الحكمة في التعامل مع الجن والشياطين:
يقول الحكماء: " إن آفة القوة استضعاف الخصم " ، ويقولون: " النظر في العواقب نجاة " ، ويقولون: " لا تقع بالعدو قبل القُدْرة " . يقول ابن القيم : وللشجاعة حد، متى جاوزته صار تهوراً ، ومتى نقصت عنه صار جبناً وخوراً ، وحدُها الإقدام في موضع الإقدام والإحجام في موضع الإحجام ، كما قال معاوية لعمر بن العاص : أعياني أن أعرف أشجاعاً أنت أم جباناً ، تُقدِم حتى أقول مِن أشجع الناس ، وتجبن حتى أقول من أجبن الناس ، فقال:
شجاع إذا أمكنتني فرصةٌ *** فإن لم تكن لي فرصة فجبان
ويقول الشاعر :
فـلا تحقرن عــدوا رماك *** وإنْ كان في ساعديه قِصرْ
فإن السيوف تحز الرقاب *** وتعجـز عما تنــال الإبـرْ
ويقول ابن القيم في الطب النبوي : الطبيب الحاذق يراعي في علاجه عشرين أمرا منها :
قوة المريض وهل هي مقاومة للمرض ، أم أضعف منه ؟ فان كانت مقاومة للمرض ، مستظهرة عليه ، تركها والمرض ، ولم يحرك بالدواء ساكنا .
ومنها ألا يكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط ، بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث علة أصعب منها ، فمتى كانت إزالتها لا يأمن معها حدوث علة اخرى أصعب منها ، ابقاها على حالها ، وتلطيفها هو الواجب.
ومنها أن ينظر في العلة ، هل هي مما يمكن علاجها أم لا ؟ فان لم يمكن علاجها ، حفظ صناعته وحرمته ، ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئا ، وإن أمكن علاجها ، نظر هل يمكن زوالها أم لا ؟ فان علم أنه لا يمكن زوالها ، نظر هل يمكن تخفيفها وتقليلها أم لا ؟ فان لم يمكن تقليلها ، ورأى أن غاية الإمكان إيقافها وقطع زيادتها ، قصد بالعلاج ذلك
و ملاك أمر الطبيب أن يجعل علاجه وتدبيره دائرا على ستة أركان : حفظ الصحة الموجودة ، ورد الصحة المفقودة بحسب الإمكان ، وإزالة العلة أو تقليلها بحسب الإمكان ، واحتمال ادنى المفسدتين لإزالة أعظمهما ، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما ، فعلى هذه الأصول الستة مدار العلاج. أ.هـ.
منقول