عرض مشاركة واحدة
  #83  
قديم 02-03-2020, 02:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,058
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام


مختصر الكلام على بلوغ المرام(71)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




(باب الزهْدِ وَالْوَرَعِ)




الزهد: ترك الحرام، وأن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يديك، والورع: تجنب الشبهات.



1408- عَنْ اَلنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ - وَأَهْوَى اَلنُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ: «إِنَّ اَلْحَلالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ اَلْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ اَلنَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى اَلشُّبُهَاتِ، فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي اَلشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي اَلْحَرَامِِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ اَلْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلا وَإِنَّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ، أَلا وَإِنَّ فِي اَلْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ اَلْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ اَلْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ اَلْقَلْبُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.



أجمع الأئمة على عظم شأن هذا الحديث، وأنه من الأحاديث التي تدور عليها قواعد الإسلام. (قوله: الحلال بين) أي قد بينه الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، (وبينهما أمور مشتبهات) أي مترددة بين الحل والحرمة، (لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) وفيه الحث على الورع، (ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه) وفيه الإرشاد إلى البعد عن ذرائع الحرام وإن كانت غير محرمة لئلا يدخل في المعاصي. (قوله: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) خص القلب بذلك لأنه أمير البدن، وبصلاح الأمير تصلح الرعية، وبفساده تفسد، وفيه إشارة إلى أن لطيب الكسب وترك المعاصي أثراً في صلاح القلب، والله أعلم.



1409- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «تَعِسَ عَبْدُ اَلدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالْقَطِيفَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.



المراد بعبد الدينار والدرهم: من استعبدته الدنيا بطلبها، فإن كل من أحب شيئاً وآثره على غيره صار عبداً له يرضى له ويسخط له.



1410- وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: بِمَنْكِبِيَّ، فَقَالَ: «كُنْ فِي اَلدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» وَكَانَ اِبْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ اَلصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ اَلْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِسَقَمِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِيُّ.



الحديث دليل على الزهد في الدنيا، وأنها دار ممر لا دار مقر. قال الله تعالى: ï´؟ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ï´¾ [الرعد: 26]، وفيه الحث على الأعمال قبل فوات وقتها، والاستعداد للموت قبل نزوله.



1411- وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ، فَهُوَ مِنْهُمْ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وصحَّحَهُ ابن حِبَّانَ.



الحديث دليل تحريم التشبه بالكفار والفساق في ملابسهم ومراكبهم وهيئاتهم.



1412- وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلامُ! اِحْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، اِحْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللهَ، وَإِذَا اِسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله» رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.



(قوله: احفظ الله) أي احفظ حدوده وعهوده وأوامره ونواهيه، يحفظك في دينك ودنياك وآخرتك ويجزك على ذلك. (قوله: إذا سألت فاسأل الله، و إذا استعنت فاستعن بالله) في أمور دينك ودنياك كما في قوله تعالى: ï´؟ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ï´¾ [الفاتحة: 5].



1413- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللهُ، وَأَحَبَّنِي اَلنَّاسُ. فقَالَ: «اِزْهَدْ فِي اَلدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ اَلنَّاسِ يُحِبُّكَ اَلنَّاسُ» رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَه وغيره، وَسَنَدُهُ حَسَنٌ.



الحديث دليل على شرف الزهد وفضله. وأخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبي ذر مرفوعاً: (الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يديك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها، أرغب منك فيها لو أنها بقيت لك).



1414- وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِنَّ اَللهَ يُحِبُّ اَلْعَبْدَ اَلتَّقِيَّ، اَلْغَنِيَّ، اَلْخَفِيَّ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.



التقيّ من اجتنب المحرمات وأتى بالواجبات، والمراد بالغنيّ غنيّ النفس، أو الغني الشاكر، والخفي: الخامل المنقطع إلى عبادة الله والاشتغال بأمور نفسه.



1415- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ اَلْمَرْءِ، تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ» رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ.



هذا الحديث من جوامع الكلم، فإنه يعم الأقوال والأفعال، فيندرج فيه ترك التوسع في الدنيا وطلب المناصب والرياسة.



1416- وَعَنْ اَلْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مَلأ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ» أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.



الحديث دليل على ذم التوسع في المأكول والشبع والامتلاء لما فيه من المفاسد الدينية والبدنية، وتمام الحديث: (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان فاعلاً لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه)، وأخرج الطبراني في الأوسط وابن أبي الدنيا: (سيكون رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام، ويشربون ألوان الشراب، ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون في الكلام فأولئك شرار أمتي).



1417- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاؤون، وَخَيْرُ اَلْخَطَّائِينَ اَلتَّوَّابُونَ» أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ- وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ.



الحديث دليل على أنه لا يخلو إنسان من الخطيئة، لما جبل عليه من الضعف وعدم الانقياد، ولكنه تعالى فتح باب التوبة، لطفاً منه بالعباد.




1418- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اَلصَّمْتُ حِكْمَةٌ، وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ» أَخْرَجَهُ اَلْبَيْهَقِيُّ فِي «اَلشُّعَبِ» بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَصَحَّحَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ مِنْ قَوْلِ لُقْمَانَ اَلْحَكِيمِ.




قيل: إن سببه أن لقمان دخل على داود، فرآه يسرد درعاً لم يكن رآها قبل ذلك، فجعل يتعجب مما رأى، فأراد أن يسأله عن ذلك فمنعته حكمته؛ فلما فرغ قام داود ولبسها ثم قال: نعم الدرع للحرب، فقال لقمان: الصمت حكمة، وقليل فاعله. والله أعلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]