عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 18-04-2023, 11:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان




أثر القرآن الكريم في تهذيب النفوس

(28)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن القرآن الكريم يهدي للتي أقوم في كل شيء، سواء كان في الأخلاق، أو الصفات أو السلوك، بل في الأمور كلها، والله تعالى يقول: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا [الإسراء:9] وقد وردت الآيات الكثيرة التي تدل المؤمنين على الاتصاف بأحسن الأخلاق وأعلاها، و
تحثهم على التمسك بها، ولا شك أن تزكية النفوس، وتهذيب أخلاق الناس من مهام الرسل -عليهم الصلاة والسلام-، قال تعالى: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ [البقرة:151]، وسوف نستعرض فيما يأتي آيات وردت في كتاب الله تعالى، تدعو إلى تهذيب النفوس، والتخلق بالأخلاق الحسنة، ومن ذلك ما يلي:

1- قال تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164].
قال ابن كثير -رحمه الله-: "يُذكّر تعالى عباده المؤمنين ما أنعم عليهم من بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتلو عليهم آيات الله المبينات، ويزكيهم، أي: يطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس، وأفعال الجاهلية" [تفسير القرآن العظيم (1-201)].
وقال ابن سعدي -رحمه الله-: "ويزكيكم، أي: يطهر أخلاقكم ونفوسكم، بتربيتها على الأخلاق الجميلة، وتنزيهها عن الأخلاق الرذي
لة؛ وذلك كتزكيتهم من الشرك إلى التوحيد، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الخيانة إلى الأمانة، ومن الكبر إلى التواضع، ومن سوء الخلق إلى حسن الخلق، ومن التباغض والتهاجر والتقاطع إلى التحاب والتواصل والتوادد، وغير ذلك من أنواع التزكية" [تيسير الكريم الرحمن (1/115)].

2- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ۝ قُمْ فَأَنذِرْ ۝ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ۝ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ۝ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ۝ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ [المدثر:1-6].
وقد قيل في تفسير الآية: إن معناها الزم مكارم الأخلاق وأعلاها، وابتعد عن قبيح الأخلاق التي يتصف بها المشركون، ثم أمره رب العالمين بعدم المن حين العطاء؛ وذلك بأن يستكثر ما يدفعه في سبيل الله، حيث إن الكريم يستقل ما يعطي، ولو كان كثيراً، ولا ينتظر العوض إلا من الله تعالى.
3- قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57].
فالقرآن الكريم موعظة وتذكير، وبشارة للمؤمنين، ونذارة للكافرين، وهو شفاء للصدور من مرض الشك والغرور والرياء والنفاق والحسد والحقد والغل، وغيرها من رذائل الأخلاق، وسيد الثقلين -عليه الصلاة والسلام- كان خلقه القرآن الكريم، فعن سعد بن هشام -رحمه الله- قال: سألت عائشة -رضي الله عنها-: أخبريني ع
ن خلق رسول الله -ﷺ- فقالت: "كان خلقه القرآن" [مسلم (746)].
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -ﷺ-: بعثت لأتمم صالح الأخلاق [أحمد (8952) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2833)].

قال ابن عبد البر -رحمه الله-: "يدخل في هذا المعنى الصلاح، والخير كله، والدين والفضل والمروءة والإح
سان والعدل، فبذلك بُعث ليتممه -ﷺ-، وقد قال العلماء: إن أجمع آية للبر والفضل ومكارم الأخلاق قوله -عز وجل-: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]" [التمهيد (24/334)].
4- وفي سورة الإسراء جملة من الآيات الكريمة التي تحث على التخلق بالأخلاق الحسنة، التي لها علاقة مباشرة بتهذيب النفوس وطهارتها، ومنها بر الوالدين، والإحسان إلى ذوي القربى والمساكين وابن السبيل، والنهي عن التبذير، وعدم قتل الأولاد، والبعد عن قربان الفاحشة، وقتل النفس، وقربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، وفيها المحافظة على العدل، وأن يراقب الإنسان ربه فيما يسمع ويبصر، وأن يوثق الإنسان علاقته بربه، وأن يحذر من الكبر والتعدي على عباد ا
لله، وغير ذلك مما له أبلغ الأثر في تهذيب النفوس وإصلاحها.

والمسلم إذا تدبر الأوامر والنواهي الواردة في القرآن الكريم، وعمل بمقتضاها، فإن نفسه تسمو، ويحظى بمحبة الله ت
عالى، ومحبة عباد الله الصالحين، وتلك درجة طيبة ينال بها صاحبها خيرات كثيرة، ومناقب جمة.
فندعو إخواننا وأبناءنا وبناتنا إلى بذل المزيد من العناية بالقرآن الكريم، والمحافظة على فرائض الله، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والإحسان إلى الناس، والعفو عمن أساء، والبعد عن الأخلاق السيئة التي حذر القرآن الكريم منها، ومن أشدها التهاون بالصلاة، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وارتكاب المظالم والحقد والحسد والسخرية، والبعد عن سفاسف الأمور، وغيرها.
وأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لكل خ
ير.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
الناشر: عبد الله المطلق
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.39 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]