عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 31-03-2020, 04:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الزرياب الإبريز في وفاء النبي العزيز



غَاية الصديقِ غاية، لَم يعش من لا يرى للحق بين النَّاس راية، يرجع الخلْق إليْها كلَّما ضاقت بهم في الأرْض غاية، وبها يعرف أقوامٌ ويُدْعَى غيرُهُم أهلَ الغَواية.

بهذا الخلُق يفي هارونُ الرَّشيد للجائعين من أمَّته، ويقدم ذلك على كسوة البيْت العتيق، كتب له حجبةُ البيْت أن مُر لنا بكسوة البيت، فكتب إليهم: إنِّي رأيت أن أجْعل ذلك في أكبادٍ جائعة أولى من كسوة البيت، فكأنك بحداء الجائع:

فَأَنَا الَّذِي أَضْحَى أَسِيرَ صَنَائِعٍ لَكَ لا يَوَدُّ أَسِيرُهَا أَنْ يُطْلَقَ
أَعْلَى وَأَشْرَفُ مَا يُؤَمِّلُ نَائِلٌ أَلا يرى بالرق عتيق معتقَ




ثم يفي - رحمةُ الله عليه - لأسرى المسلمين وهُو يستشْعِر: ((فكُّوا العانيَ)) من قول الأمين فيفتديهم في عمليتينِ لَم يبقَ بعدَهُما مسلمٌ أسيرًا في بلاد الروم.

تزهو السماء بها ويفتخر الثرى والقدس يستاق النسائم من طوى
والنور يقتبسُ الأشعة من حِرا




ولمَّا حاول كبيرُ الروم إكراه أسيرٍ مسلمٍ على الكفْر، كتَب له هارون: لقد بلغني ما صنعتَ بفلان الأسير، وإنِّي أقسم بالله، إن لم ترسلْه إليَّ من فورِك، لأبعثنَّ لك جندًا أوَّلُهم عندك وآخرهم عندي، فدبَّ الخوف في روعِه، فأطْلقه من فوره ولا غرابة؛ "فَمَن لا يعْرِف الله لا يقاوم مَن عرف الله".

وَمَا العرار كَالرِّئْبَالِ بَطْشًا وَإِنْ حَاكَاهُ فِي رَجْعِ النَّئِيمِ




وعلى هذا عاش الشَّيخ حمودة الثويتدي - رحمه الله - وفيًّا لأمِّه التي تولَّت تربيته التَّامَّة بعد موت أبيه وهو في الثَّامنة.


إِنْ يَفْقِدِ الوَالِدَ الحَانِي فَقَدْ صُقِلَتْ أَخْلاقُهُ بِكِتَابِ الوَاحِدِ الحَكَمِ



لمَّا مرضت كان أشدَّ ما يكون برًّا بها ووفاءً لها، يرعاها ويحملها لقضاءِ حاجتِها، وينامُ معها في غرفتها ليؤنسَها، حتَّى لقيتْ ربَّها وحاله:

إِنْ غِبْتِ مَا غِبْتِ عَنْ قَلْبِي وَذَاكِرَتِي مَا دَامَ فِي القَلْبِ نَبْضٌ وَهْوَ خَفَّاقُ



معشر الإخوة:
وهذا مشهدُ وفاءٍ من الجامعة الإسلاميَّة لمن باشرَ غرسَها من أوَّل أيَّامها وسقاها، وبذل لها من الجَهد ما لا يُضاهيه إلاَّ سهر الأم على طفلِها؛ أعْني: الشَّيخ ابن باز - رحِمه الله - لما انتقل من المدينة إلى عملِه في الرّياض ثمَّ عاد للمدينة في زيارةٍ عابرة، اجتمع به منسوبو الجامعة في مسجد الجامعة، احتشدوا وشرَعوا في التَّعبير عن تقديرِهم ووفائِهم للرَّجُل الذي خالط حُبُّه دماءَهم، فكانتْ كلِمات وفاء ووجدان خَلَتْ من كلِّ تَمويه وإعداد.


سَاجِعُ الوُرْقِ عَلَى الأَغْصَانِ غَنَّى أَطْرَبَ الخَالِيَ وَاجْتَاحَ المُعَنَّى



جاء دور الشَّيخ ليلقيَ كلِمَته فكان الحال أبلغ من المقال:

سَلُوا فُؤَادَكُمُ عَنِّي سَيُخْبِرُكُمْ فَصَاحِبُ البَيْتِ أَدْرَى بِالَّذِي فِيهِ



تعثَّر في التَّعبير وغلبه التَّأثُّر فلم يَملك نفسه فبكى، وسُمِعَ نشيجُه وغلبتْه دموعه، وحاله:

