عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-09-2019, 05:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي التوكيد المعنوي: تعريفه وألفاظه وأمثلة عليه

التوكيد المعنوي


تعريفه وألفاظه وأمثلة عليه [1]


أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن







التوكيد المعنوي هو التابع الرافع احتمال:

1- إضافة إلى المتبوع «المؤكد»؛ نحو: جاء زيد نفسه.

فذلك المثال ذكر «نفسه»، يفهم منه السامع أن الذي جاء هو زيد، ولكن يحتمل أن يكون الكلام على تقدير مضاف قبل زيد، والتقدير: جاء رسول زيد. فلما قال: «نفسه». أزال ذلك الاحتمال، وأثبت الحقيقة، وتقرر عند السامع أنك لم ترد إلا مجيء «زيد» نفسه[2].



2- الخصوص بما ظاهره العموم؛ نحو: جاء القوم كلهم. إذ لو قلت: جاء القوم. فقط، لاحتمل أن يكون الجائي بعضهم، فلما قلت: كلهم. كان ذلك نصًا على العموم، ورافعًا لاحتمال الخصوص[3].



والتوكيد المعنوي يكون بألفاظ مخصوصة؛ كـ: «النفس، والعين، وكل» ونحوها، كما مثلنا هنا، وكما سيأتي قريبًا، إن شاء الله.



ألفاظ التوكيد المعنوي:

التوكيد المعنوي له ألفاظ مخصوصة معلومة عن طريق التتبع والاستقراء[4] لكلام العرب، وأجمع اللغويون عليها، كما حكى ذلك السيوطي في «الأشباه»، والهمع، وغيرهما، وهذه الألفاظ هي:

النفس[5]، والعين، وهما بمعنى الذات[6]، ويجب أن يضاف كل واحد من هذين إلى ضمير عائد على المؤكد، مطابق له في الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث؛ ليحصل الربط بين المؤكد والمؤكد:

فإن كان المؤكد مفردًا: مذكرًا أو مؤنثًا، كان الضمير مفردًا، ولفظ التوكيد مفردًا أيضًا وجوبًا، تقول، جاء علي نفسه، أو عينه. وصلت هند نفسها، أو عينها.



وإن كان المؤكد جمعًا؛ مذكرًا أو مؤنثًا كان الضمير هو الجمع، ولفظ التوكيد مجموعًا أيضًا وجوبًا[7]، ويكون جمعه على وزن «أفعل»[8]، تقول: جاء الرجال أنفسهم، وشهد بفضلك الأعداء أعينهم، وجاءت الفاطمات أنفسهن، وكتبت النساء أعينهن الدرس.



إن كان المؤكد مثنى؛ مذكرًا أو مؤنثًا، فالأحسن أن يكون الضمير مثنى، ولفظ التوكيد مجموعًا[9]. تقول: حضر الرجلان أنفسهما، وجاءت الهندان أعينهما[10].



ومن ألفاظ التوكيد المعنوي كذلك: «كلا» للمثنى المذكر، «وكلتا» للمثنى المؤنث، وهما لفظان يؤكد بهما المثنى خاصة؛ لأنهما مثنيان معنى، فلا يستعملان في المفرد والجمع، وهما بمنزلة «كل» في المعنى، فهما يؤكد بهما لرفع احتمال إرادة واحد من الاثنين، تقول: جاء الزيدان، فيحتمل مجيئهما، وهو الظاهر، ويحتمل مجيء أحدهما، وأن المراد أحد الزيدين، فإذا قيل: كلاهما. اندفع هذا الاحتمال، وإنما يؤكد بهما بشروط:

1- أن يكون المؤكد بهما دالًّا على اثنين، فلا يستعملان في المفرد والجمع، فلا يقال: جاء محمد كلاه. أو: جاء الرجال كلاهم.



2- أن يصح حلول الواحد محلها، فلا يجوز على المذهب الصحيح أن يقال: اختصم الزيدان كلاهما. بل يجب أن تحذف كلمة «كلاهما»؛ لأنه لا يصح أن يحل المفرد محل المثنى، فلا يقال: اختصم زيد[11]: لأن الاختصام لا يكون إلا من اثنين فأكثر، لأن صيغة «افتعل» تقتضي المشاركة، ولا تقع من الواحد، وهكذا ما أشبهه؛ نحو: تعاهد سليم وخالد كلاهما. فلم يكن هناك حاجة إلى توكيد ذلك؛ لأن السامع لا يعتقد، ولا يتوهم أنه حاصل من أحدهما دون الآخر.



3- أن يكون ما أسند إليها غير مختلف المعنى، فلا يجوز: مات زيد، وعاش عمرو كلاهما. لاختلاف معنى ما أسند إليهما[12]. ولا يضر اختلاف اللفظ، فيجوز: انطلق زيد، وذهب عمرو كلاهما. وهذا هو ما جزم به ابن مالك تبعًا للأخفش.



4- أن يتصل بهما ضمير مثنى عائد على المؤكد بهما، ولا بد أن يطابقه، ولا يضر أن يكون للمتكلم، أو للمخاطب، أو للغائب، فيقال في المتكلم مثلًا: أكرمنا عبد الله كلينا، وفي المخاطب: أكرمكما عبد الله كليكما. وفي الغائب: بر والديك كليهما، وصن يديك كلتيهما عن الأذى، ولا يصح حذف الضمير، ولا تقديره؛ ليحصل الربط بين المؤكد والمؤكد.



