عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-11-2020, 08:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,601
الدولة : Egypt
افتراضي الخطبة الثالثة في حقوق الرعية والرعاة

الخطبة الثالثة في حقوق الرعية والرعاة


الشيخ : محمد بن صالح بن عثيمين













عناصر الخطبة

1/شريعة الله كاملة 2/ الحاجة إلى ولي الأمر 3/ حقوق ولاة الأمر على الرعية 4/ حقوق الرعية على ولاتهم.

اهداف الخطبة

بيان حقوق الراعي والرعية.




اتقوا الله -أيها المسلمون- من ولاة ورعية وقوموا بما أوجب الله عليكم؛ ليستتب الأمن ويحصل التآلف، فإن تفرطوا يسلط الله بعضكم على بعض؛ فتسلط الولاة على الرعية بالظلم وإهمال الحقوق، وتسلط الرعية على الولاة بالمخالفة والفوضى والاعتزاز بالرأي فلا ينضبط الناس ولا يصلح لهم حال.




بين الراعي والرعية

حقوق وواجبات






الحمد لله الملك القهار القوي العزيز الجبار ذلت لعظمته الصعاب وحسرت عن بلوغ غاية حكمته الألباب وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العظمة والكبرياء والاقتدار وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المختار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار وعلى التابعين لهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله شرع لعباده على لسان أفضل خلقه شريعة كاملة في نظامها وتنظيمها كاملة في العبادات والحقوق والمعاملات كاملة في السياسة والتدبير والولايات جعل الولاية فيها فرض كفاية سواء كانت تشريعية كالقضاء أو تنفيذية كالإمارة فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء: من الآية59].
فلا بد من ولي أمر ولا بد من طاعته وإلا فسد الناس وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم أحدهم " رواه أحمد في المسند ص 177 ج2.
وقال: " إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم " رواه أبو داود ص 34 ج2. فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم التأمير في السفر مع أنه اجتماع عارض غير مستقر فكيف بالاجتماع الدائم المستقر. وجاءت هذه الشريعة الكاملة التي أوجبت الولاية لقيام الناس بالعدل جاءت بواجبات على الولاة وعلى الرعية وألزمت كل واحد منها بالقيام بها حتى يستتب الأمن ويحل النظام والتآزر بين الحاكمين والمحكومين.
أما حقوق الولاة على رعيتهم فهي النصح والإرشاد بالحكمة والموعظة الحسنة بسلوك أقرب الطرق إلى توجيههم وإرشادهم وأن لا يتخذ من خطئهم – إذا أخطأوا – وهم معرضون للخطأ كغيرهم من بني آدم لكن لا يتخذ من هذا الخطأ سلما للقدح فيهم ونشر عيوبهم بين الناس فإن هذا يوجب التنفير عنهم وكراهيتهم وكراهية ما يقومون به من أعمال وإن كانت حقا ويوجب بالتالي التمرد عليهم وعدم السمع والطاعة وفي ذلك تفكيك المجتمع وحدوث الفوضى والفساد.
ومن حقوق الولاة على رعيتهم السمع والطاعة بامتثال ما أمروا به وترك ما نهوا عنه ما لم يكن في ذلك مخافة لشريعة الله فإن كان في ذلك مخالفة لشريعة الله فلا سمع لهم ولا طاعة لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وفي الصحيحين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فلما خرجوا غضب عليهم في شيء فقال أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تطيعوني قالوا بلى قال فاجمعوا لي حطبا فجمعوا له ثم دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال عزمت عليكم لتدخلنها فقال لهم شاب منهم إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف ".

وقال صلى الله عليه وسلم: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ".
وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان ".
أيها الناس إن من طاعة ولاة الأمور التي أمر الله بها أن يتمشى المؤمن على أنظمة حكومته المرسومة إذا لم تخالف الشريعة فمن تمشى على ذلك كان مطيعا لله ورسوله ومثابا على عمله ومن خالف ذلك كان عاصيا لله ورسوله وآثما بذلك.
أما حقوق الرعية على ولاتهم فالمسؤولية كبيرة والأمر خطير فليس المقصود بالولاية بسط السلطة ونيل المرتبة إنما المقصود بها تحمل مسؤولية عظيمة تتركز على إقامة الحق بين الخلق بنصر دين الله وإصلاح عباد الله دينيا ودنيويا فيجب على الولاة صغارا أو كبارا إخلاص النية لله سبحانه والاستعانة به في جميع أمورهم على ما حملهم من هذه الأمانة وعليهم أن يطبقوا أحكامه سبحانه وتعالى بحسب استطاعتهم على الشريف والوضيع والقريب والبعيد لا يحابوا شريفا لشرفه ولا قريبا لقربه متمشين في ذلك على ما رسم لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم حيث قال معلنا ومقسما وهو البار الصادق بدون قسم: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ".
فمن قام بذلك من ولاة الأمور الصغيرة أو الكبيرة كان مطيعا لله ورسوله مؤديا لأمانته نائلا ثواب الله ورضا الخلق عليه فإن الله يحب المقسطين قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا" رواه مسلم. وقال: "أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى مسلم وعفيف متعفف ذو عيال". رواه مسلم.

فاتقوا الله أيها المسلمون من ولاة ورعية وقوموا بما أوجب الله عليكم ليستتب الأمن ويحصل التآلف فإن تفرطوا يسلط الله بعضكم على بعض فتسلط الولاة على الرعية بالظلم وإهمال الحقوق وتسلط الرعية على الولاة بالمخالفة والفوضى والاعتزاز بالرأي فلا ينضبط الناس ولا يصلح لهم حال.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء:59 ] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم…


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.92 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]