عرض مشاركة واحدة
  #428  
قديم 21-01-2021, 10:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,513
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (3)
الحلقة (227)

تفسير سورة النساء (11)


حد الله عز وجل لعباده حدوداً وألزمهم بحفظها، وبنى على أساسها الجزاء في الآخرة، فمن حفظ هذه الحدود وتوقف عندها فقد وعده الله عز وجل بأن يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار، خالداً فيها لا يمسه نصب ولا مخمصة، وأما من تجاوز حدود الله وتعداها فقد توعده الله عز وجل بالخلود في نار جهنم، وحيداً فريداً يتقلب في العذاب المقيم.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الإثنين من يوم الأحد؛ ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلك الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه ألفاً وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).حقق اللهم لنا رجاءنا إنك ولينا ولا ولي لنا سواك!وها نحن مع سورة النساء، وقد انتهى بنا الدرس إلى هذه الآية أو إلى هاتين الآيتين المباركتين.قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13-14].لو تحفظ يا عبد الله هاتين الآيتين وتصلي بهما كل الصلوات فإنها تربطك بالله وطاعته.معشر المستمعين! تِلْكَ [النساء:13] هذا اسم إشارة، هل مر شيء في السورة فأشار تعالى إليه؟ أي نعم.أولاً: أمرنا بتقواه.ثانياً: أمرنا بصلة الأرحام.
الأمر بالإحسان إلى اليتيمة من النساء وحفظها في نفسها ومالها
ثالثاً: أمر من تحته يتيمة جميلة ذات مال، لا يغرنه مالها وجمالها فيتزوجها ثم يقصر في حقوقها؛ لكونها يتيمة في حجره، فليتزوج غيرها من النساء إن شاء اثنتين أو ثلاث أو أربع، وليترك هذه اليتيمة مصونة في مالها وعقيدتها، نعم أيضاً لما أذن في تعدد الزوجات قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3] فقط، هذا حد من حدود الله، إذا كنت غير واثق في نفسك وعلمك ومالك وقدرتك وأخلاقك أن تعدل بين الاثنتين أو الثلاث أو الأربع فاكتف بواحدة. هذا أمر الله، فَوَاحِدَةً [النساء:3]، أي: فانكحوا واحدة فقط.ثم يا من تزوجتم من المؤمنات لا تحرموهن مهورهن ولا تقصروا في تلك النحلة فإن الله فرضها فرضاً، فلا يحل لمؤمن أن يأكل مهر امرأته، ولو قرشاً واحداً بدون رضاها، فإن رضيت بأن تعطيه ثلثه أو نصفه لها ذلك، أما بدون رضاها فلا يحل لك أن تأخذ من مهرها ديناراً واحداً من مليون دينار، ومن أبى فقد تعدى حدود الله وهلك: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4].
