحلة من حياتها، قد تكون أمية لا تقرأ، ولا تكتب ولا تحسب، ثم يتغير حالها إلى مرحلة أخرى، فتصبح أمة عالمة قارئة.. فهل يمكن أن تبقى الأمة متوقفة على الوسائل الأمية في النظر والحكم والعلم ؟ الأمة اليوم أصبحت تقرأ وتكتب وتحسب .. فالتقرير على أن الأمية صفة قسرية أو ملازمة للأمة، وأن الأحكام يجب أن تبقى مناسبة لمرحلة الأمية، أظن أنه أمر يتعارض مع طبيعة الحياة، وصيرورتها كما يتعارض مع خلود الرسالة وقدرتها على الاستجابة لدواعي العصر.
وأمر الإصرار من بعض العلماء على " الأمية " عجيب ! وهو ما أدى إلى التعسف والتوقف عند بعض المفهومات وعدم تجاوزها..
" إنا أمة أمية لا تكتب ولا تحسب " [7] ! لكن هل هذا يعني أن تبقى الأمة أبداً لا تقرأ، ولا تكتب، ولا تحسب ! وهل هذا يعني أيضاً أن نبقى بعيداً عن الكسب العلمي؟ وكانت أول آية نزلت تفرض التعلم والتحول إلى القراءة والكتابة ؟
والسؤال أيضاً: بعد نزول القرآن: هل تبقى الأمة أمية؟ لقد كانت أمة أمية، ثم جاء هذا العلم المزدوج المضاعف الكثير في كتاب الله، فكيف تبقى أمية بعده ؟ هذا مستحيل.
والسؤال هو : هل كلمة " أمية " التي وردت في الحديث نسبة للجهل أو الأمة ؟ فاليهود يرون أن " النبي أمي " تعني : النبي المبعوث من غيرهم، أو من بقية العالم .
ويخيل إلىّ أن المقصود " بالنبي الأمي " : النبي الذي خرج بعيداً عن الدائرة التي كان يؤخذ منها الأنبياء، وهي إسرائيل، وإن كان هناك أنبياء عرب.
(ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ) [سورة البقرة].
ولما سألت الرسول صلى الله عليه وسلم أبيّ بن كعب [8]عن أفضل آية عنده، قال: آية الكرسي. قال له " ليهنك العلم أبا المنذر "[9]. أي ليكن العلم هنيئا لك
ويقول تعالى : (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )[سورة النساء].
فالعلم هو صفة القرآن ... وصفة المشتغلين به. فكيف يقال : " إن الأمة أمية مع القرآن ؟ هذا مستحيل . والقرآن وجه لاقتحام أسوار الحياة والتغلغل في أسرارها، ومجال العلم الإلهي فيها والحكمة الإلهية فيها. فكيف يُقال : إن الرسالة أمية؟
ألا يمكن أن يكون هناك أفق آخر للقضية ؟ وهو : أن التكاليف والعبادات وما إلى ذلك، يمكن أن تكون لها صفة العموم، وتشمل الناس جميعاً بمختلف مستوياتهم الفكرية والعلمية، والرسالة ميسرة لكل بحسب كسبه. كأني ألمح في بعض الوجوه أن التعاليم الإسلامية كالأمر بالصلاة والصوم.. الخ، لا تستدعي سوية معينة من الكسب العلمي، حتى يستطيع الإنسان أن يدركها، وإلا كيف يمكن أن نخرج ذلك من الأمة الأمية ؟ !
وتعقيباً على ما ذهب إليه الشاطبي، أقول: إن العرب إذا كانوا في ذلك العصر أمة أمية، فالأمية لا يمكن استمرارها .. هذا شيء. والشيء الآخر : إن الخطاب ليس للعرب ولكنه للناس ـ المتعلم وغيره ـ كما أنه ليس لزمان واحد فقط.
كان العرب أمة أمية ... وكان الفرس والرومان هم المثقفون.. وعندما أنظر إلى الفرس والروم أجد أنه كانت لديهم جهالات ربما لم تكن موجودة عند العرب .. وربما أن العرب أحسن من الروم والفرس، في جاهليتهم تلك : (الله أعلم حيث يجعل رسالته) الأنعام.
قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إنا أمة أمية " أي تجهل الكتابة والحساب في عصر معين ـ لا يقتضي أن تبقى أمية دائماً، والقرآن خطاب خالد مجرد من حدوث الزمان والمكان.