لَقَدْ نَدَّ البَيَانُ وَفِي فُؤَادِي رَسَا حُبِّي لَكُمْ كَالرَّاسِيَاتِ



فكانت تلك الدُّموع الحارَّة بيانًا تعلَّم البيانُ منه البيان؛ فهي أبلغ خطابٍ وأفصحهُ وأشدُّهُ تحريكًا للمشاعِر؛ إذ تأثَّر كلُّ مَن في مسجد الجامعة، صار الكلام بموق العين لا بفمي، لا يسمع إلاَّ الخنين والأنين، فهذا صامتٌ تفضحه الدموع وذاك في نشيج، وذلك شاعرٌ حرَّكتْه المشاعر فحرَّك بدموعه وبيانه المشاعر قائلاً لعامليه:

فَخَلُّوا مَلامِي إِنْ أَلَحَّ بِيَ البُكَا فَإِنَّ فِرَاقَ الصَّالِحِينَ عَسِيرُ



فما كان ثمَّة بيان أدلّ على الوفاء المتبادل بين الشَّيخ وجامعته من ذلك الموقِف، ولن يفي ببيان الموقف الخبر.

قَالُوا أَتَسْلُو عَنِ الأَحْبَابِ قُلْتُ نَعَمْ أَسْلُو إِذَا جَمَعَ اللَّهُ النَّقِيضَيْنِ



بهذا الخلق يفي سيفُ الله وفارس دين الله خالد - رضي الله عنه وأرضاه - فعاملٌ بالجر قد تسلط على الذي في كفره تخبَّط، لا عز إلا بالكتاب يقودُه أكرم بأحسن قائد ومعلم.

روى أهل التاريخ أنَّ نصارى العرب استغاثوا بكسرى شيرويه ليمدَّهم بجيشٍ يقضون به على خالد وجندِه.

كَذَاكَ السَّلُوقِيَّات فِي كُلِّ مَوْطِنٍ عَلَى عَهْدِهَا حُمْرُ المَآقِي هَوَارِيشُ



فتقاطروا كلٌّ بكلٍّ يقتدي، وألْقَوا أحابيلهم، والخسيس إذا وجد القوَّة استأسد.

أمدَّهم كسرى بكلِّ غاوٍ وكلْبٍ عاوٍ، مددًا عدده مائةٌ وخمسون ألفًا، ومن كان وغدًا حمى الأوْغاد وغطى المخازي بأخزى ردى وأرْغى هُنا وهنا أزبدَ، وفي غرور وضعوا الطَّعام على البُسُط غيرَ مبالين بِخالد النّحرير، ومحتقرُ النَّاس أدني حقير، أمَّا قائدهم جابان فقال في معرفة بخالد: اتركوا الطَّعام واستعدُّوا للصِّدام؛ إنَّه خالد!

قالوا: وما يُغْني خالد وهو في ثمانية عشر ألفًا؟! فقال جابان: أخشَى أن تكونوا هيَّأتُم هذا الطَّعام له، وكان ما توقَّع، فاجأَهم خالد فأجهضهم عن الطَّعام قبل أن يطعموه، ودعا للبراز ونادى نصارى العرب أوَّلاً: أين أبجر؟ أين مالك؟ أين فلان؟ البرازَ البراز.

ابرز إليْنا حمِي الوطيس، خالد جاءك والخميس، وقد عرفت ريحَ الليوث البهائمُ، جبنوا فلم يَخرج سوى مالك بن قيس، قردٌ لا يهتدي لصواب حتَّى يشيب الغراب.

وَالقِرْدُ قِرْدٌ وَإِنْ رَقَّتْ شَمَائِلُهُ وَإِنْ تَعَلَّمَ نُطْقَ الإِنْسِ وَالجَانِ



فوبَّخه خالد قائلاً: يا ابن الخبيثَة، ما الَّذي جرَّأك تقدم إلى الميدان؟! إن كنت فارسًا لتعلم من عبد القفا واللهازم، ثمَّ ضربه ضربةً فكان كأمْسِ الدَّابر، فما ثبتَ لخالدٍ كافِر، ثمَّ التَحَمَ الجيْشان في قتال عنيف، ما لقي خالدٌ مثله، وهو أمنع من عقاب الجوّ، تراه يقتحم الهيجا كأنَّ به على كمال النُّهَى عند اللقا هوجا.

حداؤه لو حَدَا:

أُنَاضِلُ عَنْ دِينٍ عَظِيمٍ وَهَبْتُهُ عَطَاءَ مُقِلٍّ مُهْجَتِي وَحَيَاتِي



فوجَّهوا سهامَهُم له حتَّى صار في مثل الحرجة من كثرة السّهام، فراغ بفرسه أحمى من جبهة الأسد، ولجأ إلى مولاه ونذَر قائلاً:
اللَّهمَّ لك عليَّ إن منحْتنا أكتافَهم ألا أُبْقي أحدًا منهم حتَّى أُجْري نهرَهم بدمائهم، الله أكبر.


