عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 27-02-2020, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نعم، البخاريُّ ليس إلهًا...

نعم، البخاريُّ ليس إلهًا... الجزء الثاني
يحيى صالح




الرد على صاحب مقال : البخاري.. وحدهُ لا شريكَ لهُ - ج2




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد..



كنتُ قد بدأتُ الردَّ على أحد الكُتَّاب متعقِبًّا مقالاته بإحدى الصحف المصرية، والتي تناول فيها الطعن في صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى، والتي جعل لها عنوانًا مستفزٍّا هو العنوان الذي تراه بأعلى مقالي هذا، وإن كان الكاتب المذكور يحمل اسمًا من أسماء المسلمين، فكم ممن تَسَمَّوا بأسماء المسلمين طعنوا الدين بقصد أو بدون قصد، والنيات عند الله الذي عنده تجتمع الخصوم، ولأن أكون خصمًا لهذا فهو خيرٌ من أن أكون خصمًا للنبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول لي يوم القيامة: لماذا لم تَرُدَّ عني بعد إذ علمتَ؟



لذا فقد قمتُ بالردِّ على مقال هذا الكاتب في جزئه الأول، ثم هذا هو الجزء الثاني من الردِّ على مقاله الثاني، وإن مدَّ الله في العمر ورزقني العون فسيكون الردُّ على الجزء الثالث من مقالاته قريبًا بإذن الله بين أيدي المسلمين ليكونوا على بينة من دينهم وحتى لا يتجرَّأ أحدٌ على الطعن فيه وأنت يا مسلم فيك رمق.



وهنا في هذا الردِّ قمت بعمل تمييز لكلام الكاتب عن كلامي؛ إذ جعلت كلامه (مائلاً) إذ هو بالفعل مائل عن الحق، وجعلت كلامي مستقيمًا لعلَّ اللهَ يرزقني وإياكم حسن الاستقامة على دينه.



قال: هل خلق الله الدنيا في ستةِ أيامٍ؟ أم في سبعةِ أيامٍ؟



القرآنُ يقولُ: ستة أيامٍ: "إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرضَ في ستةأيام ثم استوى على العرش"، "وهو الذي خلق السموات والأرضَ في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً"، بينما «صحيح مسلم» يقول: سبعة أيامٍ؟.



قـال أبـو هريرة: أخـذ رسـولُ الله صلى الله عليه وسلم، بيدي فقال: «خلق الله عزَّ وجلَّ التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكرُوه يوم الثلاثاء، وخلق النُّور يوم الأربعاء، وبثَّ فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل.



أنا كمُسلمٍ أصدِّقُ مَنْ؟



هنا الحديثُ تعارَضَ مع القرآن، لذا سآخذُ قُرآنِي، وسأقولُ إنَّ ما جاء في «صحيح» مُسلم ورواه أبو هريرة ليس صحيحًا.



نقول: قبل الشروع في الردِّ على كلامك وتخريفك هذا أقوم بتذكيرك أولاً بمسألتين:



- إنك كتبتَ عنوانًا لمقالك (البخاري...إلخ)، وبما أنك تتكلم عن إمام الأئمة البخاريِّ رحمه الله تعالى فكان يجب عليك الالتزام بانتقاده وعدم الحيدة إلى انتقاد غيره، إلا إذا أردتَ انتقاد الإمام من كل جهة؛ سواء شيوخه أو تلاميذه!



- وهذا أيضًا نعيبه عليك إذ تورد اسم الإمام أحمد ضمن ثقاتِ العلماء عندك بنفس مقالك هذا؛ وهو الشيخ المباشر للإمام البخاري...



- أيضًا نُذَكِّرُكَ بما ورد في مقالك هذا نفسه أنك تحتج بالشيخ الألباني رحمه الله تعالى –ونحن أيضًا نحتج به- فتورد اسمه ضمن ثقاتِ علماءِ عصرنا وإن كنَّا نخالفك في بعضهم لكننا نحتج بالشيخ لأنه متخصص في علمه ولأنه سلفيُّ العقيدة.