ففكرة أمية الأمة، وأمية الشريعة، والإصرار على بقاء المرحلة البدوية واستمرارها مرفوض.. أمة تستقبل القرآن لابد أن تكون أميتها قد زالت بهذا القرآن نفسه.. فإذا كان القرآن يدل على مصادر معرفة في أساس المنطق الحديث، وأساس حضارة أوربا، فكيف تكون الأمة أمية؟ هذا أمر مستبعد.
القرآن لم ينزل على العرب وحدهم، ولم ينزل لفترة معينة، وإنما هو خالد عبر الزمن.. فكيف يمكن أن ينتفع أصحاب الكسب العلمي والمعارف العلمية في المستقبل إذا اعتبر خطاباً أمياً للأميين؟
والأمر العجيب: أن الشاطبي، على الرغم من قدراته العقلية في تحديد مقاصد الشريعة، قال بهذا!
محمد الذهبي:
الدكتور محمد حسين الذهبي هو الآخر من رواد التيار المناوئ لنزعة ما يسمى "التفسير العلمي " للآيات الكونية الواردة بالقرآن الكريم .
ولكنه يعرف هذا التفسير بأنه العمل الذي يحكم الاصطلاحات العلمية في عبارات القرآن، ويجتهد في استخراج مختلف العلوم والآراء الفلسفية منها.
وهناك عدد من الجوانب التي ورد بها الذهبي دعوة القائلين بالتفسير العلمي، ساقها الدكتور سعاد يلدرم[10]في بحث له بالمؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المشرفة المنعقد بإسلام أباد (باكستان) سنة 1408هـ (1987م) .. وهي آراء بثها الذهبي في كتابه (التفسير والمفسرون)، وموجز هذه النقول:
1. الناحية اللغوية:
تغيرت ألفاظ قرآنية وتوسعت دلالاتها على مر الزمان. وتعددت معاني اللفظ الواحد، فبعضها عرفته العرب وقت نزول القرآن، وبعضها لا علم للعرب به وقت نزول القرآن، ... فهل يعقل أن نتوسع في فهم ألفاظ القرآن توسعها يجعلها تدل على معان جدت باصطلاح حادث ؟
2. الناحية البلاغية:
وموجز القول فيها أن الذهبي توصل إلى ضرر البلاغة القرآنية من جهة التغير العلمي للقرآن. وحجته هي الذين خاطبهم الله بهذا القرآن وقت نزوله إذ كانوا يجهلون هذه المعاني، رغم أن الله يريدها من خطابه إياهم، لزم أن يكون القرآن غير بليغ، لأنه لم يراع حال المخاطب؟ وإن كانت العرب تعرف هذه المعاني وقت نزول القرآن بين ظهرانيهم، فلم لم تظهر نهضة العرب العلمية منذ نزل القرآن؟ .
3. الناحية الإعتقادية:
وتتلخص في أن قواعد العلم ونظرياته لا قرار لها ولا بقاء، فإذا ذهبنا إلى تقصيد القرآن ما لم يقصد إليه من نظريات ثم ظهر بطلانها، فلسوف يتزعزع اعتقاد المسلمين في القرآن.
هذا، وإن كان الدكتور الذهبي قد شدد على المسرفين في التفسير العلمي للقرآن، إلا أنه بدا غير معترض على الفكرة في حد ذاتها، لأنه قال في أواخر ما كتب : وحسبهم أن لا يكون في القرآن نص صريح، يصادم حقيقة علمية ثابتة. وحسب القرآن أنه يمكن التوفيق بينه وبين ما جد ويجد من نظريات وقوانين علمية، تقوم على أساس من الحق وتستند إلى أصل من الصحة.
محمد رشيد رضا:
على الرغم من أن بعض الباحثين اعتبر الشيخ محمد رشيد رضا ممن أجازوا لغة " التفسير العلمي للقرآن " [11]إلا أننا طالعنا ما أوضح لنا أنه من المانعين لهذا الاتجاه [12]، باعتباره صارفاً عن القرآن وهديه وتشريعه، وينبغي على الذين سلكوا هذا المسلك الذي يخرج بالتفسير عن وظيفته، ويعمد إلى تأويل القرآن على غير تأويله، كالرازي في تفسيره، ومن تأثر بخطاه. أن يعيدوا النظر في ذلك. وقد عرض محمد رشيد رضا آراءه هذه في مقدمة تفسير المنار.
