عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-07-2019, 09:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي ظاهرة الترادف في اللغة العربية ( دراسة في القرآن و عند أبي هلال العسكري)

ظاهرة الترادف في اللغة العربية ( دراسة في القرآن و عند أبي هلال العسكري)
الكاتب فوزي فهيم حسن

الحمد لله الواحد المنان الفرد الصمد الأول و الآخر إله الأولين و الآخرين على ما أنعم علينا من نعم ٍ جمّا وكثيرة أولاها وأعظمها نعمة الإسلام , وأن جعلنا من أهل لغة العرب التي قدّسها بنزول القرآن الكريم بها .
وصلاة لا تحصى على الهادي الأحمدي محمد وعلى آله الأكرمين إلى يوم الدين . أمّا بعدُ :
تتجلّى اللغة العربية بخصائص تميّزها عن الللغات الأخرى , وأكسبتها من القرآن , ومن حبّ أهلها لها والتزامهم بقوانينها .
ومن تلك الظواهر : ظاهرة الترادف التي جُمّلت اللغة بها , حتى العديد من الدارسين أولوا اهتمامهم بها بدراسة هذه الظاهرة , إمّا مؤيدون أو مانعون لهذا الظاهرة .
ويُعدّ الترادف من الظواهر اللغوية المهمّة لما في علاقة الألفاظ بالمعاني من أثر في التواصل بين الناس , وقد تشعّبت مسائل الترادف باهتمام العلماء و الدارسين , فاختلفت آراؤهم , وتباينت اتجاهاتهم حولها , سواء في ذلك علماء اللغة وأصول الفقه و المنطق , و المشتغلون بعلوم القرآن .
و في الصفحات الآتية أقدم الدراسات الثلاثة الآتية :
الأولى : دراسة لهذه الظاهرة , مبينا موقف العلماء من وقوعها في لغتنا وأسبابها وكثرتها .
الثانية : دراسة الظاهرة في القرآن الكريم , وعرض آراء أهل علوم القرآن بها , ثم ذكر نماذج مفردات من القرآن , وتوضيح ما إذا كانت مترادفة أم لا .
الثالثة : دراسة نماذج من الفروق اللغوية عند أبي هلال العسكري .
ونسأل المولى أن يوفقنا في هذا البحث , وأن يكون جهدنا في ميزان حسناتنا . ولايسعني إلا أن أشكر الدكتور المربي الفاضل دريد العبيدي , لإذكائنا بالعلم الزاخر و الوافر في مادة فقه اللغة ونسأل من الرحمن أن يجعله في الفردوس الأعلى مع الأنبياء و الصالحين , لما له من الأثر التربوي و العلمي على شخصيتي .
فوزي فهيم
17 /5 /2010م
المبحث الأول : دراسة في ظاهرة الترادف :
أولاً : مفهوم الترادف:
- الترادف لغةً :التتابع , وترادف الشيء : تبع بعضه بعضاً , ويقال ردفتُ فلاناً ,أي صرتُ له ردفاً . والرِّدف : المرتدف , وهو الذي يركبُ خلف الراكب , وردف المرأة : عجيزتها , وكلّ شيء تبع شيئاً فهو رِدفه , وهذا أمر ليس له ردف , أي ليس له تبعة , والرادف المتأخر , والمُردف المتقدّم الذي أردف غيره , وأردفته : حملته على ردف الفرس , والرادف : مركب الرّدف , ودابّة لا ترادف ولا تُردف , وجاء واحد فأردفه آخر , وأرداف الملوك : الذين يخلفونهم , ويقال لليل والنهار: ردفان لأنّ كلّ واحد منهما يردف صاحبه , أي يتبع أحدهما الآخر , وقد سمّوا ضرباً من القوافي في الشعر والعروض بـ (المترادف) : وهو كلّ قافية اجتمع في آخرها ساكنان وسمّي بذلك لأنّ الغالب في أواخر الأبيات أن يكون فيها ساكن واحد , فلما اجتمع ساكنان كان أحدهما ردف الآخر ولاحقاً به , والمترادف أن تكون أسماء لشيءٍ واحد , وهي مولّدة ومشتقة من تراكب الأشياء.[1]
- الترادف اصطلاحاً : لم يظهر هناك أي اتفاق بين العلماء الدراسين قديماً وحديثاً على تعريف ٍ إصطلاحيٍ واحد لمفهوم الترادف .
فقد وجد الباحث محمد المنجد أنّ أول من ذكر الترادف صراحةً هو علي بن عيسى الرماني (ت384هـ) الذي جعل عنواناً صريحاً لكتابه (الألفاظ المترادفة والمتقاربة في المعنى) , إلا أنّ الرماني لا يدلّ على تمييز دقيق لمعناه لأنه يعطف المتقاربة على المترادفة كأنها شيءٌ واحد[2].
وذكر حاكم الزيادي أنّ فكرة الترادف عند العلماء القدامى تمثّلت في اختلاف الألفاظ للمعنى الواحد أو للشيء الواحد , وبعد التطور في البحث اللغوي وجد العلماء أنه لابدّ من تحقيق اعتبارات لغوية معينة حين النظر إلى هذه الظاهرة لتمييزها عن غيرها[3].
بينما رمضان عبدالتواب أوجد مصطلحاً جديداً وهو الترادف التام وذكر أنه نادر الوقوع وهو من الكماليات , وعند وقوعه لا يكون إلا فترة قصيرة محددة , وسرعان ما تظهر الفروق المعنوية الدقيقة بين الألفاظ المترادفة , بحيث يصبح كلّ لفظ منها مناسباً وملائماً[4].
ومما سبق يتبيّن أنّ مفهوم الترادف الاصطلاحي هو الألفاظ المفردة الدالة على شيءٍ باعتبار واحد , وهذا المفهوم للرازي ذكره السيوطي[5] , وتعريف الرازي مقبول لأنه فرّق بينه وبين الاسم والحد وبين المتباينين , وبين التوكيد , وبين التابع.
فالحد ليس من الترادف , حتى لو حمل معنى الاسم , لأنه يفصل بين معنى الاسم المشكل ,إلا أنه جملة مركبة .
وأخرج المتباينين , كالسيف والمهند , فهما يدلّان على شيءٍ واحد , إلا أنّ الأول يدلّ عليه باعتبار الذات والثاني باعتبار الصفة , وأخرج التوكيد , فإنّ الثاني فيه يفيد التقوية للأول , في حين أنّ الثاني في الترادف يفيد ما أفاد الأول.
وأخرج الإتباع فإنه وحده لا يفيد شيئاً , كقولنا عطشان نطشان[6] , واعنماداً على هذا الرأي كذلك عرّف محمد المنجد الترادف بعد بحث دقيق على أنه ما يدلّ على لفظين مفردين فأكثر , دلالة حقيقة , أصيلة مستقلة , على معنى واحد , باعتبار واحد وفي بيئة ٍ لغوية ٍ واحدة[7].

