الموضوع: لمع بشأن البدع
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-01-2021, 02:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي لمع بشأن البدع

لمع بشأن البدع


الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر




لمعٌ بشأن البدع

في بيان حقيقتها، وأدلة بطلانها، والواجب نحوها



الحمد لله الذي أكمل ما شرع، فأغنى عن البدع، وقد تهدد بأشد الوعيد لمن ابتدع، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - المبعوث بالكتاب والسنة، والذي بالغ في التحذير من البدعة.

أما بعد:
فهذه لمعٌ مضيئة تبين شؤم وظلمة البدع، والواجب نحو من ابتدع؛ صيانة للشرع.
اللمعة الأولى: معنى البدعة:
البدعة لغة: ما أحدث على غير مثال سبق.

وفي الشرع: ما أحدث في الدين - من مقال أو اعتقاد أو فعل أو حال - مخالفًا للكتاب والسنة والمأثور عن السلف الصالح من الأمة.

اللمعة الثانية: الأدلة المبطلة للبدع، والمبينة للواجب نحو من ابتدع:
لما كانت البدعة أمرًا محدثًا في الدين، (فليست منه وليس لها أصل في الشريعة، وكانت سببًا في ضلال من ضلَّ من الأمم السابقة وهلاكهم وخسرانهم في الدنيا والآخرة، حيث أدت إلى تركهم دينهم، أو تعبدهم لله تعالى بما لم يشرع)؛ كان من عظيم رحمة الله تعالى بعباده أن تضمنت هذه الشريعة الخاتمة نصوصًا متواترة لفظًا ومعنى تحذر من البدع وأهلها، وتبين أنها ليست من دين الله في شيء، وتنبه على شؤم البدع وأخطارها وأضرارها العاجلة والآجلة.

أ‌- فمن الآيات القرآنية المحكمة:
1- قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 7]، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذرهم"، ومن شأن أهل البدع أنهم يستدلون على بدعهم بمتشابه النصوص أو بالمحكم منه، لكن يتكلفون في تفسيرها ويلوون أعناقها، ليوهموا العامة أنها تؤيد ما اخترعوه من البدع، وقد أخبر تعالى أنهم يصنعون هذا الصنيع ابتغاء الفتنة، وما لم يحيطوا بعلمه.

2- وقال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153]، فقد أوصى تبارك وتعالى عباده بلزوم صراطه الذي شرعه، وجعله السبيل الوحيد الموصل إليه، وهو: العمل لله تعالى بالقرآن على الوجه الذي بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأخبر أنه هو السبيل الحق وما سواه سبل ضلالة تصد أهلها، وتشتتهم عن سبيله، فلا توصلهم إليه، ولا تبلغهم رضوانه وجنته، ومن أصدق من الله قيلًا؟ ومن أحسن منه سبحانه حديثًا؟ ومن أعلم منه بما يصلح عباده أو يفسدهم، فلم ينه سبحانه عن البدع إلا لما فيها من الفساد والإفساد، والله لا يحب الفساد، ولا يصلح عمل المفسدين، وقد صحّ عن أبي الحجاج مجاهد بن جبير رحمه الله - وهو من كبار التابعين وإمام المفسرين - أنه فسر السبل في هذه الآية: بالبدع والشبهات.

ب‌- ومن الأحاديث النبوية الصحيحة بشأن البدع:
1- ثبت في صحيح مسلم رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في خطبته: "أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة"، فتضمن هذا الحديث الصحيح التنبيه على أن خير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور ما أحدث مخالفًا لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، والحكم على ما أحدث على هذا النحو بأنه بدعة وضلالة، وما كان كذلك فليس مشروعًا؛ لأن ما شرعه الله تعالى هُدىً كله، أما المحدثات فإنها تضل وتصد سالكها عما شرعه الله ورضيه طريقًا موصلًا إليه، وبهذا يتبين أنه ليس في البدع ما هو حسن، بل كلها قبيحة وضلالة وهلكة.

2- وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه الذي رواه الترمذي وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور" وفي رواية: "وإياكم والبدع، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"، فتضمن هذا الحديث التحذير من البدع، ووصفها بأنها ضلالة، وما كان كذلك فلا يكون مشروعًا ولا حسنًا؛ بل كل البدع مخترعة قبيحة ومهلكة لأهلها ولمن تبعهم عليها، وهو - صلى الله عليه وسلم - أنصح الخلق للخلق، وأحرصهم على هداهم للحق، ومن لم تسعه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا وسّع الله عليه.

3- وثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، فهذا الحديث من جوامع كَلِمه - صلى الله عليه وسلم -، وقد تضمن الدلالة على أن ما أحدث في دين الله تعالى مما ليس منه، فهو رد أي مردود على محدثه. وهذا أصل عظيم من أصول الدين وموجبات حفظه، لا يخرج عنه شيء.

فكل من أحدث في دين الله ما ليس منه، فهو بدعة وضلالة، والدين برئ منه سواءً في ذلك الاعتقادات أو الأقوال أو الأحوال أو الأعمال الظاهرة والباطنة، فمن رغب عن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تسعه، واستحسن البدع، فلا وسع الله عليه، وعمله مردود عليه، وهو من الأخسرين أعمالًا، ﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 104].

ج إجماع الصحابة على بطلان البدع:
وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم وأتباعهم بإحسان على إنكار البدع وردها، وتحذير الأمة منها، والتغليظ على المبتدعة وزجرهم عنها، وحماية الأمة منها بالبيان والسنان، وآثارهم ومجاهداتهم في هذا الشأن مشهورة ومشكورة.

اللمعة الثالثة: في بيان قواعد نافعة تبين بطلان البدع، ووجوب ردها، والحذر منها، وعداوة أهلها:
وقد دلّ الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح من الأمة على قواعد متينة، هي عواصم لمن تمسك بها من البدع، وقواصم لظهر كل من ابتدع، وبراهين قاطعة على سوء عواقب البدع، وشؤم أهلها في العاجل والآجل.




يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.45 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]