عرض مشاركة واحدة
  #373  
قديم 19-08-2015, 05:53 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

قراءة في فردوس الجنون
المصدر جريدة الف

إذا كانت الرواية – أي رواية – وهي تحكي مقاطع من حياة الناس والمجتمع والعالم،في فترة معينة، قد تطول وقد تقصر،بأحداثها وسيرورة مصائرها، فيتوجب بداية إخضاعها كبناء حكائي أو قصصي إبداعي، لقوانين العالم الموضوعية......قوانين الزمان والمكان والحياة، إلا أن روايتنا هنا يبدو أن لها قوانينها الخاصة، أو لنقل إنها تبتدع قوانينها التي تحقق متطلبات الحداثة والتحديث، والتجريب الذي يتقصد البحث عن أشكال جديدة للبناء الروائي، تلك التي اشتغل عليها الكاتب والأديب أحمد يوسف داؤود ، كهم إبداعي مستمر ومتواصل، يسم جميع أعماله بلا استثناء، في محاولة للوصول إلى حالة إبداعية تحيل إلى المتغيّر دوماً، والمستجد والمستحدث، وعدم اعتبار اللحظة زمناً منفصلاً...كينونة ، بل معطى متوالد ، يتعلق بالقبل والبعد... وما بينهما، وما تحتهما... وفوقهما، وأيضاً بما ليس بهما كمتعلق غير ثابت، لا يحيل إلى ذاته ، ولا يحمل بالتالي شروط بقائه وفنائه في طبيعته، انطلاقاً من القطع مع مبدأ الانفصال والتوحد، أو مع نسبية اللحظة .
والأديب أحمد يوسف داؤود ، كهم إبداعي مستمر ومتواصل، يسم جميع أعماله بلا استثناء، في محاولة للوصول إلى حالة إبداعية تحيل إلى المتغيّر دوماً، والمستجد والمستحدث، وعدم اعتبار اللحظة زمناً منفصلاً...كينونة ، بل معطى متوالد ، يتعلق بالقبل والبعد... وما بينهما، وما تحتهما... وفوقهما، وأيضاً بما ليس بهما كمتعلق غير ثابت، لا يحيل إلى ذاته ، ولا يحمل بالتالي شروط بقائه وفنائه في طبيعته، انطلاقاً من القطع مع مبدأ الانفصال والتوحد، أو مع نسبية اللحظة بما هي بداية ونهاية، فافتراض الفصل والانفصال، يجبّ مبدأ الحداثة ، ويحيل إلى ما يستلزم إعادته، بدلاً من عودته بطبيعته بتجلّ مختلف أو منزاح ، أو بتشكيل يعكس المعنى في إحالاته وتحولاته... لا في غائيته.
فردوس الجنون لها زمنها الروائي الخاص، الذي يفيض عن الزمن التاريخي ، ويفارق منطقه
المنطقي، لمواكبة الأبعاد غير النهائية لتحولات الحدث الروائي، وهو أيضاً ليس انتقائياً ، بل متحرك... متقافز، أو متوهم ، أو غائب أو مفترض، مما يجعل منه عنصراً أداتياً من جملة العناصر التي يتحكم الكاتب بإيقاعها وسيرورتها ، من خلال تركيزه على فرضية استحالات الزمن وتغيراته، ويكون فلسفة إبداعية حداثية، تلائم وتوافق المحمول الفكري، فيتلونان بلون بعضهما، ويحيل كل منها إلى الآخر.
الكاتب كمبدع للتوقيت يشي بمقولاته عبر تحكمه بمواقع خطى الزمن الروائي،ومتابعته لها، كزمن مفترض أو مسترجع، أو قادم، ويصبح هذا الفهم للتوقيت ذو علاقة واجبة الوجود بالرواية، من أجل الصورة البنائية التي تتسع للخلق والتخليق، المختلفان عند الكاتب عن العالم الحكمي، ولهذا وجب خلق عالم زمني روائي متخيل وفق الرؤية التي تبرر وتفسر العالم المخلوق، أو واجب الخلق.