كيفية التعامل مع السفيه الذي له مال
ومن الأحكام المشار إليها بهذا الاسم: أن أموالنا سواء كانت صامتة أو ناطقة هي قيام حياتنا وأعمالنا، يحرم أن نسرف فيها وأن نبذرها وأن ننفقها في معصية الله، وإن وجدنا من لا يحسن التصرف فيها كامرأة أو ابن أو أخٍ نحن نفرض عليه الحجر؛ طاعة لله إذ قال تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [النساء:5]، لم يبق في المجتمعات البشرية.. لا لا، أستغفر الله، في المجتمعات الإسلامية من ينفق ماله في غير رضا الله.نعم. لو آمنا حق الإيمان ورزقنا اليقين فيه، والله ما أنفق مؤمن ريالاً واحداً في غير مرضاة الله، وانتهى التبذير والإسراف والبذخ، وحينئذ ماذا نفعل بهذه الأموال؟ ننقلها إلى البشرية؛ سلاحاً وجهاداً لندخلها في رحمة الله. وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [النساء:5]؛ لأن الإسلام ما جاء بالعنف ولا بالشدة ولا يجيز السب ولا الشتم ولا السخرية ولا الاحتقار ولا الازدراء أبداً، ( الكلمة الطيبة صدقة )، من وضع هذا القانون؟ الرسول عليه الصلاة والسلام، وهكذا: ( ولو أن تلق أخاك بوجه طلق )، ما عندك ما تتصدق به يا عبد الله الق إخوانك في أنهجهم وفي طرقاتهم وفي مجالسهم ووجهك طلق ما فيه تعبيس ولا تقطيب ولا اسوداد ولا ولا... تلك صدقة، ( ولو أن تلق أخاك بوجه طلق ).ومن تلك الأحكام التي أشار تعالى إليها بقوله: (تلك) هو أن لليتامى على أوليائهم وأوصيائهم ومن تولوا أمرهم أن يدربوهم على حسن التصرف في المال، فإذا بلغوا امتحنوهم، فإذا وجدوهم قادرين على التصرف؛ لا إسراف ولا بخل ولا ولا، أعطوهم أموالهم وكتبوا صكاً بينهم وأشهدوا على ذلك: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]، جلس هذا المال تحت يديك عشر سنين، خمس عشرة سنة، مات الوالد وترك الابن رضيعاً أنت وليه يا أخاه، إذا بلغ الخامسة عشر أو الثامنة عشر امتحنه، فإذا وجدته يحسن التصرف أعطه عشر ريالات، وقل له: اشتر لنا فاكهة، يذهب إلى السوق ويعود، إن استطاع أن يأتي بفاكهة لا بأس بها وتتسع للأسرة، فقد أحسن التصرف، وإذا أخذ المال وجاءك بحبحبة واحدة فهذا لم يحسن التصرف.إذاً: فَإِنْ آنَسْتُمْ [النساء:6]، أي: أبصرتم بأبصاركم رشداً، ادفعوا إليهم أموالهم، على أن تشهدوا على دفعها حتى لا يتألموا في المستقبل ويقولون: آه! عمنا أكل أموالنا، أو أخونا أكل أموالنا.ولطيفة أخرى: يا أيها الأوصياء! يا من تحتهم يتامى هم أولياؤهم! إياكم، احذروا، أن تأكلوا أموال اليتامى.. إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا [النساء:6].ما معنى البدار؟ المبادرة، يقول: يا إبراهيم! عجل هات الشاة الفلانية، أي شاة؟ شاة ابن أخيك أو ابن عمك، اجمع من النخلة الفلانية تمراً؛ لأن عمك عما قريب يأخذ ماله، ما بقيت إلا أشهراً أو هذه السنة.. هذه المبادرة، إما بالإسراف، بدل ما يذبح شاة يذبح اثنتين، بدل ما يشتري سجادة يشتري خمساً؛ لأن مال اليتيم غداً يأخذه، هذا الإسراف، والبدار والمبادرة: التعجيل؛ لأن الزمان الذي يتولى فيه الولد حقه قرب، ما بقي إلا سنة أو سنتين، علم هذا من نفوس بشريته؛ لأنه هو الذي خلقهم وطبع طبائعهم، لو كان هذا لا يوجد، والله ما أنزل الله فيه قرآناً، ولكن علمه وهو خالقه. وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا [النساء:6]، خشية أن يكبروا ويأخذوا أموالهم، فما داموا تحت ولايتكم صغاراً عجلوا، وقد حصل هذا وشاهدناه ورأيناه في الناس.
شرع الله الميراث للمرأة والصغير كما شرعه للرجل
ومن هذه الأحكام الشرعية: أن الله عز وجل ورث المرأة وورث اليتيم والصغير، وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء، ولا الأطفال الصغار؛ بحجة: أن المرأة لا تركب فرساً، ولا تدفع خوفاً، ولا تحمل كلاً، والطفل كذلك. إذاً: الوارث منه هو؟ الرجل، الشاب الكبير، فأبطل الله هذا بقوله: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ [النساء:7]، وعمتنا أم كحة هي السبب في نزول هذه الآية، مات زوجها وترك بنتاً ، فجاء أخو الزوج قال: أعطينا كل شيء، قالت:لم؟ هذه بنته.فذهبت أم كحة تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: انتظري حتى ينزل وحي في هذه القضية، فما زالت كذلك حتى نزلت هذه الآية: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء:7].
