عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-07-2020, 05:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي تدبر القرآن ويقظة الأمة

تدبر القرآن ويقظة الأمة
كتبه/ نبيل كمون



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن مِن أعظم الرزايا والبلايا التي ابتُليَت بها الأمة: إعراضها عن تدبر القرآن، وزهدها في الاغتذاء بغذائه، والتداوي بأدويته؛ فأصابها الوهن وحل الضعف بجسدها، وتداعت عليها الأمم، مرتعًا خصبًا، ومرعى سهلًا، وما ذاك إلا لأنها تخلت عن سبيل عزها ومصدر قوتها، وسبب شرفها، (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [الأنبياء:10].
فكل خير وبركة، وعز وأمن وأمان ورزق ونصر يحصل للفرد أو الأمة إنما يحصل بمعرفة قدر هذا الكلام المنزل، وتعظيمه، وهذه المعرفة توجب ضرورة تدبره والعمل به، وهذا هو المقصود الأعظم من إنزال القرآن، قال الله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص: 29]، وقال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24]
وفي معنى التدبر يقول ابن القيم رحمه الله: “هو تَحْدِيق نَاظِر القلب إلى معانيه، وجَمْع الفكر على تَدَبُّره وتَعَقُّله”([1]).
وقال العلامة السعدي رحمه الله: “هو التأمل في معانيه، وتحديق الفكر فيه، وفي مبادئه وعواقبه، ولوازم ذلك”([2]).
وهذا المعني الشرعي يتلاقى مع معنى التدبر في اللغة، فالتدبر: مصدر (تَدَبَّر)، وأصل هذه المادة: (د ب ر) يدل على آخر الشيء وخَلْفِه. يُقال: دَبَر السهمُ الهدفَ: سقط خلفه، ودَبَر فَلانٌ القوم: صار خلفهم.
وقد اشتقوا من (الدُّبُر) فعلًا، فقالوا: تَدَبَّر: إذا نظر في دُبُر الأمر؛ أي: في غائبه أو عاقبته([3]).
قال ابن القيم رحمه الله: “فَهْمُ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرُهُ هُوَ الَّذِي يُثْمِرُ الْإِيمَانَ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ التِّلَاوَةِ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ وَلَا تَدَبُّرٍ، فَيَفْعَلُهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ([4])“([5]).
وقال العلامة السعدي رحمه الله: “(لِيَدَّبَّرُو ا آيَاتِهِ) أي: هذه الحكمة مِن إنزاله، ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحِكَمها؛ فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تُدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود”([6]).
وهل كانت محنة بني اسرائيل إلا الغرور؛ بسبب الأماني التي هي مجرد قراءة للتوراة؟!
قال الله تعالى: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) [البقرة: 78].
“قال ابْنِ عَبَّاسٍ وقتادة: أَيْ: غَيْرُ عَارِفِينَ بِمَعَانِي الْكِتَابِ، يَعْلَمُونَهَا حِفْظًا وَقِرَاءَةً بِلَا فَهْمٍ، وَلَا يَدْرُونَ مَا فِيه”، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله([7]).
واختار ابن جرير رحمه الله: أن المعنى: أنَّ مِن اليهود مَن لا يحسن القراءة والكتابة، وإنما لديهم مجرد أحاديث وأمنيات باطلة([8]). والقولان متلازمان؛ لأن مجرد التلاوة سبب لتغرير الشيطان بهم وخداعهم بأنهم قرأة الكتاب وأهله، فيحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
وأيضًا: فإن مجرد التلاوة بدون تدبر ومعرفة لا يعصمهم مِن ورود الظنون الفاسدة والأماني الكاذبة، فمَن لا يجعل قلبه عرشًا لمعاني القرآن، كان عرشًا لوساوس الشيطان، (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف: 36].
فهم لا يعلمون الكتاب إلا مجرد تلاوة محفوفة بالأماني الكاذبة والغرور، كقولهم: (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى) [البقرة: 111]، وقولهم: (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً) [البقرة: 80]، وغير ذلك.
ولعمر الله إنها البلية التي اجتاحت الأمة، وإنه الغرور الذي أصاب كثيرًا من المسلمين؛ فما أكثر الحفظة في زماننا، وما أقل انتفاعهم بالقرآن، وما أقل انتفاع الأمة بهم!