ثانياً: آراء العلماء حول ظاهرة الترادف :
ذهب علماء القرن الثاني الهجري من أهل اللغة إلى أنّ الترادف سمة من سمات اللغة العربية دالة على اتساعها في الكلام , حتى أنهم كانوا يجمعون الألفاظ المختلفة الدالة على معنى واحد .
فقطرب (ت 206هـ) رأى أنّ العرب أوقعت اللفظتين على المعنى الواحد ليدلوا على اتساعهم في الكلام[8].
وذُكر أنّ الرشيد سأل الأصمعي (ت 216هـ) عن شعر ٍ لابن حزام العكلي ففسّره , فقال : يا أصمعي إنّ الغريب عندك لغير غريب:قال يا أمير المؤمنين ألا أكون كذلك , وقد حفظت للحجر سبعين اسماً[9] , فكان علماء هذا القرن يسلّمون بالترادف ولا يرونه محل نزاع , وبدأ بعدها مفهوم الترادف بالاختلاف حسب آراء العلماء فلم يكن متطابقاً عند جميع العلماء وعلى اختلاف العصور اللاحقة.
أما بعد القرنين الثالث والرابع فظهر اختلاف العلماء حول هذه الظاهرة , فمنهم من أثبت وجود الترادف , ومنهم من نفى وجود هذه الظاهرة , حتى أنّ البعض يذكر أنّ هذا المصطلح لم يظهر إلل في القرن الثالث , وذكر الزيادي أنّ أقدم نص ٍ لغوي ورد فيه هذا المصطلح صراحةً هو لثعلب(ت 291هـ) وكان فحواه أنه ينكر الترادف , أما في القرن الرابع الهجري ظهرت عناوين مسمية لهذا المصطلح مثل:"الألفاظ المترادفة" لعلي بن عيسى الرماني .
أجمع العلماء على أنّ لا ترادف في الجمل والعبارات بالمعنى الاصطلاحي اللغوي وذكروا أنّ الترادف من خواص اللغات .
لكنّ سبب الاختلاف حول الظاهرة هو غموض المصطلح اللغوي حتى وصل إلى حدّ التناقض بين إقرار الترادف وإنكاره , ونجم أيضاً عنه خلط واضطراب في النظر إلى الألفاظ والحكم عليها بالترادف أو عدمه[10].
والآن نقسم آراء العلماء إلى قسمين :
القسم الأول: يتفق على وجود الترادف:
مما يؤكد سبق الاقرار بالترادف ما نقله الرواة الأوائل من ألفاظ جمعوها من أفواه العرب في صحرائهم الواسعة , ونمتْ هذه الفكرة حتى غدت مدعاة فخر ٍ واعتزاز لدى بعض اللغويين [11] .
وبالغ بعضهم في جمع تلك الألفاظ , وحشد بينها طائفة كبيرة لا تمتُّ إلى الترادف الحقيقي بصلة , وكان فخر أحدهم على زميله أنه يحفظ لهذا الشيء أو ذاك , كذا وكذا اسماً [12].
فروى ابن فارس عن شيخه أحمد بن محمد بن بُندار أنه قال : " سمعتُ أنا عبدالله بن خلاويه الهمذاني , يقول جمعتُ للأسد خمسمائة اسم , وللحيّة مئتين"[13].
ونمتْ هذه الفكرة حتى غدت مدعاة فخر ٍ واعتزاز لدى بعض اللغويين , وهذا التفاخر هو الذي أوقد نار الخلاف وظهور المنكرين له ووضع كلّ فريق مصنفات خاصة أو أجزاء تدعم رأيهم[14], وأغلب المثبتين للظاهرة لا يظهر لديهم رأي صريح في ذلك فالترادف عندهم شيء مسلّم به , ولا حاجة للنقاش به .
ومثال ذلك : أبو زيد الأنصاري , وأما من ناقش المسألة من جوانب مختلفة , فهم أقلّاء منهم ابن جني وشيخه أبو علي الفارسي , فأبو علي الفارسي (ت 377هـ) يستحسن الترادف ويُعجب به , وهذا ما أكّده ابن جني , حيث قال :"كان أبو علي رحمه الله يستحسنُ هذا الموضع جداً ويبنيه عليه , ويسرّ بما يُحضره خاطره".[15]
وكثيراً ماكان يستشهد ابن جني على الترادف بأمثلة استسقاها من شيخه أبي علي , وأثبت ابن جني أنّ شيخه كان يؤكد على الترادف في قوله :"كان أبو علي رحمه الله إذا عبّر عن معنى بلفظ ما فلم يفهمه القارئ عليه وأعاد ذلك المعنى عينه بلفظ غيره ففهمه".[16]
وابن جني جعل الترادف من خصائص العربية التي تستحقّ النظر والتأمّل , فخصّ له باباً أسماه " باب في تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني", ويجعله دليلاً على شرف العربية , فيصفه أنه قويّ الدلالة على شرف هذه اللغة , وميزان الترادف عنده أن تتلاقى معاني الألفاظ عند التأمّل في جذورها[17].
وكذلك من ردوده أنه خصّص باباً لاستعمال الحروف بعضها مكان بعض , وهذا ما نفاه العسكري[18]
ومن العلماء الأصوليين الذين أيّدوا الترادف:
1. الإمام فخر الدين الرازي(ت 604هـ).
2. الكيا , وقسمه إلى قسمين:
أ*) ألفاظ متواردة , كما تسمّى الخمر عقاراً وصهباء وقهوة.