أنت قلتَ ضمن مقالك هذا ما نصه:



(وهناك أسماء أخرى موثُوقٌ في صدقها وعلمها مثل محمد عبده ومحمد رشيد رضا ومحمد الغزالي والألباني وسواهم من المعاصرين خلال القرن العشرين)، فأنت تحتج بالشيخ، ومن فمك ندينك، فنقول:



قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في الردِّ عن هذه الشبهة بالذات تعليقًا على (مشكاة المصابيح) ما نصه:



(وليس بمخالف للقرآن بوجه من الوجوه، خلافًا لما توهمه بعضهم، فإن الحديث يُفَصِّلُ كيفية الخلق على الأرض وحدها، وأن ذلك كان في سبعة أيام، ونَصُّ القرآنِ على أنَّ خَلْقَ السماواتِ والأرضِ كان في ستةِ أيامٍ والأرضِ في يومين لا يعارض ذلك، لاحتمال أنَّ هذه الأيام الستةَ غيرُ الأيامِ السبعة المذكورة في الحديث، وأنه - أعني الحديث - تحدث عن مرحلة من مراحل تطور الخلق على وجه الأرض حتى صارت صالحة للسكنى، ويؤيده أن القرآن يذكر أن بعض الأيام عند الله تعالى كألف سنة، وبعضها مقداره خمسون ألف سنة، فما المانع أن تكون الأيام الستة من هذا القبيل؟ والأيام السبعة من أيامنا هذه كما هو صريح الحديث؟ وحينئذ فلا تعارض بينه وبين القرآن) انتهى بلفظه.



هل ستتراجع الآن عن توثيقك للشيخ الألباني أم سترجع عن طعنك في صحيح مسلم؟



والشيخ رحمه الله تعالى ضمن طائفة ذهبت إلى صحة الحديث المذكور وأنه لا تعارض بينه وبين القرآن الكريم كما نقلنا من قوله، بينما ذهبت طائفة أخرى؛ منهم الإمام يحيى بن معين والإمام عبد الرحمن بن مهدي وأيضًا الإمام البخاري الذي صرَّح في كتابه (التاريخ الكبير) أنَّ هذا الكلام من كلام كعب الأحبار؛ إذ أورد –البخاريُّ- الحديث بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم (من طريق أبي هريرة رضي الله عنه) ثم قال:



وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب، وهو أصح.



فهل عندما جاء البخاريُّ بكلامٍ في مصلحتك ستقتنع أنه إمام أم الأخرى؟!



غير أنَّ بعض العلماء المعتبرين –كالشيخ المُعَلِمِيِّ- لم يأخذ بطعن الإمام البخاريِّ في الرواية وكونها عن كعب الأحبار، واحتجَّ بأنَّ أهل الكتاب –ومنهم كعب الأحبار قبل إسلامه- يقولون بابتداء الخلق يوم الأحد وعندهم اعتقاد استراحة الله يوم السبت، فكيف يقولون ببدء الخلق يوم السبت؟



ثم في الحديث نفسه ما ينفي أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه أخذه عن كعب الأحبار، بدليل قوله (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي)، فكيف يكون أَخَذَهُ عن كعب الأحبار أو غيره؟



على أنَّ الإمام مسلمًا رحمه الله تعالى لم ينفرد بهذه الرواية؛ بل رواها أيضًا الإمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى في صحيحه.



فعليك أن لا تقف بالطعن في البخاري الذي تعديته إلى مسلمٍ؛ بل اقفز لابن خزيمة، والله أعلم على مَن يكون الدور!!!



فالصواب هو ما قاله الشيخ الألباني فيما نقلناه عنه، وفي هذا الكفاية لمَن كان يرجو التوفيق والهداية.



قال: إذن ليس علىَّ أو على غيرى حرجٌ أن ينفيَ حديثًا جاء في الصحيحين: البُخاري ومسلم لا يوافقُ العقل، ولا يتطابقُ مع النصِّ القرآنيِّ.