وَاللَّهُ أَكْبَرُ صَيْحَةٌ مِنْ قَائِدٍ مَلأَ اليَقِينُ فُؤَادَهُ فَتَفَجَّرَ
اللَّهُ أَكْبَرُ فِي العَدُوِّ تَدُكُّهُ وَتُزَلْزِلُ البَاغِي وَمَا قَدْ عَمَّرَ
هَزَمَتْ أَشِعَّتُهَا الظَّلامَ وَزَلْزَلَتْ كِسْرَى وَرَاءَ الخَافِقَيْنِ وَقَيْصَرَا




ويا لله، إنَّ جبهة معها الله لا تنكسر، ولو اجتمع عليْها الجنُّ والبشر.

انتابهم الذعرُ ولاذوا بالفرار، وركب المسلمون أكتافَهم يقتلون ويأسرون، وخالدٌ يُنادي: الأسرَ، الأسر، لا تقتلوا إلاَّ من امتنع؛ يريد أن يفِي بنذره، فجاؤوا بالأسرى سبعين ألفًا يُساقون كالأنعام، وأمر خالدٌ بحبس النَّهر أو تحويل مَجراه، وأمر بضرْب أعناقهم والدماء تتخثَّر لا تَجري، فقال القعقاع: عفا الله عنك أبا سليمان، لو قتلتَ أهلَ الأرْض ما جرى الدَّم، ولكن أطلق الماء عليه فيجري وتبرّ، ففعل فجرى نهر ليس أحمر قانيًا، فسمِّي حينها بنهر الدَّم.

ونادى المنادي: إلى الطَّعام يا عباد الله، ليصدق ظنُّ جابان في سيف الله، فيبقي الشامخ البطل ولا يتزحزح الجبل.

نُقِل الخبر إلى الصدّيق فتوَّج خالدًا بالمقالة الخالدة: "عدا أسدُكم على الأسد، فغلبه على خراذيله، عجزتْ نساءُ الأرض أن يُنشئن مثلَ خالد، أمَا واللهِ، لأنسينَّ الرُّوم وساوسَ الشَّيطان بأبي سُلَيْمان خالد".

فذلك سيف الله في الأرْض سلَّه، أذَّل به الله الَّذي كان ظالمًا، وعزَّ به المظلومُ واشتدَّ جانبه.

بهذا الخلق عاش بطَل شمال إفريقيا أحمد الشَّريف وفيًّا لدينه، وقد كشفت له الحوادث والتجارب أنَّ الخضوع ليْس وسيلة تُعالج بها عداوة الأعداء، فصار على يقينٍ أن ما ضُيِّع في ساح الوغى في سوى ساحاتِها لا يستردُّ، عرضت عليه إيطاليا على أن تفاوضه على أن يتنازَل عن بعض مطالبه فضرب بقولِهم عُرض الحائط، وبفيهم الغائط، وعلَّمهم أن وكْر النُّسور حرامٌ على البومِ وطأتَه، فقال مقالته الخالدة: "أُقْسِم بالله، لن أنفكَّ أذودُ عن حياضِ الإسلام إلى نفَسي الأخير، مادام معي مجاهدٌ واحد، وأُعاهد اللهَ ألا أتساهَل في حقٍّ، وألا أتنازَل عن مقدارِ حافر حصاني لكافر".

أَقْسَمْتُ يَا قَوْمِي بِأَلاَّ أَنْحَنِي إِلاَّ لِرَبِّي فَالِقِ الإِصْبَاحِ



بهذا للخلق يفي البطل الفلسطيني عبدالقادر الحسيني - رحمه الله - لدينِه حينما نودي على اسمه؛ ليصعد المنصَّة ليتسلَّم شهادة التخرُّج من الجامعة الأمريكيَّة، فصعد وألقى كلِمتَه عن نشاط الجامعة التَّنصيري ثمَّ قالَها مدوِّية: "إنَّه لا يشرِّفُني تسلُّم هذه الشَّهادة من هذه الجامعة"، فأُسقط في يد القوْم.

وَصَارُوا عِنْدَ ذَلِكَ كَالحَيَارَى تُصَفِّقُ بِاليَمِينِ وَبِالشِّمَالِ
خَبِيرُ النَّحْوِ عَلَّمَهُمْ مَعَانِي التْ تَنَازُعِ فِي الهَوَى وَالإشْتِغَالِ




معاشر الإخوة:
ما أحْوجنا إلي ماضينا الأصيل لنهذِّب به الحال! فيظهر التميُّزُ في مستقبل الأفعال منصوبًا في ذهْن الأجيال، ليفعل فعل الماء في الأرض البكر، تكون قبله قاحلات فتصير بعده جنَّاتٍ مُمْرِعات، وريحانُ النبات يعيشُ يومًا وليس يموت ريحانُ الفعالِ.