ب*) ألفاظ مترادفة , وهي التي يقام لفظ فيها مكان لفظ لمعانٍ متقاربة تجمعها معنىً واحد .
ج) التاج السبكي (ت771هـ).[19]
وأما في العصر الحديث فرمضان عبدالتواب من الذين لم ينفوا وقوع الترادف على الرغم من تفرّد كلّ كلمة بمعانٍ خاصة بها , فأهل اللغة يفسّرون اللفظة بأخرى[20].
القسم الثاني : ينفي وجود الترادف , مع إظهار فروقاً بين معاني الكلمات المترادفة:
ونبدأ بأول عالم وهو ابن الأعرابي (ت231هـ) :
فذكر أنّ لكلّ حرفين أوقعتها العرب على معنى واحد في كلّ واحد منهما ليس في صاحبه , ربّما عرفناه , وربما غمض علينا فلم نلزم العرب جهله[21].
وأسرف ابن الأعرابي في إيجاد العلل لكلّ اسم , وإرجاع كلّ اسم إلى أصل اشتقاقه , فهو يفرّق بين الإنسان والبشر , فالإنسان عنده كما قال : سمّي إنساناً لنسيانه , والبشر عنده تبعاً لمنهجه سُمّي بهذا لأنه بادي البشرة , وبإيجاده العلل لكلّ اسم يوجد الفروق, وهو بذلك يكون أول من ذهب إلى إنكار الترادف في اللغة , وليس هناك دليل يشير إلى إنكار الترادف في اللغة قبل ابن الأعرابي , وجاء من بعده واتسع في هذا الرأي[22].
ومن العلماء الذين تبعوه:
1. ثعلب (ت 291هـ):

