عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 26-03-2024, 11:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,968
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ80 الى صــ84
(17)


الشيخ الكبير والعجوز
مسألة : قال : إذا عجز عن الصوم لكبر أفطر وأطعم لكل يوم مسكينا
وجملة ذلك أن الشيخ الكبير والعجوز إذا كان يجدهما الصوم ويضق عليهما مشقة شديدة فلهما أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكينا وهذا قول علي ابن عباس وأبي هريرة وأنس وسعيد بن جبير و طاوس و أبي حنيفة و الثوري و الأوزاعي وقال م
الك لا يجب عليه شيء لأنه ترك الصوم لعجزه فلم تجب فدية كما لو تركه لمرض اتصل به الموت وللشافعي قولان كالمذهبين
ولنا الآية قول ابن عباس في تفسيرها نزلت رخصة للشيخ الكبير ولأن الأداء صوم واجب فجاز أن يسقط إلى الكفارة كالقضاء وأما المريض إذا مات فلا يجب الإطعام لأن ذلك يؤدي إلى أن يجب على الميت ابتداء بخلاف ما إذا أمكنه الصوم فلم يفعل حتى مات لأن وجوب الإطعام يستند إلى حال الحياة والشيخ الهرم له ذمة صحيحة فإن كان عاجزا عن الإطعام أيضا فلا شيء عليه و { لا يكلف الله نفسا إل
ا وسعها }

المريض الذي لا يرجى برؤه
فصل : والمريض الذي لا يرجى برؤه يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا لأنه في معنى الشيخ قال أحمد رحمه الله فيمن به شهوة الجماع غالبة لا يملك نفسه ويخاف أن تنشق أنثياه أطعم أباح له الفطر لأنه يخاف على نفسه فهو كالمريض ومن يخاف على نفسه الهلاك لعطش أو نحوه وأوجب الإطعام بدلا عن الصيام وهذا محمول على من لا يرجوا إمكان القضاء فإن رجا ذلك فلا فدية عليه والواجب انتظار القضاء وفعله إذا قدر عليه لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء فإن أطعم مع يأسه ثم قدر على الصيام احتمل أن لا يلزمه لأن ذمته قد برئت بأداء الفدية التي كانت هي الواجبة عل
يه فلم يعد إلى الشغل بما برئت منه ولهذا قال الخرقي : فمن كان مريضا لا يرجى برؤه أو شيخا لا يستمسك على الراحلة أقام من يحج عنه ويعتمر وقد أجزأ عنه وإن عوفي واحتمل أن يلزمه القضاء لأن الطعام بدل بأس وقد تبينا ذهاب اليأس فأشبه من اعتدت بالشهور عند اليأس من الحيض ثم حاضت

الحائض والنفساء
مسألة : قال : وإذا حاضت المرأة أو نفست أفطرت وقضت فإن صامت لم يجزئها
أجمع أهل العلم على أن الحائض والنفساء لا يحل لهما الصوم وإنهما يفطران رمضان ويقضيان وإنهما إذا صامتا لم يجزئهما الصوم وقد قالت عائشة : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء
الصلاة متفق عليه والأمر إنما هو للنبي صلى الله عليه و سلم وقال أبو سعيد : [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : أليس إحداكن إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك من نقصان دينها ] رواه البخاري والحائض والنفساء سواء لان دم النفاس هو دم الحيض وحكمه حكمه ومتى وجد الحيض في جزء فسد صوم ذلك اليوم سواء وجد في أوله أو في آخره ومتى نوت الحائض الصوم وأمسكت مع علمها بتحريم ذلك أتمت ولم يجزئها

من عليه صوم رمضان فله تأخيره ما لم يدخل رمضان آخر
مسألة : قال : فإن أمكنها القضاء فلم تقض حتى ماتت أطعم عنها لكل يوم مسكين
وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان لم يخل من حالين : أحدهما أن يموت قبل إمكان الصيام أما لضيق الوقت أو لعذر من مرض أو سفر أو عجز عن الصوم فهذا لا شيء عليه في قول أكثر من أهل العلم وحكي عن طاوس و قتادة إنهما قالا : يجب الإطعام عنه لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه فوجب الإطعام عنه كالشيخ الهرم إذا ترك الصيام لعجزه عنه

ولنا أنه حق لله تعالى وجب بالشرع مات من يجب عليه قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج ويفارق الشيخ الهرم فإنه يجوز ابتداء الوجوب عليه بخلاف الميت
الحال الثاني : أن يموت بعد إمكان القضاء فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين وهذا قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن عائشة و ابن عباس وبه قال مالك و الليث و الأوزاعي و الثوري و الشافعي و الخزرجي و ابن علية و أبو عبيد في الصحيح عنهم وقال أبو ثور : يصام عنه وهو قول الشافعي لما روت عائشة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه ] متفق عليه وروي عن ابن عباس نحوه


ولنا ما روي ابن ماجة عن ابن عمر [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا ] قال الترمذي الصحيح عن ابن عمر موقوف وعن عائشة أيضا قالت : يطعم عنه في قضاء رمضان ولا يصام عنه وعن ابن عباس أنه سئل عن رجل مات وعليه نذر يصوم شهرا وعليه صوم رمضان قال : أما رمضان فليطعم عنه وأما النذر فيصام عنه رواه الأثرم في السنن ولأن الصوم لا تدخله النيابة حال الحياة فكذلك بعد الوفاة كالصلاة فأما حديثهم فهو في النذر لأنه قد جاء مصرحا به في بعض ألفاظه كذلك رواه البخاري عن ابن عباس قال : [ قالت امرأة يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذرا فأقضيه عنها ؟ قال : أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي عنها ؟ قالت : نعم قال : فصومي عن أمك ] وقالت عائشة وابن عباس كقولنا وهما راويا حديثهم فدل على ما ذكرناه


فصل : فأما صوم النذر فيفعله الولي عنه وهذا قول ابن عباس والليث وأبي عبيد وأبي ثور وقال سائر من ذكرنا من الفقهاء يطعم عنه لما ذكرنا في صوم رمضان
ولنا الأحاديث الصحيحة التي رويناها قبل هذا وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم أحق بالإتباع وفيها غنية عن كل قول والقول بين النذر وغيره أن النيابة تدخل العبادة بحسب خفتها والنذر أخف حكما لكونه لم يجب بأصل الشرع وإنما أوجبه الناذر على نفسه إذا ثبت هذا فإن الصوم ليس بواجب على الولي لأن النبي صلى الله عليه و سلم شبهه بالدين ولا يجب على الولي قضاء دين الميت وإنما يتعلق بتركته إن كانت له تركة فإن لم يكن له تركه فلا شيء على وارثه لكن يستحب أن يقضي عنه لتفريغ ذمته وفك رهانه كذلك ههنا ولا يختص ذلك بالولي بل كل من صام عنه قضى ذلك عنه وأجزأ لأنه تبرع فأشبه قضاء الدين عنه




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.58 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]