عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-02-2020, 04:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي من سنن الوضوء التيامن

من سنن الوضوء التيامن


الشيخ دبيان محمد الدبيان





ذهب الفقهاء إلى أن التيامن في الوضوء سنة من سننه.



وقيل: يكره البداءة باليسار، وهو مذهب الشافعي[1].
وقيل: إن الترتيب بين اليمنى واليسرى واجب، نُسِب هذا القول للإمام الشافعي وأحمد، ولا يثبت عنهما[2].

أدلة الاستحباب:
الدليل الأول: الإجماع:
قال ابن المنذر: "أجمعوا على أن لا إعادة على من بدأ بيساره قبل يمينه"[3].

وقال ابن قدامة مثله[4].

وقال النووي: "وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين على اليسار من اليدين والرجلين في الوضوء سنة، لو خالفهما فاته الفضل، وصح وضوءُه"[5].. ا.هـ.

الدليل الثاني:
(880-109)ما رواه البخاري، قال: حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني أشعث بن سليم، قال: سمعت أبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيمن في تنعله وترجُّله وطهوره، في شأنه كله. ورواه مسلم بنحوه[6].

فقولها: "يعجبه" ظاهر في الاستحباب في ما ذكر من التنعل والترجل والطهور.

الدليل الثالث:
(881-110)ما رواه أحمد، قال: حدثنا حسن وأحمد بن عبدالملك، قالا: حدثنا زهير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا لبستم وإذا توضأتم فابدؤوا بأيامنكم))، وقال أحمد: ((بميامنكم))[7].
[إسناده صحيح] [8].

الدليل الرابع:
أحاديث الصحابة - رضي الله عنهم - التي وصفت وضوءه في الصحيحين وفي غيرهما، كلها اتفقت على تقديم اليد اليمنى على اليد اليسرى، والرِّجل اليمنى على الرجل اليسرى؛ كحديث عثمان وعبدالله بن زيد - رضي الله عنهما - وهما في الصحيحين، وحديث ابن عباس وهو في البخاري، وحديث علي - رضي الله عنه - وسبق تخريجه.

الدليل الخامس:
(882-111)من الآثار: ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن عوف، عن عبدالله بن عمرو بن هند، قال: قال علي: ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت[9].
[إسناده منقطع][10].

(883-112)ومنها ما رواه أبو عبيد، ثنا هشيم: قال: أخبرنا المسعودي، عن سلمة بن كهيل، عن أبي العبيدين، أن ناسًا سألوا ابن مسعود عن الرجل يبدأ بمياسره قبل ميامنه في الوضوء، فقال: لا بأس به[11].
[إسناده حسن- إن شاء الله تعالى][12].

الدليل السادس:
قال - تعالى -: ﴿ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ﴾ [المائدة: 6]، وقال: ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6] فجمع هذه الأعضاء، فتقديم الأيسر على الأيمن أو العكس لا يؤثِّر.

قال أبو عبيد: حديث علي وعبدالله إنما هو في الأعضاء خاصة، وهذا جائز حسن؛ لأن التنزيل لم يأمر بيمين قبل يسار، إنما نزل بالجملة في ذكر الأيدي وذكر الأرجل، فهذا الذي أباح العلماء تقديم المياسر على الميامن[13].

دليل من قال بالوجوب:
(884-113)استدل بما رواه أحمد، قال: حدثنا حسن وأحمد بن عبدالملك، قالا: حدثنا زهير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا لبستم وإذا توضأتم، فابدؤوا بأيامنكم))، وقال أحمد: ((بميامنكم))[14].
[إسناده صحيح، وسبق تخريجه][15].

وجه الاستدلال:
إن الرسول أمر بالبداءة باليمين، والأصل في الأمر الوجوب حتى يأتي صارف يصرفه عن أصله، ولا صارف هنا.

وسبق لنا أن القول بالوجوب لم يثبت عن أحمد والشافعي، وأن الصارف ما نقل من الإجماع على استحباب تقديم اليمين على اليسار، وأن من قدم يساره على يمينه في الوضوء فليس عليه إعادة.