عن زياد بن لبيد الأنصاري رضي الله عنه قال: “ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا فقال: وذلك عند ذهاب العلم، قلنا يا رسول الله: كيف يذهب العلم، ونحن قرأنا القرآن، ونقرئه أبناءنا، وأبناؤنا يقرئونه أبناءهم؟ فقال: ثكلتك أمك يا ابن لبيد! إن كنت لأراك مِن أفقه الرجال في المدينة، أوَليس اليهود والنصارى بأيديهم التوراة والإنجيل، ولا ينتفعون مما فيهما بشيء؟!”([9]).
فالتلاوة الحقة التامة هي القراءة والتدبر والعمل، ولا أقول: إن العمل مِن لوازم التلاوة، بل العمل داخل في معنى اللفظة، وهي دالة عليه بحروفها.
وَحَقِيقَة لفظة “التلاوة” كما قال ابن القيم رحمه الله: “إِنَّمَا هِيَ الِاتِّبَاع يُقَال: اتل أثر فلَان، وتلوت أثره، وقفوته وقصصته، بِمَعْنى تبِعت خَلفه. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (وَالشَّمْس وَضُحَاهَا . وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا) [الشمس: 1-2]، أَي: تبعها فِي الطُّلُوع بعد غيبتها، وَيُقَال جَاءَ الْقَوْم يَتْلُو بَعضهم بَعْضًا، أَي: يتبع. وسُمِّي تالي الْكَلَام تاليا؛ لأنه يتبع بعض الْحُرُوف بَعْضًا.
وَهَذِه التِّلَاوَة وَسِيلَة وَطَرِيقَة، وَالْمَقْصُود التِّلَاوَة الْحَقِيقِيَّة، وَهِي تِلَاوَة الْمَعْنى واتباعه؛ تَصْدِيقًا بِخَبَرِهِ، وائتمارًا بأَمْره، وانتهاءً بنهيه. وتلاوة الْمَعْنى: أشرف من مُجَرّد تِلَاوَة اللَّفْظ، وَأَهْلهَا هم أهل الْقُرْآن الَّذين لَهُم الثَّنَاء فِي الدُّنْيَا والاخرة([10]).
وهكذا في موارد الكلمة في القرآن، كقوله: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) [البقرة: 121]، وقوله: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ) [العنكبوت: 45].
فلا خروج من الظلمات، ولا يقظة من الغفلات والكبوات؛ إلا بتدبر القرآن الكريم، وتلاوته حق التلاوة، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحديد: 9].
ولا تخلص مِن ضنك العيش الذي يحياه المسلمون إلا بالإقبال على تدبر القرآن واتباع هداه، (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 123-124].
والعجب: أن الأعداء يعرفون ذلك ربما أكثر مما يعرفه كثيرٌ مِن المسلمين، فينهون عنه وينأون عنه، وهم لرؤيتهم حلاوة نظمه مع عظمة معانيه يعرفون أن تدبره داع لليقين فيه، والعمل بأحكامه، فيخافون تأثيره في قلوب الخلائق.
قال الشنقيطي رحمه الله: “يُخَلِّطُون فيه بالأصوات والتصدية والمكاء من تصفيق وتصفير، ويأتون باللغط واللغو؛ ليمنعوا الناس مِن سماعه وتدبره، كما نص الله على ذلك عنهم في قوله: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت: 26]، فأمر الله المؤمنين أن ينصتوا له ويستمعوا([11]).
واللغو في القرآن ليس فقط بالتصفيق والتصفير، والموسيقى والغناء، والأفلام والمسلسلات، بل هو مكر الليل والنهار؛ فصرف الناس عن القرآن بدعوى أنه ظواهر لفظية لا تفيد اليقين لغو في القرآن، ودعوى الاستغناء بالمذاهب المدونة عن النظر في القرآن لغو في القرآن، ودعوى تنزيه الله تعالى بإنكار صِفَاتِهِ التي أثبتها في القرآن كَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَحَيَاتِهِ، وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، واسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَمَجِيئِهِ وَإِتْيَانِهِ، وَفَرَحِهِ، وَحُبِّهِ، وَغَضَبِهِ وَرِضَاهُ، لغوٌ في القرآن.
وأعداء الخارج والداخل دأبوا على صرف الناس عن تدبر القرآن والنظر في حقائقه، وما ذاك إلا لعلمهم بمدى تأثيره على النفوس والقلوب، فهم يعلمون أن مجرد هجر المسلمين لتدبر كتابهم كفيل وجدير بهزيمتهم والتغلب عليهم.
فتدبر القرآن عود بالفطرة إلى ما خُلقت عليه؛ فإذا ما نزل القرآن على القلوب الحية المتلهفة لهدايات القرآن، فما تلبث أن تعانق الفطرة نور الوحي، وسرعان ما تنبِت مِن كل زوج كريم.