من الواضح أننا لسنا هنا أمام فلسفة للفكر فقط، بل فلسفة للطبيعة والتاريخ واللغة، فالشعوري واللاشعوري عبر اضطراب اللحظة الزمنية وتقلقلها ، يعبران عن نفسيهما معاً ، وتحتفظ الذاكرة الانتقائية ، والرغبة ببناء ذاكرة جديدة منتقاة بمركز أساسي مما يسمح بالتحرر من الذاكرة كتاريخ، أو كمعطى، ويقيم بينهما فاصلاً ، هو علامة الاستقلال أو الفراق الذي تولدت عنه الصورة داخل الكلي المستمد من محايثة اللحظة لمبدأ الاستيلاد المستمر لذاتها، والتي تحيل إلى حداثة الفكر، ثم تنعكس عنها.( أنكرني أخوتي أمي ماتت من الغم بينما ضاع أبي في غابات المارتينيك وهو يطارد خلاسياته الجميلات وكل ذلك لأنني أركب على قصبة وأركض وراء أشباحي منقاداً بهوس الاكتشاف بينما هم يرغبون في أن أصير حكيماً )
الفرشة الروائية تجمع كورال الشخصيات المتخيلة، وتستحضرهم في بداية القص، كاستهلال يحيل إلى التواصل الحي، ويؤكد استغراق الواقع للمتخيل أو توثيق الواقع بالتخييل، فبيان الأبطال يشعر بالتزام الواقع من حيث الوجود المعاين، ها نحن نتكلم ( نحن أبطال هذه الرواية) ...وتأتي جملة اسألونا لماذا... لتؤكد واقعية الحال بافتراض واقعية المساجلة، وهو اختبار لا يمكن أن يرقى إليه الشك في يقينية الوجود ، إذن فالوجود هو الافتراض الأساسي ، أما ما ينسحب عليه من توصيف فهو أمر آخر، والانشغال بمقاومة الجنون هو تأكيد لحالة الواقعية ، وليست نفياً للواقع، ويكون تمييز حالة الجنون ، هو المعادل لوجود العقل بالفرض، ومسألة الخطأ والصواب، هي من متعلقات الواقع أيضاً، ويتبادل الخاص والعام أمكنتهما، فتصبح القاعدة هي الاستثناء، والاستثناء قاعدة يمكن تعميمها فيما يتعلق بالأحكام القيمية للحياة والكون والبشر، ويصبح من يمكنه تمييز الجنون من العقل، يمثل القلة النادرة، التي لا تنال أحكامها- وللأسف - حظها من الاعتبار، والمسألة موضوعية بالأصل، فمن يوجد في مدينة العوران يجب أن يستر عينه ، وإلا كان هو الاستثناء، وطالما أن ذوي الجهالة ينعمون في فراديسهم، فالأمر محلول بالنسبة لهم، ويبقى أولئك التعساء بعقولهم وحكمتهم، غرباء في مملكة المجانين، فهل يجب أن يشربوا من نهر الجنون، كيلا يستمر التمايز والتمييز؟ أو أن رؤوسنا الفاخرة لا يليق بمساحاتها الرحيبة، وهي على الهيكل، سوى هذا النوع من الشواغل؟ وأين بالأصل تكمن مسألة الخطأ والصواب؟ وهل الخطأ والصواب هما من متعلقات العقل؟ وأي عقل نعني؟ أم أن المسألة لا تمثل برمتها سوى اصطلاحاً ومعطى بشرياً، يخضع لنسبية الزمان والمكان والكون؟.
تشرع الرواية السؤال والتساؤل عن الموقف من فرضية خطأ العالم، وهل من اللازم تنصيب الشخص لنفسه شاهد بينة شخصية على خطأ العالم ؟، هذا السؤال ينبني على مشروعية تخطئة العالم أساساً ، ومجرى الأشياء ، لكن هذا العالم هو بالتأكيد أكبر من أحكامنا وأفكارنا، والصعوبة تكمن في قابلية الفكر كمعطى، للتحديد خارج العالم،لكن افتراض أن هناك موتى أحياء يحل المسألة مباشرة ( كنا فقط نطمح إلى إثبات أنه ما زال بين الموتى الأحياء غير المعلنين ذلك الخيط الواهي من الصلات الإنسانية الجميلة وسنعترف لكم هنا بأن الدافع إلى ذلك لم يكن أكثر من أمل ساذج وغبي على الأرجح بأن ذلك الخيط قد يتحول إلى حبل إنقاذ في يوم من الأيام ) ...إن كلمة قد تحيل إلى إمكانية التحقيق والتحقق ، أي تشير إلى توفر عناصر الواقع، وإن بحدودها الدنيا، وهنا يكون الأمل بالحياة مشروعاً، الحياة المفارقة لليوتوبيا التي تحمل بذور فنائها في ذاتها عموماً، بتقديمها الفكر على الواقع والقول بأسبقية النظرية، ومن الطبيعي أن لا مكان للأمل في ظلها، بل فقط الحلم في غياب العقل، أما في حالة الأمل، فالأمر مختلف، إذ يكون الأمل أيضاً حلماً، إنما بحضور العقل الذي يحايث الواقع ، ويستمد منه عناصره، ولو صعب الوضع واستدق، ويبدو أننا لا نملك أكثر من ذلك الآن، لكننا نطمح ونأمل، والأمر يتعلق بالآن والإمكان تحديداً لا نفياً...( أنا متعصب للحياة أي نعم متعصب للحياة ...والحياة لا تكون إلا في مكان يا سيد بليغ فالمكان هو وطن للحياة وطني وطنك وطننا أوطان الناس جميعاً معلوم وليس الوطن فكرة للضحك على الذقون وليس مذبحا وهمياً يموت عليه الانسان بلا معنى ولا غاية ولا هدف لا الوطن هو مطار روحك للتحليق نحو الله هذا هو رأيي من البداية ).وأيضاً..