دليل من قال بالكراهة:
لم أعرف وجه الكراهة، ولا يلزم من ترك السنة الوقوع في المكروه، ولعل وجه الكراهة عند الشافعي أنه خلاف الصفة التي داوم عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وضوئه، والله أعلم.


[1] شرح مسلم للنووي (1/160).

[2] فتح الباري (1/270)، المبدع (1/110)، شرح الزركشي (1/178)، نيل الأوطار (1/201)، فتح الباري (1/270)، عمدة القاري (3/32).

[3] الأوسط (1/387).

[4] المغني (1/153).

[5] شرح مسلم (3/160).

[6] صحيح البخاري (168)، ومسلم (268).
والحديث مداره على الأشعث بن سليم، سمعت أبي يحدث عن مسروق، عن عائشة مرفوعًا.
وقد رواه جماعة عن الأشعث بن سليم على اختلاف في ألفاظهم، من تقديم وتأخير، وزيادة ونقص.
فأحدها لفظ البخاري الذي قدمناه في الباب: "كان النبي يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره في شأنه كله".
اللفظ الثاني:
ما رواه أحمد (6/94) من طريق بهز.
والبخاري (426) من طريق سليمان بن حرب، كلاهما عن شعبة به، بلفظ:
"كان يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله؛ في طهوره، وترجله، وتنعله".
وهو عند مسلم (67-268) دون قوله: "ما استطاع" مع تقديم وتأخير.
اللفظ الثالث:
بزيادة: الواو في قوله: "وفي شأنه كله"، بلفظ: "كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله".
قال الحافظ في الفتح (168): " للأكثر من الرواة بغير واو، وفي رواية أبي الوقت بإثبات الواو، وهي التي اعتمدها صاحب العمدة" اهـ.
وهل بين هذه الألفاظ من اختلاف؟
فالجواب: أما على إثبات الواو، فإن الحديث ظاهره: أن التيامن سنة في جميع الأشياء، لا يختص بشيء دون شيء، ولفظ: "كل" صريح في العموم، خاصة وأنه جاء توكيدًا لكلمة: "شأنه" المفردة المضافة الدالة على العموم بذاتها، فكيف بعد توكيدها بكلمة: "كل"، إلا أن هذا العموم قد خص منه ما جاء في حديث عائشة أيضًا: " كانت يد رسول - صلى الله عليه وسلم - اليمنى لطهوره ولحاجته، وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى" - قلت: سنده صحيح - فهذا نص أن الأذى والخلاء له اليسرى.
وأما على الرواية بدون واو، فليس فيها هذا العموم، قال صاحب الفتح (168): وأما على إسقاطها فقوله: "في شأنه كله" متعلق بـ يعجبه، لا بالتيمن؛ أي: يعجبه في شأنه كله التيمن في تنعله... إلخ؛ أي: لا يترك ذلك سفرًا ولا حضرًا، ولا في فراغه ولا شغله، ونحو ذلك".
وجاء في بعض ألفاظ الحديث من دون قوله: "في شأنه كله"، فقد رواه أحمد (6/147) عن محمد بن جعفر، ورواه أيضًا (6/202) عن يحيى بن سعيد القطان.
وأخرجه البخاري (5926) عن أبي الوليد، ومن طريق عبدالله بن المبارك (5380)، كلهم عن شعبة به بدون قوله: "في شأنه كله".
ورواه مسلم (268) والترمذي (608 ) من طريق أبي الأحوص عن أشعث به، بدون ذكرها، والراجح - والله أعلم - أنها محفوظة؛ لأن محمد بن جعفر، وعبدان قد صرحا في آخر الحديث عن شعبة بأن أشعث كان قد قال بواسط: "في شأنه كله"، فبين شعبة أن كلمة "في شأنه كله" ثبتت في السماع القديم، والسماع القديم مقدم على غيره.

[7] المسند (2/354).