أيها الجيل:
الوفاءَ الوفاء، مَن أعطى بالله ثمَّ غدَر فالله خصمه، يُنصَب لكلِّ غادرٍ يوم القيامةِ لواء يقالُ: هذه غدرة فلان.
الوفاءَ الوفاء.
وفاءً مع الله بتوْحيده وإخلاص العبادة له.


فَبِذَاكَ تَعْلُو فِي أَشَمٍّ شَامِخٍ وَتَحُطُّ رَحْلَكَ فَوْقَ هَامِ الخُنَّسِ



ووفاءً مع رسولِ الله، اقتداءً واهتداءً.

لِتَظَلَّ تَرْشُفُ مِنْ رَحِيقِ رُضَابِهِ ال مَعْسُولِ حَتَّى أَنْ تُرَى فِي الرُمَّسِ



ووفاءً مع عباد الله في العهود والعقود والوعود، ليحصل التمييزُ والإعرابُ لمن له خفضٌ أو انتصاب، وهاكها بضع آياتٍ قد انطلقتْ أنوارها في مدار الشمس والشهب، سمتْ بها أمَّة الإسلام والعرب: {أَوْفُوا بِالعُقُودِ} {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} {وَأَوْفُوا الكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ} {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}.

بِذَا يَقُودُ الوَفَا قَوْمِي لِغَايَتِهِمْ وَتُشْرِقُ الشَّمْسُ مِنْ خَلْفِ الدُّجَى البَادِي



أيّها الجيل:
كلامُنا لفظٌ مفيد كاستقم، فإن لم يُفد في معاشٍ أو معادٍ كان فراقع وجعاجع وتخليطَ مَجانين.


لَغْوًا كَحَرْفٍ زِيدَ لا مَعْنَى لَهُ أَوْ وَاوِ عَمْرٍو فَقْدُهَا كَوُجُودِهَا



إنَّ الكلام لا يجاوز الآذان ما لم يحول إلى سلوكٍ صادقٍ وأفعال، مهْما أوتي صاحبُه من بيان، لقد طهر الأرض من أوزارِها منبرٌ واحدٌ ذو ثلاث درجات من خشب، لا قبَّة ولا باب، فلِمَ لا تطهر الأرْض اليوم مِئات آلاف المَنَابِر، مزخْرفةً منقوشةً بقبابٍ وأبواب، أهِي الطَّبائع أم الزمان؟

يجيبُك الطنطاوي - رحِمه الله - على تساؤُله، بما مضمونه: لا ذاك ولا ذاك؛ بل لأنَّ القائمين عليها وعَّاظٌ من خشب بعباراتٍ من خشَب وسيوف من خشَب، والنتيجة نواحٌ من خُشُب واحدها صار عديم الفائدة في كل شيء، غير لحس المائدة، فانعكست وظائف الأعضاء، يشُمُّ من عينٍ وأنفٌ يسمعُ، يسعى على بطنٍ ورجلٌ تدمع، وفاقد الشيء لا يعطيه، لا يطلب الثَّوب ممَّن جسمه عارٍ.

أيها الجيل الوفي:
خذوها وعُوها، إنَّ العصر عصرُ فِتَن، من تشرَّف لها تستشْرِفه، ولا مخرجَ إلاَّ بالتَّمسُّك بكتاب الله وسنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والفرارِ إلى الله بذِكْرِه وشُكْرِه وحُسن عبادتهِ، ودوام استغفاره، فإنَّ أجْر العبادة في الهرْج والقتْل والفتن كأجْر المهاجر إلى رسول الله، فليتَّهم كلٌّ رأيَه وليراجع اجتهادَه، ولا يبالغ في الثِّقة بعقله، "فما الخمر صرفًا أذهب لعقول الرِّجال من الفِتَن" كما قال حُذيفة - رضي الله عنه.


ولا يَعني هذا أن يغُضَّ المسلِمون الطرفَ عن مؤامرات الأعداء، أو ينفضوا أيديهم من ساحات يُجاهدُ فيها بالحقّ وللحقّ، لاسيَّما في هذه الظروف الحرجة التي استباح فيها الأعداء حمى الأمَّة ويطمعون كلَّ يوم في مزيد لقمة.

لا، إنَّما المراد أن يكون الجهاد إعلاءً لكلمة الله، مراعيًا مقاصد الشَّريعة في حفْظ الدِّماء وحرماتِها، يقول ابن عمر - رضِي الله عنهما -: شُرِع الجهاد لسفْك دماء المشركين، وشُرِع الرِّباط لصوْن دِماء المسلمين، وصوْنُ دمائِهم أحبُّ إليَّ من سفْك دماءِ أولئك، إنَّ الخطأ في ترْك ألْف كافرٍ في الحياة أهْون من الخطأ في سفْك محجمة دمِ مسلم.

