عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 27-07-2009, 10:27 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أشكُو إليكَ زَوْجي

يهددني كثيرًا بالزوجة الثانية
فهل هذا من معاشرة الزوجة بالمعروف؟
وغرس شعور الإحساس بالأمن والاستقرار!

(للزوج الحق في الزواج من أربع زوجات حسب منهج الشريعة الإسلامية، ووفق المنهج والضوابط التي أقرت ذلك من حيث القدرة على النفقة والعدالة وتوفر الإمكانيات المناسبة لهذا التعدد. ويتزوج بعض الرجال بزوجة أخرى لأسباب يرجعها إلى زوجته الأولى بأنها لم تحقق احتياجاته الفعلية أو أنها دفعته من حيث تدري أو لا تدري إلى هذا الزواج بسبب أخلاقها وتعاملها أو بسبب إفراطها في الغيرة والاستحواذ عليه ومحاسبته مما يدفعه إلى كره البيت والزوجة والبحث عن بدائل توفر له الراحة والطمأنينة.
وعلى الرغم من أن تلك الزوجة المفرطة في الغيرة أرادت ألا يتزوج عليها زوجها فقد دفعته إلى الزواج بسبب المبالغة في تصرفها. وبعض الرجال يبررون زواجهم من أخرى لأسباب تتعلق بمرض زوجاتهم، أو عدم التوافق في النظرة للحياة والمشاكل الزوجية الكثيرة. وفئة أخرى من الرجال ترى بأنه لا توجد مبررات محددة للتعدد بل طالما أن ذلك أمر مشروع فسوف يسلكه الإنسان رغبة فيما حلل الله واستغناء عما حرم الله. وآخرون منهم يرغبون في كثرة النسل والذرية الصالحة التي تدعو له بجانب العفاف والكفاف. ويلجأ بعض كبار السن إلى الزواج مرة أخرى بسبب إهمال زوجاتهم لهم وانشغالهنَّ مع أولادهن أو عدم قدرتهن على خدمتهم. وإذا انشغلت الزوجة بنفسها أو شغلها أولادها عن زوجها فسوف يصبح الزوج أسير ذكريات الماضي وتعيش معه الهواجس والأماني... نعم من حق الرجل أن يعدد وأن يتزوج أربع زوجات ولكن عليه أن ينهج منهج العدالة التي طلبها رب العالمين. قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا﴾ [النساء:3]([1]).
وتحت عنوان "رسالة من زوجة" تقول أم محمد:
(أعتقد بل أجزم أن كل امرأة مسلمة لا تعترض على مشروعية التعدد للرجل، ولكنها تعترض على طريقة تطبيقه من بعض الرجال واستخدامهم له، حيث أن بعضهم يرى في زواجه الجديد تخلصًا من حياته الأولى ويتغير كثيرًا في تعامله مع زوجته الأولى بل يعاملها معاملة سيئة إن لم يهملها ويتركها. ومثل هذه المواقف الشاذة والسيئة تجاه بيته الأول ومع زوجته الأولى وأولاده تقترن وتصاحب كل مواقف التعدد الزوجي وهذا ما يجعل المرأة قلقة جدًا ومتحفزة لزواج زوجها من أخرى خاصة في ظل معايشتها لتجارب فاشلة حولها جعلتها تكره التعدد ذاته؛ لأن بعض الرجال مع الأسف الشديد أهمل زوجته الأولى وأولادها، وانقاد إلى زوجته الثانية وبيته الجديد. وتردف أم محمد بأن حياتنا الحاضرة التي نعيشها على أرض الواقع فيها من المشاهد والشواهد الصور الواضحة.
فإهمال الرجل لبيته وزوجته الأولى وأولاده يخلف مشاكل كثيرة جدًا، وأنا مدركة ـ والكلام لأم محمد ـ أن للزوجة الأولى دور في سلبية الرجل فربما تدفعه إلى التصرفات الشاذة بسبب سوء تعاملها معه. ولكن على الرجل أن يتقيد بالدين وأن يكون أهلاً للتوفيق بين رغبته وحاجته إلى الزواج الثاني وبين حقوق الآخرين وألا يذر زوجته الأولى كالمعلقة ويهمل أولاده وأمانته.
