عرض مشاركة واحدة
  #452  
قديم 23-12-2022, 05:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير البغوى****متجدد إن شاء الله

الحلقة (437)
الجزء الثامن
- تفسير البغوى

سُورَةُ القدر
مكية

الاية 1 إلى الاية 5


( أرأيت إن كان على الهدى ( 11 ) أو أمر بالتقوى ( 12 ) أرأيت إن كذب وتولى ( 13 ) ألم يعلم بأن الله يرى ( 14 ) كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ( 15 ) ناصية كاذبة خاطئة ( 16 ) )

أرأيت إن كان إلى الهدى يعني العبد المنهي وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - . ( أو أمر بالتقوى ) يعني بالإخلاص والتوحيد . ( أرأيت إن كذب ) يعني أبا جهل ، ( وتولى ) عن الإيمان .

وتقدير نظم الآية : أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى [ والمنهي ] على الهدى ، آمر بالتقوى ، والناهي مكذب متول عن الإيمان ، فما أعجب من هذا ! ( ألم يعلم ) يعني أبا جهل ، ( بأن الله يرى ) ذلك فيجازيه به . ( كلا ) لا يعلم ذلك ، ( لئن لم ينته ) عن إيذاء [ نبيه ] - صلى الله عليه وسلم - وتكذيبه ، ( لنسفعن بالناصية ) لنأخذن بناصيته فلنجرنه إلى النار ، كما قال " فيؤخذ بالنواصي والأقدام " ( الرحمن - 41 ) يقال : سفعت بالشيء ، إذا أخذته وجذبته جذبا شديدا ، و " الناصية " : شعر مقدم الرأس . ثم قال على البدل : ( ناصية كاذبة خاطئة ) أي صاحبها كاذب خاطئ ، قال ابن عباس : لما نهى أبو جهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة انتهره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال أبو جهل أتنهرني [ يا محمد لقد علمت ما بها أكثر ناديا مني ؟ ثم قال ] : فوالله لأملأن عليك هذا الوادي إن شئت خيلا جردا ورجالا مردا .
[ ص: 481 ] ( ( فليدع ناديه ( 17 ) سندع الزبانية ( 18 ) كلا لا تطعه واسجد واقترب ( 19 ) )

قال الله - عز وجل - : ( فليدع ناديه ) أي قومه وعشيرته ، أي فليستنصر بهم . ( سندع الزبانية ) جمع زبني مأخوذ من الزبن وهو الدفع ، قال ابن عباس : يريد زبانية جهنم سموا بها لأنهم يدفعون أهل النار إليها ، قال الزجاج : هم الملائكة الغلاظ الشداد ، قال ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله ثم قال : ( كلا ) ليس الأمر على ما عليه أبو جهل ، ( لا تطعه ) في ترك الصلاة ، ( واسجد ) صل لله ( واقترب ) من الله .

أخبرنا أبو طاهر عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلئي ، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدثنا أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السراج ومحمد بن سلمة قالوا : أخبرنا وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن عمارة بن غزية عن سمي مولى أبي بكر أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء [ فيها ] " .
سُورَةُ الْقَدْرِ

مَكِّيَّةٌ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ( 1 ) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ( 2 ) )

( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) يَعْنِي الْقُرْآنَ ، كِنَايَةً عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ ، أَنْزَلَهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ ، ثُمَّ كَانَ يَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نُجُومًا فِي عِشْرِينَ سَنَةً . ثُمَّ عَجَّبَ نَبِيَّهُ فَقَالَ : ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ تَقْدِيرِ الْأُمُورِ وَالْأَحْكَامُ ، يُقَدِّرُ اللَّهُ فِيهَا أَمْرَ السَّنَةِ فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ إِلَى السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ " ( الدُّخَانِ - 4 ) وَهُوَ مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ : قَدَرَ اللَّهُ الشَّيْءَ بِالتَّخْفِيفِ ، قَدْرًا وَقَدَرًا ، كَالنَّهَرِ وَالنَّهْرِ وَالشَّعْرِ وَالشَّعَرِ ، وَقَدَّرَهُ - بِالتَّشْدِيدِ - تَقْدِيرًا [ وَقَدَرَ بِالتَّخْفِيفِ قَدْرًا ] بِمَعْنًى وَاحِدٍ .

