عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 02-12-2020, 08:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الصلاة
الحلقة (25)
صــــــــــ 191 الى صـــــــــــ200


[إمامة المرأة وموقفها في الإمامة]
(قال الشافعي)
:
- رحمه الله تعالى - أخبرنا سفيان عن عمار الدهني عن امرأة من قومه يقال لها حجيرة أن أم سلمة أمتهن فقامت وسطا.
(قال الشافعي)
:
روى الليث عن عطاء عن عائشة أنها صلت بنسوة العصر فقامت في وسطهن أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم عن صفوان قال: إن «من السنة أن تصلي المرأة بالنساء تقوم في وسطهن»
(قال الشافعي)
:
وكان علي بن الحسين يأمر جارية له تقوم بأهله في شهر رمضان وكانت عمرة تأمر المرأة أن تقوم للنساء في شهر رمضان.
(قال: الشافعي)
:
وتؤم المرأة النساء في المكتوبة وغيرها وآمرها أن تقوم في وسط الصف وإن كان معها نساء كثير أمرت أن يقوم الصف الثاني خلف صفها وكذلك الصفوف وتصفهن صفوف الرجال إذا كثرن لا يخالفن الرجال في شيء من صفوفهن إلا أن تقوم المرأة وسطا وتخفض صوتها بالتكبير والذكر الذي يجهر به في الصلاة من القرآن وغيره فإن قامت المرأة أمام النساء فصلاتها وصلاة من خلفها مجزئة عنهن وأحب إلي أن لا يؤم النساء منهن إلا حرة؛ لأنها تصلي متقنعة فإن أمت أمة متقنعة، أو مكشوفة الرأس حرائر فصلاتها وصلاتهن مجزئة؛ لأن هذا فرضها وهذا فرضهن.وإمامة القاعد والناس خلفه قيام أكثر من إمامة أمة مكشوفة الرأس وحرائر متقنعات.
[إمامة الأعمى]
(قال الشافعي) :
- رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع «أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وأنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى قال: فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أين تحب أن نصلي؟ فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى.
(قال الشافعي) :
وسمعت عددا من أهل العلم يذكرون «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى فيصلي بالناس في عدد غزوات له»
(قال: الشافعي) :
وأحب إمامة الأعمى والأعمى إذا سدد إلى القبلة إلي كان أحرى أن لا يلهو بشيء تراه عيناه ومن أم صحيحا كان أو أعمى فأقام الصلوات أجزأت صلاته ولا أختار إمامة الأعمى على الصحيح؛ لأن أكثر من جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إماما بصيرا، ولا إمامة الصحيح على الأعمى؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجد عددا من الأصحاء يأمرهم بالإمامة أكثر من عدد من أمر بها من العمي.
[إمامة العبد]
(قال الشافعي) :
- رحمه الله تعالى - أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أنهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة وأبو عمرو غلامها حينئذ لم يعتق قال: وكان إمام بني محمد بن أبي بكر وعروة.
(قال: الشافعي) :
والاختيار أن يقدم أهل الفضل في الإمامة على ما وصفت وأن يقدم الأحرار على المماليك وليس بضيق أن يتقدم المملوك الأحرار إماما في مسجد جماعة ولا في طريق ولا في منزل ولا في جمعة ولا عيد ولا غيره من الصلوات.فإن قال: قائل كيف يؤم في الجمعة وليست عليه؟ قيل ليست عليه على معنى ما ذهبت إليه إنما ليست عليه بضيق عليه أن يتخلف عنها كما ليس بضيق على خائف ولا مسافر، وأي هؤلاء صلى الجمعة أجزأت عنه وبين أن كل واحد من هؤلاء إذا كان إذا حضر أجزأت عنه وهي ركعتا الظهر التي هي أربع فصلاها بأهلها أجزأت عنه وعنهم.
