عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 20-02-2024, 10:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر

صفية الشقيفي


(2) معنى الإعجاز وتفسيره لغةً
- قال أبو فهر محمود بن محمد شاكر الحسيني (ت: 1418هـ): ( (2)
أستعين الله متبرئًا إليه من كل حولٍ وقوةٍ، راجيًا أن تكون خطاي في الحديث عن (إعجاز القرآن) واقعةً في مواقعها، على مَهَلٍ وأناةٍ وتوقف، لأني أعلم أنِّي أسير في طريقٍ غامضٍ، كثيرةٍ أشواكه، محفوفةٍ جوانبُه بدواعي الزلل، مرهوبةٍ مسالكهُ، ولا عاصم إلا الله بحوله وقوته، ثمَّ بتأييده سبحانه وتوفيقه و(إعجاز القرآن) صفةٌ منصوبةٌ للدلالة على أنَّ القرآن كلام الله سبحانه أنزله بعلمه بلسان عربي مبين، فنزل به جبريل عليه السلام على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون معجزته التي تُوجب على من سمعها أن يشهد له بأنه رسولٌ أرسله الله إلى الناس كافةً، إنسهم وجنِّهم، على اختلاف ألسنتهم وألوانهم. ولفظُ (الإعجاز) مصدرُ قولِنا في كل أمر يريدُ الرجل أن يفعله أو يأتيه، فيجهَدُ جُهْدَهُ كُلَّه، فلا يستطيع أن يفعله أو يأتيه، ويسقط عندئذٍ في (العَجْز) غير مُطيق لفعله، غير قادر على إتيانه، ويوصف هذا (الأمر) عندئذ بأنه (مُعجز) أي هو غير مقدور عليه البتَّة. هذا هو مجاز اللغة في تفسير لفظ (الإعجاز).

وقد دَرَج علماء الأمة فيما كتبوا على تسميةِ (آيات الأنبياء) التي أيَّدهم بها ربهم عند بعثتهم إلى البشر، لتكون دليلاً قاطعًا على نبوتهم عند من يشهدها: (مُعْجزات الأنبياء). فإذا أردنا أن نضع تعريفًا منتزعًا من مجاز اللغة لقولهم (معجزات الأنبياء) مطابقًا معناه لمعنى (آيات الأنبياء) بلا زيادةٍ ولا نقصان فإن سبيل ذلك أن نقول: إنَّ الناس لا يسلِّمون تسليمًا لا تردُّد فيه بأن (الآية) دليل نبوةٍ لبشر مثلهم، ولرجل من أنفسهم نشأ فيهم صغيرًا إلى أن كَبر، فادَّعى ما ادَّعى من النبوة، لا يُسلِّمون تسليمًا، حتى ينقطع شكُّهم بيقين فاصلٍ: أنَّ الذي يشهدونه من صاحبهم خارجٌ عن طَوْقِ جميعهم، ثم عن طَوْقِ جميع الخلائق، وخارجٌ أيضًا عن طَوْقِ صاحبهم الذي نشأ بينهم منذ وُلِد فيهم إلى أن ادَّعى ما ادَّعى من النبوة. وخروج هذه (الآية) عن طَوْق جميعهم، عن طَوْقِ جميع الخلائق، معناه: عجْزهم وعجزُ جميع الخلائق، عن فعل مثل الذي شَهِدوه من مدّعى النبوة. وإذا كان مُدِّعى النبوة نفسُه، هو بيقين في العجز عن فعلها مثلهم، فالذي آتاه هذه (المعجزة) لتكون دليلاً قاطعًا على نبوته، هو الذي لا يُعْجِزه شيءٌ، هو الخالق البارئ المصوِّر، بديعُ السماوات والأرض، هو اللهُ رب العالمين. هذا هو مجاز اللغة في تسمية (آيات الأنبياء): (معجزات الأنبياء).
وإذن فمعنى (المعجزة) هو أنها الآية الكاشفةُ عن عَجْز جميع الخلائق، المبْطِلة لجميع قدراتهم على مثلها، المبينةُ عن قدرة الله الذي لا يُعْجِزه شيء في السماوات والأرض. وبَيِّنُ أن (المعجزة) ليست من فعل النبي، ولا هي داخلةُ في قدرته، بل هي من عند الله (آية) ينزِّلُها عليه بمشيئته وحدَه، وحين يشاء سبحانه، وهذا هو صريح الدلالة التي يدلُّ عليها القرآن العظيم في قوله تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين} [العنكبوت: 50] وفي قوله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون} [الأنعام: 109]، وآيات أخر). [مداخل إعجاز القرآن: 15-17]

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.92%)]