عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-07-2009, 05:58 PM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
افتراضي شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 84 في تخفيف الصلاة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 84 في تخفيف الصلاة



حديث 84
عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ ، فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ , وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ .

في الحديث مسائل :

1=
قوله : " إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ " يعني صلّى إماماً بالناس .
وتقدّم في حديث أنس : قوموا فلأُصَلِّ لكم . أي بِكم .
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام عن الأئمة : يُصَلُّون لكم ، فإن أصابوا فلكم ، وإن أخطأوا فلكم وعليهم . رواه البخاري .

2=
قوله : " فَلْـيُخفِّف " الأمر للاستحباب ، ويدل عليه فعله عليه الصلاة والسلام ، فإنه صلى المغرب فقرأ بالطّور ، كما في الصحيحين ، وقرأ مرّة بالمرسلات ، كما عند البخاري ، وقرأ مرّة بالأعراف .
ففي حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف ، فرّقها بركعتين . رواه النسائي .
قال زيد بن ثابت لمروان بن الحكم : ما لَكَ تقرأ في المغرب بقصار ؟ وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بِطُولَى الطوليين .
فَدَلّ الأمر على الاستحباب .
قال ابن دقيق العيد : وَفِيهِ - بَعْدَ ذَلِكَ - بَحْثَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَتْ الْعِلَّةُ وَجَبَ أَنْ يَتْبَعَهَا الْحُكْمُ ، فَحَيْثُ يَشُقُّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ التَّطْوِيلُ ، وَيُرِيدُونَ التَّخْفِيفَ : يُؤْمَرُ بِالتَّخْفِيفِ . وَحَيْثُ لا يَشُقُّ ، أَوْ لا يُرِيدُونَ التَّخْفِيفَ : لا يُكْرَهُ التَّطْوِيلُ . وَعَنْ هَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ : إنَّهُ إذَا عَلِمَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ : أَنَّهُمْ يُؤْثِرُونَ التَّطْوِيلَ طَوَّلَ ، كَمَا إذَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ لِقِيَامِ اللَّيْلِ . فَإِنَّ ذَلِكَ - وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ - فَقَدْ آثَرُوهُ وَدَخَلُوا عَلَيْهِ .
الثَّانِي : التَّطْوِيلُ وَالتَّخْفِيفُ : مِنْ الأُمُورِ الإِضَافِيَّةِ . فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ طَوِيلا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ قَوْمٍ . وَقَدْ يَكُونُ خَفِيفًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ آخَرِينَ . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : الواجب على المسلم أن يرجع في مقدار التخفيف والتطويل إلى السنة ، وبهذا يتبين أن أمره بالتخفيف لا يُنافى أمره بالتطويل أيضا في حديث عمار الذي في الصحيح لما قال : إن طول صلاة الرجل وقِصَرَ خُطبته مَئِـنَّـةٌ مِنْ فقهه ، فأطيلوا الصلاة واقُصُرُوا الخطبة . وهناك أمرهم بالتخفيف ولا منافاة بينهما فإن الإطالة هنا بالنسبة إلى الخطبة والتخفيف هناك بالنسبة إلى ما فعل بعض الأئمة في زمانه من قراءة البقرة في العشاء الآخرة . اهـ .
وهذا الذي أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية هو ما أنكره النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ رضي الله عنه.
وقال ابن القيم : وأما قوله : " أيكم أمّ الناس فليخفف " وقول أنس رضي الله عنه : كان رسول الله أخف الناس صلاة في تمام . فالتخفيف أمْـرٌ نسبي يرجع إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه ، لا إلى شهوة المأمومين ، فإنه لم يكن يأمرهم بأمرٍ ثم يخالفه ، وقد عَلِمَ أن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة ، فالذي فَعَلَه هو التخفيف الذي أَمَرَ به ، فإنه كان يمكن أن تكون صلاته أطول من ذلك بأضعاف مضاعفة ، فهي خفيفة بالنسبة إلى أطول منها ، وهَدْيه الذي كان واظب عليه هو الحاكم على كل ما تنازع فيه المتنازعون . اهـ.
وإطالته عليه الصلاة والسلام لم تكن في القراءة فحسب بل كانت في سائر الصلاة ، فقد روى البخاري ومسلم من طريق ثابت عن أنس قال : إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي بنا . قال ثابت : فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه ، كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقول القائل قد نَسِي ، وإذا رفع رأسه من السجدة مَكَثَ حتى يقول القائل قد نَسِي .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نَقْرٍ كَنَقْرِ الدِّيك ، وفي رواية : كَنَقْرِ الغُراب .

فالمرجع في ذلك إلى هديه الموافق لقوله عليه الصلاة والسلام ، لأنه لا يُتصوّر أن يأمر عليه الصلاة والسلام بالتخفيف ثم يُخالِف هذا الأمر .

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالتخفيف ويَؤمُّنا بالصافات

3=
سبب النهي عن التطويل .
1 - خشية تنفير الناس ، وسيأتي في الحديث الذي يلي هذا الحديث .
2 - ومراعاة حال المأمومين .
3 – مراعاة حال المريض والضعيف .

4=
هل هذا النهي عام في كل صلاة ؟ أو هو خاص ببعض الصلوات ؟
الذي يظهر اختصاصه بالعشاء نظراً لسبب ورود الحديث ، وما سيأتي في حديث أبي مسعود رضي الله عنه .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ربما أطال في صلاة المغرب .
ولكون العشاء بعد جهد يوم كامل ، وعمل شاق ، فيُسنّ فيها التخفيف .
ولأنه عليه الصلاة والسلام كان يُطيل في قراءة صلاة الفجر ، وهكذا كان خلفاؤه من بعده .

5=
قوله : " وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ " فمن أراد الإطالة التي تشقّ على الناس ، وكان يُريد مناجاة ربّـه ، والانطراح بين يدي مولاه ، فـلْـيُصَلِّ لنفسه صلاة نافلة ثم يُطيل ما شاء الله له أن يُطيل .

6=
هل يُطيل الإنسان لنفسه ما شاء في كل صلاة نافلة ؟
يُطيل فيما شُرِعت له الإطالة ، ويُخفِّف فيما جاءت به السنة بالتخفيف ، كراتبة الفجر ، وراتبة المغرب ، وركعتي الطواف ، فإن هَدْيه عليه الصلاة والسلام التخفيف في ذلك كله .
قالت عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم يُخَفِّف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول : هل قرأ بأم الكتاب . رواه البخاري ومسلم .
ويجب التخفيف في تحية المسجد إذا دَخَلَ الْمُصَلِّي والإمام يخطب يوم الجمعة ، لقوله عليه الصلاة والسلام لِسُليك : قم فاركع ركعتين وتجوّز فيهما ، ثم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما . رواه مسلم .

7=
إذا طوّل الإنسان لنفسه فهل يجب أن يكون هذا الطول في جميع الأركان ؟
السنة أن يكون ذلك في جميع الأركان ، وأن تكون الأركان قريبة من بعضها في الطُّول .
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع من الركوع ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وركوعه وإذا رفع رأسه من الركوع وسجوده وما بين السجدتين قريبا من السواء .
وفي حديث حذيفة رضي الله عنه : فكان ركوعه نحواً من قيامه ، ثم قال : سمع الله لمن حمده ، ثم قام طويلا قريبا مما ركع ، ثم سجد ، فقال : سبحان ربي الأعلى ، فكان سجوده قريبا من قيامه . رواه مسلم .

والله تعالى أعلم .


عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.30 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]