[إمامة الأعجمي]
أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال:
أخبرنا عطاء قال: سمعت عبيد بن عمير يقول اجتمعت جماعة فيما حول مكة قال: حسبت أنه قال في أعلى الوادي ها هنا وفي الحج قال: فحانت الصلاة فتقدم رجل من آل أبي السائب أعجمي اللسان قال: فأخره المسور بن مخرمة وقدم غيره فبلغ عمر بن الخطاب فلم يعرفه بشيء حتى جاء المدينة فلما جاء المدينة عرفه بذلك فقال المسور: أنظرني يا أمير المؤمنين، إن الرجل كان أعجمي اللسان وكان في الحج فخشيت أن يسمع بعض الحاج قراءته فيأخذ بعجمته فقال هنالك ذهبت بها فقلت: نعم فقال: قد أصبت
(قال الشافعي) :
وأحب ما صنع المسور وأقر له عمر من تأخير رجل أراد أن يؤم وليس بوال وتقديم غيره إذا كان الإمام أعجميا.وكذلك إذا كان غير رضي في دينه ولا عالم بموضع الصلاة وأحب أن لا يتقدم أحد حتى يكون حافظا لما يقرأ فصيحا به وأكره إمامة من يلحن؛ لأنه قد يحيل باللحن المعنى فإن أم أعجمي، أو لحان فأفصح بأم القرآن، أو لحن فيها لحنا لا يحيل معنى شيء منها أجزأته وأجزأتهم، وإن لحن فيها لحنا يحيل معنى شيء منها لم تجز من خلفه صلاتهم وأجزأته إذا لم يحسن غيره كما يجزيه أن يصلي بلا قراءة إذا لم يحسن القراءة.ومثل هذا إن لفظ منها بشيء بالأعجمية وهو لا يحسن غيره أجزأته صلاته ولم تجز من خلفه قرءوا معه، أو لم يقرءوا وإذا ائتموا به فإن أقاما معا أم القرآن، أو لحنا، أو نطق أحدهما بالأعجمية، أو لسان أعجمي في شيء من القرآن غيرها أجزأته ومن خلفه صلاتهم إذا كان أراد القراءة لما نطق به من عجمة ولحن، فإن أراد به كلاما غير القراءة فسدت صلاته، فإن ائتموا به فسدت صلاتهم وإن خرجوا من صلاته حين فسدت فقدموا غيره، أو صلوا لأنفسهم فرادى أجزأتهم صلاتهم.
[إمامة ولد الزنا]
أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا كان يؤم ناسا بالعقيق فنهاه عمر بن عبد العزيز وإنما نهاه؛ لأنه كان لا يعرف أبوه
(قال: الشافعي) :
وأكره أن ينصب من لا يعرف أبوه إماما؛ لأن الإمامة موضع فضل وتجزي من صلى خلفه صلاتهم، وتجزيه إن فعل وكذلك أكره إمامة الفاسق والمظهر البدع ومن صلى خلف واحد منهم أجزأته صلاته ولم تكن عليه إعادة إذا أقام الصلاة.
[إمامة الصبي لم يبلغ]
(قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
إذا أم الغلام الذي لم يبلغ الذي يعقل الصلاة ويقرأ، الرجال البالغين فإذا أقام الصلاة أجزأتهم إمامته والاختيار أن لا يؤم إلا بالغ وأن يكون الإمام البالغ عالما بما لعله يعرض له في الصلاة.