والإنسان دائمًا مطالب بإعطاء الناس حقوقهم قبل أن يأخذوها منه عنوة في موقف عظيم يفر فيه معظم الناس عن أقرب الناس إليهم. قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: 34ـ 37].
وأنا أعرف رجلاً من أقاربي توفيت زوجته وتزوج بزوجة أخرى لم يحبها بينما هي أحبته من كل أعماقها وفُتِنَتْ به، فلم يطلقها وضحى بمشاعره وأحاسيسه مقابل ما تقدمه له من إكرام وإعزاز ومحبة. وكان يقول لي: ما أصعب عليَّ من اللحظات التي أرغب فيها مغادرة منزلي ثم ترجوني للبقاء معها، وكنت أجلس معها على مضض إكرامًا لمشاعرها... فهل يوجد رجل في مجتمعنا يلبس قيم هذا الرجل وأخلاقه أو شيئًا منها في تعامله مع زوجته؟ ربما جنس هذا الرجل موجود فقط ولكن نسبة وجوده ليست على المستوى المطلوب)([2]).
إن الخلق الطيب وحسن العشرة للزوجة ليس مثلهما شيء في تدعيم أواصر المحبة، والمودة بين الزوجين، وإضفاء المناخ الصحي النقي للسعادة الزوجية داخل البيت المسلم. ينافي ذلك تهديد الرجل زوجته بالزواج عليها بلا مبرر وبلا مقصد شرعي، اللهم إلا إحزانها والانتقام منها لتقصيرها مثلاً في بعض الأمور داخل البيت سواء كانت مستحبة أو واجبة.
ويخطئ الزوج تمامًا إذا اعتقد أن هذا الأسلوب من أساليب تقويم المرأة وإصلاح اعوجاجها.
إن الزوج المسلم الذي يحب الله تعالى ويخشاه، ينبغي أن يكون ذا قلب رقيق، وعاطفة جياشة، وحِسٍّ مرهف، ونفس حساسة، تشعر بآلام الغير حتى لو لم يصرح، فيشاركه في آلامه، ويخفف عنه أحزانه حتى لو لم يطلب، فما بالنا لو كان هذا الغير هو: زوجته حبيبته.
إن على الزوج المسلم أن يدخل السعادة والسرور على زوجته بكل قول أو فعل، لا أن يحزنها أو ينكد عليها، لاسيما إذا كان عامدًا متعمدًا فيأثم بذلك.
إن القلوب التي تهفو للقاء ربها في جنات عرضها السموات والأرض لتنأى بنفسها عن كل خلق ذميم وسلوك مشين، بل تتنافس مع غيرها في طلب مرضاة الله عزَّ وجلَّ، انطلاقًا من صدق المحبة لله تعالى، ومحبة ما يحبه الله تعالى.
فيا أيها الزوج الكريم:
إن كنت ترغب في التعدد، فادرس الأمر، وشاور من تثق به من إخوانك، أو استفت أهل العلم، ثم اعط قرارك وتوكل على الله، أما إن كنت لا ترغب فلا تعصِ الله في زوجتك، ولا تؤلمها فإن ذلك يؤذيها، وأذيتها حرام.
ولعل من أهم الآثار السلبية للتلويح بالتعدد:
1ـ إثارة الحزن والكآبة عند الزوجة.
2ـ غرس الإحساس بعدم الأمن والاستقرار مع الزوج، مما يحملها على بعض أفعال ربما تخالف الشرع، كأن تأخذ من ماله دون أن يأذن، ضمانًا لمستقبلها من أي شيء يحدث فيما بعد.
3ـ ليس هذا هو الطريق الشرعي لتأديب المرأة أو علاج نشوزها، وإلا لَدَلَّنَا عليه الشرع، لذلك فإن الرجل يأثم بهذا السلوك المشين.
4ـ كراهية المرأة للتعدد ـ وذلك بسبب سوء سلوك الرجل ـ؛ لأنه أصبح كالسوط المسلط على رقبتها، والعقوبة الزاجرة لها إن هي خالفت زوجها.
5ـ لا يخفى على كل عاقل لبيب أن ذلك السلوك ينافي المعاشرة بالمعروف ـ حتى وإن كان على سبيل المزاح ـ لما يثيره من الهم والحزن والغم لدى الزوجة([3]).


([1]) الشهد والشوك في الحياة الزوجية، صالح بن عبد الله العثيم ص206.

([2]) المصدر السابق، ص217، 218.

([3]) راجع بالتفصيل ذلك في رسالة "الرسائل التامات في تعدد الزوجات" للمؤلف.


رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.78 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]