عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-09-2020, 03:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي القرآن المكي والمدني

القرآن المكي والمدني
د. أمين الدميري




وسمات كل منهما


المكِّيُّ والمدَنيُّ: القرآن منه ما نزل في مكَّةَ، ومنه ما نزل في المدينة، ومنه ما نزل بين مكة والمدينة، وضابطُ ذلك ما يلي:
أ- باعتبارِ الزَّمان: فكلُّ ما نزل قبل الهجرة فهو مَكِّيٌّ، وكلُّ ما نزل بعد الهجرة - ولو بمكَّةَ، كما في حَجَّةِ الوداع - فهو مدنيٌّ.
ب- باعتبار المكان: فكلُّ ما نزل بمكَّةَ - ولو بعد الهجرة، كما في حَجَّة الوداع - فهو مكِّيٌّ، وكل ما نزل بالمدينةِ فهو مدنيٌّ.
وأمَّا المكِّيُّ المدنيُّ، فهو ما نزل بين مكَّةَ والمدينةِ، ومن ذلك: ما نزل بعد خروجه مهاجرًا؛ كقوله تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 39، 40]، وقولِه تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص: 85]؛ ومنه ما نزل بالحُدَيْبِيَةِ.

وقد اجتهد العلماء في بيان ما هو مكِّيٌّ، وما هو مدنيٌّ، وكم نزل بمكة، وكم نزل بالمدينة، وقيل: إن ستًّا وثمانينَ سورةً نزلت بمكة (وقيل: ثمانيَ وثمانين، وقيل غير ذلك)، وثمانيَ وعشرين سورةً نزلت بالمدينة (وقيل: ستًّا وعشرين، وقيل غير ذلك).

السماتُ العامَّةُ للمكِّيِّ والمدنيِّ:
أ- المكِّيُّ: يتَّسم بقِصَرِ الآيات، وكثرة السَّجْع والبيان، والتَّحدِّي، والحديثِ عن الآيات الكونيَّة والنَّفسية ودلائلِ العظمة في الخلْق، وخطابِ الرُّبوبيَّة، وشرح التوحيد ومقتضياتِه، وترسيخ الإيمان، وخطاب "يا أيها الناسُ"، "يا أيها الإنسانُ"، "يا بني آدمَ"، وكثرة الحروف المتقطِّعة، وبناء الجيل الأوَّلِ وتَرْبيته على التوحيد الخالص، وترْويض النُّفوس على طاعة الله، والانقياد لأوامره، والتهيئةِ لقَبول التَّشريعات، والأمر بالصَّبر وتحمُّل الأذى وعدم ردِّ العُدْوان، ونبْذ الشرك، وهدم أركانه، والتَّخلِّي عن مظاهرِ الجاهليَّةِ؛ كحُكْمِ الجاهلية، وحَمِيَّةِ الجاهليَّة، وظُنُون الجاهليَّة، وتَبَرُّجِ الجاهليَّة.

ب- المدنيُّ: يتَّسم بخطاب الألوهيَّةِ وتفْعيلِ مقتضياتِها، وبَدْءِ التشريع (بتدرُّجٍ حسَبَ ترتيبِ المصحف)، وخطابِ "يا أيها الذين آمنوا"، وطولِ الآيات (كآيةِ الدَّيْن في سورة البقرة)، والأمرِ بردِّ العُدْوان، وقِتالِ من قاتَلُوا واعتدَوا، ثُمَّ البَدْءِ بالقتال ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ... ﴾ [التوبة: 5]، "وهذه الآيةُ نسخَت كلَّ آياتِ العفوِ والصفْحِ عنِ المشركين، والأمرِ بقتالهم والتَّرصُّدِ لهم.."؛ قاله القرطبي.

وخطابِ الصَّبر عند القتال، والثَّباتِ عند لقاءِ العدوِّ (كان الأمرُ بالصبر في مكَّةَ على الأذى والاضْطهاد)، والحديثِ عنِ اليهودِ والنَّصارى ومُحاجَّتِهم (كما في سورتي البقرة وآل عمران)، وعنِ المنافقين (كما في سورة البقرة والنساء والمنافقون)؛ حيثُ نشأ النِّفاقُ في المدينةِ، ولم يكنْ بمكة نِفاقٌ؛ وإنما كفرٌ وإسلامٌ، وتنظيم العَلاقاتِ بين المسلمين وغيرِهم، وبين المسلمين وبعضِهم، وأحكامِ الأسرة والمواريثِ (كما في سورة البقرة والنساء وأَخَواتِهما؛ كالنور والأحزاب والطلاق والتحريم)، والمعاهدات (كما في سورة المائدة)، والمعاملات الماليَّة والدَّوليَّة، وأحكامِ الحرب والسلام (كما في سورة الأنفال).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.09 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.51%)]