[إمامة من لا يحسن القراءة]
إمامة من لا يحسن يقرأ ويزيد في القرآن قال وإذا أم الأمي، أو من لا يحسن أم القرآن وإن أحسن غيرها من القرآن ولم يحسن أم القرآن لم يجز الذي يحسن أم القرآن صلاته معه وإن أم من لا يحسن أن يقرأ أجزأت من لا يحسن يقرأ صلاته معه.وإن كان الإمام لا يحسن أم القرآن ويحسن سبع آيات، أو ثمان آيات ومن خلفه لا يحسن أم القرآن ويحسن من القرآن شيئا أكثر مما يحسن الإمام أجزأتهم صلاتهم معه؛ لأن كلا لا يحسن أم القرآن والإمام يحسن ما يجزيه في صلاته إذا لم يحسن أم القرآن وإن أم رجل قوما يقرءون فلا يدرون أيحسن يقرأ أم لا فإذا هو لا يحسن يقرأ أم القرآن ويتكلم بسجاعة في القرآن لم تجزئهم صلاتهم وابتدءوا الصلاة وعليهم إذا سجع ما ليس من القرآن أن يخرجوا من الصلاة خلفه وإنما جعلت ذلك عليهم وأن يبتدئوا صلاتهم أنه ليس يحسن القرآن وإن سجاعته كالدليل الظاهر على أنه لا يحسن يقرأ فلم يكن لهم أن يكونوا في شيء من الصلاة معه ولو علموا أنه يحسن يقرأ فابتدءوا الصلاة معه، ثم سجع أحببت لهم أن يخرجوا من إمامته ويبتدئوا الصلاة.فإن لم يفعلوا، أو خرجوا حين سجع من صلاته فصلوا لأنفسهم، أو قدموا غيره أجزأت عنهم كما تجزئ عنهم لو صلوا خلف من يحسن يقرأ فأفسد صلاته بكلام عمد، أو عمل ولا تفسد صلاتهم بإفساد صلاته إذا كان لهم على الابتداء أن يصلوا معه وإذا صلى لهم من لا يدرون يحسن يقرأ أم لا صلاة لا يجهر فيها أحببت لهم أن يعيدوا الصلاة احتياطا، ولا يجب ذلك عليهم عندي؛ لأن الظاهر أن أحدا من المسلمين لا يتقدم قوما في صلاة إلا محسنا لما تجزئه به الصلاة إن شاء الله تعالى وإذا أمهم في صلاة يجهر فيها فلم يقرأ أعادوا الصلاة بترك القراءة ولو قال: قد قرأت في نفسي فإن كانوا لا يعلمونه يحسن القراءة أحببت لهم أن يعيدوا الصلاة؛ لأنهم لم يعلموا أنه يحسن يقرأ ولم يقرأ قراءة يسمعونها.
[إمامة الجنب]
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك بن أنس عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة من الصلوات، ثم أشار أن امكثوا، ثم رجع وعلى جلده أثر الماء» أخبرنا الثقة عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معناه أخبرنا الثقة عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وقال «إني كنت جنبا فنسيت» أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه
(قال: الشافعي)
:
وبهذا نأخذ وهذا يشبه أحكام الإسلام؛ لأن الناس إنما كلفوا في غيرهم الأغلب فيما يظهر لهم وأن مسلما لا يصلي إلا على طهارة فمن صلى خلف رجل، ثم علم أن إمامه كان جنبا، أو على غير وضوء وإن كانت امرأة أمت نساء، ثم علمن أنها كانت حائضا أجزأت المأمومين من الرجال والنساء صلاتهم وأعاد الإمام صلاته.ولو علم المأمومون من قبل أن يدخلوا في صلاته أنه على غير وضوء، ثم صلوا معه لم تجزهم صلاتهم؛ لأنهم صلوا بصلاة من لا تجوز له الصلاة عالمين ولو دخلوا معه في الصلاة غير عالمين أنه على غير طهارة وعلموا قبل أن يكملوا الصلاة أنه على غير طهارة كان عليهم أن يتموا لأنفسهم وينوون الخروج من إمامته مع علمهم فتجوز صلاتهم فإن لم يفعلوا فأقاموا مؤتمين به بعد العلم، أو غير ناوين الخروج من إمامته فسدت صلاتهم وكان عليهم استئنافها لأنهم قد ائتموا بصلاة من لا تجوز لهم الصلاة خلفه عالمين وإذا اختلف علمهم فعلمت طائفة وطائفة لم تعلم فصلاة الذين لم يعلموا أنه على غير طهارة جائزة وصلاة الذين علموا أنه على غير طهارة فأقاموا مؤتمين به غير جائرة ولو افتتح الإمام طاهرا، ثم انتقضت طهارته فمضى على صلاته عامدا، أو ناسيا كان هكذا وعمد الإمام ونسيانه سواء إلا أنه يأثم بالعمد ولا يأثم بالنسيان إن شاء الله تعالى.