ويعرب كل من «كلا، وكلتا» إعراب المثنى، فيرفعان بالألف، وينصبان ويجران بالياء. فيقال على سبيل المثال في إعراب «كلاهما» في قولك: سافر الرجلان كلاهما. «كلاهما»، توكيد معنوي، والتوكيد يتبع المؤكد في إعرابه، وهنا قد تبعه في رفعه، وعلامة رفعه الألف؛ لكونه ملحقًا بالمثنى.



ويقال في إعراب «كليهما» في قولك: رأيت الطالبين كليهما. «كليهما». توكيد معنوي منصوب. وعلامة نصبه الياء؛ لأنه ملحق بالمثنى.



ومن ألفاظ التوكيد المعنوي: «كل[13]. وجميع. وعامة»[14]. وهذه الثلاثة تكون بمعنى الإحاطة والشمول[15]. ولذلك لا يؤكد بها إلا ما كان ذا أجزاء، وهي إنما يؤكد بها بشروط: هي:

1- أن يكون المؤكد بها غير مثنى: استغناء عنها بـ«كلا، وكلتا»، فلا يؤكد بها إلا الجمع بنوعيه: المذكر والمؤنث، والمفرد بنوعيه؛ المذكر والمؤنث، ولكن بشرط أن يكون له أجزاء باعتبار عامله، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، في الشرط الثاني.



ومثال جمع: صلى المسلمون كلهم صلاة العيد، ودعوا جميعهم لإخوانهم المستضعفين، وتصدقوا عامتهم على الفقراء والمساكين.



ومثال المفرد: اشتريت العبد كله، والأمة جميعها، وأكلت الرغيف عامته.



2- وأن يكون المؤكد بها متجزئًا بذاته[16]، أو بعامله[17]؛ فمثال ما يتجزأ بذاته: قوله تعالى: ﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾. وقولك: جاء القوم كلهم أجمعون[18].



ومثال ما يتجزأ بعامله: اشتريت العبد كله، والأمة جميعها. فإن العبد، وكذلك الأمة: مجزأ باعتبار الشراء. فمن الممكن أن أشتري بعضه. وإن كان لا يتجزأ باعتبار ذاته[19].



ومثال ذلك أيضًا: أن تقول: أكلت الرغيف كله، لأن الرغيف يتجزأ باعتبار الأكل، فمن الممكن أن تأكل نصفه، أو ثلثه.



3- وأن يضاف كل من هذه الثلاثة إلى ضمير مطابق للمؤكد في الإفراد، والتثنية، والجمع، والتذكير، والتأنيث[20]؛ ليحصل الربط بين المؤكد والمؤكد[21]؛ نحو: جاء الجيش كله، وحضر الرجال جميعهم، وجاءت الناس عامتهم.



ومن ذلك: ما رواه مسلم رحمه الله في صحيحه 2/893 (149)، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحرت ههنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم. ووقفت ههنا، وعرفة كلها موقف، ووقفت ههنا، وجمع كله موقف».



ومن ألفاظ التوكيد المعنوي أيضًا:

أجمع، وهو بمعنى الإحاطة والشمول؛ كـ«كل، وجميع»، ولذلك لا يؤكد به إلا الجمع[22]، فلا يصح أن تقول: جاء زيد أجمع[23]. ولا يؤكد بهذا اللفظ غالبًا إلا بعد لفظ «كل»[24]، فتتبع «كله» بـ«أجمع»، و«كلها» بـ«جمعاء»[25]، و«كلهم» بـ«أجمعين»[26]، و«كلهن» بـ«جمع»، ويكون ذلك تقوية للتوكيد.



ومثال ذلك: أن تقول: جاء الصف كله أجمع – جاءت القبيلة كلها جمعاء – جاءت النساء كلهن جمع. وقوله تعالى: ﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾. وقد يؤكد بـ«أجمع، وجمعاء، وأجمعين، وجمع»، وإن لم يتقدمهن لفظ «كل»، وهو وإن كان كثيرًا في نفسه إلا أنه قليل بالنسبة إلى التوكيد بها مع «كل»، ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ[27]. وقوله عز وجل: ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾. وقوله سبحانه: ﴿ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾. وقوله سبحانه: ﴿ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾. وقوله عز وجل: ﴿ وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾. وقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون»[28]. وقوله صلى الله عليه وسلم: «فله سلبه أجمع»[29].



ومن ألفاظ التوكيد المعنوي أيضًا: توابع «أجمع»[30]، وهي: أكتع، وأبتع، وأبصع[31]، وهذه الثلاثة كلها بمعنى «أجمع»[32]، و«أجمع» قد سبق أن معناها الإحاطة والشمول، وهذه الألفاظ الثلاثة لا بد أن يسبقها:

«أجمع»؛ نحو: جاء الجيش كله أجمع أكتع أبصع أبتع[33].



أو إحدى صيغها؛ نحو[34]:

جمعاء، ومثال ذلك: اشتريت هذه الدار جمعاء كتعاء بصعاء بتعاء.

أجمعين؛ نحو: رأيت القوم أجمعين أكتعين أبصعين أبتعين.

جمع؛ نحو: طلقت زوجاتي جمع كتع بصع بتع[35].



وربما أكد بـ«أكتع»، و«أكتعين» غير مسبوقين بـ«أجمع، وأجمعين»؛ وذلك نحو قول الراجز:

يا ليتني كنت صبيا مرضعًا *** تحملني الذلفاء حولًا أكتعا



وقول أعشى ربيعة:

تولوا بالدوابر واتقونا *** بنعمان بن زرعة أكتعينا

وحمل الجمهور ذلك على الضرورة[36].




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.38%)]