عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 31-03-2020, 04:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي الزرياب الإبريز في وفاء النبي العزيز

الزرياب الإبريز في وفاء النبي العزيز

الشيخ علي عبدالخالق القرني





الحمد لله.









الحمد لله أولى ما فغر النَّاطقُ به فمَه، وافتتح كلِمَه، عَظُمت منَّته، وعمَّت رحْمتُه، وتمَّت كلِمَته، ونفذت مشيئتُه، وسبَّح الرَّعد بِحَمده والملائكةُ من خيفتِه، نَحمدهُ بِجميع مَحامده ونُثْني عليه ببادئ الأمر وعائده، ونشْكُره على وافر عطائِه ورافده.





الحمد لله على آلائِه، نَحمده والحمد من نعمائِه؛ أن خصَّنا بِخَير أنبيائِه.





وأشْهد أن لا إله إلاَّ الله وحْده لا شريكَ له، شهادةً تشْفي الأوام وتقشعُ الظلام، وتكون لنا العدَّة الواقية في حشرجة الأنفُس وسكرات الحِمام.





وأشْهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، وصفيُّهُ من خلقِه وخليلهُ:






خَيْرُ البَرِيَّةِ أَقْصَاهَا وَأَدْنَاهَا وَهْوَ أَبَرُّ بَنِي الدُّنْيَا وَأَوْفَاهَا
أَتَى بِهِ اللَّهُ مَبْعُوثًا وَأُمَّتُهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَأَنْجَاهَا
وَأَبْدَلَ الخَلْقَ رُشْدًا مِنْ ضَلالَتِهِمْ وَفَلَّ بِالسَّيْفِ لَمَّا عَزَّ عُزَّاهَا




دعانا إلى الإسْلام، وجنَّبنا عبادة الأصنام، وسنَّمنا ذروة عزٍّ لا تُرام، ونثَرَ يافوخَ الشِّرْك نثرًا ليْس مثله من بعده نظام، فصلوات الله وسلامُه عليْه، ما التأم شَعْبٌ وعلا كعبًا كعب، ولاح في الأُفق كوكَب، وأقام يذبل وكبْكَب، وآلِه وصحبِه ومَن سلك سبيلَهم، ما دار نَجمٌ في فلك. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].





أمَّا بعدُ:
أيْ عِمادَ النادي، وزينةَ الحاضر والبادي، عواملَ الرَّفع وجوامعَ النَّفع. فجْر الأمة الصَّادق ومُزنها الوادق، عامل الجملة وطليعة الحملة.



مَن تُعقد عليه الخناصر في رأب الأواصر، صخرةَ الإسلام الراسية والأعاصيرُ عاتية، مَن أحسبُ أنَّهم أهلٌ لهذه القافية:





قَوْمٌ تَسَامَوْا فِي سَمَاوَاتِ العُلا رُفِعُوا فَكَانُوا يَرْفَعُونَ المُسْنَدَ
أَفْعَالُهُمْ تُحْيِي القُلُوبَ وَعِنْدَهُمْ هِمَمٌ قَوِيَّاتٌ يُذِبْنَ الجُلْمُدَ
سُبُلُ المَعَالِي إِنْ أَرَادُوا طَيَّهَا تَرَكُوا أَقَلَّ مِنَ الذِّرَاعِ الفَدْفَدَ
وَمَتَى يَحَرْ فِي تِيهِهَا ذُو حَيْرَةٍ أَبْدَوْا لَهُ بِالدَّوِّ مِنْهَا أَنْجُدَا
فَهُمُ الأُولَى كَسَوُا العُلا أَبْهَى الحُلا فَبِهِمْ تَجَلَّتْ لُؤْلُؤًا وَزَبَرْجَدَا
صُمُتًا غَدَوْا فِي جِيدِهَا وَأَسَاوِرًا فِي المِعْصَمَيْنِ وَفِي النَّوَاضِرِ إِثْمِدَا




هأنذا أُخيُّكم، هأنذا.