[إمامة الكافر]
(قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
ولو أن رجلا كافرا أم قوما مسلمين ولم يعلموا كفره، أو يعلموا لم تجزهم صلاتهم ولم تكن صلاته إسلاما له إذا لم يكن تكلم بالإسلام قبل الصلاة ويعزر الكافر وقد أساء من صلى وراءه وهو يعلم أنه كافر ولو صلى رجل غريب بقوم، ثم شكوا في صلاتهم فلم يدروا أكان كافرا، أو مسلما لم تكن عليهم إعادة حتى يعلموا أنه كافر؛ لأن الظاهر أن صلاته صلاة المسلمين لا تكون إلا من مسلم وليس من أم فعلم كفره مثل مسلم لم يعلم أنه غير طاهر؛ لأن الكافر لا يكون إماما في حال والمؤمن يكون إماما في الأحوال كلها إلا أنه ليس له أن يصلي إلا طاهرا وهكذا لو كان رجل مسلم فارتد، ثم أم وهو مرتد لم تجز من خلفه صلاته حتى يظهر التوبة بالكلام قبل إمامتهم فإذا أظهر التوبة بالكلام قبل إمامتهم أجزأتهم صلاتهم معه ولو كانت له حالان حال كان فيها مرتدا وحال كان فيها مسلما فأمهم فلم يدروا في أي الحالين أمهم أحببت أن يعيدوا ولا يجب ذلك عليهم حتى يعلموا أنه أمهم مرتدا ولو أن كافرا أسلم، ثم أم قوما، ثم جحد أن يكون أسلم فمن ائتم به بعد إسلامه وقبل جحده فصلاته جائزة ومن ائتم بعد جحده أن يكون أسلم لم تجزه صلاته حتى يجدد إسلامه، ثم يؤمهم بعده.
[إمامة من لا يعقل الصلاة]
(قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وإذا أم الرجل المسلم المجنون القوم فإن كان يجن ويفيق فأمهم في إفاقته فصلاته وصلاتهم مجزئة وإن أمهم وهو مغلوب على عقله لم يجزهم ولا إياه صلاتهم ولو أمهم وهو يعقل وعرض له أمر أذهب عقله فخرجوا من إمامته مكانهم صلوا لأنفسهم أجزأتهم صلاتهم.وإن بنوا على الائتمام شيئا قل، أو كثر معه بعد ما علموا أنه قد ذهب عقله لم تجزهم صلاتهم خلفه وإن أم سكران لا يعقل فمثل المجنون، وإن أم شارب يعقل أجزأته الصلاة وأجزأت من صلى خلفه فإن أمهم وهو يعقل، ثم غلب بسكر فمثل ما وصفت من المجنون لا يخالفه.
[موقف الإمام]
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن «أنس قال صليت أنا ويتيم لنا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتنا وأم سليم خلفنا»
(قال الشافعي) :
أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي حازم بن دينار قال: سألوا سهل بن سعد من أي شيء منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أما بقي من الناس أحد أعلم به مني من أثل الغابة عمله له فلان مولى فلانة ولقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صعد عليه استقبل القبلة فكبر، ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد، ثم صعد فقرأ، ثم ركع ثم نزل القهقرى، ثم سجد أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عن «ابن عباس أنه أخبره أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين وهي خالته قال فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهله في طولها فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس يمسح وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي قال: ابن عباس فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى ففتلها فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح» .