نقول: تعرضنا في الردِّ عليك بالجزء الأول إلى هذه النقطة بالتفصيل، ونزيدك هنا قول الله تعالى "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، فهل استثنى اللهُ تعالى ما يخالف العقل؟



ثم لماذا انتقاد أحاديث البخاري ومسلم بالذات، بينما غيرهما من الكتب المسندة تروي نفس الأحاديث التي –بزعمك- تخالف العقل؟



ها أنتَ سقتَ في مطلع مقالك حديثًا، وعندما سألنا أهل الذِّكر علمنا معناه وعدمَ مخالفته للقرآن الكريم، فالجمع بين الأدلة –وكلها من عند الله تعالى- أولى من طرح أحد الأدلة التي تتعارض مع عقلي.



ونعود فنسألك: هل كل القرآن لا يتعارض مع عقلك؟ أم أنت بدأتَ بالسنة والطعن فيها ثم ستعيد الكَرَّةَ وتنتقد القرآن كما فعل مبيد الأدب العربي طه حسين؟!



كيف بعقولنا نفهم ما في القرآن أنَّ الملائكة نزلت يوم بدرٍ تقاتل في صفوف المسلمين؟ وكيف يُعْقَلُ أنَّ الملائكة تصعد وتنزل؟ هل رأيتَ هذا أو سمعتَ أصواتهم أو لمستَ أحدَهم أو شممتَ رائحته أو تذوقتها؟



كيف بعقولنا نجمع بين قول الله تعالى (ألف سنة) وفي آية أخرى (خمسين ألف سنة)؟



كيف بعقولنا يكون (مالك) –وهو من الملائكة- خازنًا للنار ولا يحترق؟ فإن قلتَ: إنَّ الملائكة لا تحترق، قلنا: من أين علمتَ، هل من القرآن أم من السنة أم من العلماء؟



كيف بعقلنا نجمع بين "ما ضل صاحبكم وما غوى" و"ووجدك ضالاً فهدى"؟ نجد كلام العلماء يوضح هذا ويبين أنَّ معنى الأولى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الكذب ومعصوم من الخطأ في تبليغ شرع الله تعالى، والثانية معناها مبين في قوله تعالى "ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان".



هل تفهم كيف يصلب فرعونُ السحرةَ المؤمنين (داخل) جذوع النخل التي وردت في قوله تعالى "ولأصلبنكم في جذوع النخل"؟



أيضًا قول الله "الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهنَّ"، كيف تؤمن بهذه السموات ومثلها من الأرض وأنت تحتكم إلى عقلك؟



وغير هذا الكثير والكثير..



قال: فكُلُّ حديثٍ يخالفُ كتاب الله «القرآن» ويناقضُهُ لا يمكنُ القبول به.



نقول: إنما أوتيتَ من قِبَلِ عقلك القاصر، وكلامك هذا بوجود حديث يخالف القرآن هو ادِّعاءٌ باطل، وإلا فأتنا بحديث واحدٍ صحيحٍ يخالف آيةً.



ولقد قال الإمام ابن عبد البر: «أمرَ الله جلَّ وعزَّ بطاعته صلى الله عليه وسلم واتباعه، أمرًا مطلقًا مجملاً، لم يقيَّد بشيء، كما أمرنا باتباع كتاب الله، ولم يقل: وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ».



قال: ولا عصمة لأحدٍ من الرُّواة أو الفُقهاء أو من جامعي أو واضعي كُتب الحديث، سوى عصمةِ نبيِّ الله محمد.



نقول: ونحن لا نقول بعصمة بشرٍ إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكلامك هذا تشويش فقط لا موقع له من الإعراب.



قال: وكوني أو غيرى يذكُرُ أن هناك أحاديثَ ضعيفةً في «صحيح» البُخاري أو «صحيح» مُسلم، لا يعني أنه قد عصى أو كفَرَ أو فسَقَ.



نقول: بل في الصحيحين أحاديث انتقدها عليهما بعض علماء هذا الشأن كالدارقطني وغيره كما فصَّلنا الكلام في الرد عـلى الجـزء الأول، وإنـما البـلاء فـي طـعـنـك في الكـتابين –أو أحـدهـما- بغـير عـلم، فـهـذا هو الـفـسوق بمـعـنى الخـروج عن طاعة الله تعالى الذي عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة، وأنت تقول إنها باعتمادها الصحيحين قد ضلَّت طوال القرون السابقة.