((لا يزالُ المسلم في فسحةٍ من دينِه ما لم يُصب دمًا حرامًا))، ((ولوْ أنَّ أهلَ السَّماء والأرض اشتركوا في دمِ مؤمنٍ لأكبَّهم الله في النَّار))، ((لزوال الدُّنيا أهون عند الله من قتْل رجلٍ مسلم بغير حق)).

{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء: 93].

فمنِ استطاع ألاَّ يُحال بيْنه وبين الجنَّة بملءِ كفٍّ من دمٍ أهراقه فليفعل؛ ((والمُسْلم مَن سلِم المسلِمون من لسانِه ويدِه))، والعاقل من أهَّل نفسَه لنيْل درجة المهاجِر مع رسولِ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بالعبادة في الهرْج والفِتن، ولن يضبطَ الأمر إلاَّ بردِّه إلى أهلِه، إلى ورثة الأنبِياء الَّذين يرُدُّون كلَّ خلافٍ إلى كتاب الله وسنَّة رسولِه - صلَّى الله عليه وسلَّم.

مَن حادَ عن هذا فهو أحيَر من ضبّ، وما ينبغي للضَّبِّ أن يرشِدَ القَطَا، وما يستوي الخرِّيتُ والمتحيِّرُ.

أيُّها الجيل:


لا تَحْسَبَنَّ العِزَّ أَكْلَ عَصِيدَةٍ وَسِمَاطَ فَالُوذٍ وَفَتَّةَ رِيدَةِ
مَا العِزُّ إِلاَّ الصَّبرُ فِي يَوْمِ الوَغَى وَهَوَانُ مَالٍ فِي سِنِينَ شَدِيدَةِ




إنَّ عدوَّنا قد سدَّد غارتَه على ديارِ المسلمين ليكتسِحَها، وخيراتهم ليستبيحَها، وعقولهم ليمْسخها، وعموم الأمَّة صُمّ.

صارخ الفتنة بالبيت نزلَ، وعن الصَّارخ أهل البيْت صُمّ، أغنياؤنا إلاَّ مَن رحِم الله مُمسِكون عن البذْل لدينِهم، كصخور صمَّاء لا تَبِدُّ بقطرة ماء.

ذِئَابُ مَطَامِعٍ فَإِذَا دَعَتْهُمْ مَصَالِحُ دِينِهِمْ فَنِعَاجُ ضَانِ



وآخرون ذيول إمَّعات، ليْس لهم في موقِف الحقِّ ثبات، وبقيت أصواتٌ تدعو لإحياء الموات، فكن من ضمن تلك الأصوات، من عالم يفقِّه الأمَّة في دين الله، وداعيةٍ يحدو الأمَّة بوحْي الله، وكاتبٍ يكتُب بما يُملي عليْه دينُه لا جيبُه، وداعٍ يرْفع يديْه في الثُّلُث الأخير لمولاه، وغنيٍّ يَستهين بِماله في سبيل دينِه، إن فعلنا فقد تقلَّدنا سلاحًا لا يُفلّ، وعزًّا لا يُغلّ، إنَّه لا ينقُصُنا العدد ولا المال، ينقُصُنا الصَّبر والتَّقوى والإيمان.

بالصَّبر والإيمان ننصر، لا بحفلات النغم.

قالها ابن رواحة في مؤتة - رضِي الله عنه - وهو في ثلاثة آلافٍ والرُّوم في أكثرَ من مائتي ألْفٍ: واللهِ، ما نقاتِلُهم بعدد، وإنَّما نقاتلُهم بِهذا الدِّين الذي أكرَمَنا الله به.

الدِّينُ أَقْوَى مِنْ مَدَافِعِ ظَالِمٍ وَأَشَدُّ مِنْ بَأْس الحديدِ وأجلدُ



ينقُصنا أن نكون مع الله ليكون الله معنا.

لا حَوْلَ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِالعَلِي بِيَدِهِ الأَمْرُ فَمَا شَا يَفْعَلِ



أيُّها الجيل:
إنَّ عدوَّنا ذئبُ فلاة؛ لا يُطعم البطْنَ إلا إذا أخذ القلب، ولا يكسو الظَّهر إلاَّ بنسخِ الطهر، يَسْمنُ على هُزالنا ويقوى على ضعفنا ويحيا على مواتنا، شعاره: كُنْ قويًّا واصنع ما شئت، ما بلغ من العدل أن يقتصَّ للجمَّاء من القرْناء؛ بل يُركِّب قرونًا إضافيَّة للقرناء لتزيدَ في ذُلِّ الجمَّاء.
وإن كان القضاء إلى ابن آوى، فمعرفة الشُّهود إلى الثَّعالب.
وإن شكَّ مُرتابٌ فغزَّة شاهدٌ.