ذو هفوات كثُرتْ، وعلل قد ظهرت وبطنت، وذا وذا.
فميِّزوا المبهمَ من حالِي ومِن قالِي، ومن كمْ وكأيِّن وكذا.
فأرْضُنا اهتزَّت إليْكم ورَبَتْ وساغ ماؤُها وجوُّها عذا.
فالجِسم عنكم كلَّ يوم في نوًى، والقلب حول رُبا حِماكم طائف.
ألا نضَّر الله هذه الوجوه التي أحسبها في الخير مسفرة، ضاحكةً مستبشرة.
كدرٍّ وياقوتٍ يُقلَّبُ في اليدين، قد نطقت بِحبٍّ خالصٍ لم يُمازجْه رين.
مَن رآني ورآها واحدًا فهو بعينيْن، ومَن رآنا اثنين فهو بعين.
وبتحيَّة الإسلام أحيّيكم في هذه اللَّيلة، تحيَّةً خالدة ثابتة لازمة.
تنفي الحروفَ الجازمة، تسومُ ساكِن الودِّ أن يتحرَّك، ومعتلَّ الإخاء أن يصحَّ.
لها نكهة كالورْد فاحَ مع الصَّبا، وطعمٌ كأحْلى ما تمجُّ الجوارش.






فالسَّلام عليْكم ورحْمة الله وبركاته.





سَلامًا كَعَدِّ القَطْرِ وَالرَّمْلِ وَالحَصَى وَنَبْتِ الصَّحَارَى وَالنُّجُومِ الشَّوَاهِدِ
سَلامًا يُبَارِي الرِّيحَ مِسْكًا وَعَنْبَرًا وَيَعْلُو بِهَامِ الوُدِّ فَوْقَ الفَرَاقِدِ
وَأَهْلاً كَمَا هَبَّ النَّسِيمُ المُعَطَّرُ وَإِلاَّ فَمِسْكٌ طَيِّبُ النَّشْرِ أَظْفَرُ




حيَّاكم الله وأحياكم للأمَّة، تُجدِّدون نضرَتَها، وتُعيدون شبابَها، وتَصلون أسبابَها، وتفتحون أبوابَها، وتَجمعون أصواتَ حُداتِها على إحْياء مواتِها وتدارك فواتِها.





أَمَانَةُ الدِّينِ قَدْ شُدَّتْ بِعَاتِقِكُمْ فَمَا لِغَيْرِكُمُ تُلْقَى المَقَالِيدُ
مَنْ أَوْرَدَ الآمَالَ حَوْضَ فَعَالِكُمْ فَلَهَا الأَمَانُ مِنَ انْ تُزَادَ وَتُصْرَفَا
فَاللَّهُ يُرْضِيكُمْ وَيَرْضَى عَنْكُمُ وَيُحِلُّكُمْ غُرَفًا عَلَوْنَ وَرَفْرَفَا




معشر الإخوة:
ممَّا لا يخفى أنَّ أمَّتنا خيرُ أمَّة أخرجت للنَّاس، سمت بدينِها حتَّى صار رعاة الغنَم قادة الأمم لا يُبْرَم أمرٌ دونَهم، ثُمَّ غيَّرت وبدَّلت وقد قضى الله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11].






دَارَتْ رَحَى الأَيَّامِ وَاسْتَلْقَتْ عَلَى القَاعِ القِمَمْ، فمع ما تملكه من طاقات ومقدَّرات تؤهِّلها لريادة الأُمم، لَم تزل في لجَّة اليمّ في ذيل الأمم.





لَهَا جُرْحٌ مِنَ الآلامِ جَارٍ يُوَسَّعُ كُلَّمَا رُمْنَا الْتِئَامَهْ
كَلَيْثِ الغَابِ حِينَ تَرَى المَلاهِي وَحِينَ تَرَى المَآسِيَ كَالنَّعَامَهْ
فَكَأَنَّ مَوْكِبَهَا قَطِيعٌ ضَائِعٌ بَيْنَ الذِّئَابِ يَصِيحُ أَيْنَ الحَامِي
وَتَلَفَّتَ السَّارِي إِلَى السَّارِي كَمَا يَتَلَفَّتُ الأَعْمَى إِلَى المِتَعَامِي
وَحَادِيهَا لِسَانُ الحَالِ مِنْهُ تَأَنَّثْ أَنْتَ فِي زَمَنِ الإِنَاثِ
تُحَاوِلُ أَنْ تُعَدِّدَ فِيهِ أُنْثَى فَإِنْ تَغْضَبْ تُطَلَّقْ بِالثَّلاثِ
وَمِنْ عَجَبٍ يُسَانِدُهُنَّ قَوْمٌ يُسَارُ بِهِمْ كَثِيرَانِ احْتِرَاثِ




غثائيَّة كما وصفها خير البريَّة، تطْلب العدْل من الباغي عليها، وتُنادي مَن إذا جاوب تَمتم.





