عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-02-2020, 02:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي اختيار الأساليب الدعوية بحسب حال المدعو

اختيار الأساليب الدعوية بحسب حال المدعو
د. هند بنت مصطفى شريفي






توجد عوامل عدة تساعد الداعية على إنجاح العملية الدعوية، وتحقق لها القبول والتأثير، وتساعد على الوصول إلى الأهداف المطلوبة، منها: استخدام الأساليب الدعوية الحسنة، التي تبلغ بها رسالتها ببيان ووضوح، وتوفر لها الوقت والجهد، وتصل بها إلى الغاية المطلوبة بأقل التكاليف وأيسرها، (والأسلوب الحسن هو أن يكون الحديث ملائما لأفهام الناس ومداركهم، فتكون الفكرة واضحة، والكلمة فصيحة، والعبارة متناسقة، ويكون هناك انسجام بين اللغة والمعنى، وسلاسة وإبداع في الأسلوب)[1] مما يحدث تأثرا عند المدعو، فيدفعه إلى الاستقامة على الخير وإجابة الدعوة.

والأساليب لغة: جمع أسلوب: وهو الوجه والمذهب. يقال: هم في أسلوب سوء، ويقال: قد سلك أسلوبه: أي -طريقه وكلامه- على أساليب حسنة.

والأسلوب: الفن والطريقة. ويقال: أخذ فلان في أساليب من القول: أي أفانين منه، ويكون في القول والعمل[2].

والأسلوب الدعوي في مصطلح علم الدعوة: هو العلم الذي يتصل بكيفية مباشرة التبليغ، وإزالة العوائق عنه[3].

كما عُرّف بأنه: ( طريقة أو كيفية أو فن يسلكه الداعية في سبيل تبليغ دعوته، بغية التأثير والإقناع، ليصل بذلك نحو الأهداف الدعوية)[4]، فأسلوب الدعوة هو المفتاح الذي تفتح به الداعية مغاليق القلوب والعقول، وبغيره تكون عاجزة عن حمل الدعوة وتبليغها، والمعلمة الداعية إذا توفر لديها العلم والمعرفة، ووُفقت للأسلوب المناسب الذي يساعدها على مخاطبة الطالبات؛ أّثّر ذلك في تبليغها لهنّ، لما لحسن العرض والتبليغ من أثر قوي في اجتذاب المدعوات، يفوق أحيانا تأثرهنّ بمبادئ الدعوة وشرائعها.

وأساليب الدعوة كثيرة متنوعة، وقد جاء في القرآن الكريم التصريح ببعضها، وجاء بعضها الآخر متضمنا بين الآيات القرآنية وسيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم ، مثل قوله تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125] [5].

واختيار المعلمة الداعية الأسلوب المناسب للدعوة يختلف باختلاف أحوال الطالبات، والتي لا تخرج في الغالب عن ثلاث حالات:
1)) أن تكون الطالبة راغبة في الخير، مقبلة عليه، ولكنها قد تجهله ويخفى عليها، فهذه يكفيها مجرد الدعوة والتوضيح، وغالبا تقبل أمر الله وتطيعه.

2)) أن يكون عند الطالبة فتور وكسل عن الخير، وإقبال ورغبة في الشر، فهذه لا يكفي معها مجرد الدعوة، بل لا بد أن يضاف لها الموعظة الحسنة، بالترغيب في الخير والطاعة، وبيان حسن العاقبة، أو الترهيب من الشر وبيان إثم ذلك وسوء عاقبته.

3)) أن يكون عندها إعراض عن الخير واندفاع إلى الشر، ومحاجّة في ذلك، فهذه لا يكفي في حقها مجرد الدعوة والوعظ؛ بل لا بد أن يضاف لها مجادلتها بالتي هي أحسن، لتندحض حجتها وتبطل طريقتها[6].

وقد أشار إلى هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-بقوله: ( الناس ثلاثة أقسام: إما أن يعترف بالحق ويتبعه؛ فهذا صاحب الحكمة، وإما أن يعترف به ولكن لا يعمل به؛ فهذا يوعظ حتى يعمل، وإما أن لا يعترف به؛ فهذا يجادل بالتي هي أحسن)[7].

والداعية في دعوتها لا بد لها من الوقوف مليّا للتفريق بين نقطتين:
النقطة الأولى: الفكرة والمبدأ الذي يجب أن يعرض.
النقطة الثانية: أسلوب عرض هذا المبدأ أو هذه الفكرة.

وفي بعض الأحيان يختلط الأمر لدى بعض الدعاة فيطيحون بالأسلوب جانبا، ويقدمون ما يحفظون من نصوص مهما كان أسلوب العرض، فيخفقون، كما أنهم قد يكونون سببا في تنفير الناس، بأسلوبهم البعيد كل البعد عن الجاذبية والتأثير والإقناع[8].

وتعرض الكاتبة أهم الأساليب الدعوية التي تستخدمها المعلمة الداعية في المرحلة الثانوية، من خلال المقالات الآتية.


[1] الدعوة الإسلامية الوسائل والأساليب: محمد خير رمضان يوسف ص 69، دار طويق للنشر والتوزيع، ط:1، 1414هـ.

[2] ينظر: الصحاح، فصل السين باب الباء 1/ 149، وتاج العروس من جواهر القاموس، فصل السين من باب الياء 1/ 302، والمنجد ص 343.

[3] ينظر: أصول الدعوة: د. عبدالكريم زيدان ص 411.

[4] وسائل الدعوة إلى الله تعالى وأساليبها بين التوقيف والاجتهاد: د. حسن محمد عبد المطلب ص 26، دار الوطن للنشر، الرياض، ط:1، 1424هـ/ 2003م.


[5] سورة النحل: جزء من آية 125.

[6] ينظر: رسالة في الدعوة إلى الله: الشيخ محمد العثيمين ص 14-16، دار الوطن للنشر، الرياض، ط:بدون، 1424هـ.

[7] مجموع الفتاوى 2/ 45.

[8] ينظر: فقه السيرة: منير الغضبان ص 238، جامعة أم القرى، ط:4، 1415هـ/ 1995م.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]