عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-10-2019, 01:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي مقارنة الغيبيات بين اليهود والنصارى

مقارنة الغيبيات بين اليهود والنصارى
سامية جرمان حريق الأسمري






الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كلما وحد الله موحد، ودعا إليه داع، وعلى أصحابه وعلى من اقتفى بأثره، واتبع منهجه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن من أعظم النعم التي وهبنا الله إياها هي الإسلام، فقد جعل لحياتنا غاية نسمو إليها، وحرَّرنا من عبودية الأوثان والخرافات، وجعل لنا كتابًا وسنة ما إن تمسكنا بها لن نضل بعده أبدًا، فقد بيَّن الله لنا في كتابه العظيم ضلال أهل الكتاب في إيمانهم بالله، وافتراءاتهم عليه، وقولهم على الله غير الحق، وخلطهم الرسالات السماوية بكلام البشر، حتى امتلأت بالتناقضات وانحرفت عن الصواب، ولا يخفى علينا قول الله تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ [هود: 118]،فاختلاف اليهود والنصارى جلي وظاهر، ولكن اتفاقهم قد لا يبدو كذلك، كان هناك بعض التساؤلات تثير الاهتمام في هذا الموضوع ومنها، كيف هي نظرة أديان اليهود والنصارى للإله والملائكة؟ وهل تصورهم لليوم الآخر كما هو موجود لدينا بنصوصنا الشرعية؟

مقارنة الغيبيات بين اليهود النصارى:

المطلب الأول: التصور حول الإله
المطلب الثاني: الملائكة
المطلب الثالث: اليوم الآخر



المطلب الأول: التصور حول الإله:

كما نعلم أن التوحيد لله وإفراده بالعبادة كانت سمة الدين السماوي، وهو الإسلام الذي أرسل به جميع الأنبياء، ولكن ما طرأ على هذه الأديان من التبديل والتحريف أخرجتها عن المبدأ الذي كانت تهدف إليه، وبذلك سارت إلى تعدد الآلهة وصرف بعض العبادات لغير الله، ونظرًا لإتباع النصارى للعهد القديم الذي كان مؤلفيه من اليهود، أصبح هناك نقاط اتفاق بينهم، وبذلك سأعرض التصور حول الإله عند اليهود وعند النصارى، ومن ثم نقاط الاتفاق بينهم.

الإله عند اليهود:

لم يستقر بنو إسرائيل على عبادة الله وحده، وكانت نظرتهم للإله التعدد والنفعية كما وثقه التاريخ في جميع مراحل تاريخ بني إسرائيل، ولذلك كان تعدد الأنبياء لبني اسرائيل لتجدد الشرك فيهم[1].

اعتقد اليهود قديمًا في عهد موسى عليه السلام بوحدانية الله، وأنه خالق السماوات والأرض، وأنه رب العالمين، ولكن لم يثبتوا على هذا الاعتقاد، بل انحرفوا عن العقيدة الصحيحة إلى التعدد والتجسيم للإله،كما ذكر القرآن بعض الشركيات التي وقعوا فيها؛ منها: عبادة العجل، وعبادة تمثال يهوه، وتمثال بعل إله الكنعانيين، فقد كانت عبادة الأوثان تتجدد في نفوسهم مع وجود الأنبياء بينهم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف: 138].

فلم تكن الألوهية ثابته الجذور في نفوس بني إسرائيل، فقد كانت النزعة المادية تتحكم في فكرهم وأكثر إيمانًا بها، فقد كان إيمان اليهود قائمًا على الشرك، وقالوا: إنه إله لبني إسرائيل، وليس إلهًا لغيرهم، مع اعترافهم أيضًا بوجود آلهة غيره لغيرهم[2]

ونلخص تصور الإله عند اليهود بما يلي:

الشرك مع الله بتعدد الآلهة، مثل ما عبدوا العجل، وآلهة الكنعانيين.