خدَّرها عدوُّها وشغلها عن دينها، ومزَّق رابطَتَها بكسب يدِها، فأصبح كلُّ فريق منها كما قيل: قانعًا بجحر الضَّبّ يُناضل عنه بِمثل سلاح الضَّبّ، وهيْهات إذا مُزِّقت الأطرافُ أن يُحفظ القلب!





وعلى حدِّ قول البشير:
عتبات الفتح بنيت على الكسر، وصائدة المناسر صادَها النَّسْر، وباذِل الماعون في العُسْر جزَوا في العاقبة بالخسْر، فأصبح الصيَّاد هائِب الفري، وأصبح الهرُّ يهاب الجرذا.






وظاهر عليْها من وراء الأكنَّة، شخوص مجتنَّة، في كيد الأبالسة والجِنَّة، لا تعرف الأمَّة إلاَّ في مواقف الاستِعْباد والابتزاز والذلَّة، فإذا ما مسَّ الضّرّ الأمَّة، كانوا على المؤمنين أعزَّة وعلى الكافرين أذلَّة.





يستأْسِدون على القريب وللعدوّ أرانبُ، لا يعرفون الياء من الألف ودائمًا في باب ما لا ينصرف، يجعلون العنفقة حاجبًا والمجون واجبًا. جيل من الأنعام إلاَّ أنَّهم من بيْنها خُلقوا بلا أذناب، ليْس في صحفهم موقف واحدٌ لعزِّ الإسلام يداوون الزّكام بالجذام، ويمتدحون الدناءة بالكلام، عارٌ على السَّلف والخلف، وأكذبُ ما يكون أحدُهم إذا حلف، ويُكثرون من العواء والصلف، كلابُ مزابلَ آذيْنَني بأبوالهنَّ على بابِ داري، وقد كنت أُوجعها بالعصا، ولكن عوت من وراء الجدار.





فصارت الأمَّة ميدان تنازع لعوامل الخفْض إذ تنازعها عاملان: عاملٌ على تجريدها من دنياها يجهدُ في التجريد ويتمنَّى المزيد، وعاملٌ على تجريدها من دينها يكيد ما وسِعه الكيد.





ويلتقي العاملان في نقطةٍ واحدة ألا وهي القضاء على هذه الأمَّة، وهذا محالٌ بفضل الله ومنِّه.





فَكُلَّمَا لِلحَرْبِ نَارًا أَوْقَدُوا أَطْفَأَهَا اللَّهُ العَزِيزُ الأَحَدُ



تستيقظ الأمَّة مترنِّحة، تقول للعامل الأوَّل بلسان حالها: لا نَوْمَ بعد اليوم، ولا يتمُّ ما تمَّ في النَّوم.





وتقول للثاني: كذَبَك الظَّنُّ والصَّاب لك بلا منّ؛ فالإسلام كامنٌ كمون النَّار في الحجر متى ما يُهِجْه قادحٌ يتوقَّد.





إِنَّ الجَوَاهِرَ فِي التُّرَابِ جَوَاهِرٌ وَالأُسْدُ فِي قَفَصِ الحَدِيدِ أُسُودُ



والباطلُ باطلٌ يعود إلى أصله حيث لا أصل، وأمَّا ما ينفع النَّاس فيمكث في الأرض.





وَالحَقُّ يَعْلُو فَهْوَ لاسْتِقْلالِ يَؤُولُ وَالبَاطِلُ لاضْمِحْلالِ
وَالسَّبْعُ سَبْعٌ وَإِنْ كَلَّتْ مَخَالِبُهُ وَالكَلْبُ كَلْبٌ وَإِنْ قَلَّدْتَهُ الذَّهَبَ




أفاقت الأمَّة خائرة القوى وانيةَ الخطى على فِتَن متماحِلة، ومُحاولة مستميتة لإعادة النَّائم لنومِه، وأنّى ذلك؟!





وقد قذف في روعها: أنَّه لا يستقيم لها عمل إلاَّ بالتنقيح المعجّل لكل ما ورثتْه من أخلاق، ليس لها في الخير من خلاق، ولن يتمَّ ذلك إلاَّ بالعودة لميراثها الأصيل.





فحدا الحادي على قلة الحادي ليستنهِض الميت والمقْعدا، ويستنفِر التُّرب والجلمدا.





يمدُّ إلى كلِّ نجم يدا، ويُوحي إلى الجوِّ أن يرعدا.