زعم أنّ كلّ ما يُظنّ من المترادفات فهو من المتباينات ال تي تتباين بالصفة , وكذلك في كتاب المجالس فقد روى كثيراً من الكلمات المترادفة ولم يفصح عن موقفه إنكاراً وإثباتاً[23].
2. أبو بكر بن الأنباري (ت 237هـ):

فذكر صراحةً في كتابه الأضداد أنه يذهب إلى مذهب ابن الأعرابي لذكره الحجج الدالة عليه والبرهان الذي أقامه فيه[24].
3. ابن فارس (ت395هـ):

تابع شيخه ثعلب , فاستخدم التفريق بين المفردات في عدة مواضع , ففرّق بين المائدة والخوّان , فالمائدة لا يقال عنها مائدة إلا إذا كان عليها طعاماً , وإلا فاسمها خوّان.
وهو يسمّي الشيء الواحد بالأسماء المختلفة , نحو : السيف والمهند والحسام.
فعنده أنّ الاسم واحد وهو السيف , وما بعده من الألقاب فهو صفات[25] , ومع إنكاره الترادف المطلق إلا أنه يعتزّ بهذه الأسماء أو الكلمات المترادفة المتقاربة المعنى , وهو يعترف صراحةً بأنّ الشيء الواحد في لغة العرب قد يسمّى بأسماء مختلفة , وإنه عند التدقيق في كلّ اسم نجد أنّ له اسماً واحدا , وبقية الأسماء صفات له[26].
وأيّد هذا الرأي الدكتور رشيد العبيدي رحمه الله إذ وضع ابن فارس قي قسم ٍ خاص حول اختلاف العلماء حول هذه الظاهرة وسمّاه :
بمن وجد للاسم الواحد العديد من الصفات , ووضع ابن فارس في مقدمة هؤلاء العلماء[27].
4. ابن درستويه (ت347هـ):
فنهج منهج الأعرابي , وذكر أنّ من المحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد , وإنما سمع اللغويون العرب تتكلّم بذلك على طباعها وما في نفوسها من معانيها المختلفة[28].
وبيّن ذلكنفى تعاقب حروف الجر يقوله :"في جواز تعاقبها إبطال حقيقة اللغة , وإفساد الحكمة فيها والقول بخلاف ما يوجبه العقل والقياس[29] , وذكر ابن دستوريه عدة أمور تسبّب بعدم موافقة الترادف :
الأمر الأول: القول بحكمة الوضع استناداً إلى أنّ اللغة توقيف وأنّ واضعها عليمٌ خبير.
الأمر الثاني: القول بأنّ الترادف ينافي العقل والقياس , ورأى الزيادي أنّ الأخذ بالمنطق العقلي والحكمة في النظر إلى الظواهر اللغوية فيه إجحافٌ وبُعد عن طبيعة اللغة , ويتعارض مع الواقع اللغوي[30].
الأمر الثالث: تلمّس أسباب حدوث الترادف في واقع اللغة بعد أن ابتعدت عن ذاك الأصل المعتمد في حقيقة الترادف[31].
5. أبو هلال العسكري(ت295هـ):