[8] الحديث أخرجه أبو داود (4141)، وابن ماجه (412) من طريق أبي جعفر النفيلي.
وأخرجه ابن خزيمة (178)، والبيهقي (1/86) من طريق عمرو بن خالد.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه (1090) من طريق عبدالرحمن بن عمرو البجلي.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (6281) من طريق عبدالغفار بن داود.
كلهم رووه عن زهير بن معاوية به.
وأخرجه الترمذي (1766) من طريق عبدالصمد بن عبدالوارث، حدثنا شعبة، عن الأعمش به، بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لبس قميصًا بدأ بميامنه.
وهذه متابعة من شعبة لزهير بن معاوية، إلا أن شعبة قد اختلف عليه في رفعه ووقفه، ولذلك قال الترمذي عقب رواية الحديث من طريق عبدالصمد، قال: وروى غير واحد هذا الحديث عن شعبة بهذا الإسناد عن أبي هريرة موقوفًا، ولا نعلم أحدًا رفعه غير عبدالصمد بن عبدالوارث، عن شعبة. اهـ
قلت: قد رواه البغوي في شرح السنة (3156) من طريق يحيى بن حماد، عن شعبة به مرفوعًا، وهذه متابعة لعبدالصمد في رفعه عن شعبة، كما أن زهيرًا رواه عن الأعمش مرفوعًا كما سبق.
انظر لمراجعة طرق الحديث: أطراف المسند (7/223)، تحفة الأشراف (12380)، إتحاف المهرة (18055).

[9] المصنف (1/43).

[10] في إسناده عبدالله بن عمرو بن هند:
ذكره البخاري في التاريخ الكبير، ولم يذكر فيه شيئًا (5/154).
وكذا فعل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/118).
قال الدارقطني: ليس بقوي. المغني في الضعفاء (1/349).
وذكره ابن حبان في الثقات. (5/21).
وفي التقريب: صدوق لم يثبت سماعه من علي. وانظر جامع التحصيل (387).
ورواه ابن أبي شيبة (1/44) وذكره البيهقي (1/150) من طريق حفص.
ورواه أبو عبيد في كتاب الطهور (ص: 352) ثنا هشيم.
وأخرجه الدارقطني (1/87) من طريق علي بن مسهر، كلهم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زياد، قال: قال علي: .... فذكر نحوه.
وزياد: هو مولى بني مخزوم، جاء في الجرح والتعديل (3/549): روى عن عثمان وأبي هريرة، وذكر عن ابن معين أنه قال: لا شيء.
وظنه الحافظ في التعجيل (345) زياد بن أبي زياد، واسم أبيه ميسرة. اهـ وهذا ثقة، ومتأخر عن الأول؛ لأن الأول يروي عن عثمان، والثاني يروي عن أنس، وكلاهما يروي عنه إسماعيل بن أبي خالد. قال في التعجيل: وسلف الحسيني في إفراده صاحب الميزان، فإنه أفرده بترجمة. يعني: فرقًا بينه وبين زياد مولى بني مخزوم زياد بن أبي زياد، والله أعلم، فإن كان زياد هذا هو ابن ميسرة كما ظنه الحافظ، فالإسناد صحيح، وإلا كان ضعيفًا، وهو صالح في المتابعات.
ورواه ابن المنذر في الأوسط (1/388) من طريق الحارث عن علي، قال: لا يضرك بأي يديك بدأت، ولا بأي رجليك بدأت، ولا على أي جنبيك انصرفت.
والحارث: هو الأعور، ضعيف.

[11] الطهور (ص: 354)، وقد أخرجه الدارقطني (1/89) من طريق الحسن بن عرفة، حدثنا هشيم به، وصحح إسناده.

[12] رجاله ثقات إلا المسعودي، فإنه صدوق اختلط قبل موته، وضابطه أن من سمع منه ببغداد فسماعه بعد الاختلاط، وقد ذكر العلماء الرواة الذين سمعوا منه بعد وقبل تغيره، ولم يذكروا هشيمًا، وقد ذكر الحافظ أن هشيمًا من الطبقة السابعة، والمسعودي من السابعة، فعلى هذا يكون هشيم من كبار تلاميذه، وممن كان سماعه منه قبل تغيره، خاصة وأن الدارقطني صحح إسناده.

[13] الطهور.

[14] المسند (2/354).

[15] انظر حديث (881).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.09%)]