وصف الله بصفات الانتقاص فقد قالوا أنه استراح في اليوم السابع، بعد خلق السماوات والأرض، ولقد رد الله عليهم هذا البهتان: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق: 38]، ولقد وصفوا الله أيضًا بالبكاء والندم والغضب، وأنه يقوم بمذاكرة التلمود، تعالى الله علوًّا كبيرًا[3].

صور اليهود إلههم في صورة مجسمة، كما صوَّروه بصورة لا تختلف عن البشر، وأنه كان يتحدث مع موسى عليه السلام، فمًا لفم وعيانًا، وأنه كان يتقمص الصورة البشرية، ويتحدث في صورة أشخاص[4].

نسبة الابن لله تعالى الله عن ذلك[5]؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة: 30].

زعم اليهود أنهم أبناء الله وأحباؤه؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ [المائدة: 18].

الإله عند النصارى:

إن اعتناق النصرانية ينحصر في ثلاثة عناصر هي:
التثليث ألوهية المسيح ورح القدس.
تجسد الابن في صورة البشر، ليصلب تكفيرًا عن خطيئة آدم.
الإله الآب والابن: فالإله الأب قد ترك للابن محاسبة الناس على خطاياهم؛ لأنه عند ظهوره بمظهر البشرية كان أقرب لفَهم البشر[6].

ولقد تقرر التثليث عند النصارى كما ذكرنا سابقًا، ولكنهم اختلفوا في أمور فرعية فيما بينهم، وأعطيت كل طائفة نفسها لقبًا مختلفًا عن الأخرى، ولقد كان منشأ الخلاف في طبيعة المسيح، هل طبيعته واحدة بأنه إله، أم أن له طبيعتين طبيعة إلهية، وطبيعة إنسية؟ وقد أخذ بأن له طبيعة واحدة، ثلاث كنائس صغيرة وهي التي تدعى الأرثوذكسية، وأخذت بالمذهب الآخر بأن له طبيعتين، طبيعة إلهية وإنسية جميع الكنائس الأخرى، ولقد حسم ذلك الأمر في مجمع خليكدونية ٤٥١م[7]

ولقد حاول النصارى الجمع بين التوحيد والتثليث بحكم إيمانهم بالكتاب المقدس في العهد القديم، وهو يصرح بالتوحيد، ويدعو إليه، وينهى عن الشرك، وإلى البراءة من المشركين، فبذلك حاولوا أيضًا أن يستخرجوا من كتاب العهد القديم ما يشير إلى التثليث؛ كعبارة كلمة الله، أو روح القدس[8].

وكما ذكرنا في الآية السابقة عن اليهود والنصارى أنهم يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه، ولأن النصارى متبعون للعهد القديم، فقد صور لهم أن الله جلا وعلا قد تجسد في صورة البشر عند تكليم موسى عليه السلام، ويتسنى لنا بعد عرض عقيدة اليهود والنصارى في الإله أن اليهود والنصارى قامت ديانتهم على الشرك، والتعددية، والبنوة للإله، وتجسد الإله في صورة البشر.

المطلب الثاني: الملائكة:

الملائكة نصَّت عليها جميع الكتب السماوية، وهي حقيقة تؤمن بها جميع الديانات السماوية، لذلك ذكر خبر الملائكة في العهد القديم والجديد، وتعد من الأمور الغيبية التي يؤمن بها اليهود والنصارى كما نصت بها كتبهم، وبذلك سأقوم بعرض مفهوم الملائكة، وعلاقتهم بالبشر، ووظائفهم عند اليهود والنصارى.

تعريف الملائكة عند اليهود:

تذكر كتب اليهود أن أصل الكلمة في العبرانية واليونانية المترجمة لمعنى ملاك يراد بها رسول، ويعبر عن معناها بمدلولها، فهي تدل على الرسول والمعلن والمنبئ[9].