( لا يهمني من تكون لكنني عرفتك أنا مدينة لك بإعادتي من سجن حلمي المسكين إلى رحابة واقع أشعر بأننا قد نصير قادرين على إحياء جماله رغم فظاعة ما نمر به من عذاب ) .
فهل تكون الكتابة ذاتها وليدة الصعوبات التي تسببها متطلبات التحديد هذه، أو أنها احتفالية متعمدة باكتشاف المفارقات التي يمكن أن تظهر في كل مكان بين متطلبات الروح الحالمة، وبين نوازع الفكر المعقلن، المتصل بمسائل الكشف، وما يمكن أن ينتج عنها من مظاهر السلب والاستلاب، أو الفراق، أو الاغتراب الروحي.
من الواضح أن الكاتب يحاول تسريب الصدمة التي تجتاحه إزاء كل هذا إلى قرائه، الصدمة التي تسببت بانثقاب روحه، وبالتالي بروز الحاجة للترقيع،(سرحان الإسكافي ونائبه بليغ، ترقيع ماركات الأرواح المعطوبة بأحدث الآلات اليابانية خدمة متقنة ودهان فاخر ) نعم... فليس ثمة متسع من الوقت للهدم وإعادة البناء، ومن الضروري التعرف على القاتل والمقتول في غمرة الصدمة الهائلة للحدث، صدمة السوق... الأخلاق السياسة... الأحزاب، وهذا ما يبرر اللجوء إلى التمايز والتمييز وربما البعثرة وإعادة التوليف في صورة الشاهد المشهود، فالشاهد لوحده ليس بوسعه إلا اللغط والإزعاج، والمشهود يمثل التحدي الدائم، من الطبيعي إذن أن تنتج الفوضى والخراب، خراب الروح، ولن يكون بوسع الكاتب إلا اللجوء للسخرية المعبرة عن الرفض الكلي لما هو كائن خارج نطاق الرغبة والإرادة.( ولو سلامة فهمك خواجا سرحان هم يعني الدهاقين الذين يستطيعون شطب المخلوقات بخربشة توقيع على ورقة أو بأمر في تلفون ثم يحدثونك بالألوان وعلى الهواء مباشرة عن الحرية وراء ابتسامة أنيقة كما يليق بالنصابين ...) وأيضاً ( أنت المسكين الطيب الذي لم يكن يطلب إلا القليل من المعقولية لحركة الدنيا صرت عاجزاً عن أن تعرف ما الذي تريده أنت ثم وصلت أخيراً إلى أنك لا تطلب إلا موتاً بالتوقيت الشخصي ...)