قال: ومن الخطأ أن نقول إنَّ «صحيح» البخاري أصحُّ كتابٍ وأَسْلُمُ متْنٍ دينيٍّ بعد القرآن، لأننا بذلك نُضفِي قداسةً عليه من حيث ندري أو لا ندري.



نقول: هو أصحُّ كتابٍ وأَسْلَمُ مَتْنٍ دينيٍّ بعد القرآن ولا غضاضة ولا حرج في هذا وليس فيه إضفاء قداسة عليه، ولم يقل عالِمٌ إن صحيح البخاري من عند الله ولا قال عالِمٌ إنَّ القرآن من قول البشر...



القرآن كلام الله وهو صفة من صفاته وغير مخلوق، وصحيح البخاري هو جمع أحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وغيرهم، ويعتريه الخطأ الذي يعلمه أهل العلم...



بل نحن نستخدم هذه الطريقة في أعمالنا وبيوتنا دون حرج ودون إضفاء قداسة على أحدٍ؛ فنقول: في غياب الوالد عن المنزل فإنَّ الأم –أو الأخ الكبير مثلاً- تحل محل الوالد، فهل الأم هنا تمتلك صفات أو قدرات أو حكمة الوالد أم هذا بحسب إمكانياتها؟ وكذا الإمام البخاري جمع ما علم أنه صحيح حسب قواعد أهل الشأن، وحتَّى إذا اعترضه معترض منهم وصحَّ قوله بتخطئة البخاري فليس عليك إلا قياس نسبة الخطأ إلى الموجود فيه لتعلم أنه أصحُّ من غيره.



قال: كأنَّ هناك قُرآنًا أولَّ، وقُرآناً ثانيًا.



نقول: هذا كلام لا خطام له ولا زمام!



منذ متى والعلماء الذين هم علماء بحقٍّ ينزلون البخاري منزلة القرآن؟



قال: لأنَّ الفُقهاء في بلادي وغيرها، صاروا يُنزِلُون البُخاري منزلةَ التقديسِ، وأنَّ الخطأ لا يدركُهُ من بين صفحاته.



نقول: على هؤلاء (الفقهاء) في بلادك وغيرها –إن كان كلامك صحيحًا- أن يتعلموا من (الفقهاء) السابقين معنى قول عائشة رضي الله عنها: أُمِرْنا أن ننزل الناسَ منازلهم، فيعرفون لكل مخلوق قدره وأن لا يرفعوه فوق منزلته، ألا تعلم نهيَ النبي صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه أن ترفعه فوق منزلته؟



ثم إذا كان هؤلاء (الفقهاء) كما تقول، فمَن ذا الذي قال إنهم (فقهاء)؟!



قال: رغم أن الأسبقين كالنووي، وابن الجوزي، قد انتقدوا أحاديثَ كثيرةً لمُخالفتها الواقع والتاريخ، وقالوا عن رُواتها: (... وَهْمٌ من بعضِ الرُواة لا شكَّ فيه ولا تردُّد).



نقول: الإمامان المذكوران هما من علماء الحديث، ولهما أن ينتقدا العلماء ولكن في حدود قواعد هذا العلم الشريف، أمَّا أنهما انتقدا أحاديث (كثيرة) فهذا من ضمن مبالغاتك وتهويلاتك، والحديث الذي تتكلم عنه معلوم معروف؛ وهو الحديث الذي رواه الإمام مسلم من طريق عكرمة بن عمار وفيه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أجاب أبا سفيان طلبَه في أن يتزوج صلى الله عليه وسلم أمَّ حبيبةَ بنتَ أبي سفيان، وكانت بالفعل تحت النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف يتزوجها؟



والجواب الذي قاله الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى هو ما اعتمده الإمام ابن القيم وغيره من أنَّ عكرمة هذا وهم في الحديث، فما المشكلة؟



أحد الرواة الثقات وهم أو نسي أو أخطأ، فهل أحدٌ من البشر –غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- لا يصيبه هذا؟
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.17%)]