عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-10-2021, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,466
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم

شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم (2)


بوعلام محمد بجاوي



فرع: الأسباب المانعة من التزام الحق وإيثار الهوى عليه:
وذكر المعلمي جملة من الأسباب التي تدعو إلى إيثار الهوى على الحق بعد أن حصر مظانَّ الهوى في أربعةٍ تبعًا لدرجات الدين:
(1) الكف أو الترك.
(2) الفعل أو العمل.
(3) الاعتراف بالحق.
(4) الاعتقاد للحق والعلم به.

1، 2/ في الفعل والترك:
المشقة في الأول، والشهوة في الآخر.
قال المعلمي:
مخالفة الهوى للحق في الكف: واضحة؛ فإن عامةَ ما نُهِيَ عنه شهواتٌ ومستلذَّات، وقد لا يشتهي الإنسان الشيءَ من ذلك لذاته، ولكنه يشتهيه لعارض[1].
ومخالفة الهوى للحق في العمل: واضحة؛ لِما فيه من الكلفة والمشقة؛ اهـ[2].

3/ في الاعتراف بالحق:
مِن وجوه أربعة:
الوجه الأول: الإقرار بأنه كان - ومَن يعظِّمهم - على الباطل:
يعتقد أنه يعترف على نفسه أنه كان على باطل، وإذا كان مقلدًا يعتقد أنه ينتقص مَن يقلِّدهم، وانتقاصهم انتقاص له[3].

الوجه الثاني: زوال المصالح الدنيوية:
أن يكونَ رأسًا متبوعًا في الباطل الذي يعتقده، ورجوعه عنه إلى الحق يُذهِب عنه تلك المكانة وما يتفرَّع عنها من مصالحَ دنيوية[4]؛ إما لانصراف الناس عنه، أو لأنه يصير في الحق عاميًّا من عامة المسلمين؛ كـ "متكلم" - لا يعرف غيرَ الكلام - يرجع إلى عقيدة أهل السنَّة.

الوجه الثالث: الكِبْر:
يمنع الكِبْرُ الجاهلَ أو العالم المخطئ مِن الإذعان للحجة؛ لأنه يرى أن اعترافه يلزم منه اعتراف بنقصه، وبفضل المبيِّن له عليه، ومن هؤلاء مَن يُذْعن للحق إذا اهتدى إليه بنفسه.
قال المعلمي: يكون الإنسانُ على جَهالة أو باطل، فيجيء آخرُ فيبين له الحجة، فيرى أنه إن اعترف كان معنى ذلك اعترافَه بأنه ناقص، وأن ذلك الرجلَ هو الذي هداه؛ ولهذا ترى مِن المنتسبين إلى العلم مَن لا يشقُّ عليه الاعترافُ بالخطأ إذا كان الحق تبيَّن له ببحثه ونظرِه، ويشق عليه ذلك إذا كان غيرُه هو الذي بيَّن له؛ اهـ[5].

الوجه الرابع: الحسد:
يرى أن في اعترافه على نفسه بالخطأ ولغيره بالحق والصواب تعظيمًا له ورفعًا مِن شأنه عند الناس، ومِن هذا الصنف مَن يخطِّئ غيرَه مِن أهل العلم، ولو بالباطل، يريد الحط من منزلته عند الناس.
قال المعلمي: وذلك إذا كان غيرُه هو الذي بيَّن الحق، فيرى أن اعترافه بذلك الحق يكون اعترافًا لذلك المبيِّن بالفضل والعلم والإصابة، فيعظم ذلك في عيون الناس، ولعله يتبعه كثيرٌ منهم، وإنك لتجد مِن المنتسبين إلى العلم مَن يحرص على تخطئه غيره من العلماء، ولو بالباطل؛ حسدًا منه لهم، ومحاولةً لحط منزلتهم عند الناس؛ اهـ[6].
ويمكن إضافة وجه آخر، وقد يكون مندرجًا تحت الوجه الثاني، "زوال المصالح الدنيوية".