مفارقة الواقع بشروطه المكانية والزمانية، ليس هدفاً بحد ذاته، أو وسيلة للهرب، فهذا ليس من شأنه، ولا يكفي بدون شك لتحويل العالم أو تبديل الحياة، لكن ربما بفضل محايثة الواقع غير المحدد، والذي تقودنا إليه الأسباب المختلفة التي تسمح لنا بشعور كانت تمنعه عنا معطيات الواقع المنطقي ومقولاته، تبرز الحاجة لعملية الانتخاب العقلي، التي تظهر ميولنا في تناقضاتها، وعمليات التوافق والإخضاع اللازمة للوصول إلى وحدة المقول الأخلاقي أو العاطفي أو الوجداني ، المتمثل بضمير الرواية الحقيقي ، كذات منفصلة، والتعرف على قدراته في توحده، ورغباته، ( وشكرت القصبة في سري لأنها حملتني ذات يوم بعيداً عن الجامعة وعن حذلقات حكمة الجامعة وفتحت لي أبواب فلسفات الحياة المتقلبة الواسعة وهي تتجسد في أسرار صغيرة مخبأة في حركة البشر ، لكن تلك الأسرار الصغيرة كلها تنبع من سر واحد كبير ومتناقض، سر مستعص على الجلوس في مقاعد الدراسة حيث لا يمكن للمرء أن يشك في محفوظات اليقين الخالص الذي يحشون به رأسك ، وحيث الرأس صندوق فرجة على قداسة كل ما ليس منك وليس وسيلة لدخولك في نظام الدنيا ككائن من لحم ودم )
إن مجموع الذوات المتناثرة في أطر وشخوص مختلفة تتكلم وفق القولبة التي تحكمها، والتي يتم ضبطها دائماً ومتابعة حركتها من قبل الكاتب انطلاقاً من إمساكه الدائم بخيوط القص، وسيطرته على أدواته، وفق ما يجب أن يكون، ولو عبر الحلم والتداعي، وتقطيع الزمن، و بفضل ضمير المتكلم الذي يشرع الحق بالتقول، وعلى مسؤوليته كشاهد معاين،( وعندها اقترحت على الشباب أنا محسوبكم سرحان )...تاء المتكلم هنا تبتدئ القص بضمير الأنا الرائي، المتسلح بحواسه ، مع الاعتماد أحياناً على ضمير الغائب المنفصل عن الزمان والمكان، المتعالي على الحدث، الذي يرد في سياق الحوارات، الأمر الذي مكنه من استنطاق الذوات المتناقضة والمتنافرة، بما يفيد الحكم الذي يتطلب تكييف الواقع، وإعادة تشكيله، أو تغييبه إذا اقتضى الأمر، وعبر فانتازية المصادفات والمفارقات، وانفلاتها من قيود المحاكمة العقلية أو التاريخية، أو حتى التقانية، فالحياة ربما كانت فراغاً تعكر صفوها الصور الغامضة والمتدفقة التي تجتاحها،لكنها تحركها ...وتعطيها قيمتها، ولو كانت على غير ما نشتهي، فلا يتحرج بليغ من إيراد صيغ الشتم والتهديد التي يتلقاها ( اسمع أنت يابن الشرفاء يابليغ الحمود إذا أخطأت مرة واحدة أو ترددت لحظة في قتل من يحاول الوقوف في وجهك أو سكت على أذية مخلوق فأنا من الآن أنصحك بالهرب إلى أي مكان لا تصل يدي إليك فيه ...لأنني وقتها سأجعلك تلعن السلعة التي خرجت فيها من بطن تلك المجنونة فهمت أم أعيدها عليك؟)...ثم( هاأنذا أركض وأركض ولا ألتفت وأعرف أنه سيظل يراقبني حتى أختفي رغم أننا في برية مقفرة ولكن ما أطول هذه الطريق نحو الحدود التي قال إنه على مسافة أمتار فمتى سأصل إلى النبع؟ متى متى يا ألله؟ ) ثم على لسان بليغ ذاته ( يا إلهي يا إلهي... معقول ؟ أركض كل هذا الركض هارباً من جنون لأجد نفسي في مصيدة جنون آخر ؟ ) وأيضاً( أنا مطارد وسأبقى مطارداً فما الفائدة؟) .