محمد المراغي :
الشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الأزهر السابق المتوفى سنة 1364هـ يقول : يجب ألا نجر الآية إلى العلوم كي نفسرها، ولا العلوم إلى الآية، ولكن إن اتفق ظاهر الآية مع حقيقة علمية ثابتة فسرناها بها. وحينما ألف الدكتور عبد العزيز إسماعيل كتاب (الإسلام والطب الحديث) عرضه على الشيخ المراغي فأثنى الشيخ في مقدمته على المؤلف وحمد له جهوده، ولكنه لم يوافقه على مسكله في تحميل الآيات القرآنية ما لا تتحمله، فقال: لست أريد من هذا ـ يعني ثناءه على الكتاب ومؤلفه ـ أن أقول إن الكتاب الكريم (أي : القرآن) أشتمل جميع العلوم جملة وتفصيلاً بالأسلوب التعليمي المعروف، وإنما أريد أن أقول إنه أتى بأصول عامة لكل ما يهم الإنسان معرفته به، ليبلغ درجة الكمال جسداً وروحاً، وترك الباب مفتوحاً لأهل الذكر من المشتغلين بالعلوم المختلفة ليبينوا للناس جزئياتهان بقدر ما أوتي منها في الزمان الذي هم عائشون فيه[13].
هذا، وكان الشيخ محمود شلتوت (شيخ الأزهر الأسبق) والشيخ محمد المدني، والدكتور محمد عبد الله دراز من علماء هذا التيار أيضاً.
عاطف العراقي:
الدكتور عاطف العراقي أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، كنا من قبل نراه يكتب صنو اسمه (أستاذ الفلسفة الإسلامية)، لكنه الآن يكتفي بذكر الكلمتين (أستاذ الفلسفة) !!! وهو من أشهر الذين تأثروا بفكر الأب جورج قنواتي في مصر، وهو الذي احتضن الدكتور العراقي وساعده كثيراً. تحدث الدكتور العراقي في ندون (الدين والعلم والفلسفة) التي نظمها نادي العلوم جامعة القاهرة، ونقلتها جريدة عقيدتي [14]المصري، فجاء إلى الدراسات العلمية للآيات الكونية الواردة بالقرآن، وقال ما نصه: استخلاص النظريات العلمية من الآيات القرآنية خطأ كبير يسيء للدين ويضيره أكثر مما يفيده، فقد لاحظنا في السنوات الأخيرة من دأب على الربط بين النظريات العلمية التي قد تتغير بمرور الزمن وقد يثبت خطؤها في حين أن القرآن ثابت.... وقد وجدنا من قال إن معظم النظريات العلمية الحديثة من الجاذبية والإلكترونات وغيرها قد وردت في القرآن منذ أربعة عشر قرناً.. وأشار الشيخ محمد عبده والكواكبي والشيخ بخيت وغيرهم إلى ذلك وساقوا أدلة خاطئة لإمكان استخلاص نظريات علمية من القرآن .. الأمر الذي جعل الدكتور طه حسين يهاجمهم في كتابه (من بعيد) بتفنيد حججهم والتهكم عليها بقوله : " يبدوا لي أنهم يسرفون في أكل الفول والعدس الذي ينصرف إلى أدمغتهم فيؤدي إلى تصرفات فاسدة في ظل التغير العلمي يوما بعد يوم، وخاصة إذا جاء أناس وقالوا بتأييد القرآن لنظرية علمية ثم جاء عالم آخر غداً وأثبت خطأها، فماذا يكون موقف العلماء الذي فسروا العلم بالقرآن. أما التهكم الذي صدر عن الدكتور طه حسين فما كان يليق بمثله أن يأتي به، ولكنه وقد وصل إلى هذا المستوى، وذلك من خلال العديد من المقالات التحليلية النقدية للأستاذ أنور الجندي في بابه الثابت بمجلة منار الإسلام الظبيانية (مؤلفات في الميزان)، وقد جمعت المجلة هذه المقالات في كتاب أصدرته بنفس عنوان الباب " مؤلفات في الميزان " .
عبد الكريم الخطيب :
وممن يهزأ بنزعة " التفسير العلمي " للقرآن الكريم عبد الكريم الخطيب الذي قال في تحقيق صحافي[15]: إنه نوع من التهريج والإدعاء (!!!)، يقوم به أصحابه فيلصقون بالقرآن أشياء أشد ما تكون بعدا عنه. ويضرب مثالاً بالآية القرآنية : (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ) [سورة الذاريات]، فيقول : إن أصحاب هذا التفسير يتحدثون عن التمدد والتزايد في الألوان، فمن أين جاءوا بهذا؟ ويأتي بمثال آخر هو الآية (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) [سورة الرعد] وقد قال هؤلاء عن ذلك بتآكل الشواطئ البحرية.