سَيَنْشَقُّ فَجْرٌ وَيَشْدُو رَبِيعٌ وَيَخْضَوْضِرُ الجَدْبُ أَنَّى شَدَا
وَيَرْنُو فَيَنْظُرُ خُضْرَ الرُّؤَى كَمَا يَنْظُرُ الأَعْزَبُ الخُرَّدَا
لَنَا مَوْعِدٌ مِنْ وَرَاءِ التِّلالِ وَهَا نَحْنُ نَسْتَنْجِزُ المَوْعِدَا
وَهَا قَدْ هَلَّ بِالبُشْرَى الهِلالُ بِفَجْرِ العِزِّ آذَنَتِ التِّلالُ





إلى أخلاق القرآن يا شبل الإيمان، في سيرة وشمائلِ مَن خُلقه القرآن.






فَبِذِي الأَخْلاقِ قُدْنَا أُمَمًا وَتَحَدَّيْنَا بِهَا أَعْدَى الأَعَادِي
عُدْ إِلَيْهَا رَافِعَ الرَّأْسِ وَقُلْ: هَذِهِ قَافِلَتِي وَالزَّادُ زَادِي




وَهُنَا حَقْلِي وَمَيْدَانُ جِيَادِى.





وهذا ميدان أخُبُّ فيه وأضع، وليتني فيه جذع، فاحدوا الشيخَ والجذع، اخلع نعالك في طُوى أكنافه، وضع العصا في واده القدسان؛ لنغرف من بَحره ونرتوي بدَرِّه، ونشنِّف المسامع بدُرِّه، فما برحت منه الخلائق تَحتذي، شذا تتهاداه الأنوف النواشق.





فَإِنْ أَنَا لَمْ أُطْلِقْ لِسَانِي لِنَعْتِهِ فَنَحْوِي وَصَرْفِي وَالبَلاغَةُ طَالِقُ



فمِنْ نفحٍ إلى عرْفٍ وإيماض وإكليل، مع رضاب سائغ طعْمُه لي منه كلَّ وقت كأس دهاق.





واليوم ذا الزرياب يبدو لنا، من شرفٍ يعلو جميع المَرَاق، وهو لنا كالطوق فوق التَّرَاق.
الزرْياب، ما الزرْياب؟



الذَّهب وماؤه زرياب.
وطائر غرَّادٌ ذو صوت حسن جميل زرياب.
وكل لامع مع صفرة زرياب.



وزرْيابُنا الليلةَ أسمى من الذَّهب الخالص الخلاَّب، يأخذ بالألباب، ويستدرُّ الإعجاب، ويملأُ الإهاب، كالسكر المذاب، ورشْف الثَّنايا العِذاب.





إنَّه: "الزرياب الإبريز في وفاء النبي العزيز".





هَوَاهُ قَدْ غُذِيتُ بِهِ صَغِيرًا وَهَلْ لِلنَّفْسِ صَبْرٌ عَنْ غِذَاهَا



إنَّه نفحة عنبريَّة يطوف طائفُها على القلوب الكليمة ينضحها بالروح والرَّيحان، ويطْرِبُها بأرقِّ الألحان، ويحدوها لمراقي الكمال؛ لتحذُوَ إذا حذت على خير مثال.





أَعْنِي بِهِ خَيْرَ خَلْقِ اللَّهِ مَنْ لَمَعَتْ غُرُّ الصِّفَاتِ بِهِ كَمِثْلِ زِرْيَابِ



صلَّى عليه بارئُ العباد، ما جرت الأقلام بالمداد، وأمطرت سحبٌ وسال واد.





الزرياب الإبريز في وفاء النبي العزيز - عليْه الصَّلاة والسَّلام.





خُلُقٌ تَعَلَّقَتِ النُّفُوسُ بِحُبِّهِ فَكَأَنَّهُ فِي كُلِّ قَلْبٍ خَيَّمَا



إنَّه زرياب يقول: والله لن تجد في كتُب التَّاريخ والسِّيَر، من فجْر الخليقة إلى اليوم - اسمَ رجُل يداني أو يضاهي رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في كمال خُلقه، وعظمة شخصيَّته، وباهر وفائه، بفضْلِه اعترف الأعداءُ ما جحدوا، إذ عجزوا عن العثور على جانب نقْص في سيرته.





يقول مستشرق لم يَملك نفسَه أمام تلك العظمة، يقولُ: "ما أحوجَنا اليوم إلى رجُل كمحمَّد! يحلُّ مشاكل العالم وهو يَحتسى فنجان قهوة".