فإذا استيقظ القلب وهو السيد، نادى الأعضاء والبدن “إلى الهدى ائتنا”، فيؤتي كل عضو أُكله كل حين بإذن ربه، فيشمر العبد مرتحلًا في مقامات العبودية المختلفة، وينصب لربه قائمًا بحقوقه، فيرى الدنيا حقيرة كما أخبر الله، ويرى الآخرة هي الحيوان كما ذكر الله، فيعلم أنه ما خلق سدى ولا هملًا، بل خلق بالحق المستلزم للأمر والنهي، ومآله الحق المستلزم للثواب والعقاب.
فتدبر القرآن يصنع ذلك العبد، فمن طالب للدنيا إلى طالب للآخرة، ومن عبد واقف مع حظوظ نفسه وشهواتها إلى عبد آخر قد ارتقت نفسه وتوحد همه، فكان طالبًا لرضا الله وحده، عاملًا على إقامة الدين في نفسه، وفي الناس مِن حوله.
وإذا أردت مثالًا لذلك؛ فانظر في نبأ الجن الذي قصه القرآن، وأي حال تلك التي اعترتهم لما سمعوا الوحي حتى ولوا إلى قومهم منذرين!
والله ما أنفع هذه اليقظة التي أوجبت هذه الحال؛ فانظر كيف بلغ تأثير القرآن فيهم مبلغًا عظيمًا، حتى أدركوا أنه لا مفر مِن القيام بواجب العبودية في أنفسهم ومَن حولهم.
ومِن الأمور المعينة على تحصيل التدبر:
– استحضار عظمة المتكلم بالقرآن:
عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُوحِيَ بِأَمْرِهِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ أَخَذَتِ السَّمَاوَاتِ مِنْهُ رَجْفَةٌ -أَوْ قَالَ: رِعْدَةٌ- شَدِيدَةٌ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَعِقُوا وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجُودًا، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ جِبْرِيلُ، فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ، فَيَمْضِي بِهِ جِبْرِيلُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ سَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلَائِكَتُهَا: مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيلُ: قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ”([12]).
قال ابن قدامة رحمه الله: “وليعلم أن ما يقرؤه ليس كلام بشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه، ويتدبر كلامه؛ فإن التدبر هو المقصود من القراءة”([13]).
– تصحيح التصور تجاه القرآن:
“إن النظرة القاصرة، وفساد التصور تجاه القرآن الكريم، يُقْعِدان صاحبهما عن تدبر كتاب الله تعالى، وطلب الهدى منه، وذلك حينما ينظر بعضهم إلى القرآن باعتبار أنه مجرد كتاب مُقَدَّس يُتلى لتحصيل الأُجور، وربما لمجرد تحصيل البركة، فيضع المصحف في بيته أو مركبته، أو أنه إنما يُقْرأ مجرد قراءة في المآتم أو افتتاح بعض المناسبات، أو أنه نزل ليعالج بيئة مُتَخَلِّفة يعبد أهلها الأصنام، فدعاهم إلى تركها وعبادة الله وحده دون ما سواه، فهو يعالج تلك الحِقْبَة الغابرة، ولا تَعَلُّق له بالواقع المعاصر وتعقيداته! إلى غير ذلك من التصورات الضيقة.
فمَن كانت هذه نظرته إلى هذا الكتاب، فلا يُظَن به أنه سَيُقْبِل عليه بتدبر وتفهم؛ ليستخرج من كنوزه وهداياته؛ إذ الناس -كما قيل- أسرى لأفكارهم ومعتقداتهم”([14]).
– استحضار أنك المُخَاطَب بهذا القرآن:
قال الحسن رحمه الله: “إن مَن كان قبلكم رأوا القرآن رسائل مِن ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار”([15]).
– الحرص على معرفة معاني الآيات وفهمها:
فلا يتصور أن يصل القارئ إلى التدبر وهو لا يعرف الحد الأدنى من التفسير، وهذا القدر سهل ميسور بفضل الله، فالقرآن قد يسرت معانيه وألفاظه، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: 17]([16])، وللأسف يكاد يكون هذا الباب مهجورًا حتى بين المتسننين وطلبة العلم، فما أكثر مَن يحفظ القرآن ويقيم حروفه، وما أقل مَن يتعلم معانيه!
قال إياس بن معاوية رحمه الله: “مثل الذين يقرأون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب مِن ملكهم ليلًا، وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب، ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرأوا ما في الكتاب. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الذي يقرأ القرآن ولا يفسِّر كالأعرابي الذي يهذ الشعر”([17]).
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.20%)]