عرض مشاركة واحدة
  #690  
قديم 11-07-2022, 08:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,293
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الزكاة

(400)



- (باب الحنطة في الزكاة) إلى (باب إذا أعطاها غنياً وهو لا يشعر)

بينت السنة زكاة الفطر وأصنافها، والوقت الذي يُستحب أن تؤدى فيه، ومقدار ما يخرج، وحكم نقل الزكاة من بلد إلى آخر، وأن المسلم إذا تصدق على شخص غني ظاناً أنه فقير فإنها تصح منه.
الحنطة


شرح حديث: (أن رسول الله فرض صدقة الفطر... نصف صاع بر، أو صاعاً من تمر أو شعير...) من طريق ثامنة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحنطة.أخبرنا علي بن حجر حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حميد عن الحسن : أن ابن عباس رضي الله عنهما خطب بالبصرة فقال: ( أدوا زكاة صومكم، فجعل الناس ينظر بعضهم إلى بعض، فقال: من ها هنا من أهل المدينة، قوموا إلى إخوانكم فعلموهم، فإنهم لا يعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرض صدقة الفطر على الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، نصف صاع بر، أو صاعاً من تمر، أو شعير، قال الحسن: فقال علي: أما إذا أوسع الله فأوسعوا، أعطوا صاعاً من بر أو غيره )].
يقول النسائي رحمه الله: الحنطة، أي: الحنطة في زكاة الفطر، أي: إخراجها في زكاة الفطر، وقد أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقد مر بالأمس، وفيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر نصف صاع من بر، أو صاع من تمر، أو صاع من شعير)، وقد عرفنا بالأمس أن البر لم يثبت فيه شيء، وأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه جاء عنه كما في صحيح البخاري قال: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذ التمر والشعير، والزبيب والأقط)، يعني: هذه الأمور الأربعة، والحنطة ليست مشهورة, وليست قوتاً معتاداً في المدينة، وإنما القوت في المدينة هذه الأمور الأربعة، التي قال عنها أبو سعيد : (وكان طعامنا يومئذ)، يعني: في ذلك الوقت، هذه الأمور الأربعة، ولهذا لما وجدت الحنطة وكثرت، رأى أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أن مدين من الحنطة تعدلان صاعاً من الشعير، والمدان هما نصف الصاع؛ لأن الصاع أربعة أمداد، يعني: نصف صاع من حنطة يعدل أو يساوي صاعاً من شعير، وبعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كـأبي موسى لم يرى أن يخرج نصف صاع، وإنما يخرج صاعاً من أي طعام من الأطعمة، وإن كانت متفاوتة، إذا أخرج الزكاة يخرجها صاعاً من أي طعام من قوت البلد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سوى بين هذه الأربعة التي هي طعامهم يومئذ، مع أنها ليست على حد سواء بل متفاوتة.
فكذلك إذا وجد شيء كالبر أو كالأرز، يعني: يزيد عن تلك الأشياء، فإنه يخرج منه صاعاً، وعلى هذا، فذكر نصف الصاع من البر ليس بمحفوظ، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء يتعلق بالبر والتنصيص عليه، وإنما الذي ورد صاع، إما صاعاً من طعام، أو صاعاً من تلك الأطعمة التي كانت هي طعامهم في زمنه صلى الله عليه وسلم في المدينة، وهي التمر والشعير، والزبيب والأقط.
وعلى هذا فإن الزكاة تخرج طعاماً ولا تخرج نقوداً، وتخرج صاعاً ولا تقل عن صاع، وبعض العلماء أجاز، كما جاء عن معاوية وبعض الصحابة التنصيف، يعني: نصف الصاع من البر معادلاً بغيره، ولكن كون الرسول صلى الله عليه وسلم أطلق، وسوى بين الأطعمة بأنها تكون صاعاً مع حصول تفاوتها، وأبو سعيد رضي الله عنه رأى أنه يخرج الصاع ولا ينقص عنه من أي طعام، فإن الأولى والذي ينبغي أن يعمل به، وأن لا يصار إلى خلافه، هو أن يخرج صاعا من أي طعام، ولو كان ذلك الطعام أنفس من غيره، وأحسن من غيره.
ثم قال: [الحسن: قال علي رضي الله عنه: إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا]، يعني: أخرجوا صاعاً من بر أو غيره، يعني: أن هذا الذي فيه خلاف بين الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، أن الأولى للإنسان أن يأخذ بما هو الأكمل وبما هو الأحوط، وأن يكون ذلك صاعاً من أي طعام، من بر أو غير بر، سواء كان الطعام من المسميات في ذلك الوقت، أو الأشياء التي لم تكن طعاماً، ولكنها طعام لكثير من الناس اليوم، لا سيما الرز في هذا الزمن الذي يعتبر هو القوت الرئيسي عند كثير من الناس، وهو لا يحتاج إلى طحن كالبر، فالإخراج يكون صاعاً.
ثم إذا حصل أي تغير في بعض الأطعمة؛ لأنها لا تكون طعاماً فلا ينبغي إخراجها مثل الشعير في هذا الزمان؛ لأن الشعير كان طعاماً، ولكنه الآن لا يؤكل ولا يستعمله الناس، وإنما يشترونه علفاً للبهائم، يعلفون به البهائم، فلا ينبغي إخراج الشعير في هذا الزمان؛ لأن الناس ما يقتاتونه، وإنما يجعلونه علفاً للبهائم، فيخرج من الأطعمة التي هي قوت الناس، مثل الأرز والبر والتمر وغيرها.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله فرض صدقة الفطر... نصف صاع بر، أو صاعاً من تمر أو شعير...) من طريق ثامنة