قِيلَ لِلْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ : أَلَيْسَ قَدْ قَدَرَ اللَّهُ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ؟ قَالَ : [ بَلَى ] ، قِيلَ : فَمَا مَعْنَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ ؟ قَالَ : سَوْقُ الْمَقَادِيرِ إِلَى الْمَوَاقِيتِ ، وَتَنْفِيذُ الْقَضَاءِ الْمُقَدَّرِ . وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ : " لَيْلَةُ الْقَدْرِ " : أَيْ لَيْلَةُ الْعَظَمَةِ وَالشَّرَفِ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ : لِفُلَانٍ عِنْدَ الْأَمِيرِ قَدْرٌ ، أَيْ جَاهٌ وَمَنْزِلَةٌ ، وَيُقَالُ : قَدَرْتُ ، فُلَانًا أَيْ عَظَّمْتُهُ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ " ( الْأَنْعَامِ - 91 ) ( الزُّمَرِ - 67 ) أَيْ مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ .

وَقِيلَ : لِأَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ يَكُونُ فِيهَا ذَا قَدْرٍ عِنْدَ اللَّهِ لِكَوْنِهِ مَقْبُولًا . [ ص: 486 ] وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِهَا; فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهَا كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رُفِعَتْ ، وَعَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُكَانِسٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ : زَعَمُوا أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَدْ رُفِعَتْ ؟ قَالَ : كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ، قُلْتُ : هِيَ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَسْتَقْبِلُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .

وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ لَيْلَةٌ مِنْ لَيَالِي السَّنَةِ حَتَّى لَوْ عَلَّقَ رَجُلٌ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ وَعِتْقَ عَبْدِهِ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ، لَا يَقَعُ مَا لَمْ تَمْضِ سَنَةٌ مِنْ حِينِ حَلَفَ . يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْهَا ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ .

وَالْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ .

وَاخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ; قَالَ أَبُو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيُّ : هِيَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ . وَقَالَ الْحَسَنُ : لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَتْ صَبِيحَتُهَا وَقْعَةُ بَدْرٍ .

وَالصَّحِيحُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ : أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ .

أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الضَّبِّيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجِرَاحِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبَدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجَاوِرُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، وَيَقُولُ : " تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ " .

أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجِرَاحِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ [ مَا ] لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا . [ ص: 487 ]

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ [ الْأَوَاخِرُ ] مِنْ رَمَضَانَ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ .

وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا فِي أَيِّ لَيْلَةٍ مِنَ الْعَشْرِ ؟

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوَتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ " .

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْوَازِنُ ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ [ هَاشِمِ ] بْنِ حَيَّانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : ذَكَرْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ أَبِي بَكْرَةَ ، فَقَالَ : مَا أَنَا بِطَالِبِهَا بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ تِسْعٍ بَقَيْنَ أَوْ سَبْعٍ بَقَيْنَ أَوْ خَمْسٍ بَقَيْنَ أَوْ ثَلَاثٍ بَقَيْنَ أَوْ آخِرَ لَيْلَةٍ " ، فَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ يُصَلِّي كَمَا يُصَلِّي فِي سَائِرِ السَّنَةِ ، فَإِذَا دَخَلَ الْعُشْرُ [ الْأَخِيرُ ] اجْتَهَدَ .

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ : " خَرَجْتُ ، [ ص: 488 ] لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ " .

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [ أُرُوا ] لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنِّي أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ " . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّهَا لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ .

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوُسْطَى مِنْ رَمَضَانَ ، وَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ صُبْحَهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ ، قَالَ : مَنْ [ كَانَ سَيَعْتَكِفُ ] مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وَتْرٍ .

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ .

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْصَرَفَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرَ ، الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صَبِيحَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ .


وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ . [ ص: 489 ]

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْحِمْصِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنِّي أَكُونُ بِبَادِيَةٍ يُقَالُ لَهَا الْوَطْأَةُ وَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ أُصَلِّي بِهِمْ ، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ أَنْزِلُهَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَأُصَلِّيهَا فِيهِ ، فَقَالَ : " انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَصَلِّهَا فِيهِ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَسْتَتِمَّ آخِرَ الشَّهْرِ فَافْعَلْ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ فَكُفَّ " . قَالَ : فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ ، فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ كَانَتْ دَابَّتُهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ .

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : كَمْ مَضَى مِنَ الشَّهْرِ ؟ فَقُلْنَا : ثِنْتَانِ [ وَعِشْرُونَ ] وَبَقِيَ سَبْعٌ ، [ فَقَالَ : " مَضَى اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وَبَقِيَ سَبْعٌ ] اُطْلُبُوهَا اللَّيْلَةَ ، الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ " .

