عرض مشاركة واحدة
  #381  
قديم 26-03-2020, 01:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (380)
تفسير السعدى
سورة الشعراء
من الأية(177) الى الأية(197)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة الشعراء



" إذ قال لهم شعيب ألا تتقون " (177)
" إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ " الله تعالى, فتتركون ما يسخطه ويغضبه, من الكفر والمعاصي.
" إني لكم رسول أمين "(178)
" إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ " يترتب على ذلك, أن تتقوا الله وتطيعوني.
" أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين "(181)
وكانوا - مع شركهم - يبخسون المكاييل والموازين, فلذلك قال لهم: " أَوْفُوا الْكَيْلَ " أي: أتموه وأكملوه " وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ " الذين ينقصون الناس أموالهم ويسلبونها, ببخس المكيال والميزان.
" وزنوا بالقسطاس المستقيم " (182)
" وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ " أي: بالميزان العادل, الذي لا يميل
" واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين " (184)
" وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ " أي: الخليقة الأولين.
فكما انفرد بخلقكم, وخلق من قبلكم من غير مشاركة له في ذلك, فأفردوه بالعبادة والتوحيد.
وكما أنعم عليهم بالإيجاد والإمداد بالنعم, فقابلوه بشكره.

" قالوا إنما أنت من المسحرين " (185)
قالوا له, مكذبين له, رادين لقوله: " إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ " فأنت تهذى وتتكلم كلام المسحور, الذي غايته, أن لا يؤاخذ به.

" وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين " (186)
" وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا " فليس فيك فضيلة, اختصصت بها علينا, حتى تدعونا إلى اتباعك.
وهذا مثل قول من قبلهم ومن بعدهم, ممن, عارضوا الرسل بهذه الشبهة التي لم يزالوا, يدلون بها ويصولون, ويتفقون عليها, لاتفاقهم على الكفر, وتشابه قلوبهم.
وقد أجابت عنها الرسل بقولهم: " إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده " .
" وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ " وهذا جراءة منهم وظلم, وقول زور, قد انطووا على خلافه.
فإنه ما من رسول من الرسل, واجه قومه ودعاهم, وجادلهم وجادلوه, إلا وقد أظهر الله على يديه من الآيات, ما به يتيقنون صدقه وأمانته, خصوصا شعيبا عليه السلام, الذي يسمى خطيب الأنبياء, لحسن مراجعته قومه, ومجادلتهم بالتي هي أحسن.
فإن قومه قد تيقنوا صدقه, وأن ما جاء به حق, ولكن إخبارهم عن ظن كذبه, كذب منهم.

" فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين " (187)
" فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ " أي: قطع عذاب تستأصلنا.
" إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " كقول إخوانهم " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك, فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " .
أو أنهم طلبوا بعض آيات الاقتراح, التي لا يلزم تتميم مطلوب من سألها.

" قال ربي أعلم بما تعملون " (188)
" قَالَ " شعيب عليه السلام: " رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ " أي: نزول العذاب, ووقوع آيات الاقتراح, لست أنا الذي آتي بها وأنزلها بكم, وليس علي إلا تبليغكم ونصحكم وقد فعلت.
وإنما الذي يأتي بها, ربي العالم بأعمالكم وأحوالكم, الذي يجازيكم ويحاسبكم.

" فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم " (189)
" فَكَذَّبُوهُ " أي: صار التكذيب لهم, وصفا والكفر لهم ديدنا, بحيث لا تفيدهم الآيات, وليس بهم حيلة إلا نزول العذاب.
" فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ " أظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها مستلذين, لظلها غير الظليل, فأحرقهم بالعذاب, فظلوا تحهتا خامدين, ولديارهم مفارقين, وبدار الشقاء والعذاب نازلين.
" إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " لا كرة لهم إلى الدنيا, فيستأنفوا العمل ولا يفتر عنهم العذاب ساعة, ولا هم ينظرون.

" إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين " (190)
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً " دالة على صدق شعيب, وصحة ما دعا إليه, وبطلان رد قومه عليه.
" وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ " مع رؤيتهم الآيات, لأنهم لا زكاء فيهم, ولا خير لديهم " وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ " .

" وإن ربك لهو العزيز الرحيم " (191)
" وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ " الذي امتنع بقدرته, عن إدراك أحد, وقهر كل مخلوق.
" الرَّحِيمِ " الذي, الرحمة وصفه ومن آثارها, جميع الخيرات في الدنيا والآخرة, من حين أوجد الله العالم إلى ما لا نهايه له.
ومن عزته, أن أهلك أعداءه حين كذبوا رسله.
ومن رحمته, أن نجى أولياءه ومن معهم من المؤمنين.

" وإنه لتنزيل رب العالمين " (192)
لما ذكر قصص الأنبياء مع أممهم, وكيف دعوهم, وما ردوا عليهم به; وكيف أهلك الله أعداءهم, وصارت لهم العاقبة.
ذكر هذا الرسول الكريم, والنبي المصطفى العظيم وما جاء به من الكتاب, الذي فيه هداية لأولي الألباب فقال: " وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ " فالذي أنزله, فاطر الأرض والسماوات, المربي جميع العالم, العلوي والسفلي.
وكما أنه رباهم بهدايتهم لمصالح دنياهم وأبدانهم, فإنه يربيهم أيضا, بهدايتهم لمصالح دينهم وأخراهم.
ومن أعظم ما رباهم به, إنزال هذا الكتاب الكريم, الذي اشتمل على الخير الكثير, والبر الغزير.
وفيه من الهداية, لمصالح الدارين, والأخلاق الفاضلة, ما ليس في غيره في قوله: " وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ " من تعظيمه وشدة الاهتمام به, من كونه نزل من الله, لا من غيره, مقصودا فيه نفعكم وهدايتكم.

" نزل به الروح الأمين " (193)
" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ " وهو: جبريل عليه السلام, الذي هو أفضل الملائكة وأقواهم " الْأَمِينُ " الذي قد أمن أن يزيد فيه أو ينقص.
" على قلبك لتكون من المنذرين " (194)
" عَلَى قَلْبِكَ " يا محمد " لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ " تهدي به إلى طريق الرشاد, وتنذر به عن طريق الغي.
" بلسان عربي مبين " (195)
" بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ " وهو أفضل الألسنة, بلغة من بعث إليهم, وباشر دعوتهم أصلا, اللسان البين الواضح.
وتأمل كيف اجتمعت هذه الفضائل الفاخرة في هذا الكتاب الكريم.
فإنه أفضل الكتب, نزل به أفضل الملائكة, على أفضل الخلق, على أفضل أمة أخرجت للناس, بأفضل الألسنة وأفصحها, وأوسعها, وهو: اللسان العربي المبين.

" وإنه لفي زبر الأولين " (196)
" وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ " أي: قد بشرت به كتب الأولين وصدقته.
وهو لما نزل, طبق ما أخبرت به, صدقها, بل جاء بالحق, وصدق المرسلين.

" أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل " (197)
" أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً " على صحته, وأنه من الله " أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ " الذين قد انتهى إليهم العلم, وصاروا أعلم الناس, وهم أهل الصنف.
فإن كل شيء يحصل به اشتباه, يرجع فيه إلى أهل الخبرة والدراية, فيكون قولهم حجة على غيرهم.
كما عرف السحرة الذين مهروا في علم السحر, صدق معجزة موسى, وأنه ليس بسحر.
فقول الجاهلين بعد هذا, لا يؤبه به.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]