قوله: [أخبرنا علي بن حجر ].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي .
[ حدثنا يزيد بن هارون ].
هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حميد ].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وذكروا في ترجمته: أنه مات وهو قائم يصلي رحمة الله عليه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ أن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة الكرام، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأيضاً هو أحد المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة ، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم، وعن الصحابة أجمعين.


السلت


شرح حديث: (كان الناس يخرجون عن صدقة الفطر صاعاً من شعير أو تمر أو سلت أو زبيب) من طريق تاسعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [السلت.أخبرنا موسى بن عبد الرحمن حدثنا حسين عن زائدة حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ( كان الناس يخرجون عن صدقة الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم صاعاً من شعير، أو تمر، أو سلت، أو زبيب )].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: السلت، أي: السلت في زكاة الفطر، والسلت نوع من الشعير، وله اسم يخصه يقال له السلت؛ لأنه نوع من الشعير لا قشر له، وأورد النسائي حديث ابن عمر : [أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في زمنه صلى الله عليه وسلم صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من سلت، أو صاعاً من زبيب]، والسلت هو: نوع من الشعير، وهو طعامهم، ولهذا ما جاء ذكره في حديث أبي سعيد قال: (وكان طعامنا يومئذ الشعير والتمر والزبيب والأقط)؛ لأن السلت وإن كان طعامهم إلا أنه داخل في الشعير؛ لأنه نوع من أنواعه.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان الناس يخرجون عن صدقة الفطر صاعاً من شعير أو تمر أو سلت أو زبيب) من طريق تاسعة


قوله: [أخبرنا موسى بن عبد الرحمن ].هو موسى بن عبد الرحمن المسروقي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ حدثنا حسين ].
هو حسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زائدة ].
هو زائدة بن قدامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ].
صدوق ربما وهم، وأخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أي: هو مثل ابن عباس في أن كل منهما من العبادلة الأربعة، وأن كل واحد منهما من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


الشعير

شرح حديث: (كنا نخرج في عهد الرسول صاعاً من شعير...) من طريق عاشرة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الشعير. أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا داود بن قيس حدثنا عياض عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: ( كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاعاً من شعير، أو تمر، أو زبيب، أو أقط، فلم نزل كذلك حتى كان في عهد معاوية ، قال: ما أرى مدين من سمراء الشام إلا تعدل صاعاً من شعير )].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الشعير، أي: إخراج الشعير في زكاة الفطر، وقد أورد النسائي فيه حديث أبي سعيد من طريق أخرى، وهو أنهم كانوا في زمنه صلى الله عليه وسلم يخرجون الزكاة من التمر، والشعير، والزبيب، والأقط، يعني: صاعاً من أي واحد من هذه الأشياء، قالوا: فلم يزالوا على ذلك حتى جاء معاوية، وجاءت سمراء الشام، [ فقال: ما أرى مدين من سمراء الشام إلا تعدل صاعاً من شعير ].
يعني: أن هذه الأربعة كانت هي القوت في زمنه صلى الله عليه وسلم، وهي التي قال فيها أيضاً في البخاري: (وكان طعامنا يومئذ التمر والشعير والزبيب والأقط)، والنسائي أورد الحديث من أجل الشعير، وكونه يخرج في زكاة الفطر، وجاء فيه النص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه القوت في ذلك الزمان مع الثلاثة الأخرى التي معه، وهي التمر والزبيب والأقط.