ويؤكد الخطيب أن العلم متغير لا يثبت على حال، حيث تنقض النظريات القائمة بنظريات حديثة.
هذا، ولا يفوتنا أن نذكر رائدين من رواد المنكرين، وهما الشيخ أمين الخولي، وبنت الشاطيء (الدكتور عائشة عبد الرحمن).
ونستطيع أن نلخص آراء المعارضين لاتجاه " التفسير العلمي للقرآن الكريم في النقاط الآتية:
1. إن القرآن نزل ليفهمه العرب في الصدر الأول من الإسلام، وأن علينا معاشر المسلمين أن نحذوا حذوهم فيما فهموه من آياته البينات بحسب مدلولات ألفاظه المفهومة، لأنهم عرب أدرى بلغتهم، وأقدر على فهم معاني كلماتها منا.
لما كانت البلاغة هي المطابقة لمقتضى الحال، فإن التفسير العلمي للقرآن يضر ببلاغة القرآن، لأن من خوطبوا بالقرآن في وقت نزوله، إن كانوا يجهلون هذه المعاني، وكان الله يريدها من خطابه إياهم، لزم على ذلك أن يكون القرآن غير بليغ، لأنه لم يراع حال المخاطب !! وإن كانوا يعرفن هذه المعاني فلم لم تظهر نهضة العرب العلمية من ليلة نزول القرآن الذي حوى علوم الأولين والآخرين؟ [16]
2. إن القرآن الكريم لا شأن له بالعلوم الطبيعية، فهو لم ينزل ليحدث الناس عن نظريات العلوم، ودقائق الفنون، وأنواع المعازف، وإنما هو كتاب أنزل للناس للإرشاد والهداية وبيان التكاليف وأحكام الآخرة.
إن هناك دليلاً واضحاً من القرآن على أن القرآن ليس كتاباً يريد الله به شرح حقائق الكون، وهذا الدليل هو ما روى عن معاد أنه قال : يا رسول الله : إن اليهود تسألنا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة، فما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير ثم ينقص حتى يعود كما كان؟ .
فأنزل الله هذه الآية : (يسألونك عن الأهلة، قل: هي مواقيت للناس والحج)[سورة البقرة][17].
3. إن " التفسير العلمي " للقرآن يعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم في كل زمان ومكان. والكشوف العلمية والبحوث الكونية ما هي إلا فروض ونظريات، يعتقد رجال العلوم فترة من الزمان في صحتها ثم لا يلبثون بأنفسهم أن يبطلوها. ومن ثم فلا يجوز للمسلم الغيور على قدسية القرآن أن يقحم آياته في أشياء ومعارف تتغير وتتبدل، حتى إننا نرى ما كان حقيقياً بالأمس يصبح خطأ اليوم، وما هو حقيقي اليوم قد يصبح خطأ غداً .. فكيف نستخدم علوما هذا شأنها في تفسير آيات خالدة باقية لا يتطرق إليها أدى تغيير أو تبديل.؟
إننا إذا ذهبنا إلى تقصد القرآن ما لم يقصد من نظريات، ثم ظهر بطلان هذه النظريات، فسوف يتزلزل اعتقاد المسلمين في القرآن الكريم، لأنه لا يجوز للقرآن أن يكذب اليوم ما صححه بالأمس[18].
هكذا يتضح لنا أن المانعين أو المنكرين لظاهرة " التفسير " العلمي لآيات القرآن ذات الإشارات الكونية، يكتفون بالوقوف عند المعاني الظاهرية فقط لهذه الإشارات دون الدخول فيما تتضمنه هذه الإشارات أو تدل عليه من سبق علمي أو بيان لحقيقة علمية لم يتوصل العلم إليها إلا حديثاً، بل يرون هذا العمل صارفاً عن الغاية الرئيسية للقرآن، وهي : هداية الإنسان وإصلاح حاله!
ولنتفرغ الآن لدحض حجج المانعين للتفسير العلمي في القرآن، المعارضين لبيان أوجه الإعجاز العلمي فيه، كما يلي:



يتبـــــــــــــــــــــــــــــع


 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.51 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.65%)]