(قال الشافعي)
:
فما حكيت من هذه الأحاديث يدل على أن الإمامة في النافلة ليلا ونهارا جائزة وأنها كالإمامة في المكتوبة لا يختلفان ويدل على أن موقف الإمام أمام المأمومين منفردا والمأمومان فأكثر خلفه وإذا أم رجل برجلين فقام منفردا أمامهما وقاما صفا خلفه وإن كان موضع المأمومين رجال ونساء وخناثى مشكلون وقف الرجال يلون الإمام والخناثى خلف الرجال، والنساء خلف الخناثى وكذلك لو لم يكن معه إلا خنثى مشكل واحد وإذا أم رجل رجلا واحدا أقام الإمام المأموم عن يمينه وإذا أم خنثى مشكلا، أو امرأة قام كل واحد منهما خلفه لا بحذائه وإذا أم رجل رجلا فوقف المأموم عن يسار الإمام، أو خلفه كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما وأجزأت صلاته وكذلك إن أم اثنين فوقفا عن يمينه ويساره، أو عن يساره معا، أو يمينه، أو وقف أحدهما عن جنبه والآخر خلفه، أو وقفا معا خلفه منفردين كل واحد منهما خلف الآخر كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما ولا سجود للسهو وإنما أجزت هذا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم ابن عباس فوقف إلى جنبه فإذا جاز أن يكون المأموم الواحد إلى جنب الإمام لم يفسد أن يكون إلى جنبه اثنان ولا جماعة ولا يفسد أن يكونوا عن يساره؛ لأن كل ذلك إلى جنبه وإنما أجزأت صلاة المنفرد وحده خلف الإمام؛ لأن العجوز صلت منفردة خلف أنس وآخر معه وهما خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمامهما «قال: أبو محمد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه واقف على موضع مرتفع فوقفت خلفه وهو يصلي قائما فوقفت خلفه لأصلي معه فأخذني بيده فأوقفني عن يمينه فنظرت خلف ظهره الخاتم بين كتفيه يشبه الحاجب المقوس ونقط سواد في طرف الخاتم ونقط سواد في طرفه الآخر فقمت إليه فقبلت الخاتم» .ولو وقف بعض المأمومين أمام الإمام يأتم به أجزأت الإمام ومن صلى إلى جنبه، أو خلفه صلاتهم ولم يجز ذلك من وقف أمام الإمام صلاته لأن السنة أن يكون الإمام أمام لمأموم، أو حذاءه لا خلفه وسواء قرب ذلك، أو بعد من الإمام إذا كان المأموم أمام الإمام وكذلك لو صلى خلف الإمام صف في غير مكة فتعوج الصف حتى صار بعضهم أقرب إلى حد القبلة، أو السترة ما كانت السترة من الإمام لم تجز الذي هو أقرب إلى القبلة منه صلاته وإن كان يرى صلاة الإمام ولو شك المأموم أهو أقرب إلى القبلة، أو الإمام أحببت له أن يعيد ولا يتبين لي أن يعيد حتى يستيقن أنه كان أقرب إلى القبلة من الإمام ولو أم إمام بمكة وهم يصلون بها صفوفا مستديرة يستقبل كلهم إلى الكعبة من جهته كان عليهم - والله تعالى أعلم - عندي أن يصنعوا كما يصنعون في الإمام وأن يجتهدوا حتى يتأخروا من كل جهة عن البيت تأخرا يكون فيه الإمام أقرب إلى البيت منهم وليس يبين لمن زال عن حد الإمام وقربه من البيت عن الإمام إذا لم يتباين ذلك تباين الذين يصلون صفا واحدا مستقبلي جهة واحدة فيتحرون ذلك كما وصفت ولا يكون على واحد منهم إعادة صلاة حتى يعلم الذين يستقبلون وجه القبلة مع الإمام أن قد تقدموا الإمام وكانوا أقرب إلى البيت منه فإذا علموا أعادوا فأما الذين يستقبلون الكعبة كلها من غير جهتها فيجتهدون كما يصلون أن يكونوا أنأى عن البيت من الإمام فإن لم يفعلوا وعلموا، أو بعضهم أنه أقرب إلى البيت من الإمام فلا إعادة عليه من قبل أنه والإمام.وإن اجتمعا أن يكون واحد منهما يستقبل البيت بجهته وكل واحد منهما في غير جهة صاحبه فإذا عقل المأموم صلاة الإمام أجزأته صلاته
(قال) :