تراجم رجال إسناد حديث: (كنا نخرج في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم صاعاً من شعير...) من طريق عاشرة


قوله: [أخبرنا عمرو بن علي ].هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا داود بن قيس ].
ثقة، أخرج له البخاري تعليقا، ومسلم ، وأصحاب السنن الأربعة.
[ حدثنا عياض ].
هو عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد ].
هو أبي سعيد الخدري ، سعد بن مالك بن سنان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته أبو سعيد ، وأيضاً هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


الأقط


شرح حديث: (كنا نخرج في عهد الرسول صاعاً من تمر أو صاعاً من أقط...) من طريق حادية عشرة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الأقط. أخبرنا عيسى بن حماد قال: حدثنا الليث عن يزيد عن عبيد الله بن عبد الله بن عثمان : أن عياض بن عبد الله بن سعد حدثه أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ( كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط، لا نخرج غيره )].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الأقط، أي: في زكاة الفطر، وأورد فيه حديث أبي سعيد ، وقال: [إنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في زمنه صلى الله عليه وسلم صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط]، يعني: هذا هو قوتهم الذي يخرجون منه، وهذا يوافق ما جاء في صحيح البخاري من قوله: (وكان طعامنا يومئذ التمر والشعير والزبيب والأقط)، يعني: هذا هو طعامهم، ويخرجون من طعامهم، وهنا يقول: [لا نخرج غيره]، أي: لأن هذا كان طعامهم الذي يقتاتونه، وكانوا يعتادونه ويأكلون منه، والأقط هو: اللبن المستحجر الذي يطبخ، ثم يجفف، وييبس، وهو أحد أنواع أطعمتهم في زمنه صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (كنا نخرج في عهد الرسول صاعاً من تمر أو صاعاً من أقط...) من طريق حادية عشرة

قوله: [ أخبرنا عيسى بن حماد ].هو المصري الملقب زغبة، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ حدثنا الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله بن عبد الله بن عثمان ].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي. ويقال: عبيد الله أو عبد الله يقال فيه هذا وهذا.
[ أن عياض بن عبد الله بن سعد ].
هو عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وقد مر ذكره.
[ أنه أبا سعيد ]، وقد مر ذكره.

كم الصاع؟


شرح حديث: (كان الصاع على عهد الرسول مداً وثلثا ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كم الصاع؟ قال: أخبرنا عمرو بن زرارة ، قال: أخبرنا القاسم وهو ابن مالك ، عن الجعيد ، قال: سمعت السائب بن يزيد رضي الله عنه أنه قال: (كان الصاع على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مداً وثلثا بمدكم اليوم، وقد زيد فيه)، قال أبو عبد الرحمن : وحدثنيه زياد بن أيوب ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كم الصاع؟ يعني: مقداره، وهو أربعة أمداد، يعني: صاع النبي صلى الله عليه وسلم، وصاع المدينة في زمنه عليه الصلاة والسلام أربعة أمداد، ولهذا قدر معاوية الزكاة من البر، فقال: (أرى مدين يعدلان صاعاً)، وهي نصف الصاع؛ لأن الصاع أربعة أمداد، وهذا هو الصاع الذي كان في زمنه عليه الصلاة والسلام، وحصل بعد ذلك تغير الأصواع وتنوعها، والزيادة فيها والنقص فيها، وهذا الحديث الذي يرويه السائب بن يزيد الذي أورده النسائي يقول: أن الصاع كان يساوي مداً وثلثاً فيما عندهم في ذلك الوقت الذي كان يحدث بالحديث، وقد زيد فيه، يعني: أن الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم هو أربعة أمداد، ولكنه يعدل مداً وثلثاً، يعني: بهذا المقدار، الذي اتخذ صاعاً من بعده، ولكن المعتبر هو الصاع الذي عناه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو المقدار الذي شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا اختلفت المقادير والموازين، وزادت أو نقصت، فإنه لا عبرة بهذا التقدير، وإنما العبرة بالتقدير الذي كان في زمنه عليه الصلاة والسلام، وهو الصاع الذي هو أربعة أمداد، الذي جاء في الحديث أنه يغتسل في الصاع، يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، يعني: ما يملأه الصاع يغتسل به الإنسان، وما يملأ المد يتوضأ به الإنسان، والمد ربع الصاع.
فإذاً: التقدير إنما هو بالصاع الذي هو الصاع في زمنه صلى الله عليه وسلم، ولا ينظر إلى الآصع والمكاييل إذا تغيرت بالزيادة والنقصان؛ لأنها ليست معتبرة، بل المعتبر هو ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم وعناه النبي عليه الصلاة والسلام، ولهذا الصاع، أي: الصاع المعهود في زمنه، وليس المقصود أي صاع يكون بعده، سواء كبر أو صغر؛ لأنه قد يكبر، يعني: الصاع وقد يكون المد أكبر من الصاع أيضاً، مثل ما هو موجود في هذا الزمن، المد أكبر من الصاع، المد مقدار كبير عند الناس، يعني: في المدينة هو أكبر من الصاع.
فإذاً ليست العبرة بالمكاييل التي هي بعد زمنه صلى الله عليه وسلم، بل المعتبر هو ما عناه الرسول عليه الصلاة والسلام، عندما شرع للناس أن زكاة الفطر تكون صاعاً من أي نوع من أنواع الأطعمة التي يأكلها الناس.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان الصاع على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مداً وثلثا ...)