نعم، فالشَّمس ليس تجلِّيها بمجحود، فلو لم يكن بالوحي خيرَ الأنبياء لكان بسيرته وخُلُقه أعظمَ العُظماء؛ فقد جُمِعَت فيه الخصال المفرَّقة تفيض كفيْض الديمة المتدفِّقة.





تردُّ خليَّات القلوب مشوقةً، وما كلِمي إلاَّ إليْها موجَّهٌ، وما هِمَّتي إلاَّ بها متعلقة.





وإنِّي وإن أسْهبتُ لستُ ببالغٍ مداها ولو نازَعْتُ سحبانَ منطِقَه.





زرياب يقول:
السّل أوَّلُ ما يكون زُكام، يا دعاة القوم، داوُوا أمَّة ابتلاها السلُّ في أخلاقِها، فهي تَخطو للرَّدى في مهل، عندكم للسّلّ ذا مشفى، فهل عندكم للخلق المبتذل؟






زرياب يقول:


إن صالحةً يأخذها النَّاشئ بالقدْوة والمثال، خيرٌ من ألف نصيحةٍ بالمقال؛ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].





فَأَسْعَدُ أَهْلِ الأَرْضِ تَابِعُ خَطْوِهِ وَمَنْ زَاغَ عَنْهُ هَالِكٌ فِي الهَوَالِكِ



زرياب يقول:
ألا أيُّها الشَّانئون اخسؤوا، وموتوا بغيظِكم واكلحوا، بل إنَّه صمصامٌ يكوي بصارم البيان سِرْسام مَن يسخر بالإسلام والقرآن ونبيّ الإسلام - عليه الصَّلاة والسَّلام.






من كلِّ علجٍ هابط، ساقط وضيع رقيع، خبٍّ لئيم، منحوس منخوس، منكوس معكوس، موكوس مطموس دنس، خبيث أشمط متفيهق نجسٍ، فلو صُفِع النعال بوجهه صاح النعال بأي وجه أُضْرَبُ؟! ومن المخازي أكْله والمشرب، خسئت فمه ليهنئك الخراج بغير "جيم"، فما يشفي الزلال غليلَ هيم، وجوهكم نعلٌ في التَّيْرب، وقاية من شوكة وعقرب، فهو كالشَّمس علوًّا وسناء، كلَّما حاول وغدٌ قذْفَها قذفتْه بلظاها الشهُب، فليمت بالغيظ كلُّ الأدعياء، ما عسى يفعلُ إخوانُ الشَّقاء؟! ما همْ - واللهِ - إلاَّ ككلْب امرأةٍ عربيَّة فقيرة زعموا أنَّه جاع ليلةً فنبح، فأخرجتْه فنظر إلى القمر فظنَّه رغيفًا، فمازال بنبْحِه ليلَه كله، فقال الناس: كلبٌ ينبح قمرا.





وَمَا ضَرَّ المُنِيرَ نُبَاحُ كَلْبٍ وَلَوْ كُلُّ الكِلابِ يُنَبِّحُونَهْ



أي ساقط الغيرة والحمية، مَن لم تكن أخلاقُه زكيَّة، هل أنت إلاَّ ضفدع مترنِّم موموه مُمَخْرق تنقُّ!






كَرَافِعٍ طَرْفَهُ نَحْوَ السَّمَا قُبُلاً قَصْدَ البُصَاقِ فَعَادَ التَّفْلُ فِي فِيهِ



أرغم الله أنفك، وقمقم عصبك، واستأصل شأفتك، وأسكت نئمتك، وأسخنَ عيْنَك، وأباد خضراءك، بـ "إِنَّا كَفَيْنَاكَ.."، "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ.."، "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ.."، و "إِنَّ شَانِئَكَ..".





فالعمى لعينِك، تُريد لتطفئَ أنوارَنا، وذلك ما لستَ بالنَّائل.
من ذا يصدُّ الصُّبح عن أن يُشرق؟! مَن ذا يصدُّ المسك عن أن يعبق؟! ومن يحجبُ النُّور لمَّا بدا؟!