الوجه الخامس: التضييق عليه من أهل الباطل الذي ينوي تركَه والاعترافَ بما يضادُّه:
قال المعلمي في سياق ذكر شبهة، نقتصر منها على مقدمة الشبهة وهي مسلَّمة: لا ريب أن الإنسان ينشأ على دِين واعتقاد ومذهب وآراء يتلقاها مِن مربيه ومعلمه، ويتبع فيها أسلافه وأشياخه الذين تمتلئ مسامعُه بإطرائهم، وتأكيد أن الحق ما هم عليه، وبذمِّ مخالفيهم وثلبهم، وتأكيد أنهم على الضلالة، فيمتلئ قلبه بتعظيم أسلافه وبُغْض مخالفيهم، فيكون رأيُه وهواه متعاضدينِ على اتباع أسلافه، ومخالفة مخالفيهم، ويتأكد ذلك بأنه يرى أنه إن خالف ما نشأ عليه رماه أهلُه وأصحابه بالكفر والضلال، وهجروه وآذَوْه وضيَّقوا عليه عيشته..؛ اهـ[7].

4/ في العلم بالحق والاعتقاد له:
الوجه الأول: المشقة في تحصيل الحق:
لأنه - وسبق في أول الكلام عن طلب الحق - يحتاج إلى: البحث والنظر، وسؤال أهل العلم، وإلى لزوم التقوى طلبًا للتوفيق والهُدى[8].

الوجه الثاني: كراهية العلم والاعتقاد[9] نفسه.
1/ لأن في الاعتراف بالحق - عنده - اعترافًا على نفسه وعلى مَن يعظمهم بالنقص:
كما سبق في الاعتراف؛ فهو يكرَهُ العلم بالحق، واعتقاده لأجل هذا[10].

2/ لاشتمال الحق على الوعيد بالعذاب على الفعل والترك:
فيكره العلم به واعتقاده مطلقًا؛ لتجنُّبِ العذاب.
أو يعتقد وجوده، لكن في ترك الاعتقاد فقط، كما هو قول المرجئة.
أو اعتقد العذاب في المعصية، لكن مع التوسُّع في الشفاعة؛ أي: تحصيل الشفاعة بما يوافق هواه من التوسع في الأكل وسماع الغناء بدعوى الاحتفال بالمولد النبوي، أو غيره من المناسبات.
قال المعلمي: ومِن جهات الهوى أن يتعلق الاعتقاد بعذاب الآخرة، فتجد الإنسان يهوى ألا يكون بعثٌ؛ لئلا يؤخذ بذنوبه، فإن علم أنه لا بد مِن البعث هَوِيَ ألا يكون هناك عذاب، فإن علم أنه لا بد من العذاب هَوِيَ ألا يكون على مثله عذابٌ، كما هو قول المرجئة، فإن علم أن العصاة معذَّبون هَوِيَ التوسُّعَ في الشفاعة، وهكذا؛ اهـ[11].

3/ لمشقة الفعل عليه أو مَن يرجو نفعهم مِن ذوي السلطان والمال والعامة:
كأن يشقَّ عليه "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" فهو يكره وجوبه لأجل ذلك، أو أن يشق على الحاكم أو الناس فعلٌ، فيدفع وجوبه، أو يَهْوَوْا بدعةً فيدفع بدعيَّتَها.
قال المعلمي: ومِن الجهات أنه إذا شق عليه عمل كـ "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" هَوِيَ عدم وجوبه، وإذا ابتُلِيَ بشيء يشق عليه أن يتركه كـ: شرب المُسْكِر هَوِيَ عدم حرمته.
وكما يهوى ما يخفِّف عليه، فكذلك يهوى ما يخفِّف على مَن يميل إليه، وما يشتد على من يكرهه، فتجد القاضي والمفتي هذه حالهما.
ومِن المنتسبين إلى العلم مَن يهوى ما يعجب الأغنياء وأهل الدنيا، أو ما يعجب العامة؛ ليكون له جاهٌ عندهم، وتقبِل عليه الدنيا، فما ظهرت بدعة وهَوِيهَا الرؤساء والأغنياء وأتباعهم إلا هَوِيَها وانتصر لها جمع من المنتسبين إلى العلم، ولعل كثيرًا ممن يخالفها إنما الباعث لهم عن مخالفتها هوى آخر وافَق الحق، فأما مَن لا يكون له هوًى إلا إتباع الحق فقليل، ولا سيما في الأزمنة المتأخرة، وهؤلاء القليل يقتصرون على أضعف الإيمان، وهو الإنكار بقلوبهم، والمسارة به فيما بينهم، إلا من شاء الله؛ اهـ[12].

فرع: الأسباب المعِينة على إيثار الحق على الهوى:
كما لإيثار الهوى أسباب، فكذلك لإيثار الحق أسبابه، وقد ذكر المعلمي جملةً من الأسباب المعِينة على إيثار الحق على الهوى[13].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.40 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]