قوله: [ أخبرنا عمرو بن زرارة ].هو عمرو بن زرارة النيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ، ومسلم ، والنسائي.
[ أخبرنا القاسم وهو ابن مالك ].
صدوق فيه لين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[ عن الجعيد ].
هو الجعيد بن عبد الرحمن بن أوس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ سمعت السائب بن يزيد ].
صحابي صغير، قال: حج بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمري سبع سنوات، يخبر عن نفسه أنه حج به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره سبع سنوات، فهو صحابي صغير له أحاديث قليلة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ وحدثنيه زياد بن أيوب ].
قال النسائي : وحدثنيه زياد بن أيوب، يعني: مثل حديث عمرو بن زرارة، يعني: وبنفس الإسناد؛ لأنه ما ساق الإسناد بعده، وإنما اكتفى بالإشارة إلى المتقدم.

شرح حديث: (المكيال مكيال أهل المدينة ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن حنظلة عن طاوس عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( المكيال مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة )]. ثم أورد النسائي هذا الحديث، وهو حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو: [( المكيال مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة )]، يعني: أن المعتبر في المكاييل ما كان في المدينة، وهو الصاع وأجزاؤه التي كانت في عهده صلى الله عليه وسلم، والمعتبر في الموازين ما كان في مكة، وهو عمل أهل مكة، قيل: والسبب في هذا التفريق، هو أن المعروف في زمانه أن المدينة بلاد زراعية فيها نخل وزرع، ولهذا اعتبرت فيها المكاييل، ودعا النبي صلى الله عليه لصاعها ومدها، فصار المعتبر في المكاييل عمل أهل المدينة، ومكيال أهل المدينة الذي هو الصاع والمد؛ لأن المدينة بلد زراعية فيها التمر وفيها الزرع.
وأما مكة فهي بلاد ليست زراعية، ولهذا جاء في القرآن: ( بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ )[إبراهيم:37]، يعني: مكة، ولكنهم أصحاب تجارة، وهم أصحاب رحلة الشتاء والصيف، وعندهم التجارة، والحجاج يأتون إليهم، ويبيعون ويشترون، فهي بلد تجاري، والمعتبر في الوزن هو: وزن أهل مكة، المعتبر في الموازين يعني: مقادير الذهب والفضة، وموازينها إنما يرجع فيه إلى أهل مكة، أو إلى الوزن في مكة، وإذاً فهذا التفريق والتفاوت في الموازين والمكاييل؛ لأن المدينة بلد زراعي، وكان الكيل فيها المشهور؛ لأن فيها التمر الحبوب، فاعتبر مكيال أهل المدينة، وكذلك لما كانت مكة هي البلد الذي فيه التجارة، والذي يقصده الناس ويؤمه الناس، ويبيعون ويشترون، فصار المعتبر في الوزن وزن أهل مكة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.81 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.52%)]