جَفَّ الحَلِيبُ بِأَثْدَاءِ النِّسَاءِ فَلا تَبْكِي المُرُوءَةُ بَلْ لا يَغْضَبُ الغَضَبُ
ضَاقَ الحِصَارُ فَلا مَاءٌ يُبَلُّ بِهِ رِيقٌ وَلا كِسْرَةٌ تَنْجُو وَلا رُطَبُ
ضَاقَ الحِصَارُ عَلَى الأَطْفَالِ وا لهَفي وَالمَوْتُ يُحْدِقُ فِيهِمْ ثُمَّ يَنْتَحِبُ




فإلى الشعور بالجسد الواحد أيُّها المسلمون، بذلاً ودعاءً ووفاءً، فلو جُدْنا ببعض ما نُنْفِقه في الكماليات لرفعْنا الضَّيْمَ عن إخوانِنا وحُزْنَا الذِّكْرَ الجميل والأجر الجزيل، فإن عجزتَ عن ذلك أو حيل بينَك وبين ذلك، فالتوعُّرَ التوعُّر؛ فهو ألْزم خصال الرجُل في هذا العصر الهازِل المتخنِّث، مقاطعة لغير الضَّروريَّات وتعفُّفًا لا تكفُّفًا.

تَمُوتُ الأُسْدُ جُوعًا ولا تطعم الأذى، وتلوي عطاشًا ولا تَرِدُ القذا.

سلاح المقاطعة سلاحٌ مؤثِّرٌ في مواجهة الأعْداء ويستخدمه الأعداء، وهو أدْنى ما يُعبَّرُ به ترسيخًا لمبدأ الولاءِ للمؤْمنين والبراء من الكافرين.
قَاطِعُوهُمْ هم عبيد دراهم، وجراحُ عبد المال لا تتخثَّر.


حَتَّى لِيَعْلَمَ كُلُّ مَنْ فَوْقَ الثَّرَى مِنْ ظَالِمٍ أَوْ عَائِلٍ مُسْتَعْبِدِ
أَنَّا بَنِي الإِسْلامِ أَهْلُ نِكَايَةٍ بِعَدُوِّنَا إِنْ جَارَ أَهْلُ تَفَرُّدِ






وَإِنْ كَانَ هَمِّي شَرَابًا وَقُوتًا فَمَا الفَرْقُ بَيْنِي وَبَيْنَ الحَمِيرْ



أيها الجيل:

مَحَبَّةٌ لِلمُصْطَفَى اتِّبَاعُ لَيْسَتْ بِأَذْوَاقٍ لعي تباعُ



فدع الأواخر واجنِ شهد بيانه، وانهج إلى السلَف الكرام الرُأَّسِ، فسواهمُ في وهْمِه كالمفلس.

أَمَة الله، أيتُها الصَّالحة الدَّاعية الوفيَّة لدينِها، أمامَك تحدِّياتٌ في غاية الصّعوبة في ظلِّ تردٍّ اجتماعي وطغيان شهوي، آنَ لكِ أن تتقدمي الصّفوف لرعاية الفضيلة وتَحصين الأسرة بدين الفطرة.

يَا حُرَّةً قَدْ أَرَادُوا جَعْلَهَا أَمَةً غَرْبِيَّةَ الفِعْلِ لَكِنَّ اسْمَهَا عَرَبِي
يَا دُرَّةً حُفِظَتْ بِالأَمْسِ غَالِيَةً وَاليَوْمَ يَبْغُونَهَا لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ




خُذيها لا من صحيفة ولا قناة ولا قرار مؤتمرٍ مؤتمِر: الولاية والقوامةُ والحجابُ والعفافُ ليس عرفًا اجتماعيًّا ولا موروثًا قبليًّا يقْبل التَّنازُل والمساومة، إنَّها ديانة نتقرَّب بها إلى الله رجالاً والنِّساء؛ {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] تشريعٌ معصوم لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا مِن خلفه، {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ}، {وَقُلْنَ} {وَقَرْنَ} {وَلا َتبَرَّجْنَ} {وَأَطِعْنَ} {يُدْنِينَ} {وَلْيَضْرِبْنَ} وبعدَها {لَئِنْ لَمْ يَنْتِهِ}.