ولقد عرف رشاد شامي في كتابه (المصطلحات الدينية اليهودية) معنى ملاك عند اليهود بقوله: "تشير كلمة ملاك إلى معنى مبعوث، وقد وردت في العهد القديم بمعنى الإنسان المكلف بمهمة أو مبعوث، ويطلق على النبي باعتباره مبعوث الرب، ويطلق في الغالب على أنه مبعوث الرب".[10]

والملائكة هي صيغة جمع عربية لكلمة "ملاك" التي تقابلها "ملاك" العبرية، ومعناها مرسل لأداء مهمة أو بعثة، والملائكة رمز للغيب وتعبير عن قدرة الإله المطلقة التي تتجاوز قدرات البشر وإدراكهم[11].

صفات الملائكة عند اليهود:



ذُكرت الملائكة في أسفار العهد القديم بأنهم يظهرون في صورة البشرية لتخاطب الصالحين، وترشدهم إلى الطريق المستقيم، وكما أن الصالحين عندهم يستطيعون رؤية الملائكة في طبيعتهم النورانية، ويعتبرون اليهود الملائكة أنهم مخلوقات علوية، وهم أبناء الله، ويتعاملون مع عباد الله الذين اصطفاهم كالرسل والأنبياء بتعليمهم وهدايتهم، كما أنهم غالبًا يظهرون في صورة رجال[12]، والملائكة عندهم يؤلفون جنسًا خاصًّا، ولا يتناسلون بعضهم من بعض كما هو حال البشر، ومع أن للملائكة أجسادًا أثيرية، وغير قابلة للفساد والموت وهم مخلدون ولا يتزوَّجون[13].

وتتلخص أعمالهم عند اليهود فيما يلي:

التسبيح والتمجيد لله، ورفع الصلوات، وإنزال المطر، وحماية الأجنة في بطون أمهاتهم، وينقسمون إلى ملائكة الخير وهم الذين يسكنون بقرب الرب[14].

ولقد كثُرت الاعتقادات حول عقيدة الملائكة عند اليهود، وذلك لسبب تأثرهم بالثقافة الفرعونية والبابلية، فبدأت مرحلة التجسيد، والإيمان بالملائكة داخل الإطار الحلولي، والذي يعتبر الآن من عقائد اليهود الأساسية التي ذكرت في التلمود، وتعمقوا في الاهتمام به مع ظهور التراث القبالي، وتضم الكتب القبالية كثير من أسماء الملائكة، ولقد استخدمت في إعداد التمائم والتعاويذ، وأصبح مفهوم الملائكة قوى مستلقة عن الذات الإلهية؛ أي: إنها أصبحت آلهة صغيرة لها إرادة مستقلة، ولذلك اتَّهم اليهود بأنهم عبدوا الملائكة[15]

مفهوم الملائكة لغة عند النصارى:

تترجم كلمة ملاك عن الكلمة اليونانية (أجلوس)، ومعناها رسول، وفي الكتاب المقدس، أُضيف له معنى لغوي آخر: "وهي أن معنى كلمة ملاك تشير إلى أرواح خادمة مرسلة للخدمة"[16].

وعرفت لغة: أنها كلمة ملاك في الكتاب المقدس تشير إلى أرواح خادمة مرسلة للخدمة[17].

وعرفت أيضًا بأنها كلمة ملاك بمعنى واحد في اليونانية والعبرية والعربية، وهو رسول، وأطلقت في الكتاب المقدسلكل ما ينفذ أوامر الله، لإعلان ذاته وقوته، فجاءت فيه بمعنى الرسول[18].


مفهوم الملائكة اصطلاحًا عند النصارى:

كائنات روحية تمثل خلق الله الروحي غير المنظور، وقد خلقوا قبل العالم، وهم جنس خاص لا يتناسلون، ومكان إقامتهم غير محسوس، وغير مادي، بل هو عقلي.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.93 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.26%)]