وضع كتاباً في ذلك أسماه "الفروق اللغوية" وسنضع له مبحثاً خاصاً لدراسته من حيث مقارنة آرائه مع آراء أهل المعاجم اللغوية.
وذكر في بداية الكتاب أنه يُنكر الترادف فقال:"الشاهد على اختلاف العبارات والأسماء يُوجب اختلاف المعاني أنّ الاسم كلمة تدلّ على معنى دلالة الإشارة , وإذا أشير إلى الشيء مرةً واحدة فعرف , فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة , وواضع اللغة حكيم لا يأتي فيها بما لايفيد , فإن أشير منه في الثاني والثالث إلى خلاف ما أشير إليه في الأول كان ذلك صواباً , فهذا يدلّ على أنّ كلّ اسمين يجريان على معنى من المعاني , وعين من الأعيان في لغة واحدة , فإن كلّ واحدة منهما يقتضي خلاف ما يقتضيه الآخر , وإلا لكان الثاني فضلاً لا يحتاج إليه . وإلى هذا ذهب المحققون من العلماء"[32]
6. الراغب الأصفهاني(ت401هـ):

ففي بداية كتابه في مفردات القرآن ذكر أنّ الهدف من كتابه أنه يُنبئ عن تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد وما بينهما من الفروق الغامضة[33].
وكان صبحي الصالح له رأيٌ خاص بهؤلاء العلماء الذين يُنكرون وقوع الترادف في العربية أنّ إنكارهم أخطر كثيراً مما يتصوّره أي باحث من الباحثين , فلا سبيل معه إلى القول بانفراد العربية بكثرة الترادف وسعة التعبير , وإنكار الترادف والتماس الفروق الدقيقة بين الكلمات التي يُظنّ فيها اتحاد المعنى والقول بالتباين بين اسم الذات واسم الصفة أوصفة الصفة , لايستحسنه, وأما من علماء اللغة المستشرقين جون لاين الذي اقترح لوضع درجات للترادف , وتلك الدرجات تكون متفاوتة وأن تُنظّم على مقياسٍ للتشابه والاختلاف في موضعها , فمثلاً هناك ترادف تام وترادف جزئي , وترادف أقل تشابهاً وهكذا..
وبذلك ذكر أنّ هناك ترادف إجمالي وترادف كلّي , واستخدم تعريف ألمان للترادف الإجمالي بأنه حالةٌ نادرة جداً في اللغة , وترفاً لا تستطيع اللغة أن تفقده بسهولة .
ومنها استدلّ جون أنّ ما يمكن وصفها بالمترادفات هي فقط تلك الكلمات التي تستطيع أن تحلّ محل بعضها البعض في أي نصّ معيّن دون أدنى تغيير في مدلولها العقلي أوالعاطفي .
ولكنه رفض المبدأ الذي يفترض أنّ الكلمات تترادف في أيّ نص إذا وردت في نفس الموضع[34].
ومن رأي ألمان ظهر هناك قضية تأثير الفكر والعاطفة على الترادف , فإنّ استعمال اللغة يتضمّن قوّتين نفسيّتين متميّزتين , الذهن والخيال , فكلمة معينة ممكن أن تُفضّل على أخرى لارتباطاتها العاطفية أو الإثارية المختلفة , وكذلك هناك عوامل تؤثر على اختيار الكلمات أو التعابير تعود إلى الفكر[35].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.99%)]