تحريم أكل مال اليتيم
وجاءت الأحكام وتوالت، ومن أجلها أكل مال اليتامى، انتبهو! إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10].ومن تلك الأحكام قبل هذه، إذا حضرت مريضاً وقلت له: أوص، إياك أن تقبل وصية جائرة، أو ترشده إلى جور في وصيته، واذكر أنك عما قريب تكون على مثل فراشه، وتخاف على أولادك الصغار أن يجور الموصي عليهم. هذه آداب راقية وسامية، كفاك أدباً في نفسك اجتناب ما تكره من غير، هل لكم أن تحفظوا هذه؟ كفاك أدباً في نفسك أن تجتنب ما تكره من غير: الذي تكره من غيرك، اجتنبه أنت، فتصبح من أكمل الناس أدباً، فإذا كنت لا ترضى أن يجار على أولادك في الوصية لا ترضى أيضاً أن يجار على أولاد الآخرين في الوصية.
كيفية تقسيم الميراث وفئات الورثة
وآخر تلك الأحكام: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، فبين تعالى أسباب الميراث، وقد علمنا أنه من النسب، والمصاهرة، والموالاة. المصاهرة: الزوج والزوجة. وأما النسب: من الأب وابن الابن إلى الأخ إلى العم إلى غير ذلك.. وقد درسنا هذه الآيات دراسة وافية، ووضعنا لها أسئلة، ووضعنا للأسئلة جائزة، ولا إخال أحداً منا يجيب إجابة صحيحة عنها إلا وقد علم الفرائض، وعرف ما ينبغي أن يعرف فيها كل مؤمن.الآن نذكركم بنفس الآيات بالأسئلة:أولاً: ما هي أسباب الإرث؟النسب، والمصاهرة، والولاء، أو في سبب رابع؟ ما في، أسباب ميراث الورثة ثلاثة: النسب، والمصاهرة والولاء، والولاء فرغنا منه، ما دمنا أغمدنا سيوفنا في أقربتها، وانتهى الجهاد، من أين يأتي الولاء والعبيد؟ إلا إذا أحيانا الله مرة ثانية بعد هذه الموتة، أما النسب والمصاهرة فالحياة قائمة عليهما.ثانياً: هلك هالك وترك أولاداً بنين وبنات، فما نصيب كل واحد منهم، وما دليل ذلك من آيات المواريث؟ للذكر مثل حظ الأنثيين، والدليل من القرآن: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11].ثالثاً: هلك هالك وترك نساءً فوق الواحدة، اثنتين فأكثر فما نصيب كل واحدة منهن، وما دليل ذلك من آيات المواريث؟لهما الثلثان والدليل فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ [النساء:11]..السؤال الرابع: هلك هالك وترك بنتاً واحدة، فما نصيبها من تركة أبيها، وما دليل ذلك من الآية؟نصيبها النصف، والدليل: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11].خامساً: هلك هالك -بمعنى: مات ميت- وترك أولاً واحداً فأكثر، ووالديه، فما نصيب الوالدين من تلك التركة، وما دليل ذلك من آيات المواريث؟نصيبهما السدس، الأم لها السدس والأب له السدس، والباقي للأولاد، والدليل: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:11].السؤال السادس: هلك هالك ولم يترك إلا أبويه، أمه وأباه، فما نصيب كل من الأبوين من تلك التركة، وما دليل ذلك؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11]، والباقي للعاصب وهو الأب.سابعاً: هلك هالك وترك أماً وأباً وإخوة، فما نصيب كل من الورثة، وما دليل ذلك من آية المواريث؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11]، والباقي للأب يرثه؛ لأنه هو الذي ينفق على الأولاد.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.41 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.94%)]