ولم يزل الناس يصلون مستدبري الكعبة والإمام في وجهها ولم أعلمهم يتحفظون ولا أمروا بالتحفظ من أن يكون كل واحد منهم جهته من الكعبة غير جهة الإمام، أو يكون أقرب إلى البيت منه وقلما يضبط هذا حول البيت إلا بالشيء المتباين جدا وهكذا لو صلى الإمام بالناس فوقف في ظهر الكعبة، أو أحد جهتها غير وجهها لم يجز للذين يصلون من جهته إلا أن يكونوا خلفه فإن لم يعلموا أعادوا وأجزأ من صلى من غير جهته وإن صلى وهو أقرب إلى الكعبة منه والاختيار لهم أن يتحروا أن يكونوا خلفه ولو أن رجلا أم رجالا ونساء فقام النساء خلف الإمام والرجال خلفهن، أو قام النساء حذاء الإمام فائتممن به والرجال إلى جنبهن كرهت ذلك للنساء والرجال والإمام ولم تفسد على واحد منهم صلاته وإنما قلت هذا؛ لأن ابن عيينة أخبرنا عن الزهري عن عروة عن «عائشة قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة»
(قال الشافعي) :
أخبرنا ابن عيينة عن مالك بن مغول عن عون بن جحيفة عن أبيه قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح وخرج بلال بالعنزة فركزها فصلى إليها والكلب والمرأة والحمار يمرون بين يديه»
(قال: الشافعي) :
وإذا لم تفسد المرأة على الرجل المصلي أن تكون بين يديه فهي إذا كانت عن يمينه، أو عن يساره أحرى أن لا تفسد عليه والخصي المجبوب أو غير المجبوب رجل يقف موقف الرجال في الصلاة ويؤم وتجوز شهادته ويرث ويورث ويثبت له سهم في القتال وعطاء في الفيء وإذا كان الخنثى مشكلا فصلى مع إمام وحده وقف خلفه وإن صلى مع جماعة وقف خلف صفوف الرجال وحده وأمام صفوف النساء.
[صلاة الإمام قاعدا]
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد وصلينا وراءه قعودا فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين»
(قال الشافعي)
:
أخبرنا يحيى بن حسان عن محمد بن مطر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
(قال الشافعي) :
وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس ومن حدث معه في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه صلى بهم جالسا ومن خلفه جلوسا» - منسوخ بحديث عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم في مرضه الذي مات فيه جالسا وصلوا خلفه قياما»فهذا مع أنه سنة ناسخة معقولا ألا ترى أن الإمام إذا لم يطق القيام صلى جالسا وكان ذلك فرضه وصلاة المأمومين غيره قياما إذا أطاقوه وعلى كل واحد منهم فرضه فكان الإمام يصلي فرضه قائما إذا أطاق وجالسا إذا لم يطق وكذلك يصلي مضطجعا وموميا إن لم يطق الركوع والسجود ويصلي المأمومون كما يطيقون فيصلي كل فرضه فتجزي كلا صلاته ولو صلى إمام مكتوبة بقوم جالسا وهو يطيق القيام ومن خلفه قياما كان الإمام مسيئا ولا تجزئه صلاته وأجزأت من خلفه؛ لأنهم لم يكلفوا أن يعلموا أنه يطيق القيام وكذلك لو كان يرى صحة بادية وجلدا ظاهرا؛ لأن الرجل قد يجد ما يخفى على الناس ولو علم بعضهم أنه يصلي جالسا من غير علة فصلى وراءه قائما أعاد لأنه صلى خلف من يعلم أن صلاته لا تجزي عنه ولو صلى أحد يطيق القيام خلف إمام قاعد فقعد معه لم تجز صلاته وكانت عليه الإعادة ولو صلى الإمام بعض الصلاة قاعدا، ثم أطاق القيام كان عليه حين أطاق القيام أن يقوم في موضع القيام ولا يجزئه غير ذلك وإن لم يفعل فعليه أن يعيد تلك الصلاة وصلاة من خلفه تامة.ولو افتتح الإمام الصلاة قائما، ثم مرض حتى لا يطيق القيام كان له أن يجلس ليتم ما بقي من صلاته جالسا والمرأة تؤم النساء والرجل يؤم الرجال والنساء في هذا سواء.وإن أمت أمة نساء فصلت مكشوفة الرأس أجزأتها وإياهن صلاتهن فإن عتقت فعليها أن تقنع فيما بقي من صلاتها ولو لم تفعل وهي عالمة أن قد عتقت وغير عالمة أعادت صلاتها تلك وكل صلاة صلتها مكشوفة الرأس.