أيها الأحْمق الرقيع، ومَن أكلُك الرَّجيع، أتَهْزأ بالشَّفيع يا وضيع، أما تعْلم يا فار بأنَّ الله يَختار، ويعطي مَن يشا الملْك، عزيزًا يرْكب الفلْك، وللمستهزِئِ الهلْك، نبيُّ الخير والطُّهْر، سيبْقى في فسيح الكوْن أكبر من جهالتكم نعم أكبر، سيبقى مثلَ تلك الشمس هادينا وحادينا، فدع عنك جهالاتٍ تفاهاتٍ حماقاتٍ تروم الشَّمس والنَّجم، إذا ما الشَّمس ساطعةٌ ولامعةٌ وأنكر ضوءَها الأعْمى، سيبقى نورها الأسمى، وتبقى كوكبًا يسري نسيمًا طيّب العطر، ربيعًا باسم الثغر.





أُردِّدها وفى حلقي لذيذُ الشهْد والسكر، سيبقى في فسيح الكون ذكرًا في الورى أعطر، وتبقى أحقر أصغر، يا حاقدًا من فجرة، ومن لئامٍ نَكِرة، مكذِّبة مزوِّرة وحُمرٍ مستنفرة، أتاكم الطَّلُّ وبعد الوابل، ما علَّتي وأنا جلدٌ نابل، لا أبرحَنْ أرميكمُ باليابِس في هامِكُم ضربَ غلام عابس، أضربُ مَن على الأباطل استمر بدرَّةٍ منسوبةٍ إلى عمر، ذُق مسَّها من صارم الخصْم الألَدّ، وما انطوى في جعبتي من ذا أشدّ.



زريابٌ يقول:
إنَّ حياتنا اليوم حربٌ لا ينتصر فيها إلاَّ الأخلاق، إنَّما الأخلاقُ في الأقْوام مقياس الكفاءة.






وَلَيْسَ بِعَامِرٍ بُنْيَانُ قَوْمٍ إِذَا أَخْلاقُهُمْ كَانَتْ خَرَابَا



زرياب يقول:






عَلِّمُونَا الأَفْعَالَ قَدْ ذَبَحَتْنَا أَحْرُفُ الجَرِّ وَالكَلامُ الهَجِينُ
عَلِّمُونَا قِرَاءَةَ البَرْقِ وَالرَّعْ دِ فَنِصْفُ اللُّغَاتِ وَحْلٌ وَطِينُ




الإسلام محجوب بأهله، والمسلمون في جُملتهم اليوم كدابَّةٍ على رأس بئرٍ عذبة، لا هي شَرِبتْ ولا تركت الناس يستسْقون ويشربون.





خَلَتِ المَشَاعِرُ مِنْ حَرَارَةِ شَوْقِهَا ضَعْفًا كَمَا خَلَتِ القُلُوبُ مِنَ الدَّمِ
الصَّوْمُ وَالصَّلَوَاتُ مِلْءَ دِيَارِنَا وَالحَجُّ لِلبَيْتِ العَتِيقِ وَزَمْزَمِ
تِلْكَ المَشَاعِرُ لا تَزَالُ كَعَهْدِهَا لا يَنْقُصُ الإِسْلامَ غَيْرُ المُسْلِمِ




لا ينقصُ الإسلامَ غيرُ المسلم.





زرياب يقول:
داءُ المسلمين منهم؛ لا تلام العواصف حين تحطم شجرةً نخِرةً في أصولها، إنَّما اللَّوم على الشَّجرة النخرة نفسها، إِنِّي حلفتُ يمينًا غير حانثةٍ ما أوغلتْ في صحاري التيهِ رحلتُهم، لو أنَّهم في ظلال المصحف اتَّحدوا.






زرياب يقول:
مَن ذمَّ شيئًا وأتى مثلَه فإنَّما يُزري على عقلِهِ.






زرياب ينادي:





هذا هو النَّهر فانهلْ أيُّها الصادي من عذب أخلاقِه في حسن إسناد



من نفح قيصومها من شيحها النادي، من العرار الذي تندى خمائله عذوبة ومن الرَّيحان والكاب.





هلمَّ هلم مع اعترافي بأنَّني لستُ من ذوي الأقدام والخوافي.





فَمَنْ يُحْصِي شَمَائِلَهُ اللَّوَاتِي لَهَا فِي كُلِّ رَابِيَةٍ ثَنَاءُ
وَمَا أُثْنِي عَلَيْهِ وَفِيهِ طَهَ وَمَرْيَمُ وَالفَوَاتِحُ وَالنَّسَاءُ




لكنَّني أقولُ مستعينًا في مطلبي إلهيَ المعينَ؛ فما لنا في العالمين مذهب، عن باب مولانا إلى من نذهبُ.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 51.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.23%)]