لا تُخدعي بعبارات صبيان الإباحيَّة، بشعاراتهم الجاهليَّة، وفتاواهم الخنفشاريَّة؛ فهم يريدونها بهيميَّة.
وعندهم الخنا ليس بعيبٍ، والربا مثلُ التجارة، والتعرّي من ثياب الطهر عنوان الحضارة.
وما يدَّعونه من حرصٍ عليْك إن هو إلاَّ عطفُ ثعلبٍ وصلاة ثعلب، يتظاهر بالتَّقوى أمام جمع الدجاج ليظفر بالمطلب.
مُغْرَم بعِرْض المُحصنات وليس من أبنائها.
دعيهم لينعق كلُّ دعيّ بعلمنةٍ فجَّة سافرة، وسيري على سَنَن المرسلين تطيبُ حياتُك والآخرة.

هَلْ يَسْتَوِي مَنْ رَسُولُ اللَّهِ قَائِدُهُ دَوْمًا وَآخَرُ هَادِيهِ أَبُو لَهَبِ
وَأَيْنَ مَنْ كَانَتِ الزَّهْرَاءُ أُسْوَتَهَا مِمَّنْ تَقَفَّتْ خُطَى حَمَّالَةِ الحَطَبِ




{أَفَمَن يَمْشِي مُكِباًّ عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِياًّ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الملك: 22].

أيُّها الجيل:

لا يُقِيمُ الأُمُورَ إِلاَّ اعْتِصَامٌ بِجَنَابِ المُهَيْمِنِ المُتَعَالِي



إنَّ في أمَّة الإسلام أصواتًا نشازًا تنبح من كل زاوية، وتضبح من قناة وتلعي، تدعو إلى تبعيَّة الغرب الكافر في كلّ شيء إلاَّ ما ينفع، والتخلّي عن موروثِنا إلاَّ ما يضرّ.

وَلَوِ اسْتَطَاعُوا فِي المَجَامِعِ أَنْكَرُوا مَنْ مَاتَ مِنْ آبَائِهِمْ أَوْ عُمِّرَا
دَعْهُمْ وَغَارَتَهُمْ فَلَمْ أَرَ مِثْلَهُمْ إِلاَّ مُجَرَّدَ صُورَةِ الإِنْسَانِ
وَاغْسِلْ يَدَيْكَ مِنَ الهُرَاءِ وَأَهْلِهِ بِالطِّينِ وَالصَّابُونِ وَالأُشْنَانِ





وايمُ الحقِّ لئنِ اتَّبعناهم وأعرضنا عن دينِنا إنَّا إذًا لخاسرون.


أيُّها الجيل:

إِذَا المَرْءُ لَمْ يَمْدَحْهُ حُسْنُ فَعَالِهِ فَمَادِحُهُ يَهْذِي وَإِنْ كَانَ مُفْصِحَا



قوَّتنا في قدواتنا، إن فقدنا القدْوة فلا قوَّة، والشَّاهد الصَّحابة.

وَاللَّهِ مَا فَتَحُوا البِلادَ بِكَثْرَةٍ أَنَّى وَأَعْدَاهُمْ بِلا حُسْبَانِ
وَكَذَاكَ مَا فَتَحُوا القُلُوبَ بِهَذِهِ ال آرَاءِ بَلْ بِالعِلْمِ وَالإِيمَانِ




فإلى هديهم: دعوة إلى كلِمة التَّوحيد وإلى توحيد الكلمة.

هَذِهِ الأَرْضُ دَرَجْنَا فَوْقَهَا وَنَصَبْنَا رَايَةً فِي كُلِّ وَادِي
أَخْبِرُوا كَيْفَ تشهدنا الرُّبَى أَفْصِحُوا كَمْ سَأَلَتْ عَنَّا النَّوَادِي
عِنْدَمَا قُلْنَا اتَّحَدْنَا فِي الهُدَى قَالَتِ الدُّنْيَا لَنَا هَاكَ انْقِيَادِي
فَمَضَيْنَا أُمَّةً تُزْجِي الهُدَى أَيْنَمَا صَارَتْ وَتَهْدِي كُلَّ هَادِي
فَلْيَقُلْهَا كُلُّ فَرْدٍ لِلأَعَادِي عَمَلاً بِالحَقِّ فِي كُلِّ النَّوَادِي
لَمْ يَضِعْ لا لَمْ يَضِعْ دِينٌ أَنَا لَهُ قَلْبٌ وَفؤادٌ فِي فُؤَادِي





أيُّها الجيل الفلسطيني المجاهد:
قد عوَّدتَنا لقاءَ الخُطوب بارتِكاب أخفِّ الضَّررين، فلا يدفعَنَّكم عدوُّكم إلى الانشِغال عنه، وتَحويل بأسِكم بيْنكم.


كَذَا اليَهُودُ مَدَى التَّارِيخِ دَأْبُهُمُ زَرْعُ الخُصُومَةِ بَيْنَ النَّحْلِ وَالشَّهَدِ



لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، ولا تهنوا ولا تحزنوا.
مَن عاش بالتَّوحيد غير وحيد.


