عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-04-2020, 12:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,992
الدولة : Egypt
افتراضي أيها الوافد الكريم

أيها الوافد الكريم
عبد اللّه بن خضر الغامدي

قدمت إلينا ونحن في أمس الحاجة إليك...
قدمت ونحن نهيم على أرصفة الأحزان نلهث خلف سراب
نبحث عن الجواهر في الغثاء...
قدمت في وقت جراحنا نازفة وآمالنا مشردة
قد ضاقت علينا الدنيا بما رحبت وضاقت أنفسنا
نتألم كل يوم بمشاهد تدمي القلوب ونسمع ما ينكأ الجروح..
لم تبق صفحة فكر غير مجهضة... والليل صادر من أحضانها القلما
والعرض منتهك... والأرض يملكها... جيش التتار من غابه قدما

والحرف إما سجين بين أقبية... والحرف إما ضليل قدس الصنما
وفوق أرصفته الأحزان أرملة... لم تلق في حالك الأيام (معتصما)
إلى الله نشكوا ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس...
قدمت يا شهر الرحمة لتفتح لنا بوابة الأمل
وتحطم فينا أشباح اليأس وتقول بملء فيك:
أنا شهر الصبر
الصبر الذي نتغلب به على أنفسنا ونقهر به عدونا.
إننا إن حققنا الصبر في أداء الواجبات، وترك المنكرات،
وحققناه في معاملاتنا وأقوالنا وجميع شؤون حياتنا،
فقد امتلكنا أقوى سلاح للنصر،
فمن انتصر على نفسه سهل عليه أن ينتصر على عدوه
"وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا"
أنا شهر الدعــاء:
السلاح الفتاك، والضربة التي لا تخطيء بإذن الله - تعالى -
" ولكن لها أجل وللأجل انقضاء "
فكم من عالم جليل، وشيخ عليل، كم من امرأة تقية، وفتاة نقية،
قد رفعوا أيديهم وتوسلوا لبارئهم، ولسان حالهم يقول:
إليك رفعت يا رب دعائي... أجود عليه بالدمع الغزير
لأشكو غربتي في ظل عصر... ينكس رأسه بين العصور
أرى فيه العداوة بين قومي... وأسمع فيه أبواق الشرور
وألمح عزة الأعداء حولي... وقومي ذلهم يدمي شعوري
وأسمع في فم الأقصى نداء... ولكن العزائم في فتور
تضيق بنا الحياة وحين نهفو... إلى نجواك نحظى بالسرور
ولنعلم أن كثيرا من المسلمين اليوم يحملون السلاح مدافعين عن الدين
رافعين لراية التوحيد من أهل السنة والجماعة، والصلاح والتقوى،
مشهود لهم بسلامة المعتقد في مشارق الأرض ومغاربها،
يقاتلون عدوا حاقدا من يهود ونصارى و ملاحدة ووثنيين،
هم بأمس الحاجة للنصر بالدعاء،
فقد روى أحمد في مسنده عن جابر - رضي الله عنه - بسند جيد
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لكل مسلم دعوة مستجابة يدعو بها في رمضان "
أنا شهر الانتصارات
وما غزوة بدر، وفتح مكة، وعين جالوت، وغيرها إلا شاهدا على ذلك...
خرجوا ببطون جائعة، وأكباد ضامئة،
رأى الله منهم الصدق فصدقهم، والبر فبرهم،
فمنهم من قضى نحبه ليكون إفطاره في مقعد صدق عند مليك مقتدر،
ومنهم من ينتظر.
فيا أيها المجاهدون الصابرون...
إن النصر الحقيقي أن تبقوا متمسكين بدينكم،
لا يضركم من خالفكم ولا من خذلكم حتى تلقوا ربكم، فلا تحزنوا،
فقد سمى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهو في الغار مختبئ فقال:
" إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا "
أنا شهر الإحساس بالمستضعفين
الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا،
من مشردين وفارين، وجائعين ولاجئين.
يئن في القدس شيخ لا معين له... حزنا، فاحسب نفسي ذلك الرجلا
وتشتكي في ربا الأفغان حائرة... فكم تلظى عليها القلب واشتعلا
ما حيلتي في فؤاد لست أملكه... كم سار في طرقات الهم وانتقلا
أنا شهر البذل والعطاء
يبقى الإنسان يبن أهله وماله وله أجر المرابط في سبيل الله،
ما قطعوا واديا ولا صعدوا جبلا ولا رموا عدوا إلا كتب له بها أجر
بما قدمت يداه من بذل وعطاء
" وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون "
أنا شهر الاجتماع
إن اجتماع المسلمين على كيفية واحدة صياما وقياما
في أنحاء الأرض على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم
ليبعث في النفس الإحساس بعزة هذا الدين
وأن النصر والتمكين لهم بإذن الله مهما تباعدت ديارهم..
وقد فطن الأعداء بخطورة هذا الاجتماع خشية أن يكون عليهم يوما من الأيام،
فحرصوا على أن يعيش المسلم بعيدا عن معتقداته وثوابته،
فنشروا الشبهات و أغرقوا الناس بالشهوات
وافتعلوا الأكاذيب و ألصقوا التهم،
لينشغل المسلمون بالخلافات وينغمسوا في وحل الملذات
ناسين أو متناسين ما يعيشونه من ويلات ونكبات.
فهذا الشهر أعظم فرصة للاجتماع وتوحيد الكلمة ونبذ الخلاف،
" وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "
أنا شهر القرآن والتوبة والمغفرة
والصدقة و الإحسان والعتق من النيران...
فلله ما أعظمك من شهر، ولله ما أكرمك من وافد.
فهل يا ترى سنعرف قدرك يا ضيفنا العزيز... ؟!!
وهل سنفرح بمقدمك فرحا يليق بك... ؟!!
فيـــا تعــاسـة من جعله رقصا على الجراحات... ؟
وتقليبا للقنوات، وفعلا للمحرمات...
إن علينا ألا يأتي هذا " الوافد الكريم "
ونحن كما نحن قد أشغلتنا أموالنا و أرهقتنا أنفسنا، وهمتنا دنيانا...
فما هكذا يستقبل الحبيب.
إن علينا التخفيف من أثقالنا، والتقليل من أعبائنا،
وأن نتزين له بالتقوى، ونتطيب بالمعروف، ونتجمل بالسنة.
اللهم أهل علينا رمضان بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام،
والتوفيق لما تحب وترضى،
اللهم اجعله أيام نصر وتمكين للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]