المكان الأكثر ملاءمة لتوصيف حالة الجنون هو بيروت، بيروت الحرب، وتعميم مناخات الحرب، وإسقاطها على مساحات الذاكرة والتذكر، لإنتاج ذاكرة المأساة، التي ستسم الروح،( أوه بيروت بيروت دائماً بيروت مسيرة ما لا أستطيع حسابه من الكمائن والألغام والأعلام والأناشيد والخيبات والأخوات المعطوبة والشعارات والمؤتمرات والمذابح والمدائح والأوسمة والخطب والأكاذيب والآباء يا لطيف كم صارت بعيدة هذه البيروت ) ثم ( لقد فتحت جبهتي الخاصة كي أسدد حساب الثأر في روحي المحترقة بهيجان الخيبة وأنا أرى جميلة تسقط كانت ممسكة قلبها بيد وبطنها بيد وهي تتلوى من الألم المرعب...) وقرار الدخول في حمأة الحرب ليس خاضعاً لحسابات العقل ولا حتى المصالح ، فالمزاج له دوره في هذا العالم غير المعقول ( لكن قلبي ظل يغلي في أعماقه مكابراً ببلاهة حتى أنني رغم تهشم بارودتي التي لم تعد صالحة لشيء قررت أن أبقي جبهتي مفتوحة، وصار همي كله ينحصر في أن أجد لها نشيداً أي نشيد كان ، لكن المشكلة التي ظلت تؤرقني منذ أن صرت معروفاً هي مشكلة من صار في إمكاني أن أختارهم كخصوم؟...) ثم ( غريب يرقصون هناك رغم أنهم بين أكوام من الجنائز)
بيروت هي الكذبة التي يريد الكل تأسيسها على إيقاع لعبته وتلاعبه، مما يشعر بالانمحاق، وأن الخلاص بعيد، وأن كل عرس لقيامتنا مستحيل، مما يبرر الهلوسة... الهلوسة التي تستحضر الكاتب كضمير لا يستطيع الابتعاد عن الموكب، وعبر الصور ، ومماحكة الذاكرة التي قد لا يستطيع - وربما لا يريد – التحكم بتداعياتها ، وانتخابها ، والتركيز على علاقة الصورة بالمعنى...فشهرزاد هي الورقة الصورية –ورقة الضد – التي يسخر بها من طقوس الوضع، ويخاطب بها العقل البدئي، وبها يراهن على صمود الروح ( ورأيت شهرزاد تنسحب وقد أدركها الصباح الشهرياري الدامي أو أوشك )...أما أسباب صعوبة القيامة فكثيرة ومتنوعة ، أهمها حالة الخصاء التي ربما تنتج المصادفات ، لكنها لا تعد بأي شيء من ناحيتها ، مما يسمح بتعميم الحالة كأصل وليس استثناء، وتؤكد أن عقم الرجال أساسه عقم الرجولة ( أنا رجل فعلاً أم لا ؟) وأيضاً ( ربما صرنا أولاد ميتم كبير بعد أن تم تجريدنا من هذه الذكورة الملعونة...) ،ثم( فأنت حين لا يكون لجبهتك خصوم محددون يقودك البين بين إلى أن تصبح أشبه بجربوع مخصي تجره مجارير الآخرين إلى حيث لا يعلم ) حالة الخصاء هذه تبقي وللأسف على الحياة بحدودها الدنيا، فالعقم محلاً وموضوعاً موجود على كل حال، وهو وجود حال وآني ، ولما كان التسليم بالأمر مسألة تتعلق بالوجود والعدم، فليس هناك أنسب من البرزخ مقاماً للروح والعقل ، البرزخ الذي ينتصب علامة الكمون، وهو أقصى ما يمكن إدراكه في ظل رحمة الخالق.( رفضوا أن يتقبلوا شرف خصومتي لهم وبذلك وضعوني مجبراً في الحياد في منطقة ذاك البين بين الملعون والذي لا تعرف فيه إلا الحيرة حتى أنك لا تعود أكثر من غريب عن نفسك )
تنسحب هذه الحالة على مظاهر الانفصام والانفصال... والتأثر والتأثير، لدى أشخاص الرواية ، فالحب والحرب يأتيان بقرار ( أما لماذا خطر لي أن أفتح جبهة عشق كي أسكت جبهات الحرب حين دخلت فتلك معضلة...) ثم ( وحين لا تعرف ضد من عليك أن توجه جبهتك، فإن غضبك لا يمكن له أن يصل مهما تفجر إلى أبعد من رأس منخارك، إذا ما كنت تعوم داخل هذه البحار من التفاهة الخالصة ....واخترت اعتبار رصاصاته جزءاً من مساعدة شقيقة على التحرير ، أما تحرير أي شيء والتحرير من أي شيء فالله وحده يعلم...) . وأيضاً ( أعط أي شقندحي من هذا الشرق الغريب رشاشاً أو حتى مقلاعاً وزوده بخمسة مصفقين وملقن ماكر ثم انظر ما يحدث الأرض كلها لا تعود تتسع لأمجاده
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.58 كيلو بايت... تم توفير 0.64 كيلو بايت...بمعدل (2.42%)]