[مقام الإمام ارتفعا والمأموم مرتفع]
ومقام الإمام بينه وبين الناس مقصورة وغيرهاأخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة عن أبي حازم قال: سألوا سهل بن سعد عن منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أي شيء هو وذكر الحديث أخبرنا ابن عيينة قال: أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن همام قال:: صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع فسجد عليه فجبذه أبو مسعود فتابعه حذيفة فلما قضى الصلاة قال: أبو مسعود أليس قد نهي عن هذا؟ قال: حذيفة ألم ترني قد تابعتك؟
(قال: الشافعي) :
وأختار للإمام الذي يعلم من خلفه أن يصلي على الشيء المرتفع ليراه من وراءه فيقتدون بركوعه وسجوده فإذا كان ما يصلي عليه منه متضايقا عنه إذا سجد، أو متعاديا عليه كتضايق المنبر وتعاديه بارتفاع بعض درجه على بعض أن يرجع القهقرى حتى يصير إلى الاستواء، ثم يسجد ثم يعود إلى مقامه وإن كان متضايقا، أو متعاديا، أو كان يمكنه أن يرجع القهقرى، أو يتقدم فليتقدم أحب إلي؛ لأن التقدم من شأن المصلين فإن استأخر فلا بأس وإن كان موضعه الذي يصلي عليه لا يتضايق إذا سجد ولا يتعادى سجد عليه ولا أحب أن يتقدم ولا يتأخر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما رجع للسجود - والله تعالى أعلم - لتضايق المنبر وتعاديه وإن رجع القهقرى، أو تقدم، أو مشى مشيا غير منحرف إلى القبلة متباينا، أو مشى يسيرا من غير حاجة إلى ذلك كرهته له ولا تفسد صلاته ولا توجب عليه سجود سهو إذا لم يكن ذلك كثيرا متباعدا فإن كان كثيرا متباعدا فسدت صلاته وإن كان الإمام قد علم الناس مرة أحببت أن يصلي مستويا مع المأمومين؛ لأنه لم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على المنبر إلا مرة واحدة وكان مقامه فيها سواها بالأرض مع المأمومين فالاختيار أن يكون مساويا للناس ولو كان أرفع منهم، أو أخفض لم تفسد صلاته ولا صلاتهم ولا بأس أن يصلي المأموم من فوق المسجد بصلاة الإمام في المسجد إذا كان يسمع صوته، أو يرى بعض من خلفه فقد رأيت بعض المؤذنين يصلي على ظهر المسجد الحرام بصلاة الإمام فما علمت أن أحدا من أهل العلم عاب عليه ذلك وإن كنت قد علمت أن بعضهم أحب ذلك لهم لو أنهم هبطوا إلى المسجد
(قال الشافعي) :
أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرنا صالح مولى التوأمة أنه رأى أبا هريرة يصلي فوق ظهر المسجد الحرام بصلاة الإمام في المسجد.
(قال الشافعي) :
وموقف المرأة إذا أمت النساء تقوم وسطهن فإن قامت متقدمة النساء لم تفسد صلاتها ولا صلاتهن جميعا وهي فيما يفسد صلاتهن ولا يفسدها ويجوز لهن من المواقف ولا يجوز كالرجال لا يختلفن هن ولا هم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]