عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 06-05-2020, 01:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضان وكيفية تغير الاسرة المسلمة فيه الى الافضل متجدد

رفقاً بأنفسكم فإنه رمضان
حياة با أخضر
(12)
كان السلف - رحمهم الله- يتشوقون للعبادات ويتحرون أوقاتها وأيضاً كانوا يخافون من عدم قبولها، لذا كان من المأثور عنهم أنهم يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يسألونه بقية العام أن يتقبله منهم مع ما
يقومون به من عبادات طوال العام وذلك لما لرمضان من منزلة إيمانية بل من فاصل بين الإسلام والكفر فهو ركن من أركان الإسلام لذا فله هيبته وقدسيته وفضله عامة وأواخره خاصة حيث نترقب فيها ليلة القدر.
ويتميز رمضان بندرته فهو لا يأتي إلا مرة واحدة في العام ومع كل ما سبق نجد أنفسنا نعيش عالماً يموج بالغرابة والوقاحة والحماقة وتغييب العقل وموت القلب ونسيان حقيقة الذات البشرية بل نسيان الكثير من
صفات الله تعالى وتغييب الإيمان التام بوجوده في حياتنا لذا نرى سباقاً محموماً وتنافساً ممقوتاً بين مختلف وسائل الإعلام خاصة المرئية منها للاستعداد لهذا الشهر العظيم بكل ما يدمر قدسيته وقبوله وآثاره فقبل
رمضان تمتد الاستعدادات لشهور طويلة لإنتاج نيازك شيطانية ترجم الإيمان وقد تصيبه في مقتل من خلال المسلسلات - بكسر السين الثانية من السلسلة- التي تمتد لثلاثين حلقة والبرامج الحوارية الفنية والجلسات
الغنائية واللقاءات مع أرباب شياطين الغناء والتمثيل والمسابقات التي تفتك بالأوقات والأموال والعقول.
وبرامج الأطفال التي تقتل كل غال من الطهارة والبراءة، والإعلانات التي تعين على ترهل الأبدان والعقول
وتجعل الشهر الكريم خاصاً بالملذات وغير ذلك من أمور تنفق عليها المليارات وتعبأ لها الإعلانات وتجند لها الجيوش من مرتزقة الدنيا وعبّادها وصدق فيهم قوله تعالى: (وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْعُسْرَى)
يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيرها، وأما من بخل.. أي بما أمر به ولم تسمح نفسه بأداء ما وجب
لله واستغنى عن الله فترك عبوديته جانباً ولم ير نفسه مفتقرة غاية الافتقار إلى ربها الذي لا نجاة لها ولا فوز ولا فلاح إلا بأن يكون محبوبها ومعبودها الذي تقصده وتتوجه إليه وكذب بالحسنى أي بما أوجب الله على
العباد من التصديق به من العقائد الحسنة فسنيسره للعسرى أي للحالة العسرة والخصال الذميمة بأن يكون ميسراً للشر أينما كان ومقيضاً له أفعال المعاصي.
وهم في سعيهم بل بمعنى أدق في تنافسهم الشيطاني لا يفترون ولا يملون بل نجد عندهم قوة شيطانية تجعلهم يستمرون لساعات طويلة في التخطيط والتفيذ والتدريب فصدق فيهم أيضاً قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّا
أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا).
وهذا من عقوبة الكافرين أنهم لما لم يعتصموا بالله ويتمسكوا بحبل الله بل أشركوا به ووالوا أعداءه من
الشياطين سلطهم عليهم وقيضهم لهم فجعلت الشياطين تؤزهم إلى المعاصي أزاً وتزعجهم إلى الكفر إزعاجاً فيوسوسون لهم ويقبحون لهم الحق فيدخل حب الباطل في قلوبهم وينتشر بها فيسعى فيه سعي
المحق في حقه فينصره بجهده ويحارب عنه ويجاهد أهل الحق في سبيل الباطل.
تفسير السعدي ونحن نؤمن بهذا الوعد الرباني بأن الله تعالى يعد لهم عداً مع ملاحظة أننا لا نكفر المعاصي
إلا إذا استحلها المسلم.
تكاثر هذا السيل العارم حتى طغى فصار طوفاناً غطى البيوت والقلوب والمقاهي والشوارع والصحف
والمجلات والشبكة العنكبوتية وكل شيء يقول تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ).
يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله: وأعرض تعالى عن ذكر المتكاثر به إرادة لإطلاقه وعمومه وفي هذه السورة
وعيد وتهديد حيث يقول الله تعالى: (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ).
ونراهم بعد رمضان العظيم يجتمعون لمناقشة ما أنتجوه ويتحسرون على أخطائهم ويعزمون على تلافيها في
مستقبل أعمالهم في همة وتنافس للباطل تفتقده همم أهل الحق أحياناً.
لو كان رمضان شخصاً متحركاً ورأى كل ما تقدمه وسائل الإعلام فماذا سيقول؟
إن هذه الوسائل والقنوات الفضائحية تضج نتنها بأموالنا وأولادنا من الجنسين وعقول رجالنا ونسائنا وهي في ذات الوقت تدوس على معتقداتنا وتستهين بديننا وترغم أنوف أجيالنا لتظل راكعة لشهوتها بدلاً من صرفها
للبناء ونظل ندفع مقابل عفنهم الفني أموالنا وأوقاتنا وشبابنا وأعصابنا وعقولنا وقلوبنا.
ونحن في مقابل هذا نحتاج في مقابل كل هذا إلى تربية إيمانية تربي الرقابة الذاتية في القلوب لنصل إلى
أن نعبد الله كأننا نراه فإن لم نكن نراه فإنه يرانا ونحتاج إلى إعلام قوي يقف سداً منيعاً وتكاتف للأيدي ودعاء آناء الليل وأطراف النهار نحتاج إلى الكثير والكثير جداً ولا وقت للراحة فإن أهل الباطل لم ولن يقفوا فاللهم
أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]