ثِقْ بِمَوْلاكَ يَا ابْنَ حِطِّينَ وَاعْقِلْ لا يَرُعْكَ السَّرَابُ فِي البَيْدَاءْ
مَا تَخَلَّى مَوْلاكَ حَاشَا وَكَلاَّ لَحْظَةً عَنْ عِبَادِهِ الأَوْفِيَاءْ
كُلُّكُمْ حَمْزَةٌ وَسَعْدٌ وَزَيْدٌ وَالمُثَنَّى وَمُصْعَبٌ وَالبَرَاءْ
قَدَّرَ اللَّهُ تُبْتَلُوا لِتَكُونُوا حَارِسِي قُدْسِهِ وَفِيكُمْ إِبَاءْ
يَا أَخِي يَا ابْنَ فِلَسْطِينَ الَّتِي لَمْ تَزَلْ تَدْعُوكَ يومًا للحداد
عُدْ إِلَيْنَا مِثْلَمَا كُنْتَ وَقُلْ هَأَنَذَا إِنَّنِي يَوْمُ المَعَادِ
عُدْ وَنَصْرُ الدِّينِ يَحْدُوكَ وَقُلْ هَذِهِ قَافِلَتِي وَالنَّصْرُ حَادِي
خَابَ مَنْ بَاعَ فِلَسْطِينَ بِبَخْ سٍ خَيْبَةَ التُّجَّارِ فِي سُوقِ الكَسَادِ




أخيرًا:
أيُّها الأوفياء، رجال الهيْئة الأبطال قادة السَّفينة في موجٍ كالجبالِ، إلى شاطئ الأمان، وفَيْتم ووفيتم فاثبتُوا واصبِروا على ما أصابكم، والله معكم.
في يمين الجبارِ من كان سيفًا يرى أعتى العُتاة أوْهى من الذّرِّ.
لله أنتُم! كيف يغرق مركبٌ أنتم به؟! هيهات لا لن ينخرَ، وبدونكم تَمضي الرِّكاب إلى الورا.
فالله يَجزيكم بخيرٍ وافر، والله أكثر للفتى إن أكثر، أنتم حماة الدّين وكلنا للدين، فيَا حُماة الدين، فاحموا الدينَ ممَّن عثوا في الأرض مفسدينَ، مَن يرتضي هذا الخنا خَدِينا هذا لعمرُ الله إسرائينا.









هذا هو الزرياب الإبريز للسَّبق والتّبْريز، يتلى فيفعل في النُّهى فعل الشراب المسكر، وبنشره صار الخطيبُ يجولُ فوق المنبر، كنزٌ لا يذهب به كدهر، ولا يكوى لمقتنيه جنبٌ ولا ظهر، لَم أقضِ فيه فرضًا لأتنفَّل ولم أردْ فيه نهلاً فأتعلَّل، بل أقفُ وقوف الحسير لم يُحِط إلاَّ باليسير، وقد تمكَّن من سمعي ومن بصري، ومن كنايَ وأسمائِي وألقابي، ذا زهر روضٍ نضر ونشر وردٍ عطر، رضْ في رياضِه، وخضْ في حياضه، واظفر بانتشاقة عَرف أو اختلاسة طرْف، دررٌ وشهد.

مَنْ شَاءَ مِنْ تِلْكَ الحُلَى فَلْيَغْرِفِ مَنْ شَاءَ مِنْ ذَاكَ الجَنَى فَلْيَقْطِفِ



فلا تجعلوه مثل همْزة واصلٍ فيسقطها حرفٌ، ولا راء واصل، كأني بالرَّكب حثَّ الخُطى إليْه ونادى: البدارَ البدار، فلا قلْب في الرَّكب إلاَّ وطار، يا رب أسكنَّا فسيح جنَّتك والنَّار نجِّنا منها برحمتك، واغفر لنا ما كان منَّا من ذنوبنا، وزيِّن الإيمان في قلوبنا، وسعْيَنا اجعل خالصًا صوابًا، أعِذْه يا ربَّنا أن يُشابَ بشركٍ أو بدعة أو إعجاب، وتُبْ عليْنا أحسن المتاب، ونسأل اللهَ القَبولَ والرِّضا، والختْم بالحسنى، إذا العمر انقضى.


والحمد لله على إتمامِه، ثم صلاة الله مع سلامِه على النَّبي وآلِه، وصحبه وحزبه وكل مؤمنٍ به.
وسبحانك اللَّهُمَّ وبحمدِك، أشهد أن لا إلهَ إلاَّ أنت، أستغْفِرك وأتوب إليك.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 52.69 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.07 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.19%)]