وَقَالَ قَوْمٌ : هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَأُبَيٍّ وَعَائِشَةَ :

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ : قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَخْبِرْنَا عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ يَقُولُ : مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْهَا ، فَقَالَ : [ ص: 490 ] رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُخْبِرَكُمْ فَتَتَّكِلُوا هِيَ - وَالَّذِي أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ ، سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، فَقُلْنَا : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَنَّى عَلِمْتَ هَذَا ؟ قَالَ : بِالْآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَفِظْنَا [ وَوَعَيْنَا ] ، هِيَ وَاللَّهِ [ لَا تُنْسَى ] ، قَالَ قُلْنَا لِزِرٍّ : وَمَا الْآيَةُ ؟ قَالَ : تَطْلُعُ الشَّمْسُ كَأَنَّهَا طَاسٌ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ .

وَمِنْ عَلَامَاتِهَا : مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ رَفَعَهُ : أَنَّهَا لَيْلَةٌ [ بَلْجَةٌ ] سَمْحَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ ، تَطَلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا لَا شُعَاعَ لَهَا .

وَفِي الْجُمْلَةِ : أَبْهَمَ اللَّهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ لِيَجْتَهِدُوا فِي الْعِبَادَةِ لَيَالِيَ رَمَضَانَ طَمَعًا فِي إِدْرَاكِهَا ، كَمَا أَخْفَى سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةَ ، وَأَخْفَى الصَّلَاةَ الْوُسْطَى فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، وَاسْمَهُ الْأَعْظَمَ فِي الْأَسْمَاءِ ، وَرِضَاهُ فِي الطَّاعَاتِ لِيَرْغَبُوا فِي جَمِيعِهَا ، وَسُخْطَهُ فِي الْمَعَاصِي لِيَنْتَهُوا عَنْ جَمِيعِهَا ، وَأَخْفَى قِيَامَ السَّاعَةِ لِيَجْتَهِدُوا فِي الطَّاعَاتِ حَذَرًا مِنْ قِيَامِهَا .
( ليلة القدر خير من ألف شهر ( 3 ) )

قوله - عز وجل - : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) قال عطاء عن ابن عباس : ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر ، فعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك وتمنى ذلك لأمته ، فقال : يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا وأقلها أعمالا ؟ فأعطاه الله ليلة القدر ، فقال : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله ، لك ولأمتك إلى يوم القيامة . [ ص: 491 ]

قال المفسرون : " ليلة القدر خير من ألف شهر " معناه : عمل صالح في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .

حدثنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ، إملاء ، حدثنا أبو نعيم الإسفراييني ، أخبرنا أبو عوانة ، حدثنا أبو إسماعيل ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا الزهري ، أخبرني أبو سلمة عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " .

قال سعيد بن المسيب : من شهد المغرب والعشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر .

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو بكر بن عبدوس المزكي ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن مكرم ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا كهمس عن عبد الله بن بريدة أن عائشة قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن وافيت ليلة القدر فما أقول ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " .
( ( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ( 4 ) سلام هي حتى مطلع الفجر ( 5 ) )

قوله - عز وجل - : ( تنزل الملائكة والروح ) يعني جبريل - عليه السلام - معهم ، ( فيها ) أي في ليلة القدر ، ( بإذن ربهم من كل أمر ) أي بكل أمر من الخير والبركة ، كقوله : " يحفظونه من أمر الله " ( الرعد - 11 ) أي بأمر الله . ( سلام ) قال عطاء : يريد : سلام على أولياء الله وأهل طاعته . وقال الشعبي : هو تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد من حيث تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر .

وقال الكلبي : الملائكة ينزلون فيه كلما لقوا مؤمنا أو مؤمنة سلموا عليه من ربه حتى يطلع الفجر . [ ص: 492 ]

وقيل : تم الكلام عند قوله : " بإذن ربهم من كل أمر " ثم ابتدأ فقال : " سلام هي " ، أي : ليلة القدر سلام وخير كلها ، ليس فيها شر .

قال الضحاك : لا يقدر الله في تلك الليلة ولا يقضي إلا السلامة .

وقال مجاهد : يعني أن ليلة القدر [ سالمة ] لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا أن يحدث فيها أذى .

( حتى مطلع الفجر ) أي : إلى مطلع الفجر ، قرأ الكسائي " مطلع " بكسر اللام ، والآخرون بفتحها ، وهو الاختيار ، بمعنى الطلوع ، على المصدر ، يقال : طلع الفجر طلوعا ومطلعا ، والكسر موضع الطلوع .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 23-12-2022 الساعة 06:54 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.40 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]